نسمات مديحة حسن

شعر / خواطر / قصة قصيرة / وطنيات

 قد أطل علينا الدكتور / محمد نور فرحات ـ أستاذ فلسفة القانون وتاريخه ، من خلال حسابه علي موقع التواصل الإجتماعي ، والذي نقلت عنه جريدة البداية الإلكترونية ، التي يترأس تحريرها ، اليساري خالد البلشي ، كاتباً لمقال معنون بـ : " ست ملاحظات حول خطاب السيسي واعلان الطوارئ وأسباب القصور الأمني: سؤال لم يجب عنه الرئيس ". وذلك بمناسبة الكلمة التي ألقاها السيسي ، بعد حادثتي تفجير كنيستي الإسكندرية ، وطنطا . حيث علق علي النقاط الست الواردة بالكلمة وهي :
ـ النقطة الأولي : تذكير الشعب بأنه مستهدف ومطالبته بالتماسك والوحدة . وقد علق عليها بقوله : " نعم الشعب يدرك ذلك ، ولذلك انتخب سيادتك رئيسا ، وكنا نريد أن نعرف ماذا فعلت بالتفويض الذى طلبته وأعطيته . نعلم حجم وضراوة المواجهة، ونعلم أن رجال الشرطة والقوات المسلحة يدفعون أرواحهم بسخاء دفاعا عن الوطن ، ولكن أين وجه القصور فى المواجهة الذى يجعل الإرهاب يتفاقم ؟ " . والقول بنعم الشعب يدرك ذلك ، ولذلك انتخب سيادتك رئيساً ، فيها مصادرة علي المطلوب ، والمطلوب تذكير الشعب ، حتي لا ينسي في زحمة الأحداث ، وغبار الإشاعات ، والترويج للدعاية السوداء ، ما تم الإتفاق عليه ابتداءًا ، والذكري من المؤكد أنها تنفع المؤمنين . ولكنه قدم بتلك العبارة ، حتي يكون لها ما بعدها ، من تساؤل يحمل في طياته ، من الغمز واللمز ما لا يخفي ، حيث استطرد بعدها متسائلاً : " وكنا نريد أن نعرف ماذا فعلت بالتفويض الذي طلبته وأُعْطِيتُه " . فكأنما يريد أن يقول ، نحن فعلنا ما علينا ، فماذا فعلت أنت ؟ . ويبدو أننا ننسي ، أو نتناسي ، فالتفويض كان لمواجهة الإرهاب المحتمل . ومنذ تولي الرجل المسئولية ، ومن قبلها ، وهو في مواجهة مفتوحة ، مع جماعات العنف المسلح والإرهاب ، منذ فض اعتصامي رابعة العدوية ، والنهضة ، وحتي تاريخه . مواجهة في الداخل ، ومواجهة علي الحدود الأربعة . يؤكد ذلك ، الكلام الذي قاله الدكتور نور نفسه في الجملة التالية حيث قال : " نعلم حجم وضراوة المواجهة، ونعلم أن رجال الشرطة والقوات المسلحة يدفعون أرواحهم بسخاء دفاعا عن الوطن " . ونتساءل بدورنا : هل يحارب هؤلاء طواحين الهواء ؟ أم يواجهون الإرهاب ؟ . والدكتور هنا متناقض مع نفسه ، ثم يزيد التناقض حدةة حين يذهب إلي التساؤل : " ولكن أين وجه القصور فى المواجهة الذى يجعل الإرهاب يتفاقم ؟ " . ويبدو أن الدكتور قد نسي أن تفاقم الإرهاب ، قد لا يتأتي بقصور في الآداء الأمني بالضرورة ، وإنما قد يتأتي بفعل عوامل خارجية ، قد لا تستطيع السيطرة عليها ، أو التحكم فيها . كزيادة مفاجأة ، ومطردة ، في أعداد الإرهابيين ، وعتادهم ، والمساعدات اللوجستية المقدمة لهم .
النقطة الثانية : " إعلان حالة الطوارئ بعد اتخاذ الإجراءات القانونية والدستورية " . حيث يذهب الدكتور فرحات إلي القول : " نعم حالة الطوارئ قد تكون مطلوبة نظرياعلما بأن قانون الإرهاب به ما يكفى، ولكن نرجو أن تستخدم حالة الطوارئ لمكافحة الإرهاب فقط وليس لقمع السياسيين أو لتحقيق أهداف أخرى، ونتذكر أن مبارك ظل يحكم مصر ثلاثين عاما بالطوارئ. وتفاقم الإرهاب والظلم فى عهده ظل الطوارئ، المهم ماذا ستفعل بالطوارئ؟ " . والحقيقة أنني لا أفهم معني عبارة أن : " إعلان حالة الطواريء قد تكون مطلوبة نظرياً " ، إلا في إطار أنها غير مطلوبة بالفعل واقعياً ، بدليل أنه أردفها بقوله بأن قانون الإرهاب به ما يكفي . واستطراداً في الإستنتاج يمكن القول انها أعلنت لأسباب أخري ، بعيدة عن الإرهاب . هذا ما يريد الدكتور فرحات توصيله إلينا . وأكد علي ذلك ـ خشية ألا تكون الرسالة قد وصلت ـ حين أفصح عن رجاءه بألا تستخدم لقمع السياسيين ، أو لتحقيق أهداف أخري . وفي هذ الكلام استخفاف بالظرف التاريخي الذي تمر به علي نحو لا يليق .
النقطة الثالثة : " تشكيل المجلس القومى لمكافحة الإرهاب والتطرف " . وعن ذلك يقول الدكتور فرحات : " خطوة جيدة ومطلوبة ولكن نرجو ألا يكون المجلس مشكلا من المسئولين عن تفاقم الإرهاب والتطرف ونرجو أن يكون مجلسا فعالا وليس مجرد كيان خالى من المضمون وأن تكون له اختصاصات حقيقية " . وهنا وصف الخطوة بالجيدة ، ثم فرض عليها الوصاية في ثلاث رجاءات ، تشكك المتلقي في مصداقية الإجراء . الرجاء الأول : ألا يكون المجلس مشكلاً من المسئولين عن تفاقم الإرهاب والتطرف ، ولا أدري كيف يتأتي ذلك ؟ . ولم يكفنا الدكتور فرحات مؤنة البحث عن هؤلاء المسئولين بذكرهم ، تصريحاً أو تلميحاً . وترك العبارة فضاضة مفتوحة ، تدخل فيها من تشاء ، وتخرج منها من تشاء . فضلاً عن التشكيك ابتداءًا ، في قدرة القيادة السياسية علي اختيار المسئولين بهذه اللجنة ، ومعرفة توجهاتهم ، وانتماءاتهم ، من منطلق حسن النية ، أو أن هناك توجه لدي هذه القيادة ، لإختيار مسئولي اللجنة من ذوي تأجيج الوضع ، من منطلق سوء القصد والنية ، وخبث النفس والطوية . الرجاء الثاني : أن يكون المجلس فعالاً ، وليس مجرد كيان خالي من المضمون . وهو يصب في ذات الإتجاه ، حيث يلفت الإنتباه إلي إمكانية أن يكون الأمر شكلياً ، لا فعالية له ، ولا مضمون يحتويه . الرجاء الثالث : أن تكون للمجلس اختصاصات حقيقية ، والرد عليه علي نحو ما ورد في الرجاء الثاني .
النقطة الخامسة : تجديد الخطاب الديني . وعن ذلك يقول الدكتور فرحات :" بصراحة المطلوب تحييد الخطاب والدينى وقصره على مضامينه الروحية وتفعيل الفصل بين الدين والسياسة والإعلام والتعليم " . وأعتقد أن ذلك ليس هو التجديد ، وما هو مطلوب هو عزل الدين عن الحياة ، وليس ذلك قصد الرئيس ، ولا قصد الشعب.
النقطة الخامسة : شكر المصريين على تحمل القرارات الاقتصادية الأخيرة . وينصب الدكتور فرحات متحدثاً باسم المصريين . فضلا عن كونه يوجه الشكر لأجهزة الأمن ، والرأسمالية المتوحشة . واتهامات بسرقة قوت الشعب علي نحو لا يليق بأستاذ القانون ، المنحاز لأيديولوجيته التي يدين لها بالولاء .
النقطة السادسة : تنبيه الإعلام . يقول الدكتور: " هذا التنبيه يحمل فى ثناياه التلويح بالإنذار " . ولا أدري لماذا تم حمله علي هذا النحو ؟ . مع أنه تنبيه يقصد منه التصرف بمسئولية تجاه الأحداث .
ولم يبق في كلام الدكتور سوى سؤال مؤداه : " ما هى أوجه القصور في المواجهة وكيف سيتم تلافيها؟ . ثم يجيب عنه بقوله : " أوجه القصور تتمثل فى القصور المعلوماتى القادر على التنبؤ لأن أجهزة المعلومات مشغولة بمهام أخرى ومثقلة بأعباء ملاحقة السياسيين " . والسؤال وإجابته يكشف بوضوح العقلية اليسارية التي حكمت استقبال الكلمة والتفكير فيها . فهو حدد القوالب ، ثم صب فيها الخطاب ، واستنطق الكلمات بما يخدم توجهه ، بخلاف الغمز واللمز . ولا ننسي التحالف القائم بين اليسار المصري في بعض أجنحته ، وجماعة الإخوان ، في التوجه والهدف ، والوسائل والأدوات . وهذا هو فـصـل المـقــال فـيـمـا ذهــب إلـيـه أهــل الـيـســــار !!

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 19 مشاهدة
نشرت فى 12 إبريل 2017 بواسطة nsmat

مديحة حسن كاتب وشاعر

nsmat
شعر / خواطر / وطنيات / قصة قصيرة / اخري »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

175,880