يقول المثل ــ يا دام عزكم ــ ( في الصراحة راحة ) , وانا اقول هذا الكلام غير صحيح , الصراحة تعب ووجع راس ومشاكل . كيف ؟ جرب ــ يا حلو ــ ان تقول رأيك بصراحة في طبيخ زوجتك , او مكياجها او الثمن الذي دفعته في تسريحتها , او سُلّم اولوياتها او معاملتها مع صديقاتها , او نوع الحديث الذي يخضن فيه , او في سلوكيات او تصرفات او اراء اخيك او جارك او صاحبك , وانظرالنتيجة , كيف سيكون القصف عليك من كافة الجبهات , وفي كل الاتجاهات , بكل وسائل القتال المتاحة .
كنت ــ ايام الصبا والتشبب ــ اسرق احيانا جهاز الراديو ليلا , واضعه عند اذني تحت الغطاء , وكان الوالدان يغضان الطرف عن ذلك , فكنت استمع طوال الليل الى كافة الاذاعات , واسمع كل شيء ؛ الاخبار والاغاني , والبرامج الثقافية والادبية , خاصة ندوة المستمعين في اذاعة لندن . وكانت الاحداث في تلك الفترة ساخنة تتلاطم وتتزاحم وتتصارع وتتسارع , وعلى راسها نكسة 1967 , وما خلفته من مآسي , وخيبة امل في نفوس بني عرب من المحيط الى الخليج . فتحس وكأنك في مركب تتقاذفه الامواج من كل جانب , ولا تعلم ما الله صانع به . وكانت تلك الاحداث تثير في نفسي كثيرا من التساؤلات , وخاصة لماذا . وكانت هذه ال(لماذا) بالذات مثيرة لحفيظة الوالدة ومصدر قلقها , فتقول : هذا الولد الله يستره لما يكبر , وكان الوالد يقول لي : يا بُني لا تكثر من الاسئلة , فاغلب الاسئلة التي تطرحها ( بتجيب وجع راس ) , وحتى الذين هم في قلب الحدث لا يقدرون على الاجابة . دع يا بُني الخلق للخالق .
اثناء الدراسة الثانوية مرت معنا قصة المثل العربي (رب كلمة تقول لصاحبها دعني) قلت هذا مثل جاهلي قديم لا يجب ان ينطبق على عصرنا هذا , وهو قول المتخاذلين , ولا يجدر بجيلنا الاخذ به .
اول درس تعلمته عندما التحقت بالجامعة آنذاك (لا تخالف المُحاضِر في الراي ) , فرايه هو الصائب ابدا , وروحك في يده , فان خالفته ترسب بلا جدال . وذلك انني خالفت يوما احدهم في مسالة خلافية , فغضب واحتد , وارغى وازبد , فتدخل الطلبة فقال لهم : صراحة ان لم يتراجع عن رايه ويعتذر سيحمل المادة ولو كان الاول على الشعبة . و ..... تراجعت , ونجحت لكن بعلامة النجاح فقط , وقلت : بسيطة بتخلص هال ....(اربع سنوات ) ولما اتخرج بهونها الله , وتخيلت نفسي اقف اما الميكروفون واقول ما اشاء بكل حرية وصراحة .
تخرجت من الجامعة ثم تعاقدت فورا مع احدى الدول العربية , وبدأت رحلة السفر السنوية , وبدأت اقف على الحدود امام شباك المغادرين او القادمين لختم جواز السفر فانتظر حتى يبحث المسؤول في سجّل ( صرتُ امقته شيئا فشيئا مع مرور الزمن ) , انه سجل الممنوعين من السفر . ربما هي دقائق تقفها ولكنك تحسبها اياما وليالي , فيمر في ذهنك كل كلمة قلتها او لم تقلها خلال مدة حياتك كلها .
اذكر انني في احدى رحلات العودة وعلى احدي بوابات الوطن الذي اهواه , واقبل ثراه كلما حللت , رأيت النجوم في عز الظهيرة خمسة عشر يوما , حتى تبين ان الامر مجرد تشابه بالأسماء . وانتظرت كلمة اعتذار واحدة , فلم احصل عليها . فتعمق في ذهني واذهان المسافرين امثالي عقدة الخوف من شباك ختم الجواز على الحدود . فلربما تعود ادراجك من الحدود بسبب خطأ من موظف كان يشرب القهوة , ويدخن سيجارة ويتحدث الى صديقته فيسمع الاسم بالمقلوب , ويسجله كما سمعه . وقد يترتب على ذلك فقدانك وظيفتك . وادركت ايضا انه لكي تكون مواطنا صالحا عليك ان : ( لا ترى لا تسمع لا تتكلم ) , وان تجتنب السؤال مطلقا . وعرفت كذلك ان الاسئلة ثلاثة انواع :
فالأول يجوز ان تساله , ولكن بحذر فيجوز لك ان تسال مثلا عن سعر كيلو الخيار ولكن لا تتوغل وتسال عن سبب ارتفاع اسعاره . اما السؤال الثاني فلا يجوز لك ان تساله , وان سالت فربما تتعرض للتوبيخ , كان تسأل مثلا عن سبب ارتفاع اسعار المشتقات النفطية , او الالية التي تسعر على اساسها . اما الثالث فهو السؤال الذي يجب الا تساله , واذا سالته فسوف تذهب وراء الشمس , واظنكم شاطرين وتعرفونه بدون ما اقوله لكم .
لكن عندي سؤال خفيف ومقدور على ثمنه , يعني بودّي احيانا خلف جزر القمر , سؤال (غلباوي) لكن بدّي اساله واللي يصير يصير , اقول : صلوا على النبي يا جماعة : دول اروبا كما تعلمون لكل منها لغتها المختلفة ودياناتها مختلفة ايضا , فهناك الأرثوذكس والكاثوليك والبروتستانت , وقد قامت معارك بينهم بسبب الخلافات الدينية والفكرية كحرب المائة عام بين فرنسا وبريطانيا , مع ذلك شكلت اتحادا بينها واصبح بإمكان أي فرد ان يسافر الى أي بلد فيها بالهوية الشخصية . اما عندنا : فانا عربي مسلم اتكلم اللغة العربية , وتربطني بأخي العربي المسلم في أي بلد عربي رابطة الدين واللغة والدم والفكر والتاريخ , والذي يفرق بيني وبينه هو حدود مصطنعة , لكن لا يستطيع الواحد منا اجتيازها الا اذا كان مواطنا صالحا ‘ أي (لا يسمع لا يرى لا يتكلم ) . لماذا ؟ انا لا ادري , رجاء حار : من يدري يعلّم من لا يدري , واجره على الله . طبتم وطابت اوقاتكم .
كنت ــ ايام الصبا والتشبب ــ اسرق احيانا جهاز الراديو ليلا , واضعه عند اذني تحت الغطاء , وكان الوالدان يغضان الطرف عن ذلك , فكنت استمع طوال الليل الى كافة الاذاعات , واسمع كل شيء ؛ الاخبار والاغاني , والبرامج الثقافية والادبية , خاصة ندوة المستمعين في اذاعة لندن . وكانت الاحداث في تلك الفترة ساخنة تتلاطم وتتزاحم وتتصارع وتتسارع , وعلى راسها نكسة 1967 , وما خلفته من مآسي , وخيبة امل في نفوس بني عرب من المحيط الى الخليج . فتحس وكأنك في مركب تتقاذفه الامواج من كل جانب , ولا تعلم ما الله صانع به . وكانت تلك الاحداث تثير في نفسي كثيرا من التساؤلات , وخاصة لماذا . وكانت هذه ال(لماذا) بالذات مثيرة لحفيظة الوالدة ومصدر قلقها , فتقول : هذا الولد الله يستره لما يكبر , وكان الوالد يقول لي : يا بُني لا تكثر من الاسئلة , فاغلب الاسئلة التي تطرحها ( بتجيب وجع راس ) , وحتى الذين هم في قلب الحدث لا يقدرون على الاجابة . دع يا بُني الخلق للخالق .
اثناء الدراسة الثانوية مرت معنا قصة المثل العربي (رب كلمة تقول لصاحبها دعني) قلت هذا مثل جاهلي قديم لا يجب ان ينطبق على عصرنا هذا , وهو قول المتخاذلين , ولا يجدر بجيلنا الاخذ به .
اول درس تعلمته عندما التحقت بالجامعة آنذاك (لا تخالف المُحاضِر في الراي ) , فرايه هو الصائب ابدا , وروحك في يده , فان خالفته ترسب بلا جدال . وذلك انني خالفت يوما احدهم في مسالة خلافية , فغضب واحتد , وارغى وازبد , فتدخل الطلبة فقال لهم : صراحة ان لم يتراجع عن رايه ويعتذر سيحمل المادة ولو كان الاول على الشعبة . و ..... تراجعت , ونجحت لكن بعلامة النجاح فقط , وقلت : بسيطة بتخلص هال ....(اربع سنوات ) ولما اتخرج بهونها الله , وتخيلت نفسي اقف اما الميكروفون واقول ما اشاء بكل حرية وصراحة .
تخرجت من الجامعة ثم تعاقدت فورا مع احدى الدول العربية , وبدأت رحلة السفر السنوية , وبدأت اقف على الحدود امام شباك المغادرين او القادمين لختم جواز السفر فانتظر حتى يبحث المسؤول في سجّل ( صرتُ امقته شيئا فشيئا مع مرور الزمن ) , انه سجل الممنوعين من السفر . ربما هي دقائق تقفها ولكنك تحسبها اياما وليالي , فيمر في ذهنك كل كلمة قلتها او لم تقلها خلال مدة حياتك كلها .
اذكر انني في احدى رحلات العودة وعلى احدي بوابات الوطن الذي اهواه , واقبل ثراه كلما حللت , رأيت النجوم في عز الظهيرة خمسة عشر يوما , حتى تبين ان الامر مجرد تشابه بالأسماء . وانتظرت كلمة اعتذار واحدة , فلم احصل عليها . فتعمق في ذهني واذهان المسافرين امثالي عقدة الخوف من شباك ختم الجواز على الحدود . فلربما تعود ادراجك من الحدود بسبب خطأ من موظف كان يشرب القهوة , ويدخن سيجارة ويتحدث الى صديقته فيسمع الاسم بالمقلوب , ويسجله كما سمعه . وقد يترتب على ذلك فقدانك وظيفتك . وادركت ايضا انه لكي تكون مواطنا صالحا عليك ان : ( لا ترى لا تسمع لا تتكلم ) , وان تجتنب السؤال مطلقا . وعرفت كذلك ان الاسئلة ثلاثة انواع :
فالأول يجوز ان تساله , ولكن بحذر فيجوز لك ان تسال مثلا عن سعر كيلو الخيار ولكن لا تتوغل وتسال عن سبب ارتفاع اسعاره . اما السؤال الثاني فلا يجوز لك ان تساله , وان سالت فربما تتعرض للتوبيخ , كان تسأل مثلا عن سبب ارتفاع اسعار المشتقات النفطية , او الالية التي تسعر على اساسها . اما الثالث فهو السؤال الذي يجب الا تساله , واذا سالته فسوف تذهب وراء الشمس , واظنكم شاطرين وتعرفونه بدون ما اقوله لكم .
لكن عندي سؤال خفيف ومقدور على ثمنه , يعني بودّي احيانا خلف جزر القمر , سؤال (غلباوي) لكن بدّي اساله واللي يصير يصير , اقول : صلوا على النبي يا جماعة : دول اروبا كما تعلمون لكل منها لغتها المختلفة ودياناتها مختلفة ايضا , فهناك الأرثوذكس والكاثوليك والبروتستانت , وقد قامت معارك بينهم بسبب الخلافات الدينية والفكرية كحرب المائة عام بين فرنسا وبريطانيا , مع ذلك شكلت اتحادا بينها واصبح بإمكان أي فرد ان يسافر الى أي بلد فيها بالهوية الشخصية . اما عندنا : فانا عربي مسلم اتكلم اللغة العربية , وتربطني بأخي العربي المسلم في أي بلد عربي رابطة الدين واللغة والدم والفكر والتاريخ , والذي يفرق بيني وبينه هو حدود مصطنعة , لكن لا يستطيع الواحد منا اجتيازها الا اذا كان مواطنا صالحا ‘ أي (لا يسمع لا يرى لا يتكلم ) . لماذا ؟ انا لا ادري , رجاء حار : من يدري يعلّم من لا يدري , واجره على الله . طبتم وطابت اوقاتكم .
اثناء الدراسة الثانوية مرت معنا قصة المثل العربي (رب كلمة تقول لصاحبها دعني) قلت هذا مثل جاهلي قديم لا يجب ان ينطبق على عصرنا هذا , وهو قول المتخاذلين , ولا يجدر بجيلنا الاخذ به .
اول درس تعلمته عندما التحقت بالجامعة آنذاك (لا تخالف المُحاضِر في الراي ) , فرايه هو الصائب ابدا , وروحك في يده , فان خالفته ترسب بلا جدال . وذلك انني خالفت يوما احدهم في مسالة خلافية , فغضب واحتد , وارغى وازبد , فتدخل الطلبة فقال لهم : صراحة ان لم يتراجع عن رايه ويعتذر سيحمل المادة ولو كان الاول على الشعبة . و ..... تراجعت , ونجحت لكن بعلامة النجاح فقط , وقلت : بسيطة بتخلص هال ....(اربع سنوات ) ولما اتخرج بهونها الله , وتخيلت نفسي اقف اما الميكروفون واقول ما اشاء بكل حرية وصراحة .
تخرجت من الجامعة ثم تعاقدت فورا مع احدى الدول العربية , وبدأت رحلة السفر السنوية , وبدأت اقف على الحدود امام شباك المغادرين او القادمين لختم جواز السفر فانتظر حتى يبحث المسؤول في سجّل ( صرتُ امقته شيئا فشيئا مع مرور الزمن ) , انه سجل الممنوعين من السفر . ربما هي دقائق تقفها ولكنك تحسبها اياما وليالي , فيمر في ذهنك كل كلمة قلتها او لم تقلها خلال مدة حياتك كلها .
اذكر انني في احدى رحلات العودة وعلى احدي بوابات الوطن الذي اهواه , واقبل ثراه كلما حللت , رأيت النجوم في عز الظهيرة خمسة عشر يوما , حتى تبين ان الامر مجرد تشابه بالأسماء . وانتظرت كلمة اعتذار واحدة , فلم احصل عليها . فتعمق في ذهني واذهان المسافرين امثالي عقدة الخوف من شباك ختم الجواز على الحدود . فلربما تعود ادراجك من الحدود بسبب خطأ من موظف كان يشرب القهوة , ويدخن سيجارة ويتحدث الى صديقته فيسمع الاسم بالمقلوب , ويسجله كما سمعه . وقد يترتب على ذلك فقدانك وظيفتك . وادركت ايضا انه لكي تكون مواطنا صالحا عليك ان : ( لا ترى لا تسمع لا تتكلم ) , وان تجتنب السؤال مطلقا . وعرفت كذلك ان الاسئلة ثلاثة انواع :
فالأول يجوز ان تساله , ولكن بحذر فيجوز لك ان تسال مثلا عن سعر كيلو الخيار ولكن لا تتوغل وتسال عن سبب ارتفاع اسعاره . اما السؤال الثاني فلا يجوز لك ان تساله , وان سالت فربما تتعرض للتوبيخ , كان تسأل مثلا عن سبب ارتفاع اسعار المشتقات النفطية , او الالية التي تسعر على اساسها . اما الثالث فهو السؤال الذي يجب الا تساله , واذا سالته فسوف تذهب وراء الشمس , واظنكم شاطرين وتعرفونه بدون ما اقوله لكم .
لكن عندي سؤال خفيف ومقدور على ثمنه , يعني بودّي احيانا خلف جزر القمر , سؤال (غلباوي) لكن بدّي اساله واللي يصير يصير , اقول : صلوا على النبي يا جماعة : دول اروبا كما تعلمون لكل منها لغتها المختلفة ودياناتها مختلفة ايضا , فهناك الأرثوذكس والكاثوليك والبروتستانت , وقد قامت معارك بينهم بسبب الخلافات الدينية والفكرية كحرب المائة عام بين فرنسا وبريطانيا , مع ذلك شكلت اتحادا بينها واصبح بإمكان أي فرد ان يسافر الى أي بلد فيها بالهوية الشخصية . اما عندنا : فانا عربي مسلم اتكلم اللغة العربية , وتربطني بأخي العربي المسلم في أي بلد عربي رابطة الدين واللغة والدم والفكر والتاريخ , والذي يفرق بيني وبينه هو حدود مصطنعة , لكن لا يستطيع الواحد منا اجتيازها الا اذا كان مواطنا صالحا ‘ أي (لا يسمع لا يرى لا يتكلم ) . لماذا ؟ انا لا ادري , رجاء حار : من يدري يعلّم من لا يدري , واجره على الله . طبتم وطابت اوقاتكم .