المركز الخامس مكرر تيسير الغصين ... فلسطين عن قصته إنتصار العشق القديم
انتصار العشق القديم .. قصة قصيرة
بعد أن انتشرتْ صُوَرُهُ على صفحاتِ أكثرِ المجلاتِ الأدبيةِ، وغيرِ الأدبية، وتبارى النقادُ وأربابُ القلمِ على دراسةِ روايتهِ، باكورة أعماله، مُجْمعين على أنَّ كتابتهُ لم تخلُ من تَمَكُنِ الكاتب المتمرسِ ذي الخبرةِ، رغم أنها تُمثلُ باكورةَ انتاجِهِ الأدبي، مما أوقعَهم في حيرةٍ مع ذواتِهم،!! كيفَ لرجلٍ أشرفَ على الخمسين أن يُصدرَ أولَ رُواياتِه في هذا العمرِ رَغْمَ امتلاكِهِ لأدواتِه!!، وتساءلَ أخرون.. أينَ كانَ طوال هذه السنين؟! بينما قلمه يَدُلُ على أنه لم يَكُن غَائبا عن المشهد بل موغلا فيه!!
صَفَّقَ الحاضرون، ثم تَلفتوا خَلْفهُم حيثُ السَطْر الأخير مِنَ الَمقَاعِدِ، حينَ سألَه أحدُ الصحفيين عما إذا كان هناك شخصٌ وراءَ نجاحِه العظيم، فأَطْرَقَ برأسه هُنَيْهَةً، ثم رَفَعَ عينيه متأملا الحاضرين في السطر الأول من كبار الشخصياتِ الأدبيةِ، فترقرقت في عينهِ دمعةٌ وأشار إلى امرأةٍ في آخرِ السطرِ، وبلهجة غُلِّفَتْ بحشرجة تشي بكثيرٍ من الألم قال:
- إنها زوجتي..
ازداد التصفيقُ حِدةً، ووقفَ الجميعُ على أقدامِهِم مُلتفتينَ إلى المرأةِ المنزويةِ في ركنٍ سَحيق، ثم تقدم ثلُةَّ منهم نحوها مندهشين من جلوسِها في آخرِ المقاعد، وهي أحقُ الناسِ بِتَقَدُمِهم، أجْلَسُوها بينهم، وهي في حالةٍ مِنَ الارتباك ..قدّموا لها الشرابَ والبسكويتَ الفاخرَ، ومازالت على حالها من الارتباكِ والذهول..
استرقَ النظرَ إليها، لم يُبْدِ أيَّ اهتمامٍ بها، بل كانت عيناه تفيضان بالعتب...
حَمَلَ شَهادَةَ تَقْدِيِرِه، حلّ زرَ ياقته، وسَّعَ من رَبطَةِ عُنقِه تَنهدَ عَميقًا، ومضى يُجرجِرُ قَدَمَيْه خَارجَ أسوارِ المبنى.. لابأس، فقد فَهِمَ المُحتَفِلونَ مَا فَهموا!! تَوَّجُوهَا بَطَلةً!! ولم يدروا أنها كانت السكين المقطِّع لأوصالي كلما هَمَمْتُ بالكتابة،!!، لم يَفهموا مقصدي.. لم يَفهموا أنَّ تلك المرأة كانت سَبَبَ نجاحي.. و لكن بمحاولاتِها كَسْر قلمي كي تُوقِفَ إعجابَ الفتياتِ بكتاباتي، وبسخريتها من أدبي بطرقٍ شتى!! أي سخافةٍ تُعششُ في رأسِ امرأةٍ، تدفعُها للغيرةِ من مُجردِ إعجابٍ على آلةٍ صماء!! لتكون مفتاحًا لحربٍ طويلةٍ لا هوادةَ فيها، تتحطمُ من خلالها، كلُّ محاولاتِ إبداعي!! كان لابدَّ لي من قبولِ التحدي، فكان صبري وإصراري على الانتصارِ لقلمي، وأوراقي، وكلماتي بعد مسيرةٍ طويلةٍ من قَمْعِهَا، استمرت عشرين سنة..
ليفهموا ما شاءوا من الفهمِ، يكفيني أني عدتُ لأحيا.. عدت لعشقي القديم