**وائل قنديل يكتب: شتان بين قائد باكستان ذو الفقار علي بوتو صاحب الصيحة الشهيرة "نجوع أو نأكل العشب حتى نمتلك السلاح النووي" وبين جنرالكم السعيد الذي يطالبكم بالجوع، حتى يبني لكم سجوناً ومعتقلات ويعادي أشقاءكم، ويتحالف مع عدوكم الصهيوني.
*ماذا فعل بالمساعدات والمنح سوى أنه صنع وطنا محترقا، ودمّر وشائج مجتمع، وأدخل الجميع في أتون حروب إبادة وإقصاء، وزرع مساحات هائلة من الكراهية، وجر جيش مصر لحروب شريرة على مصريين وعرب؟
*ماذا فعل منذ استولى على الحكم سوى تربية الإرهاب وتسمينه، وتحويل البلاد إلى ساحة للانفجارات، بفعل سياسات خرقاء، تهين العسكرية المصرية، بالقدر ذاته الذي تحتقر به حق الشعب في الحياة.
*إن دماء الجنود التي تسيل في سيناء مثل دماء المدنيين المسفوكة في السجون والشوارع والجامعات، كلها في رقبة جنرال الموت
***
**ماذا ستفعل المنح العلنية، إذا كانت القروض والصفقات السرية قد انهمرت بغزارة على مدى عشرين شهراً، فلم تنتج إلا مزيداً من الخراب والعوز والعجز وقلة الحيلة؟ وأي عاقل في هذا العالم يضخّ أموالاً في خزائن نظام يرفع شعار "أعطني كي أقتل شعبي" ويبني سجوناً، ويغلق مصانع، ويحرق الزرع والنسل ويهدم البيوت ويبيد مناطق كاملة،غير أن هذا النظام أفسد نظرية الأرز، إذ تزداد مصر نحافة وهزالاً كلما زادت الكميات، فما الذي يجعل "أهل الرز" يضخون المزيد، خصوصاً أنهم لم يسلموا من بذاءات الممنوحين، في قعداتهم السرية التي باتت أكثر علانية من مباريات الكرة المنقولة على الهواء مباشرة، عبر كل القنوات؟*إن لافتة "امنحني كي أحارب الإرهاب" لم تعد تقنع أحداً
*هو نظام أدرك العالم كله بلادته في السياسة، ومن ثم من غير المنطقي أن يراهن أحد عليه في الاقتصاد والتنمية، خصوصاً مع جنوحه الفطري إلى القتل والهدم، حتى باتت المنطقة كلها تدفع ثمن تدميره لعملية ديمقراطية واعدة.
***
**إن أفدح خسائر مصر من انقلاب العسكر، أن الجماهير صارت على يقين بموت العدالة، وتحلّلها، فلم يعد أحد من الرافضين لهذا القبح المهيمن على مصر ينتظر عدلاً من قضاء سريع الطلقات، أو يتوقع إنصافاً في دولة قتلت ثورة حركتها دوافع البحث عن عدل وكرامة وحرية.. وباتت الغالبية مدركةً أنه لا توجد محاكمات حقيقية، تسبقها إجراءات تحقيق واتهام محترمة، بل هي قرارات سياسية وتدابير أمنية، تنطلق من أروقة القضاء.
*** الوصف الأدق لما يسمى "ثورة 30 يونيو" في مصر، هو "ثورة 30 مليار دولار"، أو "ثورة الثلاثين حباية"، بلغة قادة التسريبات.
كانت تحالفاً بين فرقاء وغرماء، متناقضين فكراً وسياسة، لكنهم متفقون تجارياً وبراغماتياً، إذ كان يستحيل، عقلاً ومنطقاً، أن يجتمع محمد البرادعي والجيش والوفديون والناصريون وفلول مبارك وأحمد شفيق في فريق واحد، يرتدي قمصاناً صُنعت في "جبل علي"، لتنفيذ مهمة غير أخلاقية، إلا إذا كانت لغة البيزنس تعلو لغة الثورة والمبادئ.
لقد كانت الصورة خليطاً عجيباً من أصوات الثورة وأبواق اللاثورة، في حالة عناق صنعت بعناية في ورش الزيف والتضليل داخل معسكر حرق المرحلة.
لقد لعبوا بالأرقام وبالعقول وبجماجم شهداء سقطوا، لأنهم صدقوهم.. سجل يا تاريخ.
***
** كان العالم أكثر إنسانية وسلامة نفسية، حين كان هناك احترام لحق الشعوب في الحلم بالتغيير. وحين أغارت الضباع والسباع على مروج الربيع، نشب الحريق. جاء السيسي، فانتعش "داعش"، فاستأسد الحوثي، فاستقر الأسد. وهكذا قضت متوالية الانقلاب على أجمل ما أنجزه العرب في العام 2011، فصار العالم أقل تحضّراً، وأوهن أمناً.
والحاصل أنه ما كان للتطرف والإرهاب أن ينتعشا ويستفحلا، لو أن كل الأطراف احترمت حق الشعوب في ديمقراطيةٍ، تنقلها إلى الأمام، بدلاً من أن يتم اقتيادها عنوة بقوة السلاح إلى الوراء، حيث يغيب القانون، ويقتل العدل، ويستباح الدم، ويبرر البطش، وتتم مكافأة القتلة والمستبدين.
إن الذي استحضر الأنظمة القمعية من مخازن تاريخ الاستبداد الدموي هو نفسه الذي صنع هذه الحالة الداعشية، وأججها بكل الوسائل، فالديكتاتورية تتغذى على الإرهاب، كما أن الإرهاب يحيا على خبز الاستبداد، ومن دون التصدي للاثنين معاً، بالجدية نفسها والوضوح نفسه، ستبقى هذه المنطقة رهينة فاشيتين، عسكرية وطائفية، برعاية احتلال صهيوني، تسقط في حجره الثمار كل يوم، بل كل ساعة، من دون أي مجهود.
الدواعش والعسكر والطائفيون يد واحدة في خدمة المشروع الصهيوني.
***هدايا داعش إلى أعداء الإنسانية في كل مكان، إذ يبقى حرق الكساسبة عملاً إرهابياً جباناً ومنحطاً، لا ينافسه في الوضاعة إلا ما ارتكبه دواعش آخرون، حرقوا سيارة ترحيلات أبو زعبل، وقبلها حرقوا المئات في اعتصامَي رابعة العدوية ونهضة مصر. هناك كذلك زملاؤهم من دواعش البراميل المتفجرة في سورية، بدءاً من جريمة الغوطتين وما بعدها
**تقتضي الموضوعية عدم الكيل بمكيالين في المسألة الداعشية، إذ لا يستقيم أن تهتز، وترتجف حزناً ورعباً، وأنت تشاهد لقطات إحراق الكساسبة، وأنت نفسك كنت تهتز رقصاً وتشجيعاً، وأنت تتابع إحراق المئات أحياء في رابعة العدوية. من حقك أن تهتف بسقوط "داعش"، لكن المنطق والعدل يفرضان عليك ألا تنسى بقية الدواعش
***
**مرسي أول رئيس يحاكم بتهمة احترام مؤسسات الدولة
"قل ما شئت في أخطاء مرسي لكنه وهو في قفص الاتهام يتحدث كرجل دولة، فيما يتصرف ساكنو السلطة كتنظيم أو ميليشيا".
***انتقد الكاتب وائل قنديل حالة الشيزوفرينيا، التى يعانى منها النظام الانقلابى، ودفعتهم لإطلاق "أوبريت مصر قريبة" بزعم جذب السياحة إلى مصر، فى الوقت الذى تغرق البلاد فى دماء أبنائها وتعج السجون بخيرة شبابها.
وأشار إلى أن الأوبريت المهين جاء بالتزامن مع زيارة قائد الانقلاب لأهل المنح والهبات..*"يغني مطربو السيسي للسياح العرب*"مصر قريبة"، بينما القاصي والداني يعلم أنها وإن كانت قريبة جغرافيا، إلا أنها لم تكن أبعد من إنسانيتها وقيمها العربية، أكثر مما هي عليه الآن"."يصرخون أن تعالوا إلى حضنها، في اللحظة التي تمارس فيها عمليات الإقصاء والإبعاد والمطاردة لأبنائها، حتى صارت المنافي تضجّ بآلاف الناجين من تلك المحرقة السياحية السعيدة
هذه برامج زيارات لا تقبل المنافسة، فلديهم أكبر تشكيلة من المعتقلات والسجون وأقبية التعذيب."لديهم ميادين مزروعة بالجماجم ومروية بالدماء، لديهم أهرامات من الغل والكراهية والتفرقة العنصرية،
***
** تمتلك دولة السيسي ترسانة هائلة من أسلحة الإعلام الجرثومية، تعمل خارج نطاق القوانين والقيم، تمارس الشتم بأقذع العبارات وأحطها، وتزاول عمليات التخوين وتجريد الرافضين لهذا الجنون من مصريتهم، تنشب مخالبها في لحم الجميع، وهي واثقة تماماً أن أحداً لا يحاسب، بل يكافئ ويدلل هذه الأذرع التي تعب في زراعتها الجنرال، ثم يخرج الأخير في ثياب الواعظين، ليقول إنه لم يسب أحداً، ولم يستخدم لفظاً مسيئاً!
وعلى هذا المحصول الوافر من البذاءة، تحيا دولة الجنرال، وتدير علاقاتها الخارجية، لا يسلم من أذرعها الجرثومية أحد، فقد منحوها رخصة استباحة مخالفيها في دمهم وعرضهم وممتلكاتهم وحقهم في المواطنة.
لقد سئل السيسي عن البؤس الذي تعيشه مصر في مجال حقوق الإنسان، فقال لقناة فرنسية، إنه مع حقوق الإنسان ولكن ليس الآن، وأظن أن هذه دعوة مفتوحة لسافكي الدماء وناهشي الأعراض، لكي ينطلقوا وينعموا بالحماية، وهم يفترسون كل من يخالف مشيئة الجنرال -
*** وائل قنديل يسخر من رد مجلس الأمن علي طلبات "السيسي"
هم : طلباتك؟
هو: تفويض أممي بالتدخل العسكري في ليبيا
هم: لا مفيش تفويض ولا حل عسكري
هو: طيب سلحولي حفتر
هم: مفيش تسليح
هو : طيب اخنقولي فجر ليبيا
هم: ارسى على بر مشكلتك مع داعش ولا فجر ليبيا
هو: أنا عاوز حفتر
هم: يا ابني قول لنا جملة مفيدة أو روح وابعتلنا ولي أمرك.
*** من ينقذ الجيش المصري من "أم المهازل"؟
*طلب مذيع بوليسي توجيه الطائرات العائدة من الإغارة على ليبيا للقيام بدك "أم حماس"، فيما هدد مذيع آخر "مخلط" بتوجيه ضربة لقطر
* كانت راقصة شعبية تغني في خلاعة "احنا عبيد البيادة"، ثم حدث أن ألقي القبض عليها، فخرجت تغني "الشبشب ضاع".كل هذا الابتذال للعسكرية المصرية، والإهانات اليومية للجيش المصري، لم يجد من يوقفه، ويلجم هؤلاء المهرجين والراقصات الذين نصبوا أنفسهم متحدثين باسم الجيش *هذه الفوضى في التعامل مع الجيش المصري اندلعت في مرحلة التحضير لانقلاب السيسي، وكان مؤسفاً أن يدعى فنانات وإعلاميات لحضور مشروع "تفتيش حرب" للجيش، وكأنهم في رحلة إلى "القناطر الخيرية" أو حديقة الأسماك. *إن أسوأ ما فعله هذا الانقلاب أنه هبط بالجيش، وهوى بالعسكرية المصرية إلى مستنقعات "التوك شوز" وحضيض الاستوديوهات المبتذلة،
*** رقصة التانجو بين السيسي والحوثي
محاولة إيجاد تحالف بين انقلاب العسكر في مصر، وانقلاب الطائفة باليمن، برعاية روسية إيرانية، إذ يتزامن تعيين سفير مصري جديد، مع رشوح أنباء عن شحنات سلاح روسية وإيرانية تنهمر على صنعاء، لتثبيت أركان الانقلاب الحوثي.يقول المثل الدارج إن رقصة التانجو لا تتم إلا بوجود شخصين، وهذا ما يمارسه السيسي والحوثي الآن، مع تعديل بسيط يتلخص في أن العازفين من الروس والإيرانيين، وليسوا من الأرجنتين، موطن الرقصة الشهيرة.. ويبقى السؤال المهم هنا: هل يتحمل الخليج العربي هذه الرقصة الماجنة؟
والسؤال الأهم : هل هي الرقصة الأخيرة
*قد يرى البعض في السؤال نوعا من التعسف، أو المبالغة في التوقع، بما ينقل هذه القفزة المجنونة في الرمال الليبية من كونها هروبا من الفشل بالداخل، إلى محاولة إشعال الغابة للاختباء من فضيحة مدوية عنوانها الرئيسي: الرقص مع انقلاب الحوثي.
*** اللاعبون من نوعية عمر جابر، وفي مقدمتهم محمد أبو تريكة وأحمد عبد الظاهر، يثبتون أن مصر لم تنتحر أخلاقيا بعد، ويعيدون، بتصرفاتهم البسيطة النبيلة، إلى الرياضة عموماً، وكرة القدم على وجه الخصوص، وجهها الإنساني في هذا الزمن الصفيق مهما توحش أوغاد الاستثمار وتجار السياسة في فرض هيمنتهم على اللعبة.
*سياسيون وتجار لا يهمهم الدم، بقدر ما يهمهم اللعب دليلاً على هيبة الدولة واستقرارها... أية دولة وأية هيبة، بينما آثار تسريبات جنرالات الدولة لم تجف بعد، عقب فضيحة تسجيلات الشحاذة والابتزاز.
* مسؤولون يحتفلون بعودة هيبة دولتهم لكنهم مطأطئو الرؤوس، ينظرون في الأرض، أعينهم تهرب من العدسات ومشاهدي التليفزيون، كأنها حمر مستنفرة، بينما قساورة الألتراس يزأرون خارج الأسوار بالحق والخير والجمال.
هيبة الدولة تصنعها سياسات تقيم العدل، وتستجيب لحقوق الناس ومطالبهم.
*** أننا بصدد سلطة شديدة الهشاشة، لا يمانع كبيرها في أن يتسلق سلالم الطائرات ركضاً وهرولةً، ليقف مثل موظف يمارس "أدب القرود لنيل القروض" أمام العدسات، ثم يتحدث خفيةً بفحش وعنصرية عن الذين يعتبرهم الكبار الحكماء أصحاب القلب الكبير
التسريبات لمجموعة الانقلاب الاستثمارية تشير، بوضوح، إلى أن الشعب، في نظر هؤلاء المغامرين، لا يعدو كونه طفلاً لقيطاً، يتسولون به في إشارات المرور، أو عاهة مصطنعة، يتظاهرون بها للابتزاز واستدرار العطف، واستجلاب "الحسنة" بسيف الإلحاح والابتزاز.
أن يتحول المصريون في عقيدة سلطة سفاح إلى "شعب جعان ومتنيل بستين نيلة" فتلك هي المهانة الحقيقية،"أنصاف مسؤولين"، يتحدثون عن دول بوجه في العلن، وآخر في الخفاء، مجسدين ثلاثين عاماً من فساد التربية وفساد التعليم، وتحلل القيم وانهيار الأخلاق،أعلم أن هذه العبوات الصغيرة من حكام مصر تجد ميلاً من بعض أطراف، كانت ولا تزال متمسكة ببقاء هذه السلطة المتواضعة،
*** سبق للجنرال حين سئل عن إطلاق سراح صحفيي "الجزيرة" أن أجاب بأن في مصر قضاء مستقلاً ونزيهاً، ولا يستطيع التدخل في شؤونه، ولولا ذلك لكان قد أصدر عفواً عن مجموعة الصحفيين، وأمر بترحيلهم إلى بلدانهم.. ثم فجأة يقرر منفرداً، وفي دقائق معدودات، إطلاق سراح الصحفي الأسترالي وتسفيره، وكذلك الصحفي المصري بعد التنازل عن مصريته والاعتصام بكنديته، واستمرار البطش بالصحفيين المصريين المشمولين في القضية نفسها.دعك من أن هذا الأداء البائس يعبر عن احتقار رسمي علني لقيمة المواطنة، فالأسوأ والأخطر أنه يجسد حالة احتقار للقضاء،
** يصدر العدو الصهيوني الغاز لمصر السيسية هي الوطنية الجديدة بحروبها المستحدثة، في ما يفترض أنها دولة، لكن كل الوقائع تشير إلى أنها صارت تنظيماً مسلحاً بالقبح، وميليشيا مدججة بكل معاني الازدراء للتاريخ والجغرافيا، تستورد الوقود من عدو مصر، لكي تحرق به منازل مواطني مصر، وتشعل النار في مجتمع بأسره
*** مرة أخرى، يدعوك السيسي لكي تخرج شاهراً سيفك وحمقك وغلّك في وجه جارك، أو زميلك في العمل، أو قريبك، أو صهرك.
اختفت "أنصار بيت المقدس" من خطاب السيسي وإعلامه، وظهرت "الإخوان". غابت "ولاية سيناء"، وحضرت "حماس". اختلف خطابهم، بعد أن وصلت إليهم للتو توصيات دراسة الجدوى القادمة من بيوت الخبرة الصهيونية للاستثمار الأمثل في فاجعة قتل الجنود والضباط في سيناء.
لم تعد المسألة، إذن، رداً على عدوان خسيس ضد الجيش، بل باتت اغتناماً للفرصة، لتحسين أوضاع الجنرال المتخبّط في ثوب الفشل الفضفاض.. انتقلنا من الغضب والحزن على الجنود إلى وضاعة الانتهازية والتربّح من المأساة.
استنفد هؤلاء البُلداء عدد مرات الرسوب السياسي والأمني، والسقوط الأخلاقي والحضاري، منذ أن وعدوا بوطن أكبر من الدنيا كلها، عقب جريمتهم التي بدأت في 30 يونيو/ حزيران 2013، فقرروا أن يعيدوا العرض من أوله، من دون أي تغيير
*** الحاصل أن الجنرال الحاكم بات لا يمانع في هدم الجيش، وحرق الشعب، وتدمير الحياة في مصر، كي يستمر في الحكم. لكن، تبقى أفدح خسائر هذه اللوثة أنها أكدت، بجلاء، أن مرفق القضاء المصري بات تابعاً لأصغر إدارة في مؤسسة القمع، إذ لا يعقل أن المحكمة المصرية التي قضت، قبل أقل من أسبوع، برفض دعوى اعتبار كتائب عز الدين القسام، فخر المقاومة العربية في مواجهة المحتل الصهيوني، منظمة إرهابية، تعود، أمس، وتصدر حكماً معاكساً بإدراج "القسام" على لائحة الإرهاب، بمناسبة هذه الحملة المسعورة التي انطلقت عقب جريمة تدمير الكتيبة في سيناء.
وإذا كان هؤلاء الفاشلون يحاولون اقتياد المجتمع كله إلى محرقة، فإن الرهان يبقى على الضمير الإنساني الذي يرفض أن يتحوّل المجتمع إلى غابة تتناطح فيها قطعان من الوحوش الضارية، لصالح "كاوبوي" مسكون بالأوهام والأحلام الكاذبة
*** الخواء المخيف في رأس النظام، والذي يجعله يقتنع بأن الإدارة بالدجل وصناعة الأوهام يمكن أن تستمر مدى الحياة. النفق الحقيقي هو هذا الدماغ الذي يتوهم أن من يقود دراجة في سباق كاذب يمكن أن يقود وطناً.
**المجرم الفعلي في جريمة قتل الجنود والضباط ليس فقط عناصر الإرهاب التي خططت وكمنت وانقضت وقتلت، بل، أيضاً، هو ذلك الذي اختطف وطناً، ووضعه على حافة الجنون، وجلس يستمتع بالمشاهدة. المتهم الأول هو الفشل المقيم في عقلية ذوي الجلود السميكة التي اتخذت القتل طريقاً وحيداً للوصول إلى الحكم، ثم أعادت استخدام السلاح ذاته، كلما استشعرت أن مقاومة استبدادها تتوسع وتتعمق.
**المجرم هو من احتفى بتمايل الجنود مع الراقصات فوق المدرعات في شوارع القاهرة وميادينها، وبدل مهمتهم من القتال في الجبهة إلى الركض وراء المتظاهرات في الجامعات
*** هذا نظام يحمل عوامل فنائه هو نظام بلا أي أساس أخلاقي أو سياسي، قام على مغامرة قادها شخص وحيد، وجدت ميلاً انتقاميا ثنائيا: من نخب قررت الانتقام من أول رئيس مصري منتخب بعد الثورة لاعتبارات حزبية وأيديولوجية ونفسية وعنصرية. ومن جانب دولة عميقة عسكرية، عرفت كيف تمتطي وجوهاً محسوبة على الثورة، فاستطاعت تحريك كتلة جماهيرية في إطار ثورة مضادة، نفذت من خلالها انقلاباً عسكرياً مكتمل الأركان، وواضح المعالم من المخاض إلى الميلاد.
**المنطق الذي يتحرك به هذا النظام المبتسر الذي لا يتحمل العيش خارج "حضانة" أن كل من يزعجه في أثناء ممارسته القتل والتصفية للمعارضين والمناهضين له يعتبر عدواً له ولمصر، رافعاً شعار "دعونا نقتل في هدوء
**الذي أدى إلى هذه المعرة الحضارية التي انحشرت فيها مصر أنها انكفأت تحت قدمي زعامة وهمية بدائية الصنع، تحت تأثير حالة من صناعة الكذب القومي
*** حج الجنرال السيسي إلى الإمارات، الراعي الأول ، ماديا وروحيا، للانقلاب العسكري في مصر، حيث بدا في رحلته وكأنه حاكم ولاية أو قرية صغيرة ذهب إلى العاصمة مقدما فروض الثناء والحمد على العطايا، وشاكيا الفاقة والعوز وقلة الحيلة، معلنا" كنا نعيش يوما بيوم ولولا معونات الإمارات لكان الوضع أكثر تدهورا"
ذهب السيسي إلى حاضنة الثورة المضادة، استعدادا للذكرى الرابعة لثورة الحرية والكرامة الإنسانية، والتي تأتي وقد تضاءل مستوى حلم الناس، من وطن يملؤه العدل والديمقراطية، إلى اسطوانة معبأة بالبوتاجاز ، تجسيدا لمقولة قائد العملية الانقلابية الشهيرة" مصر قد الدنيا"
لم يخطئ السيسي العنوان إذن وهو يتخبط في فشله سياسيا واقتصاديا، بعد أن حول بلدا رائدا إلى"ضيعة" تقتات على ما يلقى له من فتات
لقد عاد الجنرال من "رحلة الجوع" الخارجية ليخرج إلى "رحلة الخوف" الداخلية، مختبئا وسط قبيلته الأمنية
*** الانقلاب يتعامل مع أوروبا بعقلية "عبد العاطي كفتة"
النظام الذي يقصي عالم "ناسا" الدكتور عصام حجي، ليفتح مجالاً لعبد العاطي مخترع الكفتة، هو نظام يعتنق خلطة عجيبة من الدجل والتدليس والخرافة مذهباً وحيداً في الحياة."
أنه يرى الجميع وكأنهم جماهير سيرك الثلاثين من يونيو، سواء كان الأمر يتعلق بالسياسة أو بالاقتصاد أو بالعلم والتكنولوجيا
لو دققت في رد الحكومة المصرية على قرار الاتحاد الأوروبي بشأن عدم مراقبة الانتخابات القادمة، لأسباب تتعلق بتغييب الحريات وحقوق الإنسان، ستكتشف أن الذهنية التي صنعت الحملة الرسمية للدفاع عن اختراع علاج الإيدز بالكفتة هي التي صاغت بينات الرد على القرار الأوروبي.
*** إن أجمل ما كشفته هذه الحملة الدولية على الإعلام، المتسم بمهنيته وإنسانيته، أنها أكدت أن هناك وعياً جمعيّاً عميقاً بأن النصر والهزيمة لا يتدحرجان من فوق الشاشات إلى الأرض، بل يصعدان من التربة إلى الأثير.. فالثورة صوت والإعلام صدى، وعلى ذلك أثق أن حركة الجماهير الواعية نحو تحقيق حلم التغيير هي وحدها الكفيلة بتحرير الإعلام من قبضة القتلة السفاحين.
*** أزهر الانقلاب جرت الفرحة في عروقه، بمناسبة زيارة رئيسة الدولة التي جرت فيها، على مدار العام، واحدة من أبشع مجازر التطهير العرقي ضد المسلمين.
فرح الأزهر بزيارة السيدة كاترين سامبا، لأن جنرال المجازر الانقلابية في مصر أمر بالاحتفاء والتهليل بالزيارة، وبما أن زيارة مشروع حفر قناة السويس الجديدة تجب ما قبلها، فقد تناسى أزهر المسلمين مجازر الإبادة لمسلمي أفريقيا الوسطى
لقد عمل تحالف "السيف والعمامة والقلنسوة"، منذ اللحظة الأولى للانقلاب، على إسباغ شرعية مزيفة على جرائم ومجازر دموية، يندى لها جبين الإنسانية، وتنكرها كل الشرائع. وبعد ذلك، يحاولون أن يتصنعوا الدهشة من رصد حالات إلحاد في أوساط الشباب، أو تصاعد دعوات الرد على وحشية السلطة بالسلاح.
والحاصل أن هذا التحالف الثلاثي هو المسؤول الأول، وربما الوحيد عن دفع قطاعات من المصريين إلى الكفر بالسلمية، وبكل القيم الإنسانية المستقرة.
*** لعلك تذكر تلك القائمة الطويلة من منتجات آلة الدعاية السوداء التي راحت تدغدغ العواطف، باستخدام شبح الهوية والتخويف من ردة إلى عصور الظلام ومحاكم التفتيش، وتزويج الفتيات في سن التاسعة، ومنع المايوه البيكيني، وتحريم الفن وتجريم الإبداع.. إلى آخر هذه الكوابيس المصنوعة في ورش الانقلاب.ولا يغيب عن الأذهان أن افتعال هذا الصراع وصناعة الفزع من هيمنة الدولة "الدينية الإخوانية الإرهابية" كانا الثغرة التي نفذ منها الجنرالات، للانقضاض على ما جاءت به ثورة يناير من ديمقراطية وليدة
** والنتيجة أن لا دولة مدنية قامت، ولا دولة دينية تحققت، بل هيمنت الدولة العسكرية وتحكمت في مفاصل البلاد ومصائر العباد، حتى صارت السماء تمطر جنرالات والأرض تنبت عسكرة، لتعود البلاد ستين عاماً إلى الوراء.
*** ما قول الذين قيل لهم تعالوا إلى الميادين للدفاع عن آخر ما تبقى من ثغور يناير، فردوا بأنهم يأنفون الميادين لأن بها الإسلاميين والإخوان، ومن شأن ذلك أن يؤثر سلباً على مظهرهم الثوري الأنيق، ووسامتهم النضالية المزيفة؟
حسناً.. نرجو من الإخوان وكل الإسلاميين، الآن، عدم التظاهر بدءاً من اليوم حتى يتسنى للثوار الأنقياء الحلوين إسقاط نظام مبارك من جديد.. تفضلوا بالنزول.. الميدان في انتظار تشريفكم.
أذكر أن في ذروة الحشد لإسقاط محمد مرسي كانت جلسة في سلسلة محاكمات مبارك، وحدث أن تعرض ذوو الشهداء والمصابون لاعتداءات عنيفة من مجموعات فلول مبارك وأفراد الشرطة في محيط المحكمة. وبالطبع، تُرك هؤلاء في العراء وحدهم، لأن القوى الثورية المزعومة كانت منشغلة بالاجتماعات السرية مع قوى الثورة المضادة، للاتفاق على الترتيبات الأخيرة لهجمة الثلاثين من يونيو
*** العقيدة الحاكمة لمنظومة الحكم في مصر الآن "الانتماء لمن يدفع"، يستوي في ذلك مواطن مطحون في بؤس العشوائيات، أو رئيس عشوائي معجون في وحل الصفقات وتقديم فروض الولاء والطاعة لمن يدفع، إذ لا تختلف الصورة التي يرسمها عكاشة لمواطن العشوائيات، عن صورة عبد الفتاح السيسي، وهو يهرول إلى مطار القاهرة لاستقبال ولي عهد أبوظبي، في واحدة من أغرب مساخر الخروج على البروتوكول، ثم يصطحبه إلى قاعة رئاسية خاصة، كي يحتفل بعيد ميلاده، ويقطع له التورتة، في مشهد مقزز لمصر المبتذلة، أو مصر القريبة، كما بدت في أوبريت التسول السياحي.
***
الذي نفذ انقلاباً دموياً، بزعم أنه ينقذ مصر من التحول إلى دولة دينية، تخاصم الحداثة وقيم العلمانية، يسلك في مفاوضاته مع الشركات والأفراد وكأنه أمير جماعة، أو شيخ طائفة من التجار والصناع، فينجز أصعب الصفقات على طريقة دراما شيوخ شركات توظيف الأموال، حين كانت العمليات تنجز بكيس من التمر وعبوة من البخور، وكثير من الدعاء بالبركة.
*هي مرحلة تدار فيها مصر بالمباخر والصاجات والدفوف، تتحول معها إلى "حلقة زار" وحفلة هلوسة قومية
*مع بداية تحويل مجرى نهر الدجل والخرافة، بمناسبة إطلاق مشروعي "الكفتة" و"الحفر على الناشف" في مرحلة "مصر البيضة والحجر".
*الآن فأنت أمام نموذج تنمية تأكل بثدييها، ترهن نفسها للاستسلام التام للمشروع الصهيوني، فتعلن ولاءها له، بغير تحفظ، وتتسول مساعدات الغرب، انطلاقاً من أنها ستعمل على سلامة أمن إسرائيل، وتمد معها الجسور، في الوقت الذي تنسف فيه وشائجها مع قضية مصر والعرب الأولى والمحورية، قضية التحرر الفلسطيني، وتعلن، بلا أدنى مواربة، عداءها السافر لكل أشكال المقاومة
*** النظام العائد من شرم الشيخ بمليارات الوهم، وتريليونات الوعود الزائفة بإقامة الجنة على الأرض، لا يريد صداعاً أو إزعاجاً من أحد، فلديه من السجون ما يكفي لخمسين ألفا أخرى من المعارضين، ولديه من الشهية والشبق ما يستوعب آلافاً أخرى من قرارات الإعدام والإحالة إلى المفتي . هي لحظة تشغيل كل مصانع الفاشية، بكامل طاقتها، لتبدأ عمليات الإبادة الجماعية، والإقصاء التام، والتصفية الشاملة لجميع أشكال المعارضة والاحتجاج،
**الجنرال الصغير يعود أكثر بطشاً وقمعاً، ضاغطاً على زر تشغيل كل ماكينات الجنون، أمنياً وسياسياً وقضائياً ومجتمعياً، فتنتعش مجدداً بورصة أحكام الإعدام، وتقيّد كل القضايا ضد الإخوان وتتحول أوامر الضبط والإحضار إلى تصاريح بالقتل والتصفية، كما جرى مع المهندس الشاب أحمد جبر في الإسكندرية.
*** ذهب السيسي إلى الحبشة، وعاد باتفاقية كان عنوانها "الخضوع لسد إثيوبيا"، وليس التباحث حول مستقبل النيل، فلا التزامات محددة، ولا آليات للتنفيذ، فقط زفة كبيرة، وضجيج تلفزيوني عن الزيارة التاريخية (عن أول رئيس يغزو إثيوبيا عاطفياً منذ ثلاثة عقو ) . تركوا كل شيء، وركزوا على رحلة كسر الحاجز النفسي، في استعادة شديدة الإسفاف لما أنتجته جوقة الطبالين والزمارين * في ظل هذه الأجواء الملبدة بغيوم احتفالية ماجنة باتفاق مبادئ غامض بشأن مستقبل مياه النيل، لم يعرض على المصريين، ولم يناقشه أحد
*ليس من المستبعد أن يكون السيسي، في هذا الطقس العاطفي الساخن، قد قدم اعتذارا "للأشقاء الإثيوبيين" عن تناول مناهج التعليم وكتب التراث قصة جدهم "أبرهة الحبشي" *هذا رجل مولع بالصور والحركات السينمائية، يحركه في كل خطواته ذلك الوله القاتل بصيحات الجمهور، من الطبيعي، إذن، أن يكون ذهابه إلى إثيوبيا بحثاً عن لقطة، لا دفاعاً عن قطرة مياه النيل.
*** << "مصر في خطر" >> كان هذا هو الشعار الذي انطلقت به التظاهرات الرافضة للانقلاب العسكري، إذ يدرك المتظاهرون أن الخطر ليس في باب المندب ولا في إثيوبيا، بقدر ما هو كامن في رأس نظام، يأخذ البلاد إلى القاع باندفاع غريب، مطمئناً إلى أنه نجح في إعطاب الوعي، ومن ثم كل ما يلقيه على مسامع الناس من أكاذيب وأضاليل، هو حقائق.
*يشارك السيسي في العاصفة أو لا يشارك. يترأس قمة عربية في "شرم شيخه"، أو لا يترأس، يبقى رئيس سلطة جاءت بانقلاب، أراق الدماء وأهدر الحقوق ** إن مزايدة نظام السيسي على الجميع، في إعلان الخصومة والرفض لانقلاب الحوثيين في اليمن، لن تنفي عنه أنه نظام انقلابي، كما لن ينجح صياح بشار الأسد وحسن نصر الله والحوثيين بالموت لأميركا والموت لإسرائيل، والطنين المستمر عن المؤامرة الأميركية الصهيونية الإمبريالي
*السيسي والحوثي هما وجها عملة الثورة المضادة، لا فرق بينهما، حتى إن قلت عبد الملك السيسي وعبد الفتاح الحوثي لن تكون بعيداً عن الحقيقة.
ويمكنك أن تضيف إليهما بشار الأسد وخليفة حفتر، رفقاء مشروع واحد، حتى وإن اختلفت روافد الدعم الإقليمية،
*** الدبلوماسية المصرية، التي هي الواجهة الخارجية للموقف السياسي المصري، نفت بحزم، يصل إلى حد التشنج، ما أدلى به وزير الخارجية اليمني عن موافقات مصرية وخليجية على عمل عسكري عربي ضد الاجتياح الحوثي، المدعوم إيرانيّاً، للمناطق اليمنية.
ومع دوران الآلة الحربية الخليجية، انطلاقاً من السعودية، لإيقاف التوغل/ التغول الحوثي، ظهر للعملية العسكرية، عشرات الآباء والأبناء، كلهم يدعون وصلاً بـ(الحزم)، ليرفع الستار عن مفارقات وتناقضات شديدة السخرية، إذ يعلن المنقلبون على الشرعية السياسية المنتخبة في بلادهم انضمامهم إلى "تحالف دعم الشرعية اليمنية"، في لحظة درامية مثيرة، تجعل وزير خارجية مصر الانقلابية يعلن المشاركة، دفاعاً عن الشرعية، ومجابهة لمنطق الإقصاء والاختطاف السياسي، على الرغم من أن دوافع ومنطلقات التدخل العسكري، في اليمن، تنطبق عليهم بشكل نموذجي. إذن، هي الحرب التي يغري غبارها كل التجار والقتلة والمجرمين بالبحث عن موضع في الصفوف الأولى، لإخفاء الجرائم، وغسيل التاريخ، والحصول على (look) جديد، وكتابة سيرة ذاتية مختلفة، ووسط هذه الغابة الكثيفة من الدجل والشعوذة السياسية، لا تعدم أن تقرأ بيانات لتلك التكتلات والأحزاب والجبهات التي صنعتها سلطة الانقلاب في مصر، تقول، إن "تحالف 30 يونيو/ حزيران المصري الخليجي يقود عملية تحرير الشرعية اليمنية، والدفاع عن الأمن القومي العربي"
***
أزعم أن مصر تعيش حالياً فترة أكثر احتقاناً وتوتراً، خصوصاً مع ما يمكن وصفه بكوميديا "ثورة السيسي الدينية"، التي أفرزت نماذج من الشخصيات الكارتونية في مجال الدعوة والفقه الإسلامي، تمارس أشكالاً من "المجاحشة الفقهية"، تصل بها إلى التطاول والطعن في أمور تمس جوهر عقيدة المسلمين، وحين يتصدى لهذا المجون أحد، يهددونه باللجوء إلى الرئيس الانقلابي المؤمن الملهم.
*** لقد جربت ألوان من المعارضة المصرية محاولة اتقاء شر نظام باطش، بالصمت المؤقت، غير أن النتيجة أنها تلقت ضرباتٍ لا تقل عنفاً، عما نالته المعارضة الناطقة الصارخة بمقاومة كل هذا القمع والجنون، فهذا نظام يعتبر صمتك مؤامرةً تحت الإنشاء، وليس حياداً، ويرى في سكونك وسكوتك، تحضيراً لعاصفة، فإما أن تتكلم طوال الوقت، مؤيداً وموافقاً ومهرولاً إلى ما يتساقط من موائد الدم، أو تكون عدواً محظوراً منبوذاً، محبوساً
*إن عنف الضربات التي تلقتها كل أشكال المعارضة المصرية، منذ الثلاثين من يونيو/ حزيران 2013، يكشف أن هذا النظام حدد خصومه مبكراً، وحفظ أسماءهم "صماً"، ويعرف متى وكيف ينقض على الجميع، فلا يفرق بين "إبريلي" أو "إخواني" أو "أولتراس"، وعلى الرغم من ذلك، تستسلم كل الأطراف التي كانت شريكة في ثورة واحدة، لجدران العزل التي أقامتها السلطة فيما بينهم، وجلست تستدفئ بنيران عراكهم واشتباكهم، حتى صار الجميع "محظوراً".
*** أتذكر،أنني كنت مع مجموعة من الإعلاميين المصريين، في حوار مغلق مع وزير خارجية الدنمارك في مكتبه بالعاصمة كوبنهاجن، عام 2012، وفوجئ الرجل بأسئلة تحريضية ضد الرئيس المصري المنتخب، على اعتبار أنه سيطرب لسماع عبارات من نوعية "وصول رئيس ينتمي لتيار الإسلام السياسي يمثل خطرا على أوروبا"، فكان أن أبدى الوزير الدنماركي شيئاً من الدهشة والامتعاض، لافتاً إلى أن بلاده والاتحاد الأوروبي تنظر بإعجاب لأهم مخرجات الثورة المصرية، المتمثلة في انتخاب رئيس لأول مرة، بشكل ديمقراطي، ومشيراً إلى أنه يشعر بالسعادة والفخر لأن مقعد بلاده في اجتماعات الأمم المتحدة يجاور مقعد مصر، لأسباب تتعلق بالترتيب الأبجدي، وأنهم لا يقيمون الحكومات بأسماء أحزاب الأغلبية، وإنما بأدائها، ساخراً "لو اعتمدنا هذا المنطق ستكون معظم نظم الحكم في أوروبا حكومات دينية، كونها آتية من أحزاب أغلبية في اسمها كلمة مسيحي".
*** حركات ثورية، كانت تسلك وكأنها نمور متوحشة في زمن محمد مرسي، تتسلق نوافذ سكنه، وتسمعه أحط العبارات، وتعود إلى عرينها مطمئنة، والآن، صارت تهيم على وجهها في الصحراء، لكي تتمكن من إطلاق هتاف واحد على استحياء ضد سلطة الدم الحالية، مسبوق، بالطبع، بهتاف صاخب ضد رئيس خطفوه، وألقوا به في غياهب السجون، بمعاونة الذين يشكون لسعات العسكرة الآن.
كلهم، باختصار، يستعيذون بمواصلة الإساءة لمحمد مرسي، من حكم العسكر الخانق، كلما عادت إليهم بشكل خاطف ذاكرة المعارضة، وكأن القاعدة تقول الآن "اشتم محمد مرسي في عشر جمل، كي تحصل على فرصة تمرير شبه جملة واحدة ضد حكم العسكر.
*** قطار "عاصفة الحزم" انطلق مستهدفا نظاما لا يختلف في "لا شرعيته" أو "لا إنسانيته ولا أخلاقيته" عن النظام الذي سرق السلطة في مصر بقوة السلاح، وتدرك أن أهل العاصفة تحركوا، من دون إخطار سلطة الانقلاب العسكري أو دعوتها، وأن الأخيرة وجدت نفسها واقفة على الرصيف، في وضعية المتفرج، انتظاراً لإشارةٍ ممن يجلسون في كابينة القيادة، كي تقفز في العربات الخلفية، على طريقة "عمال التراحيل"، بحثاً عن رزق، بصرف النظر عن حلاله وحرامه.
يقفزون في "عاصفة الحزم" إن قفزوا، باعتبارها فرصة للتربح والتكسب. لذا، لم يفوتوا الفرصة، وقرروا أن يمرروا وسط غبارها المتصاعد، حزمة كبيرة من أحكام الإعدام، على متهمين أبرياء، بعضهم صدر الحكم عليه باعتباره غائباً، بينما هو يجلس في قفص المحاكمة، وينطق القاضي اسمه، كل جلسة.
يلتحقون بالعاصفة ملتحفين بمنطق الصفقة "الصمت على الإعدامات مقابل إرسال القوات" للمرة المائة: من يتغذى على "الحرب على الإرهاب" لا يستطيع البقاء على قيد الحياة، من دون مضاعفة محصول الإرهاب الذي زرعه بيده، وصنعه على عينه.
*** المعركة التي دارت، بين قبيلة الجيش المصري وقبيلة الشرطة هي التجسيد الكامل لغياب مفهوم الدولة في مصر. ولو قارنت بين هذه الحرب وحرب البسوس أو داحس والغبراء قبل عشرات القرون، ستكتشف أننا نعيش الآن في العصر الجاهلي بامتياز. وبصرف النظر عمن بدأ الاعتداء، ضابط الجيش المخالف، أم ضابط الكمين المتغطرس، فإن تطور المشكلة وطريقة إدارتها يكشفان، على نحو فادح وفاجع، أن القائمين على القانون في مصر هم أول من يدوسون القوانين بأحذيتهم، ويتصرفون بمنطق زعماء القبائل وشيوخ الحارة، ورؤوس الطوائف، ومن ثم جرت المعركة على مذهب "أبناء الكار" الذين ينصرون أقرانهم، ظالمين ومظلومين، منكفئين على بدائيتهم، ومبتعدين، تمام الابتعاد، عن قيم التحضر التي يجسدها تطبيق القانون بشكل إنساني.
*الآن، يبدو وكأن تروس ماكينة الانقلاب بدأت تأكل بعضها، حيث يسمع صوت اصطكاكها واضحاً، من حادث أبراج كهرباء مدينة الإنتاج الإعلامي إلى معركة شبين كوم وانفجار ملعب كفر الشيخ، بالتزامن مع عمليات التطهير والاستئصال التي تدور داخل جناحي الدولة العسكرية، الشرطة والجيش، فلا تركزوا كثيراً في حواديت "العقاب الثوري"، في ظل نظام تفرغ لكتابة السيناريوهات الركيكة.
*** وائل قنديل يكتب : السيسي يبيع "ثورته الدينية"
إن الفترة الماضية، وتحديداً منذ "فتاوى الإمام السيسي لصحيفة وول ستريت جورنال" قبل أسابيع، شهدت موجة عاتية من الازدراء والاحتقار للمؤسسات الدينية الرسمية، مع فتح الأبواب والنوافذ لكل من هبّ ودبّ من تجار دعوة، وسماسرة تنوير، للذهاب بما يسمى "تجديد الخطاب الديني" إلى مناطق شديدة الوعورة، بدا معها أن المستهدف ليس التجديد، بقدر ما هي رغبة محمومة في التأسيس والتأصيل لحالة من الخلاعة المجتمعية، والتهتك القيمي، في الحياة المصرية، على نحو ولّد ردود فعل عكسية، استشعرت معها السلطة أن السحر سينقلب على الساحر، لا محالة، وأنه، من حيث أرادوا الإمعان في تكريس حالة التغييب والتغريب عن القيم المستقرة، بدأ المواطن يدرك أنه وقع فريسة لعملية انتهاك للثوابت، تصوّب أسلحتها الثقيلة لوعيه ووجدانه، وكأن المطلوب، ليس فقط تجريد المرأة من حجابها، بل تجريف المجتمع من قيمه وأخلاقياته.وهنا، أدرك الزعيم أن "ثورته الدينية" بضاعة خاسرة، في سوق ليست مهيّأة لاستهلاك هذا النوع من المنتوجات المعدّة للتصدير، فقرّر أن يتخلّص منها
*** لا يمانع "سماحة شيخ الإنسانية حسن نصر الله" في مغازلة نظام السيسي.
الذى ارتكب مجازر، موثقة دولياً ومحلياً، بحق المصريين، تفوق فيها على كل الدواعش في فاشيتهم. لا يهم، يكفي أن يكون السيسي في الحلف الإيراني مع نصر الله وبشار والحوثي، حتى يغفر له ما تقدم من إرهاب وما تأخر، تلك هي المبدئية، وهذه هي الاستقامة، بنظر سماحته .
"سماحة المقاوم" كان "متفهماً للغاية موقف السيسي في العدوان الأخير على غزة"، هذا الموقف الممعن في التآمر على الشعب الفلسطيني
حسن نصر منذ البداية "متكيف" مع انقلاب السيسي، لأسباب لا علاقة لها بالعروبة، أو بمشروع المقاومة، وإنما لأشياء تتعلق بالطائفة والمرجعية. وبالتالي، لا مفاجأة على الإطلاق في هذا الغزل، وهذا الاحتضان لرجل يقيس شرعيته بعدد رحلات الطيران التي قطعها، غير عابئ بكيف وصل إلى السلطة، سالكاً طريق الدماء...
*** يخلو بيان "حركة البداية" من أية إشارة لموقفها من شرعية، أو بالأحرى لا شرعية، نظام حكم عسكري، وصل إلى السلطة عبر سلسلة من المجازر بحق معارضيه، بما تبدو معه وكأنها حركة تطمح فقط إلى تحسين ظروف العيش، تحت ظل سلطة قمعية مستبدة، ولا تعتبر نفسها في حالة مقاومة له، سلميا، بشكل جذري، ومن ثم لا تسعى، بأي حال، إلى تغيير النظام، أو إسقاطه، بل تطلب فقط تغيير الطريقة التي يستخدمها النظام في البطش، أو قل تخفيف حدة الاستبداد، وتخفيض كمية القمع، وليس إنهاء حكم النظام القمعي.
هذه حركة تتأسس على مقدمات فاسدة منطقيا إذ يضع الثلاثين من يونيو" الثورة المضادة" كشقيق للخامس والعشرين من يناير "الثورة الحقيقية"، وهو بذلك يريد خلط العذب الفرات بالملح الأجاج، ويتوقع ماء صحيا صالحا للشرب. إن أي كلام عن استعادة حالة ثورة يناير، وتحقيق أهدافها، باستبعاد الإخوان والإسلاميين هو نوع من الدجل السياسي، فضلاً عن أنه يقود مباشرة إلى "فقه تمرد" الذي تمت صياغته في معامل تفريخ" الثوار الجدد" التابعة للعسكر، والذين كانوا وقود الانقلاب، والارتداد عن قيم ومبادئ وأهداف ثورة يناير. ستبقى هذه الحركة موضع "شبهات تمرد"، أو نوعا من "الحنجلة" في الحديقة الخلفية للنظام..... بقلم /وائل قنديل
*** الآن، يتضح أكثر وأكثر أن النظام العسكري الذي اخترع "تمرد" جسراً لانتزاع السلطة من المدنيين، يقف، أيضاً، وراء اختراع "البداية" دعامات لتثبيت حكمه، من خلال العبث في جينات المعارضة، لإنتاج سلالة لا تطرح أبدا فكرة تغيير النظام جذرياً، بل تسعى إلى تغيير الملامح الخارجية للنظام، بحيث يبدو أكثر تحضرا ومدنية، وأوسع صدرا، مع المعارضة، التي يصنعها على عينيه.
وتأتي شهادة أحد المشاركين في تأسيس "البداية"، والتي يعلن فيها انسحابه، بعد أن اكتشف أنها ولدت على فراش الدولة العميقة، وأن وراءها أجهزة سيادية، لتؤكد أن "مدير السيرك" المصري يستجمع كل مهاراته وحيله للعب بالجميع، وعلى الجميع الآن، لإلهاء الجماهير بأكروبات سياسية مستحدثة، تختطف الوعي العام، بعيداً عن المعارضة الجادة والحقيقية، الجذرية، لنظام فاقد للشرعية الأخلاقية، وفاشل في انتزاع "شرعية الأداء والنجاعة".
** تتصاعد نبرة الانتقادات للجنرال الحاكم، على نحو مبالغ فيه، من أذرعه الإعلامية الأكثر قرباً إليه، وتعبيرا عنه، واستماتة في الدفاع عنه، بما يوحي بأن مصر مقبلة على عصر ديمقراطي، يصبح فيه ممكنا أن يوصف الزعيم المغوار القوي الهمام بأنه رعديد ومتعثر، ثم تأتي مرحلة لاحقة بإغراق الفضاء والأرض بأشكال من النميمة المسربة عمدا، عن أن انقلابا أبيض ناعما في الطريق، وأن النظامين، الإقليمي، والعسكري في مصر قررا التخلص من "الزعيم الضرورة" لأن رحيله صار ضرورة!
** يمكن القول إن النظام بصدد عملية إحلال وتجديد، أو فك وتركيب، أو إعادة تدوير، لمعارضته التي يريدها وفقا لمقاساته وألوانه المفضلة، ولن يخلو الأمر من التخلص من بعض "الكراكيب" القديمة، والدفع بوجوه جديدة في المضمار ذاته.
**إن "تمرد" مثل "الحاج تمرد"، فلا تشغلوا أنفسكم أكثر مما يجب، بهذه الألعاب النارية المبهرة.
*** اشتعلت حقول الميديا بقصة سيدة المطار التي أهانت ضابط شرطة، بدا سعيداً وهو يتجرع كأس الإهانة، حريصاً كل الحرص على التأكد من دقة تصوير واقعة تعدي السيدة عليه لفظياً وبدنياً، لتنطلق بعدها بكائية في وسائل إعلام السلطة على الشرطة الرقيقة البتول التي تتعرض للعدوان، كي تحفظ للوطن والمواطن أمنهما، لتنساب دموع الألم والتأثر على وجه صحافة كانت تضع عناوين تصفية الشرطة لمواطنين مصريين "إخوان" بالأحمر الفاقع، وتكاد تعلق في كل كلمة من العنوان وردة، ابتهاجا بالقتل السعيد.
هي الازدواجية ذاتها التي جعلت مرهفي الحس المزيف من رموز الإعلام الأمني يذرفون الدموع على كلب شارع الأهرام في منطقة شبرا، ولا يتوقفون عند واقعة قتل محامٍ، بعد تعذيبه في قسم شرطة المطرية، على الرغم من التزامن بين الواقعتين. تلك العنصرية البغيضة التي تجاهلت واقعة استشهاد الصغيرة المحجبة، سندس رضا، في الإسكندرية، وصنعت من استشهاد شيماء الصباغ ملحمة ثورية...
*** قضية سيدة المطار (ياسمين النرش) مصنوعة للإلهاء خصوصا بعد انكشاف عملية النصب بالأرقام التي جرت في مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي، ثم سقوط خرافة "مصر قد الدنيا" وانهيار أسطورة "مسافة السكة" مع اختبار عاصفة الحزم، وإهانة العسكرية في جبال وكهوف سيناء، في معركة لا يعلم سرها إلا كهنة المعبد.
إن تجارب التاريخ تقول إنه غالبا ما تنتعش سوق الخرافة والشعوذة في فترات الانحطاط والهزائم الحضارية، ولديك سبعينيات القرن الماضي نموذجا،حيث اندلعت عقب الانفتاح الساداتي، والالتحاق بالمعسكر الأميركي الصهيوني،موجة سينما المقاولات، تعتمد الإثارة والدجل والإسفاف منهجا، ودخلت الأغنية الشعبية حالة من العدمية والركاكة والبذاءة أحيانا، وهاجر المثقفون والمبدعون الحقيقيون، ومن بقي منهم معارضا، كان مصيره السجن، ليطعن السادات الجميع بعدها بقفزته إلى الكنيسيت الإسرائيلي.
*** تستطيع مصر أن تعوّض خسائرها الاقتصادية الناجمة عن استيلاء مجموعة من الأشقياء الفارغين، المغامرين، على الحكم فيها، وتحويلها إلى خرابة، يضعون على أبوابها عبارات "وطن قد الدنيا".
*وتستطيع، أيضاً، أن تتعافى من مرضها السياسي، وتتخلص، بعد حين، من كل هذه الفيروسات القاتلة للديمقراطية والمعطلة للتطور السياسي.
*لكن، كيف لها أن تشفى من نزيفها الإنساني والأخلاقي؟ من أين لها بروافع حضارية تنتشلها من تحت أنقاض سقوطها الإنساني،حيث يسلّم الأب ولده للشرطة، ويحصل على المكافأة، ويبلّغ الموظف عن زميله وينال الترقية، ويتحول الطالب إلى مرشد في أروقة جامعة، لا يصل إلى رئاستها إلا من تختاره أجهزة الأمن؟ ويرى الأستاذ زميله يموت تعذيبا فيصمت مذعورا، لا يجرؤ حتى على السير بجانبه؟كيف لمجتمع أن يعود إنسانياً، وقد زرعوا فيه بذور قيم سامة، وأعرافا وتقاليد جديدة موغلة في الخسة والدناءة، يقوم على مبدأ الافتراس وعقيدة النهش والقنص والخطف. أغمض عينيك وافترض أن سلطة الانقلاب العسكري رحلت غدا، وتخيل شكل مجتمع أمضى سنوات من عمره يتغذى على أعشاب الكراهية، كيف يمكن أن يعيش أفراده في وضع يليق بالبشر، بعد أن فرضوا عليه الحياة بمنطق الضواري والوحوش الجائعة؟ ماذا يفعل مواطن دخل المعتقل شاباً في مقتبل العمر، بوشاية من جاره أو زميله، وخرج وقد انحنى ظهره من التعذيب؟ وماذا تفعل فتاة انتهكوا عرضها، وأذلوا إنسانيتها في عتمة السجن، بناء على بلاغ من جارة أو زميلة، قررت نسفها بوصمها بتهمة الأخونة؟كيف يمكن لمجتمعٍ، غاب عنه القانون والعرف الاجتماعي والمبدأ الأخلاقي سنوات، أن يتقدم أو يتطور أو يمارس حياة مثل البشر؟كيف يمكن أن تطلب من "الفرد" أن يحترم "دولة" تحولت إلى تشكيلات عصابية، ومافياوات إجرامية، وقبائل تنتمي إلى ظلام الجاهلية؟ .
*** وائل قنديل يكتب: "أبوتريكة" هو الشرعية، بينما "أبو فلاتر" عنوان القرصنة.
* شرعية محمد أبوتريكة ليست في حاجة إلى أدلة إثبات، فهي ثابتة ومؤكدة كحقائق الجغرافيا والتاريخ، محفورة في رخام الذاكرة الوطنية، ومنقوشة على جدران الوجدان المصري.. هي شرعية ثلاثية الأبعاد
*أبوتريكة صاحب بطولات حقيقية، لا أكاذيب معلّبة كتلك التي فضحتها وكالة أنباء "رويترز"، أمس، عن حقيقة الإثيوبيين المرحّلين من الأراضي الليبية، والذين استقبلهم جنرال "البلاي ستيشن" في مطار القاهرة، باعتبارهم رهائن حررتهم قوات جنابه، ثم تبيّن أنهم مجموعة من المهاجرين غير الشرعيين، لفظتهم أمواج المتوسط.
*لم يمارس تريكة القرصنة والسطو على سلطة جماهيرية كانت- عن حق- لسواه، ولم يقد فريقه كمجموعة من النهّابين الخطّافين. لم يصادر أرصدة خصومه، بحجة أنه النجم الأول والأوحد. لم يكن زعيماً لدولة لص في ميدان الرياضة.لدى أبوتريكة أكثر من ستين مليوناً من الأنصار، والمحبين الحقيقيين، والمؤيدين الأصلاء، لا 33 مليوناً افتراضيين، صنعتهم سينما المخرج إياه. ولدى أبوتريكة خطاب يحترم العقول، ويوقّر القلوب المتعبة، خطاب يمكن اعتباره "أنشودة للبساطة"، بتعبير الراحل العظيم يحيى حقي، وليس "أنشودة للركاكة" تتسول عواطف الداخل، وشكائر الخارج وتنحدر بمستوى الحديث الرئاسي إلى مضحكات مبكيات