نظرات

موقع اجتماعي سياسي و تربوي ونفسي يهتم بالطفل وتربيته وقصصه

 وقف بين آلاف مؤلفة من المنادين بسقوط مبارك وفي ظل أمواج البشر التي أخذت تتدافع بعدما أقبل عليهم جنود الأمن المركزي بكثافة  ضاق نفسه فجأة , حاول الاحتماء باحدى البنايات العديدة في التحرير أدرك حينها انه   شم الغاز المسيل للدموع , ثم أخذ يسعل بشدة

لم يجد نفسه إلا وقد ارتمى في مدخل البناية العتيقة و بدأ يهدأ السعال شيئا ما  بينما تعلو الهتافات بقوة , ما بين الدعوة بنصرة مصر الى الدعوة بسقوط النظام و فجأة دق هاتفه المحمول ربما لم يتخيل أنه لازال معه فقد ظن أنه ضاع منه أو سرق لكن الله سلم نظر سريعا الى شاشته فوجد سبعة مرات اتصال إنها زوجته زينب , رفع الهاتف الى أذنه  زينب أنا  أنا بخير رددها أكثر من مرة  واختلط صوتها بصوته فهي قلقة عليه للغاية حيث اقترب موعد الولادة  الابن الذي كانا يترقبان ولادته وقد  جاء موعد ولادته في ساعات عصيبة و وقت مشحون مغلف بمستقبل ينتظره كل مصري الخلاص والحرية

ردد مجيبا : نعم ماذا تقولين يازينب ؟

قالت : أنا حاسه إني هاولد يا عبد اللطيف

قال : لا  لا مش دلوقتي يا زينب الله يخليكي

قالت: حاسه انه بيخبط جامد في بطني  !

قال: بيهتف زي أبوه يا زينب بس قولي له  يستنى لما ارجع

قالت زينب وهي تتوجع : امتى  امتى ؟!!

وانقطع الاتصال ظل بين قلقه وهتافه وصوت البشر مثل موج البحر الهائج فما كان إلا أن دعا ربه : يارب يارب زينب ماتولد دلوقتي  !!

عاد يحاول الاتصال لا فائدة وقعت الشبكة وتعطلت , كظم قلقه في نفسه حاول أن يتحاشاه حتى لاينس أنه جاء ليقف مع الشعب في وسط الجموع الحاشدة المنادية وفرت من عينه دمعه لكن استعاد قوة صوته مرددا مع الجماهير  مصر مصر  يسقط يسقط حسني مبارك , بينما زينب في البيت ومن بعد اتصال انقطع عن عبد اللطيف كانت أمها وأخت عبد اللطيف يؤنسانها ويشدان من أزرها  حمدا لله فقد خف عنها الألم وعادت تقول : لسه الشبكة ما فيش اتصال  عاوزه أطمن عبداللطيف

وجاء وقت الليل في التحرير والجموع بين كر وفر وانتظار لما سوف يجيب عليه الرئيس مبارك وتجمعت حشود تتحدث عن خسائر مصر خلال فترة حكمه والمليارات التي ضاعت هبـاءُ بايدي أصحاب القوة والسلطان , وكيف تذكر عبداللطيف معاناته وشكواه من الغلاء وضعف الراتب بينما هؤلاء منعمون بمال مصر وشعبها , ثم يعاوده القلق مرة أخرى على زينب وهل صحيح وضعت وماذا وضعت ؟؟ ياترى ؟ ولد  بنت  لايعلم وأخيرا تذكر أنهم رأوا الجنين على شاشة الطبيب  كان ذكرا  فتبسم عبداللطيف وهو يرقد بكل جسمه تحت احدى الخيام البلاستيكية ويمني نفسه بقبول الله لدعوته وهو ألا تلد زينب آلان

ويمضي الوقت  يوما بعد يوم بطيئا على الجموع الحاشدة والغفيرة  بل كل فرد في مصر وفي قلب  ميدان التحريروهم في انتظار الرد الذي ينتظرون : تنحي مبارك عن الحكم  ثم حانت اللحظة والآذان صاغية الى السماعات والى شاشة كبيرة وإذا بعمر سليمان يعلن تخلي الرئيس مبارك عن منصبه

وانطلق الفرح المكظوم من الصدور وأخذ الجميع يقبلون بعضهم البعض مهنئين فرحين مهللين بينما هاتف عبد اللطيف المحمول يدق آلان يدق بشدة والأغرب أنه وسط هذا الفرح والأصوات العالية يسمعه أجل يسمعه وتناوله بسرعة ووجد على شاشة الهاتف اسم زينب لكن الصوت ليس صوت زينب بل صوت أمها : مبروك يا عبداللطيف جالك ولد

لم يقوى على الاجابة وظل يردد مصر مصر عاشت مصر وأم زينب تنادي عبداللطيف انت سامعني , وأجاب أخيرا وفرت الدموع من عينيه وقال : هاسميه مليار  مليار مبروك على مصر ياحماتي , والتفت بعض من صحبته في التحرير اليه وكأنهم كانوا يعلمون قلقه على زوجته وترقب موعد الولادة وسألوه : ماذا ؟   قال : ولد  ولد , وعادوا يهنئنوه تهنئة خاصة وسأله أحدهم : ماذا تسميه  قال في الحال وكأنه مستعد للاجابة : مليـــار هو ده المليار الحقيقي مش مليار النصابين وتحول هتافهم وقد حملوه على الأعناق : مصر مصر عاشت مصر

المصدر: قصة قصيرة بقلم محمد مسعد البرديسي
  • Currently 51/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
17 تصويتات / 477 مشاهدة
نشرت فى 28 فبراير 2011 بواسطة nazrat

ساحة النقاش

محمدمسعدالبرديسي

nazrat
( نظرات ) موقع إجتماعي يشغله هم المجتمع سياسيا وتربويا بداية من الاسرة الى الارحام من جد وعم وخال الى آخره , الاهتمام السياسي أساسه الدين النصيحة و يهتم بالثقافةبألوانها ويعد الجانب النفسي والاهتمام به محور هام في الموقع كذلك الاهتمام بالطفل ثقافة وصحة »

ماذا تود البحث عنه ؟

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

627,639

مصر بخير

                         
* الشكر واجب للسيد العقيد هشام سمير  بجوازات التحرير , متميز في معاملة الجمهور على أي شاكلة ..

* تحية للمهندس المصري محمد محمد عبدالنبي بشركة المياه