جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
كعادة الكثير منكم ــ يا دام سعدكم ــ معتاد ان اقلّب في المحطات الفضائية على كثرتها , علّني اجد ما يروقني , فمزاجي صعب ولا يعجبني العجب , وقع بصري مرة على مشهد اعجبني , تسمرت عيناي عنده هنيهة , ثم لا ادري ماذا حصل لمخّي , وماذا يمكن ان يحصل لأمخاخ سعادتكم , او امخاخ سعادة بعضكم حتى اكون صادقا ,عندما انقل لكم المشهد , وتتفاعلوا معه ويخطر على بالكم هذا السؤالاللعين الذي خطر ببالي : (لماذا نحن ؟) :
المشهد باختصار ساحة واسعة , بحجم عشرة ملاعب كرة قدم , ارض فضاء منبسطة معشوشبة , على احد اطرافها عدة فرق من طلبة المدارس الاساسية الدنيا , اعمارهم بين العاشرة والثانية عشرة . انزلت كل مجموعة معداتها ونصبت قواعدها , ثم اعلن المتحدث عن بدء مسابقة بين طلبة المدارس الاساسية الدنيا في احدى المدن الامريكية , كمشروع تخرج للانتقال الى المرحلة الاساسية العليا , والمشروع عبارة عن مسابقة بين طلبة هذه المدارس في تصميم صاروخ , والمدرسة الفائز ة هي التي تصمم الصاروخ الاسرع والاطول مسافة والادق اصابة ... هذا اخر ما سمعت . شيكت اصابعي فوق راسي واسندته على المقعد وسرحت :
مدارس احدى المدن في الدولة التي تحظر علينا تصميم مقذوفة لبندقية , حفاظا على التفوق النوعي لجيراننا حبايب الكل , على كل ما يمتلكه بنو عرب من مال ونفط وتقنيات واسلحة . شطح فكري مسلسلا الاحداث والمشاهد من حولي , ومتسائلا لماذا نحن ؟ .
عندما كنا في المرحلة الابتدائية اذكر ان المسابقة اليتيمة التي كانت تقام في نهاية كل عام : هي في كرة السلة والطائرة والقدم على مستوى اللواء , احيانا تحصل مسابقات في مجالات الرسم او القصة او المقال او الشعر , شريطة ان يكون الموضوع عن السلام والتسامح , كنا نتساءل : لماذا لا تكون مسابقات علمية ؛ اختراعات مثلا ابتكارات انجازات تجارب , فمدرستنا كانت تصنّف على انها مدرسة زراعية , يمكن اجراء ابحاث على الامراض النباتية واساليب تطوير الانتاج , فالطلبة خلاقون اذا أتيحت لهم الفرص , لكن عندما كنا نسال اساتذتنا نجابه بنقص التمويل , وامكانات المدرسة لا تسمح , ولا يوجد من يتبنى ويمول مثل هذه المشاريع , فنكتفي بنكش الحديقة المدرسية وزراعتها بالخس والبصل والفجل , بينما امثال مدرستنا من المدارس العبرية كانت تجدري تجارب على انتاج اصناف من النباتات مقاومة للأمراض , غزيرة الثمار وخاصة النباتات التصنيعية كالبندورة( الطماطم ) وغيرها . قلت ربما لأننا كنا نقع تحت الاحتلال .
تخرجنا من الثانوية وانتقلنا للجامعات صروح العلم والمعرفة في البلدان العربية , وهذه لا سلطة للاحتلال عليها , وجدنا ان ما ينفق على الرياضة والكرة اضعاف اضعاف ما ينفق على البحث العلمي , وان مباني كليات التربية الرياضية والملاعب الملحقة بها يفوق مباني كليات الآداب والعلوم والهندسة والطب , لماذا ؟؟ .
في جامعاتنا كليات طب وهندسة وصيدلة وجيولوجيا وتعدين , وكل طالب حسب علمي عليه ان يقدم مشروع تخرج , يدوخ الطلبة الدوخات السبع في محاولة تمويل بحوثهم فلا يجدون , بينما تتلقي النوادي الرياضية دعما لا حدود له من الحكومة والشركات ورجال الاعمال لماذا؟ .
تناقش هذه المشاريع ويحصل الطالب على درجة البكالوريوس , وهذا يعني انه قدم مشروعا ناجحا يمكن الاستفادة منه , وقد يكون اختراعا هاما او اكتشافا نادرا او ابتكارا واعدا , لو طبق لانتقل بالبلاد نقلات نوعية , لكن احدها لم ير النور لماذا ؟؟؟ واين تذهب , ولماذا لا تدعم من قبل الجامعات والمؤسسات , ومن المسؤول ولمصلحة من الابقاء عليها في الادراج او اتلافها . ومع علمنا ان كثيرا من المشاريع كمشاريع الطاقة والتعدين هي مشاريع رائدة لو طبقت .
يشير تقرير السيد محمد صادق إسماعيل الباحث في "المركز العربي للدراسات السياسية والإستراتيجية" إلى أن اسرائيل تفوقت في المجال العلمي والتكنولوجي على الدول العربية كافة ، وأنها تنفق أكثر من ضعف ما ينفق في الدول العربية مجتمعة على البحث العلمي والتطوير، وأنها أعلى دولة في العالم قاطبة من حيث نسبة الانفاق على البحث العلمي من الناتج القومي 4.5% مقابل 0.3% نسبة ما تنفقه الدول العربية مجتمعة , وأن اسرائيل جاءت في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة في ترتيب الدول الأكثر مشاركة في المؤتمرات العلمية ، وهي تحتل المركز الثالث في العالم في صناعة التكنولوجيا المتقدمة" . وأن الجامعات الاسرائيلية حظيت بمراكز متقدمة على المستوى العالمي حسب التصنيفات الدولية، وبخاصة "الجامعة العبرية" التي احتلت المركز الـ 64 على مستوى العالم ، بينما لم يرد ذكر أي من الجامعات العربية في الجامعات الـ 500 الاولى , بينما تنفق المليارات على المدن الرياضية وصالات الالعاب وشراء اللاعبين . لماذا ؟؟ ولمصلحة من ؟؟.
يقال : ان موقف أي دولة أو امة من البحث العلمي والتكنولوجيا يعتمد على نظرتها لمخرجات هذا البحث , بمعنى إذا كانت الامة ترى أن مستقبلها مرتبط بالتقدم العلمي والتكنولوجيا , وأن بقاءها وتفوقها مرهونان بهما , فإنها تسخر كل الجهود وكل الإمكانات البشرية والمالية ، بينما المنطقة العربية لا تزال تنظر إلى موضوع العلم والتكنولوجيا أنه موضوع ثانوي , أنه موضوع تعليمي يخص الدراسة والجامعات , لا علاقة له بالحياة اليومية للمجتمع , سواء كنا نتحدث عن الأمن الوطني كإنتاج الأسلحة , أو الأمن المجتمعي ك إنتاج المواد الغذائية كالقمح والارز والسكر . أو حتى البقاء كمجتمع له احترامه بين الامم , يضع بصمة على الحضارة المعاصرة .
لماذا ولمصلحة من اذن ؟ وهل تتواطأ صروحنا العلمية مع حكوماتنا لاجل عيون , او خوفا من صاحب السوط والصولجان في بلاد العم سام , فتخنق الاختراع وتصادره كما صادرت حكوماتنا الفكر ولاحقت المبدعين واحبطت المخترعين وشجعت المطبلين والمزمرين والمسبحين بحمدها , لماذا ولمصلحة من هجرة العقول العربية الى الخارج بحثا عن تبني لمشاريعهم , فيقعوا ضحية الابتزاز او السرقة , فمن لا تحميه دولته يكون مطمعا لكل طامع , وريشة في مهب الريح , ومنهم من يبيع اختراعه بجواز سفر يضمن له عدم ملاحقة اجهزة المخابرات له عند عودته لمسقط راسه .
في كتابه "العبودية الاختيارية" يقول المفكر الفرنسي (اتييان دولابواسييه) : عندما يتعرض بلد ما لقمع طويل تنشأ أجيال من الناس لا تحتاج إلى الحرية , تتواءم مع الاستبداد , فيظهر ما يمكن ان نسميه ( المواطن المستقر), يعيش في عالم خاص , وتنحصر اهتماماته في ثلاثة اشياء : الدين , لقمة العيش , كرة القدم . فالدين عند المواطن المستقر مجرد طقوس , ولا ينصرف غالبا للسلوك . فالذين يمارسون - بلا حرج - الكذب والنفاق والرشوة يحسون بالذنب فقط اذا فاتتهم احدى الصلوات . والعيش هو الركن الثاني لحياته , فهو لا يعبأ اطلاقاً بحقوقه السياسية , لكنه يعمل فقط من أجل تربية أطفاله حتى يكبروا فيزوجهم , وبذلك يكون قد انهى رسالته . المواطن المستقر يجد في كرة القدم تعويضا له عن أشياء يحرم منها في حياته اليومية , فكرة القدم تنسيه همومه , وتحقق له العدالة التي حرم منها . فالمواطن المستقر اذن : هو العائق الحقيقي , ولن يتحقق " التغيير" الا عندما يخرج من عالمه الضيق . ما رايكم ــ دام فضلكم ــ هل هذا الكلام صحيح ؟ اعرف ان حكوماتنا الرشيدة قد دجنت من زمن , فهل دجنت ايضا صروحنا العلمية , وهل دجن الانسان العربي فغدا مواطنا مستقرا ؟ طبتم وطابت اوقاتكم .
المشهد باختصار ساحة واسعة , بحجم عشرة ملاعب كرة قدم , ارض فضاء منبسطة معشوشبة , على احد اطرافها عدة فرق من طلبة المدارس الاساسية الدنيا , اعمارهم بين العاشرة والثانية عشرة . انزلت كل مجموعة معداتها ونصبت قواعدها , ثم اعلن المتحدث عن بدء مسابقة بين طلبة المدارس الاساسية الدنيا في احدى المدن الامريكية , كمشروع تخرج للانتقال الى المرحلة الاساسية العليا , والمشروع عبارة عن مسابقة بين طلبة هذه المدارس في تصميم صاروخ , والمدرسة الفائز ة هي التي تصمم الصاروخ الاسرع والاطول مسافة والادق اصابة ... هذا اخر ما سمعت . شيكت اصابعي فوق راسي واسندته على المقعد وسرحت :
مدارس احدى المدن في الدولة التي تحظر علينا تصميم مقذوفة لبندقية , حفاظا على التفوق النوعي لجيراننا حبايب الكل , على كل ما يمتلكه بنو عرب من مال ونفط وتقنيات واسلحة . شطح فكري مسلسلا الاحداث والمشاهد من حولي , ومتسائلا لماذا نحن ؟ .
عندما كنا في المرحلة الابتدائية اذكر ان المسابقة اليتيمة التي كانت تقام في نهاية كل عام : هي في كرة السلة والطائرة والقدم على مستوى اللواء , احيانا تحصل مسابقات في مجالات الرسم او القصة او المقال او الشعر , شريطة ان يكون الموضوع عن السلام والتسامح , كنا نتساءل : لماذا لا تكون مسابقات علمية ؛ اختراعات مثلا ابتكارات انجازات تجارب , فمدرستنا كانت تصنّف على انها مدرسة زراعية , يمكن اجراء ابحاث على الامراض النباتية واساليب تطوير الانتاج , فالطلبة خلاقون اذا أتيحت لهم الفرص , لكن عندما كنا نسال اساتذتنا نجابه بنقص التمويل , وامكانات المدرسة لا تسمح , ولا يوجد من يتبنى ويمول مثل هذه المشاريع , فنكتفي بنكش الحديقة المدرسية وزراعتها بالخس والبصل والفجل , بينما امثال مدرستنا من المدارس العبرية كانت تجدري تجارب على انتاج اصناف من النباتات مقاومة للأمراض , غزيرة الثمار وخاصة النباتات التصنيعية كالبندورة( الطماطم ) وغيرها . قلت ربما لأننا كنا نقع تحت الاحتلال .
تخرجنا من الثانوية وانتقلنا للجامعات صروح العلم والمعرفة في البلدان العربية , وهذه لا سلطة للاحتلال عليها , وجدنا ان ما ينفق على الرياضة والكرة اضعاف اضعاف ما ينفق على البحث العلمي , وان مباني كليات التربية الرياضية والملاعب الملحقة بها يفوق مباني كليات الآداب والعلوم والهندسة والطب , لماذا ؟؟ .
في جامعاتنا كليات طب وهندسة وصيدلة وجيولوجيا وتعدين , وكل طالب حسب علمي عليه ان يقدم مشروع تخرج , يدوخ الطلبة الدوخات السبع في محاولة تمويل بحوثهم فلا يجدون , بينما تتلقي النوادي الرياضية دعما لا حدود له من الحكومة والشركات ورجال الاعمال لماذا؟ .
تناقش هذه المشاريع ويحصل الطالب على درجة البكالوريوس , وهذا يعني انه قدم مشروعا ناجحا يمكن الاستفادة منه , وقد يكون اختراعا هاما او اكتشافا نادرا او ابتكارا واعدا , لو طبق لانتقل بالبلاد نقلات نوعية , لكن احدها لم ير النور لماذا ؟؟؟ واين تذهب , ولماذا لا تدعم من قبل الجامعات والمؤسسات , ومن المسؤول ولمصلحة من الابقاء عليها في الادراج او اتلافها . ومع علمنا ان كثيرا من المشاريع كمشاريع الطاقة والتعدين هي مشاريع رائدة لو طبقت .
يشير تقرير السيد محمد صادق إسماعيل الباحث في "المركز العربي للدراسات السياسية والإستراتيجية" إلى أن اسرائيل تفوقت في المجال العلمي والتكنولوجي على الدول العربية كافة ، وأنها تنفق أكثر من ضعف ما ينفق في الدول العربية مجتمعة على البحث العلمي والتطوير، وأنها أعلى دولة في العالم قاطبة من حيث نسبة الانفاق على البحث العلمي من الناتج القومي 4.5% مقابل 0.3% نسبة ما تنفقه الدول العربية مجتمعة , وأن اسرائيل جاءت في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة في ترتيب الدول الأكثر مشاركة في المؤتمرات العلمية ، وهي تحتل المركز الثالث في العالم في صناعة التكنولوجيا المتقدمة" . وأن الجامعات الاسرائيلية حظيت بمراكز متقدمة على المستوى العالمي حسب التصنيفات الدولية، وبخاصة "الجامعة العبرية" التي احتلت المركز الـ 64 على مستوى العالم ، بينما لم يرد ذكر أي من الجامعات العربية في الجامعات الـ 500 الاولى , بينما تنفق المليارات على المدن الرياضية وصالات الالعاب وشراء اللاعبين . لماذا ؟؟ ولمصلحة من ؟؟.
يقال : ان موقف أي دولة أو امة من البحث العلمي والتكنولوجيا يعتمد على نظرتها لمخرجات هذا البحث , بمعنى إذا كانت الامة ترى أن مستقبلها مرتبط بالتقدم العلمي والتكنولوجيا , وأن بقاءها وتفوقها مرهونان بهما , فإنها تسخر كل الجهود وكل الإمكانات البشرية والمالية ، بينما المنطقة العربية لا تزال تنظر إلى موضوع العلم والتكنولوجيا أنه موضوع ثانوي , أنه موضوع تعليمي يخص الدراسة والجامعات , لا علاقة له بالحياة اليومية للمجتمع , سواء كنا نتحدث عن الأمن الوطني كإنتاج الأسلحة , أو الأمن المجتمعي ك إنتاج المواد الغذائية كالقمح والارز والسكر . أو حتى البقاء كمجتمع له احترامه بين الامم , يضع بصمة على الحضارة المعاصرة .
لماذا ولمصلحة من اذن ؟ وهل تتواطأ صروحنا العلمية مع حكوماتنا لاجل عيون , او خوفا من صاحب السوط والصولجان في بلاد العم سام , فتخنق الاختراع وتصادره كما صادرت حكوماتنا الفكر ولاحقت المبدعين واحبطت المخترعين وشجعت المطبلين والمزمرين والمسبحين بحمدها , لماذا ولمصلحة من هجرة العقول العربية الى الخارج بحثا عن تبني لمشاريعهم , فيقعوا ضحية الابتزاز او السرقة , فمن لا تحميه دولته يكون مطمعا لكل طامع , وريشة في مهب الريح , ومنهم من يبيع اختراعه بجواز سفر يضمن له عدم ملاحقة اجهزة المخابرات له عند عودته لمسقط راسه .
في كتابه "العبودية الاختيارية" يقول المفكر الفرنسي (اتييان دولابواسييه) : عندما يتعرض بلد ما لقمع طويل تنشأ أجيال من الناس لا تحتاج إلى الحرية , تتواءم مع الاستبداد , فيظهر ما يمكن ان نسميه ( المواطن المستقر), يعيش في عالم خاص , وتنحصر اهتماماته في ثلاثة اشياء : الدين , لقمة العيش , كرة القدم . فالدين عند المواطن المستقر مجرد طقوس , ولا ينصرف غالبا للسلوك . فالذين يمارسون - بلا حرج - الكذب والنفاق والرشوة يحسون بالذنب فقط اذا فاتتهم احدى الصلوات . والعيش هو الركن الثاني لحياته , فهو لا يعبأ اطلاقاً بحقوقه السياسية , لكنه يعمل فقط من أجل تربية أطفاله حتى يكبروا فيزوجهم , وبذلك يكون قد انهى رسالته . المواطن المستقر يجد في كرة القدم تعويضا له عن أشياء يحرم منها في حياته اليومية , فكرة القدم تنسيه همومه , وتحقق له العدالة التي حرم منها . فالمواطن المستقر اذن : هو العائق الحقيقي , ولن يتحقق " التغيير" الا عندما يخرج من عالمه الضيق . ما رايكم ــ دام فضلكم ــ هل هذا الكلام صحيح ؟ اعرف ان حكوماتنا الرشيدة قد دجنت من زمن , فهل دجنت ايضا صروحنا العلمية , وهل دجن الانسان العربي فغدا مواطنا مستقرا ؟ طبتم وطابت اوقاتكم .