لا ترحلي ، حيثُ لا يُمْكنُكِ الرحيل
نهرٌ غامرٌ وجسمٌ قتيل
يدخلُ البحرُ فيه
وتخرجُ الأرضُ منه
يا نشوةَ الحبِّ من غيرِ رمزٍ
اصرخي
أجملُ ما فيكِ دمعتُك
تجري بين أمواجِ السلسبيل
من شهيقِ ينابيعهِ لغةٌ للفضاء
طالعاً من دمِ الليلِ الطويل
في عروقكِ عند اللقاء
لا أُحِسُّ بذاتي إلاَّ عندما أتأملُ وجهَكِ
والليلُ كالفجرِ يمضي
أحملُ بين يدي شمسَ الصباح
يروحُ ويأتي إلى حُضنِها
والمساءُ يُغَطيها بأهدابِها
عرفتُ كيف تجتاحُنا جراحاتُنا
لسفينةِ أهوائِنا
حين كانت تتشابكُ أرواحُنا
في عناقٍ طويل
على جسرِ ماءٍ نسير
كُلَّما ضمنَا المساء
نتذكرُ أحوالَنا
وكل ما كتبَ الليلُ عنكِ
ما زلتُ أجهلُ مَنْ أنتِ ؟!
والليلُ يطمسُ ما يكتبُ الفجرُ عنَّا
فماذا أسميك ؟!
مَنْ أنتِ ؟!
وَمَنْ كُنتِ ؟!
مِنْ أيِّ زمنٍ أتيتِ ؟!
وأنتِ أبهى بخور
يتوقدُ فيكِ احتراقٌ وعطر
وترحلُ منكِ ذكرى
آهٍ مِنْ هذا الرحيل
لا ترحلي ، ولا تسفحي توأمَ الحُبِّ الجميل
كيف لي أنْ أُسمي ما بيننا ؟!
ماذا تقولُ تصاريفُ أحشائِنا
ماذا لي أنْ أقول ؟!
تركتِ في روحي ورداً وندى
فشهقتُ إلى حنانكِ أُمازجهُ وأبتكر
كُنتُ أُوغلُ في نهرِ الحُبِّ
واليوم أمشي على مائِه
ما الذي يتغيرُ إذا كَسَرَ الحُبُّ قيثارَه ؟
وبَكَينا فوقَ أشلائِه
بعد الرحيل
لا ترحلي حبيبتي ....لا ترحلي
فأنا أحبكِ منذُ الأزل
أدركتُ أنكِ راحلة 
لتعانقي كفَّ القدر
أيقنتُ أنكِ ذاهبة
ولا فرار من القدر
لا توصدي كلَّ أبوابِ المُنى
فتحترق الخُطى
رفقاً بنا
قد أكلَ العذابُ نداءَنا
ومشى الأمامُ وراءَنا
أيامُنا جُمِدتْ على أشلائِنا
وتقلصتْ كدمائنا
صارتْ تدورُ بلا زمان
لا تجعلي الصباحَ يفرُّ من أفاقِنا
ويغيضُ في أحداقِنا
لا تُقحمي عنفَ المصير
فعلى تلفتنا البعيد
غدٌ جديد
وشمسُكِ في مفاصلي
يا قلقاً يُولَدُ في طريقي
يا فجرُ ، يا رفيقي
أشُمُّ فيكِ رائحةَ الياسمين
من ماءٍ مَعين
يبينُ لي فيهِ الذي لا يبين
عابرٌ أحملُ أيامي معي
ظمأنُ إلى لقائكِ وفي خطوي بحار
أيُّ سرٍ لي أوشوشُ بهِ المَحَار
أُفقي وعدٌ وعيناي انتظار
تُمحى عَبْرَ خُطاي الطرق
أبتكرُ الفجرَ النقي
في عتمةِ الأشياءِ وسرها
أولدُ في كلِّ غدٍ من جديد
لليالي فينا غدٌ ونجوم
طرفُ حبنا لكلِ سماء
عوالم لا تنتهي
مرَّ بي ضوءٌ حريري الخُطى
أمسي غدٌ ، وَيُولَدُ في عيني معنى الضُحى
كُلمَّا غِبتُ عن العالمِ أدركتُ حضوره
للشمسِ لمَّا تنتظر
ما زالَ خيطٌ بصيص
في عروقي تغفو طواعيةُ الحُلمِ
وتبكي قيثارةُ الأشياء
غير شمسكِ أحترق
يا شمعة المستقبلِ البصيرة
أخافُ عليكِ الطُرق الطويلة
أُطعمُ الأيامَ من زندك
وأحملكِ فجراً على كتفي
أيُّ ضوءٍ تحت أهدابكِ يبكي
لا ترحلي إلى رمادِ الجذور
خلف مومياءِ العصور
ثمةُ جسرٍ من الدمعِ يمشي
لا صمتٌ في عينيكِ ولا كلام
أكتبُكِ انشودةً على شفتي
يا أيها الحبُّ الجميل