نظرات

موقع اجتماعي سياسي و تربوي ونفسي يهتم بالطفل وتربيته وقصصه

 

 

     

   

الوطن ليس فقط رقعة من الأرض نعيش عليها وليس فقط سماءً نستظل جميعا بها، وإنما هو حالة من الارتباط الوثيق بين الأرض وجماعة الوطن، ارتباط معلن ولكنه غير مكتوب، يقوم على الالتزامات المتبادلة بين الجانبين، فالوطن من ناحيته يحفظ كرامة أبنائه ويحتضن أحلامهم المشروعة ويوزع عليهم خيراته بلا تفرقة، وأبناء جماعة الوطن من جانبهم وعلى اختلاف أطيافهم يخلصون في حبه ويجتهدون في رفعته ويدافعون عن سيادته، بل ويدفعون حيواتهم إذا اقتضى الأمر رخيصة فداءً لترابه الغالي. فالعلاقة السوية بين الوطن وأبنائه تقوم إذن على التفعيل الرشيد لقاعدة العطاء والأخذ.

 

ولنا على الجانب الآخر أن نتصور كيف يكون شعور أبناء الوطن الواحد عندما تتشوه قيم المجتمع وتضطرب قواعد توزيع الثروة ويختل ميزان العدل، فيتصاعد الشعور بالقهر أو بالظلم أو بالتمييز أو بغياب تكافؤ الفرص أو بانسداد قنوات الحلم أو بانخفاض سقف الطموحات وبضيق آفاق الأمل في تغيير واقع الحال انطلاقا من القناعة في صحة وصدق وحتمية المقولة التاريخية بأن: "من جد وجد، ومن زرع حصد". وبالرغم من أن الإحساس بالركود أو الإحباط أو اليأس، مهما بدا قاتما أو قاتلا، لا يمكن بأية حال أن يبرر جرائم الخيانة أو العمالة أو التقصير أو الإهمال أو الفساد أو الإفساد، إلا أنه يتوجب علينا ومن منظور العدالة ومن منطلق الالتزامات المتبادلة المتوازية أن نعرف أن الانتماء الوطني هو عملة ذات وجهين، أو هو طريق ذو اتجاهين، كما أن علينا أن نعترف بأن تقصير الوطن في حق أبنائه ربما يبرر عند البعض من ضعاف النفوس تقصيرهم في حقه. فعلينا إذن وقبل أن نسائل أبناء الوطن عن صدق وعمق انتمائهم (الفعلي لا اللفظي) أن نسأل أنفسنا أولا (على أن نتسلح بشجاعة الاعتراف بالواقع وبجرأة التعامل مع معطياته): وهل كان الوطن محبا لكل أبنائه وعادلا معهم كما ينبغي؟!!.

                      

إن علينا أن نعي جيدا أن أسوأ ما يمكن أن يحل بأمة هو أن يتم إخصاء الحلم وإجهاض الأمل لدى شبابها، وأن تسد أمامهم منافذ العيش الكريم، وأن تغلق في وجوههم نوافذ التعبير المؤثر أو المجدي، وأن يصيبهم اليأس من الإصلاح السلمي المدني المشروع، فيصبحوا في بلادهم أذلة، بلا حرية ولا كرامة ولا إباء، وبلا أمل في انكشاف الغمة أو انجلاء البلاء، فتهون عليهم حيواتهم إذ رخصوا وهانوا على أوطانهم، فيصابون بمرض فقدان الانتماء، أو يصلون إلى مستوى من القناعة، وربما إلى درجة من اليقين، بانعدام جدوى البقاء في الوطن أو يستوي عندئذ عندهم الموت مع الحياة. وهو ما نأمل أن نعمل على تدارك مقدماته مبكرا. حفظ الله مصرنا وطنا موحدا، سالما آمنا، حرا كريما، ملكا خالصا لكل أبنائه، بلا تفرقة وبغير تمييز.

           

 

المصدر: بقلم: دكتورة/ حنان إسماعيل راشد رئيس مجلس إدارة الجمعية المصرية للتنمية وحماية المستهلك
  • Currently 35/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
12 تصويتات / 672 مشاهدة
نشرت فى 24 يناير 2011 بواسطة nazrat

ساحة النقاش

محمدمسعدالبرديسي

nazrat
( نظرات ) موقع إجتماعي يشغله هم المجتمع سياسيا وتربويا بداية من الاسرة الى الارحام من جد وعم وخال الى آخره , الاهتمام السياسي أساسه الدين النصيحة و يهتم بالثقافةبألوانها ويعد الجانب النفسي والاهتمام به محور هام في الموقع كذلك الاهتمام بالطفل ثقافة وصحة »

ماذا تود البحث عنه ؟

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

645,680

مصر بخير

                         
* الشكر واجب للسيد العقيد هشام سمير  بجوازات التحرير , متميز في معاملة الجمهور على أي شاكلة ..

* تحية للمهندس المصري محمد محمد عبدالنبي بشركة المياه