المركز الثامن مكرر أحمد طرشان ... مصر عن قصته شوارع القلب 
شوارع القلب
تكرر ترددي على الشَّارع المسطح ببنى مزار فالشَّاعر دائمًا ما يبحث كالنَّحلة عن رحيقٍ لأشعاره، وليس هناك زهورٌ أجمل من زهور هذا الشَّارع الضَّيق الَّذي لا يسمح إلا بمرور الفاتنات من وإلى كنيسة ماري مينا، والعذراء، خاصة أيام الآحاد من كل أسبوع، حتَّى توقف قلمي عندها، وتفتحت وردةٌ بقلبي في شكلها، هي ليست أجملهن، لكنها أصبحت وحيي وملهمي.
يقف منا من يتمتع باللحم العاري، والأجساد الرَّائعه الَّتي تأخذ أشكالًا مختلفه عن نسائنا، نحن نؤكد للآسف التفرقة الجسديَّة دون مبررٍ معروف.
اختفت فجأه، ليمر الوقت ولا أراها، قلت ربما لاحظت افتتاني بها أو ربما تأتي أيام الجمعة، قلت لم لاأصلي الجمعة في المدينة؟ وإن كنت أتمنى أن أصليها في التَّحرير، خاصة وأن الوضع هناك يشتعل والثُّوار يتساقطون مابين قتلى وجرحى، والشَّارع المسطح يشدني اليه نحو مسجد الشَّافعي على شماله أو إلى اّخر أعلاه ناحية ترعة الابراهيميَّة.
بعد عدة أيام من اليأس فاز على قلبي ميدان التَّحرير.
أسرعت بالسَّفر إلى القاهرة، صحيح أنني لم أنه دراستي بكلية الطِّب، لكن المستشفى الميداني هناك يحتاج إلى أمثالي من البارعين في الجراحة، والحاملين البالطو الأبيض على أكتافهم مثل الكفن.
كنا نصنع بالميدان شوارعًا مثل شارعي الحبيب ترى فيها الباعة الجائلين، مأكولات ومشروبات، وأعلام، وبوسترات، وكأني اصطحبت الشَّارع معي الَّذي لايختلف كثيرًا عن قطار الصَّعيد بجميع متناقضاته، لم تصرفني حالات المصابين عن صورتها، فكل حالة أسعفها كأنها هي.
إن عدت سليمًا، ولم أجدها سأذهب إلى الكنيسة لآبحث عنها ولي بين الاخوة المسيحيين أصدقاء بكلية طب المنيا، فقد أصبحت هي قطني، وشاشي، ومشرطي، وخيط الجراحة، ودمي.
هل تأتي إلي؟ لاأعرف لماذا أنتظرها؟ إنى أحتاج إلى نقل كيس عطرٍ منها إلى روحي يعينني على إحتمال رائحة الدم وغاز القنابل المسيلة للسُّخط والدَّهشة، والرَّصاص المطاطى الغادر، بل والحي.
ألح على سؤالٌ غريب، هل ينشن الحب على القلب أم الرأس؟
وهل مازال يستعمل القوس والسَّهم؟
أم طور من أدواته فأصبح يستعمل إشعاعًا قمريًا. 
تذكرت الصَّليب الَّذي يزين جيدها الياسميني عندما صورتها على الموبايل، وكيف وقفت فى وضع استعداد وأنا ألتقط صورتها وكأنها رأس نفرتيتي الَّتي اختفت، هل يضم متحف الشَّمع إذا نجحت الثَّورة تماثيلاًًلشهدائها مستقبلاً؟
يومها سأتزعم مظاهرة كبرى تبدأ من الشَّارع المسطح حبيبي ومنه إلى شارع الحسين بالمنيا.
ينازعنى شعورً بالعودة يومًا، أو نصف يوم حتَّى أبحث عنها هناك فأقول لا، إنها معي ولم تفارقني، وكأنها العذراء مريم، صلينا
الجمعه وخراطيم المياه تعيد وضوءنا ألف مره، فكم سيكون أجر كل صلاة أيها المارقون؟ ثم كانت موقعة الجمل وازداد عدد القتلى والمصابين فوجهنا نداءً على الفيس بوك بطلب أطباء و طالبي طب، وتمريض فإذا بي في اليوم الثَّانى أسمع صوتًا ملائكيًا:
ساعدني يا دكتور، شعرت بعطرٍ ينعش قلبي ويدغدغه، وصعدت إلى أعلا في شبه صلاهٍ أو قداس لم أحضره، فنظرت إلي البالطو الأبيض وهو يحملها لتدخلني وكأني غرفة عمليات، وأفقت على يدها بين يديَ وهي تقول:
دكتورة مريم يا دكتور أحمد، لم أشعر بشئٍ بعدها، فهي معي الآن بلندن حيث تجري لي جراحة دقيقه بالمخ بعد الرَّصاصه الَّتي
أصابتني في رأسي وفتحت به شارعًا صغيرًاً يشبه الشَّارع المسطح بمدينة بنى مزار.

qwertyuioasdfgh

مع تحيات جريدة أخبار نجوم الأدب و الشعر رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير الشاعر / خالد بدوي

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 27 مشاهدة
نشرت فى 27 ديسمبر 2015 بواسطة qwertyuioasdfgh

أخبار الشعراء والادباء العرب

qwertyuioasdfgh
جريدة لنشر كل اخبار الشعراء والادباء واجمل ما كتبت اقلامهم رئيس مجلس الادارة ورئيس التحرير الشاعر / خالد بدوى »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

93,918