جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
يُقال أن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه . ويجري اجترار هذا القول حينما يُمنَي الإنسان بالفشل ، والإحباط ، وخيبة الأمل . ورغم تعاطفي الشخصي مع المرء الذي تعتوره كل مشاعر القهر والإحباط ، وخيبة الأمل حين يصاب بالفشل فيما كان يسعي إلي تحقيقه ، ويصبو إليه ، إلا أن ذلك لا يمنعني من الإنحياز إلي شخص ما ، فأتمني نجاحه ، وأنحاز ضد شخص ما ، وأتمني فشله . وهذا الكلام كان ينطبق عندي علي سباق الرئاسة الأمريكية فيما بين هيلاري كلينتون ، وترامب . فأنا كنت مدفوعاً برغبة دفينة ملؤها التمني إلي أقصي حد ، بهزيمة هيلاري كلينتون ، وعلي ذات المستوي والعمق ، بفوز ترامب ، علي توجسي من الإضطراب البين ، علي مواقفه أثناء الحملات الإنتخابية ، وفجاجته أثناء المناظرات ، التي شاهدت مقتطفات من بعضها . أو هكذا أراد لنا ترامب أن نراه ، ويراه الشعب الأمريكي . وبعيداً عن التحليلات السياسية للإنتخابات الأمريكية ، فهذا لا يعنيني الآن ، ولكن ما يعنيني هو ما سيحدث لنا هنا في منطقة الشرق الأوسط ، والوطن العربي ، ومصر . أما التباكي علي السقوط المدوي لكلينتون ، وحزبها الديمقراطي ، فهذا شأن أمريكي ، وأوروبي . والتباكي هنا تباكي مصالح قد تتعرض في ظل وجود ترامب رئيساً لمخاطر في تصورهم ، وتباكي علي إحياء العنصرية علي يد اليمين المتطرف في هذه الدول كما يتوقعون ، وهي أيضاً مخاوف تخصهم ولا تخصنا . أما ما يخصنا فيما يتعلق بسقوط كلينتون / ديمقراطي ، فهو يمثل سقوطاً للمشروع الدامي / إرث الدم ، الذي أتت به إدارات الحزب الديمقراطي إلي المنطقة ، مشروع تغيير الأنظمة / بتحطيم الأوطان ، لإعادة رسم الخارطة للحدود السياسية والجغرافية ، وفقاً لرؤية جديدة ، تختلف بالضرورة عن اتفاقية سايكس / بيكو القديمة . معولة في ذلك علي جماعات راديكالية متطرفة ، تعتمد العنف الدموي ، سبيلاً للوصول إلي سلطة متعطشة إليها ، وجائعة نهمة لالتقامها . لا ريب أن رحيل الحزب الديمقراطي ، يعني غلق هذا الملف ، أو إعادة النظر فيه بطريقة مختلفة ، وبمنهج مختلف . فإن لم يرحل هذا الملف ، أو يتم إعادة النظر فيه ، فلن نخسر شيئا ، أكثر مما خسرناه . فترامب إن ظهر سيئاً ، فلن يكون بأسوأ من أوباما / كلينتون ، أو كلينتون / أوباما . هذا بخلاف أن السقوط المدوي لكلينتون يعني سقوط جماعة الإخوان الإرهابية في أمريكا . دعك من الأموال الطائلة التي أغدقوها علي حملة كلينتون ، فقد أنفقوها ، وهي عليهم حسرة ، وقد ضاعت مع الذي قد ضاع . ولكن اقصد بالسقوط سقوط الدعم ، وتبني التوجه ، وإغداق شرعية مزعومة علي الجماعة ، باعتبارها جماعة سياسية ، لها حق المشاركة في المشهد السياسي . بل وممارسة الضغوط السياسية والإقتصادية علي اٌلإدارة المصرية علي خلفية هذه الجماعة . هذا ما يعنيه لنا سقوط كلينتون . وإلي جانب سقوطها سقط معها الإعلام الأمريكي المنحاز ، ومؤسسات الدولة ، وعلي رأسها مؤسسة الرياسة ، في انحيازها الفاضح لكلينتون علي حساب ترامب ، ومؤسسات استطلاع الرأي . أما عن انحيازي إلي جانب ترامب فمرده مصر . هذا الرجل أرسل إشارات مهمة عن مصر ، ورئيس مصر ، بعد اول لقاء له معه في واشنطن . كما أرسل إشارات مهمة عن خطورة ما فعلته أمريكا في المنطقة ، ودعمها غير المحدود للإرهابيين . وتصريحه باعتبار جماعة الإخوان جماعة إرهابية فور نجاحه ، وتوليه مقاليد السلطة ، وأنه سيدعم مصر في محاربتها للإرهاب ، إلي آخر تلك التصريحات الموجود فيديوهاتها علي موقع اليوتيوب . هذه التصريحات معلنة بالصوت والصورة ، ومنها ما قاله في لقاءات متلفزة ، وأخري قالها في تجمعات انتخابية . إذن الناخب الأمريكي الذي أتي بترامب رئيساً لديه معرفة مسبقة بهذه التصريحات ، وكذا الحزب الجمهوري الذي أصبح حاكماً ، ومهيمنا علي مجلس النواب والشيوخ ، وحكام أغلبية الولايات ، وهذا يعني أن هناك تغييراً ما في التوجه الأمريكي تجاه المنطقة . هذا ما فهمته ، وأدركته ، ووعيته . لن أفسح مجالاً للأمال العريضة ، والأحلام السعيدة ، ولكن سأمنح التجربة فرصة . فالتجربة مفيدة ، لأنها تعني في نتائجها أحد أمرين : الأول ـ أن تنجح ، فإن نجحت عرفنا أن هذا هو الطريق . الثاني ـ أن تفشل ، وأنا لا أعتبر الفشل فشلاً ، وإنما أعتبره نجاح في معرفة أن هذا ليس هو الطريق ، ويتعين تجربة طرق أخري . ولذا دعونا نجرب السيد ترامب / وحزبه الجمهوري ، وفقاً لهذا المنطق . ولا يصح أن نصادر عليه بشكل مسبق ، فهو رغم وقوف الجميع ضده ، بما في ذلك ، أعضاء من الحزب الجمهوري ، نجحت خطته في تخطي سباق الرياسة . ودعك مما أثارته وسائل الميديا في مواجهته لتشويهه ، والنيل منه . ودعك أيضاً مما حاول هو الظهور به أمام الناخب الأمريكي . لابد أن نتذكر أننا نتحدث عن واحد من كبار رجال الأعمال في أمريكا والعالم .