نسمات مديحة حسن

شعر / خواطر / قصة قصيرة / وطنيات

authentication required

حـســــن زايــــــد .. يكتب :
قــــطـر / أمـــريــــكا 
ولـعـبـة قـرود السـيرك
كانت ـ وما زالت ـ ألعاب قرود السيرك تستهوينا ، وتجذبنا إليها . فلعبة القفز من حبل إلي حبل ، في اتجاه معاكس في مستوي أفقي ، أو من حبل إلي حبل ، في اتجاه مغاير علي المستوي الرأسي ، بخفة ورشاقة في الحركة ، تنتزع الإعجاب انتزاعاً ، وتدفع بالأيادي إلي التصفيق علي نحو لا إرادي دفعاً . فضلاً عن نومه علي خشبة المسرح ، وتقلبه ذات اليمين ، وذات الشمال ، وقعوده علي مقعدته ، ووقوفه علي رأسه ، وحركاته البهلوانية المفاجئة . وفي النهاية يقبل المكافأة ، سواء كانت حبة من الفول السوداني ، أو موزة ، يجلس القرفصاء ليقشرها ، تمهيداً لأكلها . كل ذلك من القرد مقبول ومحبب ومستساغ ، ولا غبار عليه ، في إطار التسلية والترفيه واللعب ، علي خشبة المسرح ، وداخل السيرك . أما أن يتأتي ذلك ، من الإنسان ، علي مستوي حكام الدول ، وعلي مسرح الأحداث ، والممارسات السياسية ، فهذا غير مقبول ، ولا محبب ، ولا مستساغ ، ومدعاة للتقزز، والقرف ، والغثيان ، وأولي بالرفض ، والإستهجان . لأن هذه الأمور متعلقة بشئون البلاد والعباد والشجر والدواب . وجميعهم ليس محلاً للعب والتسلية والترفيه ، تحت أي زعم من المزاعم أو دعوي من الدعاوي . فبعد أن انكشف المستور فيما يتعلق بقضية الإرهاب ، بتأكيد مصر ـ بالوثائق والأفلام والتسجيلات الصوتية ـ تورط دول في دعم الإرهاب ، وتمويله ، وتوفير أحدث الأسلحة له ، والتدريب عليها ، وتوفير الملاذ الآمن له ، وتعويضه عن السلاح ، ومعالجة جرحاه ، وتوفير الغطاء الأيديولوجي له لتبرير مسالكه ، أسرع كل من علي رأسه بطحة لستر سوءته ، الدالة علي مشاركته الفاعلة في تلك الجريمة الدولية . كلٌ سلك هذا المسلك إلا قطر . الأمر الذي دفع ببعض دول مجلس التعاون الخليجي ، إلي جانب مصر ، إلي قطع العلاقات الدبلوماسية معها ، لعلها ترعوي ، وتراجع موقفها . فإذا بها تجابه التصعيد بالتصعيد ، وترفع عقيرتها في مواجهة جيرانها ، وشركائها في المجلس المذكور . وقد كان من المنطقي أن تقوم الدول الأوروبية / الأمريكية ، إن لم تكن تتبني موقفاً منافقاً ، بالضغط علي قطر للكف عن غيها ، إلا أن ذلك لم يحدث ، وتبنت مواقف مراوحة بين الصمت ، والهمس برفض الدور القطري ، وإعلان براءتها مما هو منسوب إليها . وهي حين تدين الحوادث الإرهابية ، فإنما تفعل ذلك للحفاظ علي القشرة الأخلاقية الرقيقة ، التي تحفظ لها وجودها ، أمام شعوبها ، وتحفظ لحضارتها مبررات وجودها . وإزاء ذلك ، لم تجد الدول العربية الأربع ، إلي جانب مصر ، بداً من وضع مجموعة من الشروط لإعادة العلاقات ، تحرك بها الأمير الكويتي في مسعي للمصالحة . فإذا بقطر تستدعي قوات تركية وإيرانية وإسرائيلية ؛ لإختراق الأمن القومي العربي من خلالها . وسعت للتسويق ضد المطالب العربية بكونها ظالمة ، ومجحفة ، ولا تستند إلي واقع . وقامت بخلق حالة مظلومية كالتي يبتكرها الإخوان لخلق حالة من التعاطف التام معها ، وتصوير المطالب باعتبارها فرضاً لحصار شامل عليها ، وكأنها اسرائيل التي تعيش وسط محيط هادر من الكراهية . الأمر الذي اضطرت معه الدول العربية المقاطعة إلي الكشف عن اتفاق الرياض 2013م ، والإتفاق التكميلي 2014م ، الذي تعهدت به قطر ، ووقع عليه أميرهم ، إقراراً بما فيه ، وسعياً لتنفيذ اشتراطاته . وبدلاً من أن تهب دول العالم ، ومنها من اكتوت بنيران الإرهاب ، لردع قطر ، فإذا بها تتراجع خطوتين إلي الخلف . ومنها من ابتدأ في انتقاد الموقف العربي ، وأنه يتفهم الموقف القطري . بل إن أمريكا / ترامب كانت من الدول الداخلة إلي السيرك كلاعب علي خشبة المسرح . وقد تمثل ذلك في الأدوار المتناقضة التي تتبناها الإدارة ، في توزيع محكم للأدوار ، وفقاً للسيناريوهات المعدة سلفاً . فقد أعلن وزير خارجيتها بأن قطر لديها تاريخ حافل بدعم الإرهاب ، وعليها تغيير ذلك . وقد حذر مستشار ترامب قطر من أن واشنطن ستتخذ موقفاً استراتيجياً ضدها . ثم تراجع الموقف الأمريكي خطوة حين صرح مستشار ترامب بأن المطالب العربية غير قابلة للتطبيق ، علي الأقل كحزمة واحدة . ثم تراجع خطوة إضافية حين أُعلن أن وزير الخارجية سيبحث سبل جديدة للحل . ثم فجأة انقلب علي مواقفه السابقه ، ومال كل الميل ، حين قام بتوقيع اتفاق مع قطر . وهو اتفاق مثير للضحك والسخرية والإستهزاء بكل المقاييس ، لأنه اتفاق فضائحي ، يكشف كيف تتعامل الإدارة الأمريكية ـ بعيداً عن التويتات الترامبية الفاقعة ـ مع القضايا الدولية ، ودول العالم عامة ، والدول العربية بخاصة ، حتي في ظل وجود صفقات مالية ضخمة . والإتفاق الذي أقصده هنا هو اتفاق مكافحة الإرهاب بين الدوحة وواشنطن . هذه واحدة . وأن الدولتين تتحملان المسئولية عن وقف تمويل الإرهاب . وتلك الثانية . أما ثالثة الأثافي فهي دعوة قطر للدول العربية المقاطعة لها ، للإنضمام إلي الإتفاقية . وفي ذات السياق طالبت قطر بتعويضها عن مدة الحصار، واعتبار تسريب وثائق اتفاق الرياض 2014م للتأثير ـ سلباً ـ علي جهود الوساطة الكويتية الأمريكية . وقد سبق ذلك تهديدات بالإنسحاب من مجلس التعاون الخليجي . وهي أمور لا تدعو للإندهاش والعجب ، لأنها معروفة مسبقاً ، باعتبار أن ما يحدث هومخطط غربي / أمريكي لإعادة رسم خريطة المنطقة ، وفقاً لسايكس / بيكو جديدة ، تواكب العصر الأمريكي المهيمن ، وإنما تدعو للقرف والإشمئزاز والغثيان ، وضرب كف بكف ، بل والإستلقاء علي القفا ، من فرط ضحك ما بعد البكاء ، في ظل تلك العبثية والعدمية المهيمنة . فمن أين الثقة في المواقف الأمريكية ؟ ! . وهل يمكن للدول العربية إنفاذ إرادتها للتخلص من هذه التقيحات والدمامل من الجسد العربي حفاظاً علي أمنه القومي ؟ ! .

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 40 مشاهدة
نشرت فى 12 يوليو 2017 بواسطة nsmat

مديحة حسن كاتب وشاعر

nsmat
شعر / خواطر / وطنيات / قصة قصيرة / اخري »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

191,821