المركز الثامن فوزية أوزدمير ... سوريا عن قصتها سارق الفرح
سارق الفرح
هل أستطيع أخذ هذا ؟
وأشار إلى القلم الذي بين أصابعي ، رمش بعينهِ وبان عليه الارتباك والتشويش
أثناء ذلك عاودت الغمّامة تغطية عيني ، فلم أر شيئاً أمامي ، توقفت واستندت
إلى الحائط ، وبقيت عدة دقائق على هذه الحال ، مسحتُ عيني ، فشعرت
بأنهما قد غدتا أفضل وأصبحت الرؤيا أوضح ، لم تحملني قدماي ، فجلستُ أنصت لأصواتِ إطلاق النار .
هذه الأصوات تأتي من كل مكان ، وخشيتُ أن أكون جالسةً في منتصفِ
المعركةِ الحاميةَ الوطيس لهذه الليلة دون أن أدري !!!
نظرتُ إلى الخارج... المكان خالي وموحش ..إلا من بعض وميض هنا أو هناك ، مكثتُ حينها برهةً غير قصيرةً متشنجة من الهول .
استله فجأة ثم دسهُ في جيبهِ !!! لم يترك أية شفافية لنواياه من شأنها أن تثير الشكوك حوله ، لأنه على علمٍ بكل شيء ، فقدبات يدرك الآن إدراكاً
جيداً أن تغّيراً جذرياً في عالمهِ ، يدلُ على تغيّر جذري في ميقات ساعة حياته
وأن جزءَ من هويتهِ مفقود ، كان مهتماً بحملها بين حناياه على الرغم من كل
المعوقات ’ إنه لا يستطيع أن يحيا الحياة التي يرغبُ فيها
هي عبارة عن نِسّب !!!
بسبب قسوة الدمار ، والحالة المزرية المتردية التي وصل إليها ، رأى أرجالَ
الجراد تسّود السماء في منتصف النهار وتقرض كل شيء ، وجلد حيوان بائس
والدم ما يزال عالقاً على النصل ، إنه مؤلم للغاية انزياح الأشياء !!!!
يصعب الحكم فيها ، لكن الأهم خيبة الأمل المريرة ، وتقديم شهادة حقيقية
وولائي للقانون !! .... ولائي ؟
ليس له أية إمكانية في الإفلات من قدره ، ففي هذا العالم الذي تسكنهُ الأولويات ، ثمة أشياء أكثر إثارة للاهتمام ، وأن لغز قلبه المعذب بغيظ الموت
كان يشمخ أقوى من أي وقتٍ مضى ..ذبذبة العقل والكرامة والتسامح والحب
_ ما دام عقلي يبدو شفافاً مثل قدح زجاجي ، لا يمكنني الحؤول بينهم
قد أرضخ للأمر على مضض !! فالضرر الشخصي بسبب الخنوع وذلك العالم النائي ...صبيّر تحت الشمس ..صبيّر أثناء الغسق أو صبيّر مع أرانب حمر!!
قد حاول الأبقاء عليهم ، فلم يجّد سوى كبرياءَ جريحاً وجسداً آيلاً للانهيار .
في الحياة تمتزج مشاهد العنكبوت والذبابة والمطرقة ، والعالم تتسارع خطواته
وأطماعه ، وبؤرة المأساة أولئك المتسلقون .
_ لا أرغب في أن أشاركهم حتى لو ارتفعت الأسهم النارية جذلى معلنة نهاية المطاف ؟
شعر الآن أنه أكثر حكمة وأكثر اطلاعاً بحالته ، ولكنه حزن لثمن هذه المعرفة .
_ هناك قسم على سفتيكِ مثل الصلاة ؟
جاء بصوتٍ ينهمر في الأسماع كما اللآلئ الآتية من أعماق الزمان ، لتشع بنورٍ
تضيء العقول ، ويزيل الظلمة من القلوب ، إذ كنا نعيش في البرق فهو قلب الأبدية ، أو هكذا كنتُ أتمنى أنا أيضاً لصوتي أن يخرج بعيداً عن ضبابية أماني
اكتنزت في صدر سنين ، حين كنتُ معه على مدرجات الجامعة ، أكتسي كطفلة
بالفرح ، لأرسو في آخر محطة لي ليس كحالمة عابرة ، بل كجوهرة ثمينة .
يحرص عليها ، جاء بها من مكانٍ بعيد ..أن أغزل فوق جسور محبةً تنسيني وحدتي وهم السنين .
أو أكون نسمة هادئة محملة بعطرٍ فوق شرفات أحدهم لتستقر في نافذتهِ
لا كومضةِ حنين ، أغفو كل حين لتسكن أخرى ..اليوم وقد اكتفيت بالموجود المفقود ..لن أنتظر علامة فارقة ..سأكتفي بربط الأحزمة والتأرجح بين النارين
_ رّن صوتي بوتيرة حازمة ، أبحثُ في قُعِرٍ لا حدود لها حتى لا أصاب بخيبةِ أمل
أنا أيضاً ..ليس على القطرات ، بل في عمق المحيطات التي يتقاتلون عليها منذ عدة سنوات ، كانت لا مرئية ..أما الآن فقد ظهرت نواياهم المخزية على السطح ..أحاول إعاقة تنبّؤات العّرافات ، وأكون هذه المرة جريئة في الطرح .
هل هذا الذي أرى بداية الطريق أم نهاية الزمان ؟
عندما كان يحتضر قال لي :
الأمسية حزينة والليالي كبعض الأنفاق ، خيالات رائعة لن أقترب من البداية ، وقد لا أبتعد حتى النهاية ، قد أبقى معلقاً تفصلني أحلام وطريق طويل ، وفي أسفله ألف سؤال ، لكن كل شبر فيه مرآة ستعكس وقتاً !!
وفي الوقت الضائع اللامحدود نوايا صمتهم اللامرئية العواقب تكبر يا عزيزتي !!
كان مذعوراً أكثر من ذي قبل ، أكثر وحدة ، أكثر حيرة ، وعلى نفس المقدار من الذهول والتجرد من كل شيء .
_ رغبات قلبي بين يديك يا الله ..قد نخرج منها أو تحوم أرواحنا مسلوخة عن الأجساد ؟ !
خفض صوته قليلاً ، ودمدم محاولاً السيطرة على آلامه ، حيث تألق نجم داكن في سماء عينه ، وذوت سفتاه ، وانشلت إرادته ، رفع السبابة المرتعشة التي شرعت تنحني محترقاً بنار الغيظ وهو منبطح على الأرض
إذن أين تراني اندسست ؟ !
في أية متاهةٍ دغليّة تعرقل جسدي الضعيف وتفكيري المشلول .
من الذي يصطاد الفراشات حول رأسي ؟!
كان يتنهد وقد أنهكه الوجع ، كنفثةِ غضبٍ أخيرة .
كانت السياسة الوطنية ،إما محرجة أو باعثة على الاطمئنان ، وكلما كانت الأحاديث تدور في صوتٍ أعلى ، كان ذلك أحسن ..ما دام للجدران آذان
سياسة في حالة من الفوضى ، مما يجعل الكلام مقتضباً ، أو بإيحاء خوفاً من المجهول ، واندساس الأقلام .
فهي تخطُ معلومات ، وكما يعتقدونها غاية في السّرية ، وكأنهم قدسوا مهنتهم ووعدوا وعّد شرف ، أن يحموا الوطن بصرف النظر عن مآربهم الشخصية ...نوع من الكذب الذي اعتادوه !!!
هناك حياة من السخف مما يجعلكِ بعيدةً عن الواقع ، فظلكِ ينادي !!!
_ أشعرُ ثمة خطب إنه بحاجة إليّ !!
الجو مظلم ، لأن أمراً فظيعاً سيحدث ، سيتوسع ثم سينهار ثانيةً ، إن كل خطأ أرتكبهُ سأعيدهُ مراراً وتكراراً نادمة عليه ، ولسبب من الأسباب لم أدرك كنهه ، هناك سؤال يطفو على السطح لطالما شغلني وأدخل الخوف والرهبة ، وأنا أرى بأنهم يبالغون في تأثيث غطاء التشويش على أي متهم !!!
لماذا يعذبون أحداً ما من أجل أخذ المعلومات ؟
وهم العالمون بكل شاردة وواردة .
تلجلجتْ وهي تدلف إلى صمت فكرها ، حين اكتسب صوتها جرساً ينمُ عن الخوف والحب بإشعاع شبابها الدافئ ، وكأنها خارجة للتو من فرن صقيعها
وقفتْ تُمعن النظر ببقايا الأحجار .
_ توهمتُ أنكَ زاويتي ، فانتظرتُ النهار ..حين يبرقُ وجهكَ في خضم الانهمار
_ أعدك سأشتري في كل يوم نسخة واحدة من جريدة ، فيها كل الأخبار التي كُنت تحب قراءتها ، والصور التي كُنت تأمل رؤيتها ، والدعاوة التي كانت تجعلك تحلم بعالمٍ مختلف عن هذا العالم .
لن أجعلها قصاصات غادرت دفاتر الأيام ، كما تغادرني أنت لتستقر أخيراً في عالمك البرزخي ، وتتركني كعينٍ على طيفٍ رحل ، وأخرى عل مستقبلٍ وعدني أن يأتي وأفل .
سألقاك في الزاوية اليسرى المظلمة ؟!
نشرت فى 27 ديسمبر 2015
بواسطة qwertyuioasdfgh
أخبار الشعراء والادباء العرب
جريدة لنشر كل اخبار الشعراء والادباء واجمل ما كتبت اقلامهم رئيس مجلس الادارة ورئيس التحرير الشاعر / خالد بدوى »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
93,969