المركز السابع مجيد الزبيدى ... العراق عن قصته الحقيبة الملعونه
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,¬, الحقيبـــــــةُ الملعونــــــــــةُ ,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
تطلّعَ في المرآة فوقه الى حوض سيارته الصغيرة ذات الأربعة مقاعد، لم يبق الاّ راكبٌ و احدُ قابعٌ في أقصى الزاوية خلفه مباشرة ،آه لو نزل لاستدار ورجع الى الى المرآب ليحجز دوره التالي ،يبدو أنه ينزل في آخر المشوار. امتدت له ذراع بإشارة من احد المارّة، أوقف سيارته ،انحشر الشاب الملتحي في المقعد الخالي جنبه . من زاية عينه بدأ يلاحظ قسمات وجهه الذي بدا بلون التراب وجسمه الهزيل وحقيبته الكبيرة التي جعلها بين رجليه المنحشرتين ببنطلون عتيق فقد لونه، يبدو ساهما وقد زرع عينيه في زجاج السيارة متطلّعا الى الشارع والسيارات المارة...
سائق السيارة مع نفسه: يا إلهي ما أغباني ، لِمَ أوقفتُ سيارتي له ؟ لِمَ لم انتبه لهيئته ؟كيف سمحتُ له بالصعود؟؟ يبدو أنه ارهابي ، قاتل ،شكله يدلُّ عليه، حقيبته الكبيرة هذه ، ترى كم من المتفجرات يحمل فيها ؟؟ هذه نهايتي..ويلي عائلتي اطفالي من لهم بعدي .. لقد بقي قسطان من مبلغ السيارة من سيدفعهما للمصرف ؟.....
الشاب مع نفسه: اليوم ولدتُ من جديد..لقد كانت حياتي معلّقةً بين الموت والحياة منذ ست سنوات عجاف مرّتْ عليّ كالكابوس،نتلتُ فيها انواع العذاب والإهانات وأنا أقبع في زنزانتي بتهمة باطلة لفّقها لي أحد المخبرين السريين ، أنا الذي لم أؤذي في حياتي كلها إنسانا ولا حتى حيوانا، الله وحده يعلم ذلك..لقد برأني القاضي منذ عام ولكن لم يطلقوا سراحي الا اليوم.. امرأتي، أطفالي الثلاثة سيتفاجأون اليوم برؤيتي أمامهم ...
التفت السائق نحو الشاب تفحصه بنظرة تنقلتْ بينه وبين الشارع ؛ تمثله خنزيرا ً قاتلاً سيموت معه بعد ان يفجِّر مخزونه في هذه الحقيبة الملعونة ....
السائق: ترى أيّ مكان اختاره هذا الحيوان ليقتل الناس بمتفجراته هذه؟..آه لو استطيع أن أمنعه من ذلك..لكن كيف وهو يضع بالتأكيد حزاما ناسفا حول وسطه؟. .. تململ الشاب في مكانه سأل السائق عن الوقت ...
الشاب مع نفسه: كم أنا مشتاق لزوجتي ولأولادي ، متى..متى سأصلهم يا إلهي متى..متى..؟؟...
السائق مع نفسه : يبدو أنه يتهيأ لفعلته .. .وداعا زوجتي وداعا اولادي، هي غلطتي ،أوقفتُ سيارتي لأقلَّ هذا السّفاح.
وصلت السيارة مكانا قلَّ فيه الازدحام .طلب الراكب الأول المنزوي في الخلف النزول.أوقف السائق السيارة جنب رصيف الشارع . فجأة أحسّ ببرودة الحديدة على خدّه ،سمع صوتاً ممزوجاً بنبرة وقحة: انزل بسرعة ودع مفاتيح السيارة ، هيا انزلْ بسرعة أنت وهذا الجرذ والاّ ... ونغز رقبته بفوهة مسدسه.أسرع السائق والشاب بالنزول . َانطلقت السيارة بسرعة كبيرة.
وهما على الرصيف سأل السائقُ الشابَ: أين حقيبتك؟ ردّ الشاب: هه..راحتْ مع سيارتك .سأل السائق: وما الذي كان بها؟. ضحك الشاب : بعض أغراضي وبطانية أعتز بها.
على بعد نصف كيلومتر وجد السائق سيارته وقد عانقتْ مقدمتُها بقسوةٍ عمودَ الكهرباء والدماء تملأ مقعدها الأمامي .