نيفين عبدالله - مستشار و مدرب شخصي و أسري !

موقع يهتم ببناء الإنسان " وجدانيا - عقليا - إجتماعيا - روحيا - أخلاقيا "

انسلت الفكرة حين قرأت هذا المقال الذي يلخص فكرة كتاب أظنه مشهورا لدى الكثيرين و هو : " العادات السبع للناس الأكثر فعالية "  . 

هذا الكتاب حقق مبيعات تفوق المليوني نسخة و ترجم لعدد من اللغات .. و لكن المثير في الأمر هو أن يسير الإبن على نفس درب الأب فيؤلف كتابا يستخدم العادات التي ساقها الأب ليترجمها لأفكار مناسبة لمن يعيشون مرحلته التي هي مرحلة المراهقة ..

المؤلف الأب هو ستيفن كوفي مؤلف العادات السبع للناس الأكثر فعالية ..  المؤلف الإبن هو سين كوفي مؤلف كتاب : العادات السبع للمراهقين الأكثر فعالية .

و كنت منذ فترة بعيدة تقرب السبع سنوات قرأت الكتاب الأصلي لستيفن كوفي و غيره من الكتب التي ألفها نفس المؤلف في نفس السلسلة : العادات السبع للإقدام على التغيير بشجاعة ؛ و العادات السبع للأسر الأكثر فعالية ..

الجميل في الأمر أن تجد الكاتب و قد يبدو أنه كرس حياته لخدمة الأفكار المتضمنة في كتابه الأول و هذا دأب كثير من المؤلفين الأمريكان ؛ حيث يبدأون بفكرة أصلية ثم يحاولون نقلها و تطبيقها في مساحات مختلفة في الحياة تماما كما حدث في كتاب لا تهتم بصغائر الأمور فتوالدت سلسلة كبيرة تحمل العنوان الأساسي و تطبيقات لمساحات بل و جماهير أخرى .. و أيضا الشهير شوربة دجاج للروح .

أوقفتني فكرة أن يكرس الإنسان حياته لفكرة أو مجموعة من المعتقدات يختبرها و يفندها و يضبطها و ينقحها و يعرضها على الناس بمداخل مختلفة لمساحات مختلفة ..

يعجبني في هذه الفكرة التركيز الشديد و الاستفادة من موارد الفرد المتراكمة  و خبراته للبناء عليها ؛ و هو ما يتفق مع مبادىء النجاح ؛ فالنجاح يقتضي فعليا التركيز .. كما يعجبني إصرار الكاتب على أن يشتبك كثيرون مع أفكاره فيعدد الجمهور و يعدد مساحات التطبيق ..

و هنا يستوقفني حرص الكتاب و المؤلفين في الغرب على أن يصلوا للجمهور بلغة يفهمونها و يتفاعلون معها بل تشتهر كتاباتهم بين قطاع كبير من الناس و التي قد تكون كتابة " علمية " بالأساس .. يستوقفني هذا في مقابل الكثير من الكتابات و الكتاب العرب الذين يكتبون عن قطاعات كبيرة و غفيرة من الناس و الذين يحتاجون فعليا لعلمهم ليطورا حياتهم إلا أنه للأسف الشديد  تتعقد لغتهم لتقترب من الطلاسم  ليصبح العلم لدينا " كهنوت " لا يدركه إلا " الكهان" !

تمر بذهني خاطرة كلما قرأت كتابا لعلم النفس باللغة العربية و هي مقولة للدكتور محمد المهدي الطبيب النفسي ساقها في أحد اجتماعاتنا حيث عرف بها علم النفس فقال : " هو العلم الذي يدركه كل أحد بلغة لا يفهمها أحد " ... لا أدري لماذا تكون اللغة لا يدركها أحد ؟ و ما قيمة ما لا أدركه أصلا ..  ألا يترك ذلك مساحة مهولة من الجهل ؛ ومساحات كبيرة جدا من الاحتياج للعلم يلبى للأسف بطرق قد ننكرها على أصحابها فيما بعد ؛ بل ننكر على مقدمي نصف العلم أنه مشهورون و معروفون و مبجلون لدى من يدركون لغتهم .. ألستم معي أننا بحاجة لمزيد من نقل العلم الحقيقي بلغة حقيقية .. و اللغة الحقيقية في نظري هي اللغة التي يدركها كثير من الناس ؛ و يتفاعل معها أخذا و عطاء كثير من الناس .. غير متناسية و لا متجاهلة أبدا أمرين : الارتفاع التدريجي باللغة ؛ و أحقية كل علم بل حتمية أن يستخدم بعض المصطلحات الضرورية . لكن أن يتحول العلم بأكلمه لمجموعة من المصطلحات التي تحتاج عمر الإنسان ليفك طلاسمها فأظن اختيار أغلب الناس سيكون استثمار حياته بطريقة أخرى بعيدة عن طلاسم العلم و حينها نرجو ألا يتألم العلم من تجاهل الناس له كما هو حادث بدرجة غير قليلة الآن خاصة في العلوم الإنسانية التي يفترض فيها أن الإنسان هو محورها الأساسي و موضوعها الأساسي و مستخدمها الأساسي .  

حين نشر كتاب " الذكاء الوجداني " عبر الناشر في المقدمة عن دهشته لأن يصبح الكتاب في أيدي كثير من العامة ! " العامة " ! و هؤلاء العامة بطبيعة الحال هم موضوع الكتاب و المستهدفون من الكتاب و المستخدمون للكتاب و بالتالي هم وحدهم القادرون على الحكم على أحقية الكتاب بأن يكون من أكثر الكتب مبيعا في العالم بل أن يستمد الكتاب أهمية الحقيقية من استخدامه و تطبيق ما به في الواقع ..

هذه هي الفكرة الأولية و البديهية لأن يتحول العلم إلى نور .. و أتساءل هل يتحول العلم لنور دون استخدام .. هل يمكن أن يكون هناك أي طريقة سحرية أخرى ؟

حين صدر كتاب أطر العقل للكاتب " بروفيسور دكتور هاورد جاردنر " و هو كتاب علمي أي يحمل معلومات و أفكار علمية تبلور نظرية الذكاءات المتعددة .. تناوله المدرسون و تابعت نقاشات حوله من معلمين ؛ و آباء و معالجين .. و لقاءات في الصحف و الإنترنت و التلفزيون حول الكتاب وأفكاره الرئيسية ورؤية الكاتب للتطبيق لتحسين الأمور في حياة الناس ؛  الناس الذين هم المستخدمون الواقعيون للعلم المتضمن بالكتاب ..

كم أتمنى أن تحدث لدينا هذه الحالة من التلاحم بين العلم الحقيقي بلغة حقيقية من أصحاب علم " حقيقيين " مع الناس الحقيقيين !  

 

لمحة أخرى تستوقفني في هذه الكتابات و هي الشكر و العرفان الذي يطول القريب و البعيد عن العمل . بل قد تكتب الزوجة أو الزوج أو أحد الأبناء مقدمة للكتاب و يعطي ذلك بعدا – أراه – رائعا لما يقدم فأشعر بهذا الكاتب إنسان في الحياة و ليس راهبا في صومعة أو معتكفا بمعمل  .. و اللمحات الإنسانية تقرب الجمهور – العادي – من الكاتب الذي  يضع هذه الجمهور في ذهنه حين يكتب و حين يشكر و حين يقدم لكتبه ..

و هو ما نتمنى شيوعه كحالة عامة تجعل المفكرين و العلماء  أقرب لأن يكونوا أنفسهم حين يتعاملون و تجعل الناس أقرب حين يتلقون ..

nevenabdalla

نيفين عبدالله مدير مركز أجيال للاستشارات و التدريب الأسري

  • Currently 173/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
56 تصويتات / 880 مشاهدة
نشرت فى 26 مارس 2010 بواسطة nevenabdalla

ساحة النقاش

نيفين عبدالله

nevenabdalla
زوجة و أم لثلاثة أبناء اعمل مدير مركز أجيال للاستشارات و التدريب الأسري و مستشار القسم الإجتماعي بشبكة أون إسلام .. و مصمم برامج تدريبية و إثرائية لكل الأعمار .. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

262,033