تمهيد
حري عن البيان انه قد عانت دول العالم أجمع على مدى العشرين سنه الماضية من عدم توافر الدوريات العلمية داخل مؤسساتها العلمية والبحثية، وكان إرتفاع تكاليف النشر العلمى والمصحوب في ذات الوقت بالنقص المستمر لميزانيات التزويد بشكل عام هوالسبب الرئيسي وراء ذلك. وقد زاد الامر صعوبة في هذين العقدين عندما أصبح قطاع النشر العلمي حكرًا على كبار الناشرين، الذين كونوا بدورهم تحالفات واضحه سعت للسيطرة على سوق النشر العلمي لصالحهم وعلى الرغم من ذلك فان هذا الوضع وهذه التحديات جاء متزامنًا مع أفاق جديده في قنوات توزيع المعلومات التي أظهرتها شبكة الإنترنت في عالم النشر ، وعزز الامر من خلال دعوة الكثيرين إلى ضرورة التغيير لأصلاح العلاقة بين البحوث ونشر البحوث من خلال الوسائل الحديثة للنشر التي أحدثتها ثورة الإتصالات. وتضافرت هذه الأمور كلها لتؤدي في النهاية إلى بعض التغييرات التي أثرت على بيئة النشر.
وشكل هذا المناخ العام أهم مبعث لفكرة مجئ التدفق الحرopen access كفكره مثالية، وكنموذج جديد لعالم متفتح التفكير يبغي تغيير المشهد الخاص بالنشر العلمي وتسهيلالخطاب العلمي الذي تعيقه الكثير من المشاكل الهيكلية في عملية النشر، والتدفق الحر طريقة وتجربة جديدة للنشر أكثر إبداعًا، واقع فكرتها هي التحرر من العزلة التقليدية التي تفرضها قيود النشر التجاري على المجتمع العلمي، لأن تحقيق التدفق الحر يتطلب مجرد نماذج جديدة لإسترداد تكاليف النشر وإبتكار آليات جديدة للتمويل ( قد تأتي من قبل الحكومات والجهات الممولة للبحوث العلمية والمؤسسات التعليمية المتبنية للبحث العلمي ) [1]فالوصول إلى نموذج مثالي للتدفق الحر ليس بصعب المنال، لذا كانت نظرة العالم الغربي لكيفية الوصول للتدفق الحر للمعلومات العلمية نظرة واثق بأن الهدف من تحقيق الوصول للمعلومات العلمية المحكمة قابل للتحقيق وبكل سهولة وليس من قبيل الخيال. ولذلك ففي هذا البحث سنتعرف على بدايات ونشأة ظهور مصطلح التدفق الحر وأهم التعريفات الخاصة بمصطلح التدفق الحر، وكذلك التعرف على كيفية تحقيق إستراتيجيات التدفق الحر .
أولا : النشأة التاريخيةلمصطلح التدفق الحر
جاءت بدايات مفهوم التدفق الحر في عام 1966، عندما أعلنت وزارة التربية والتعليم الامريكية في حركة غير مسبوقة في تاريخ العلم تقديمها لمحتويات قاعدة بيانات مركز مصادر المعلومات التربوية(ERIC) Education Resources Information Center بشكل حر للجميع أدراكًا منها لقيمة إتاحة المعلومات العلمية للجميع دون أية عوائق، وكان ذلك قبل بدايات أزمة الدوريات وأزمة النشر العلمي التي ظهرت بوضوح عام 1980 والتي اتضحت من خلال القيام بالعديد من الدراسات المستفيضة التي نفذت من قبل العلماء والمكتبات الذين وجدوا أنفسهم أمام إرتفاع دائم لأسعار الدوريات، وإنخفاض قدرة ميزانيات المكتبات على الشراء، واثبتت تلك الدراسات ان إرتفاع الأسعار لم يكن نتيجة طبيعية لزيادة تكاليف الإنتاج ولكن نتيجة لتوخي أكبر نسبة ربح للناشرين. ولذلك وخلال هذا الوقت بدأ اصوات المكتبين في الإرتفاع للإحتجاج على إنخفاض ميزانيات المكتبات وبدؤا في مطالب قوية لتحسينها ودعمها.[2]
ومن الجدير بالذكر أنه قد اشتعل الحماس مرة أخرى وتأجج لخدمة فكرة التدفق الحر في عام 1989، عندما أعلن السيد الدكتور ايدي فان دير Eddy Van Der Maarel عن إستقالته من منصبه كرئيس تحرير مجلة Vegatatio إحتجاجًا منه على سياسة ناشر الدورية وإقتناعًا منه على أن العمل الفكري وراء نجاح أي دورية وزيادة ربحها، وبالتالي لابد من تعويض المؤلفين ماليًا بشكل مقبول نظير أعمالهم العلمية، الإ إنه وجد نفسه أمام ناشر يسعى للربح دون أي تقدير لقيمة المعلومات العلمية وقيمة مبدعيها. على الرغم من ان هذه الدورية كانت من اكثر الدوريات ربحية في شركة النشروولترز كلوفرWalters Kluwer حين ذاك. ومن ثم جاءت فكرته الإحتجاجية للإعلان عن ضرورة دعوة العلماء للسيطرة على عملية النشر بدلًا من الإعتماد على شركات النشر التجارية ، ليعلن بهذه الدعوة على رسالة هامة تقوم عليها فكرة التدفق الحر الآن وهي التحرر من إحتكار الناشرين للأسعار والأسواق الخاصة بالنشر العلمي .
ولقد نضجت فكرة التدفق الحر وأخذت مأخذها الصحيح منذ بدايات عام 1990 وما بعدها عندما ظهرعدد من العلماء المغامرون في مختلف التخصصات ليعلنوا نشرهم لعدد من الدوريات المتاحة على الانترنت مجانًا دون مقابل مما دعى البعض لتفكير في هذا النموذج الجديد . وجاء عام 1991 حاملاً معه فكرة إنشاء أول الأرشيفات الحرة بواسطة السيد بول جنسبرج Paul Ginspargوذلك في مدينه لوس الاموس Los Alamos والذي اطلق عليه اسم اركسيف Arxiv . حيث يقدم هذا الأرشيف إتاحه مقالات الدوريات قبل نشرها (المسودات ) في مجال الفيزياء وذلك لشعور العلماء الفيزيائين بإلتزامهم بنشر الأعمال العلمية في المجتمع. ولشعورهم بأن هذا الأرشيف ما هوالإنموذج للأتصال العلمي بين العلماء في عصر ساد فيه عنصر التكنولوجيا. وخلال الفترة نفسها أنشات بعض شركات النشر التي أدركت وستثمرت بقوة مميزات الإنترنت وقامت برفع الأسعار الخاصة بالدوريات وخصوصا المصادر الطبية والتقنية والهندسية STMScientific, Technical & Medical. [3]
وبعد ثلاث سنوات أرتسمت فكرة الأرشفة الذاتية في خلد وذاكرة السيد ستيفن هارند Steven Harned عندما أعلن على الإنترنت إقتراح يسأل فيه الباحثين أرشفة أوراقهم العلمية وإيداعها في متناول الجميع في أرشيفات تعتمد على الإنترنت في جميع المجالات، بحيث يستطيع العلماء إزالة الحواجز التي تعوق البحث والوقوف أمام إرتفاع الأسعار. وقد أدى إقتراح ستيفن إلى مناقشات مستفيضة أدت إلى دفع العجلة نحوالحركة الجديدة التي أطلق عليها فيما بعد التدفق الحر حيث كان ستيفن هوالصوت الشجي بعد بول جنسبرج نحوالتغيير الفعلي والدعوة إلى الأرشفة الذاتية لمؤلفات المؤلفين على الأقل داخل مواقعهم الشخصية. [4]
وجاءت نهاية هذا العقد معلنة مرة أخرى عن إنزعاج المكتبات من الإرتفاع المفاجئ للأسعار، ولتعلن أيضا في عام 1998 على وجه التحديد إنطلاق وإعلان رابطة المكتبات البحثية ( لإتحاد النشر العلمي والمصادر الأكاديمية )(Sparc)Scholarly publishing and academic resources coalition كوسيلة لإيجاد الحلول ولتوفير عائد التكاليف مع الجودة العالية، ولايجاد بديلا عن الدوريات التي تصدرها دور النشر الكبري وذلك للوقوف أمام إرتفاع الأسعار. وفي عام 1999 إقترح العالم الطبيب هارولد فارموس ( Harold Varmus ) الحائز على جائزة نوبل، والقائم بعمل مدير المعهد الوطني للصحة في الولايات المتحدة في ذلك الوقت، إنشاء أرشيف حر يتيح المقالات العلمية المحكمة وغير المحكمة، وولد إقتراحه هذا الكثير من الأنتقادات من قبل الحكومة الفيدرالية التي كانت تحاول السيطرة على النشر العلمي وبالفعل أنشئ نواة أرشيف ( BMC) Pubmed centralالأرشيف الرقمي الذي يدار بواسطة المكتبة الوطنية للطب. [5]
وفي عام 2000 قامت رابطة جامعات الولايات المتحدة ورابطة المكتبات البحثية Association of American university and Association of Research librariesبإطلاق مبادئ تسمي Temp Principle for Emerging Systems of Scholarly publishing وهذه المبادئ كانت تنص على أن تكلفة نشر البحوث ينبغي أن تستكمل من قبل المنح الدراسية، ويجب أن توزع على أوسع نطاق بشكل مجاني لأن القدرات والإمكانات الإلكترونية لديها الآن القدرة على توفير الوصول إلى أبحاث تلك المنح بأقل الأسعار. وبالتالي كانت مبادئ Tempهي الدافع الأول الذي دفع جميع المؤسسات التعليمية والوكالات التمويلية بعد ذلك لتحمل نفقات النشر العلمي التي يطلبها الناشرين من الباحثين الحاصلين على منح دراسية أو على تمويل مشروعاتهم البحثية. [6]
وفي عام 2001 قام فارموس بالتعاون مع كل من السيد مايكل ايسن Michael Eisen والسيد باتريك براونPatrick Brown بتأسيس المكتبة العامة للعلوم (plos) Public Library of Science، والتي ظهرت كأول حركةجريئة لاقناع العلماء لمقاطعة التحرير والنشر في الدوريات التي لا تجعل محتواها متاحاً بحرية في أرشيف pmc وبالفعل فقد وقع وتعهد نحو34 الف مؤلف من مختلف أنحاء العالم بالقيام بذلك، ولكن لم تحظ تلك الحركه الإ بامتثال عدد قليل جدًا من العلماء الذين التزموا بسابق عهدهم [7]، ولكن بلا شك أن الإجراء الذي قام به فارموس قد زاد من تسريع من وتيرة الدعوة للاصلاح في نظام الإتصال العلمي.
الإ إن في كل هذه البدايات لم يظهر للعيان أو على الساحة مصطلح التدفق الحر للمعلومات بشقيه open ، access. ولكن الأمر كله كان يكمن في تلك الرغبة الكبيرة والصادقة من المؤلفين في إستغلال جميع الإمكانات الإلكترونية المتاحة في ذلك الوقت، بالإضافة أيضا إلى إستغلال حماسهم في إتاحة أبحاثهم العلمية دون مقابل حيث وجد المؤلفون أنفسهم بأنهم هم الذين يضعون مقالاتهم العلمية في دوريات عالية الثمن، وهم أنفسهم الذين يتنازلون عن حقوق التأليف والنشر لأعمالهم للناشر، وهم أنفسهم الذين وجدوا أنهم لا يستطيعون رؤية الناتج النهائي لمقالاتهم، لأن مكتباتهم ومؤسساتهم غير قادرة على تحمل إشتراكات هذه الدوريات ووجدوا أنفسهم في حاجة إلى الحصول على اذن عندما يريدون إستخدام أعمالهم في أي منشورات أخرى، وهذا بالطبع كان أمراً مثيراً الدهشة والتعجب. وبالتالي ظهر واجباً أخلاقياً لديهم هودعم مفهوم التدفق الحر للمعلومات للتخلص والفكاك من أحتكار الناشرين لسوق النشر العلمي وإستغلالهم له دون النظر الي مسمي ذلك المصطلح وانما النظر فقط الي الهدف المنشود وراءه . [8]
وجاءت فكرة التدفق الحر للمعلومات العلمية كذلك نتيجة شعور الكثير من المؤسسات العلمية والحكومات في الدول المتقدمة بالقلق إزاء خصخصة العلم والملكية الفكرية في العالم، وعدم المحافظة على الإستقرار العلمي في بلدانهم وداخل البلدان النامية. [9] وكذلك أيضا نتيجة لإدراكهم بأن مهمتهم المتمثلة في نشر المعرفة العلمية تعتبر نصف كاملة إذا لم تكن المعلومات متاحة بسهولة وعلى نطاق واسع داخل المجتمع، واشاروا إلى أن الإمكانيات الجديدة في النشر وثورة المعلومات يجب إستخدامها في نشر المعرفة، ليس فقط في النشر في أشكاله الكلاسيكية وإنما أيضا عن طريق الأشكال الجديدة للنشر كنموذج التدفق الحر عبر الإنترنت.[10]
فكان كل هذا هوحجر الآساس لأكبر حركة رسمية خاصة بمفهوم التدفق الحر للمعلومات العلمية التي أطلقتعام 2002عندما وقعت مبادرة بودابست، وكانت تلك المبادرة هي نقطة الإنطلاق الحقيقية لجميع المبادرات الساعية للتوصل إلى التدفق الحر للمعلومات العلمية ولتنفيذ إستراتيجياته، والتي هدفت جميعها لإعادة تقييم العلاقة بين كل من الحكومات والمؤسسات التعليمية والباحثين والناشرين والدوريات الرابحة والتي سيتم دراستها بالتفصيل في الفصول التالية.
ولكن وبعد هذا العرض الموجز والمحدد عن نشأة المصطلح وتطور نموه كفكره راودت أذهان العلماء يأتي الدور لتعريف المصطلح تعريفًا دقيقًا من خلال أهم ما جاء في مبادرات ذلك المفهوم، فلا شك في أن كثيرًا من المشكلات التي تحدث في الإتصال العلمي في أي تخصص من تخصصات المعرفة، تنتج من الإلتباس أو عدم وضوح المصطلحات المتداولة في هذا التخصص بين الباحثين المنتمين إليه. فالمصطلح عنصر رئيسي من عناصر المنهجية في البحث العلمي،ولهذا كان من الضروري قبل الخوض في موضوعات هذا البحث أن نتعرف على ماذا يقصد بمصطلح التدفق الحر للمعلومات العلمية ؟ وما طبيعة الأدب العلمي الذي يقع تحت نطاق هذا المصطلح ؟ وهل يعاني هذا المصطلح في مجتمعنا العربي من كثره المدلولات اللفظية التي تعبر عنه ؟ وهل واجه المصطلح هذه المعاناه في كثرة الألفاظ المستخدمه للدلالة عليه في المجتمع الغربي ؟ كل هذه الأسئلة سيتم الإجابة عليها في السطور التالية .
ثانيًا : التدفق الحر : التعريف والإشكاليات والإستراتيجيات
1. تعريف التدفق الحر للمعلومات العلمية ومؤلفاته
عرّفت مبادرة بودابست مؤلفات التدفق الحر بأنها ذلك " الأدب العلمي الذي يقدمه العلماء طواعية للعالم دون إنتظار الدفع – ولقد لوحظ أن العلماء على إستعداد وبشكل دائم لنشر ثمار أبحاثهم في الدوريات العلمية بدون الحصول علي أي مقابل – وهذه الفئة تشمل ( الأبحاث العلمية المحكمة والمسودات الغير محكمة ) وتلك المسودات وضعت على شبكة الإنترنت قبل تحكيمها، ولكنها قصدت التحكيم بالدوريات في مرحله لاحقة، بعد التعليق عليها من قبل أراء العلماءوالزملاء داخل المجال الواحد وذلك لتنبيههم بنتائج أبحاثهم الجديدة، ومن ثم السماح لهؤلاء المستفيدين بقراءته وتنزيله ونسخه وتوزيعه وطباعته وإستخدامه في أي غرض مشروع، دون أيه قيود مالية أو قانونية أو حواجز تقنية، والقيد الوحيد الذي ينبغي أخذه بعين الإعتبارهوحقوق التأليف والنشر الذي تعطي المؤلف الحق في السيطرة على سلامة عمله وحقه بالإستشهاد بعمله الإستشهاد الصحيح ".[11]
وعلى الرغم من فضل مبادرة بودابست في توجيه الإنتباه لمفهوم التدفق الحر ومؤلفاته، الإ أنها لم تترك البصمة التي تركتها مبادرة بيثسدا في أذهان العلماء في تعريف ذلك المفهوم، فمبادرة بودابست لم تقدم تعريفاً دقيقاً لما تعنيه مؤلفات التدفق الحر الذي اراد فهمه العلماء بشكل جيد، وكان هذا الإنجاز من قبل مبادرة بيثسدا في أبريل عام 2003 والذي عقد في معهد هوارد هيوجز الطبي في تشيفي تشيس بولاية ميريلاند Howard Hughes Medical Institute in Chevy Chase, Marylandحيث حددت المبادرة ضرورة إجتماع شرطين في مؤلفات التدفق الحر هما :
أ . " أن تكون تلك المؤلفات مقدمة من قبل المولفين أو من أصحاب حق التأليف والنشر، لجميع المستفيدين في جميع أنحاء العالم بشكل حر ودون رجعة في ذلك، مع الحق في الوصول إلى ترخيص لنسخ وإستخدام وتوزيع ونقل وعرض العمل علنا للجميع وتقديم وتوزيع أية أعمال إشتقاقية في أي وسط رقمي لأي غرض علمي وذلك شريطة الإسناد الصحيح للتأليف، وكذلك الحق في تقديم بعض النسخ مطبوعة لإستعمالتهم الشخصية ".
ب . " إيداع نسخة كاملة من العمل وجميع المواد التكميلية، بما في ذلك اذن نسخ العمل في شكل الكتروني موحد مناسب يودع فور نشر العمل في أحد الأرشيفات على شبكة الإنترنت، التي تدعمها مؤسسة أكاديمية أو المجتمع العلمي أو الوكالات الحكومية أو أي منظمة تؤيد مبادئ التدفق الحر في النشر غير المقيد والحفظ على المدى الطويل ". [12]
الجديد اذاً في مفهوم التدفق الحر الخاص بمبادرة بيثسدا أننا نستطيع ليس فقط التنزيل والقراءة والزحف والبحث والربط لتلك المعلومات، بل الأعظم اننا نستطيع إعادة توزيعها ونسخها في أعمال مشتقة جديدة مثل ( ترجمة النص الأصلي للغات أخرى ) وبالتالي ميزت المبادرة الفرق بين مصطلح التدفق الحر للمعلومات العلمية open accessومصطلح الوصول المجاني Free Access في الإستخدام غير المقيد للمشتقات، وكذلك زاد تعريف مبادرة بيثسدا على تعريف بودابست ضرورة الإيداع في أرشيفات حرة تدعم بواسطة المجتمع العلمي لضمان القيمة العلمية والنجاح المستمر للأرشيفات الحرة، وكذلك أضافت تلك المبادرة للتعريف إمكانية إتاحة وتقديم بعض النسخ المطبوعة من المقال العلمي للإستخدام الشخصي ولاي إستخدام علمي. [13]
واخذ تعريف مبادرة بيثسدا في الانتشار بين العلماء ليصبح هواساس التعريفات التي تتردد في نصوص ومتون المبادرات التي جاءت بعدها مثل (مبادرة برلين ومبادرة مؤسسة ويلكم ترست ومبادرة الافلا ) ليصبح بذلك هوأفضل وأشهر تعريفات التدفق الحر للمعلومات. وفيما يلي أنتقل الي اشكالية المصطلح مع كثرة المدلولات اللفظية التي تعبر عنه سواء في مجتمعنا العربي أو في المجتمع الغربي.
2. إشكالية المصطلح
2/1. إشكالية المصطلح في اللغة العربية
كثيرا ما يحدث أن يحمل المصطلح الواحد في اللغة المصدر، معاني متعددة تكون ناتجة في الغالب الآعم عن إستخدامه في أكثر من مجال موضوعي، وهذا يؤثر بدوره على تعدد الدلالات العربية له نتيجة لتعدد معانيه ، وهذا ما حملة شقي مصطلحنا Open Accessالذي حمل العديد من المقابلات فياللغة العربية والتي نتناولها فيما يلي :
2/1/1. التعدد الدلالي للمصطلح التدفق الحر Open access
مصطلح Open
ويمثل الشق الأول من المصطلح كلمةopenوالذيتعتبر من الكلمات التي حظيت بالعديد من النقاشات حول معناها واستخدامها وافضل الطرق لترجمتها. وبخصوص المعني اللغوي فقد جاءت الكلمة في القواميس اللغوية بعدد كبير من المعاني حيث وصف المصطلح في صورة صفةبالمعاني العربية التالية :
أ . بمعني المَفْتُوحٌ : وهي كلمه من مادة ف. ت.ح. فجاءت " بَابٌ مَفْتُوحٌ " أي مُشْرَعٌ عَلَى مِصْرَاعَيْه ِأي الشيء الذي يتم فتحه ليسمح بالدخول إليه.
ب . والمعني الثاني اي الحُرُّ : وهوما جاء في قاموس اكسفورد الذي اضاف المعنى الدلالي حرة Unrestricted، وكذلك الخالي من القيود ووصفت الكلمة بذلك من خلال ما جاء في الوصف التالي "freelyavailable or accessible; unrestricted" [14] وتعني الحر في العربية المتصرّف في نفسه وهوخلاف العبْد، من لا يخضع للأسر أو السّجن ؛ هوحرُّ طليق بعد الأسر ـ من كل شيء وايضا بمعني الخالص فالذهب الحُرّ ٌ أي الخالص من الأشياء ومنتقي أفضلها وكذلك بمعني المستقلّ فالقطاع الحرّ، هوالمستقل عن الدولة والاقتصاد الحرّ هوالذي لا يخضع لسيطرة الدولة والتعليم الحرّ، هوالذي لا تسيّره الدولة / هوحُرّ من كلِّ التزام والحر من القول أو الفعل : الحسن منه والحر من الدار : وسطها .[15]
ج. وجاء ايضا بمعني المطلق، المشاع، المجاني، المتاح، الي اخر ذلك من المترادفات.
وبالتالي ظهر المصطلح لغوياً كمصطلح تتضارب معانيه اللغوية العربية بين أكثر من معني. وفي اللغة الإنجليزية اخذ المصطلح نفس المنحى تقريباً الذي خطاه نظيره العربي.
ومن العرض المنصرم نجد ما حمله المصطلح من اختلاف في معناه اللغوي بين اللغوين اما عن استخدامه فقد حمل نفس النهج في الاختلاف بين العلوم، ومايهمنا الآن هوعرض المصطلح في اطار تخصصنا العلمي، فقد استخدم المصطلح في مجال المكتبات والمعلومات منذ وقت طويل، فلم يكن بالغريب على قطاع المكتبات والمعلومات سماع كلمة open لأول مره في مصطلح دراستنا فقد استخدم منذ بداية ظهوره كاحد عناصر الكلمات الاساسية للعديد من المصطلحات، وترتب علي المصطلح الكثير من الأختلاف في الاستخدام، فالتضارب الذي ظهر في المعني اللغوي للمصطلح قد إنتقل بدوره إلي مجال المكتبات والمعلومات، حيث دار الجدل وانتقل حول استخدام دلالة الكلمة ومازال حتى الآن غير مستقر أو متفق عليه بين المتخصصين.
فقد استخدم مصطلح openفي العديد من المصطلحات الخاصة بأنشطة المكتبات ومراكز المعلومات، وترجمت إلي كلمة الحر أو المفتوح أو غير المكتمل أو غير المقيد أو المطلق. واستخدمت بذلك كلاحقة لكلمة ما لتعطي معني اصطلاحي يستخدم ليدل علي معني معين. ومن الامثله على ذلك نجد استخدام الكلمة في مجال التزويد في ( مصطلح أمر التوريد المفتوح Open orderوالسعر الحر Open rate وفي الاعداد الفني وجدنا مدخل مفتوح أو مدخل غير مكتمل Open entryوكذلك فهرس مطلق وغير مقيد open catalog..الخ ذلك من المصطلحات التي كان اخرها مصطلح Open Access بمعني تدفق حر أو وصول مفتوح (.[16]
وإذا كانت كلمة Openقد أثارت الكثير من الجدل، فإن الشق الثاني من المصطلح وهوالمعبر عنه بكلمة Accessالتي استخدمت بمعاني متنوعة ليست في التخصصات المختلفة فقط، بل أيضا داخل التخصص الواحد وهذا ما سوف تتعرض له الباحثة فيما يلي.
مصطلح Access
كما سبق القول هوالشق الثاني من مصطلح دراستنا واثار بدوره اهم اختلافاً ملحوظاً جاء في ترجمات المصطلح داخل دورياتنا العربية فلكلمة accessدلالات لغوية متعددة ففي اللغة الانجليزيةجاءت الكلمة في عدة معاني منها علي سبيل المثال :
أ. الطريقة، الاسلوب، الطريق، المنفذ، الوسيلة، السماح أو الاحقية في الاستخدام أو النظر، الوصول، المدخل، إلى غير ذلك من كلمات تدل على إمكانيةالوصول والاستخدام. [17]
وعبر عن مصطلح Accessكذلك بدلالات متعددة في كل مجال علمي إستخدم فيه، فنجده في بيئة الحاسبات والشبكات والإنترنت يحمل معني مختلف عن ما يعنيه المصطلح في قواعد البيانات وعملية التكشيف والأرشيف، ولإيضاح الفكرة نجد كلمة Accessإستخدمت للدلاله على :
§ " عملية الوصول إلى مكان تخزين البيانات في ذاكرة الحاسب الآليArm Access بمعني ذراع الوصول.
§ عملية الإستدعاء للبيانات المختزنة في ذاكرة الحاسب الآلي Direct Accessأي الوصول المباشر.
§ عملية الإتصال بالإنترنت وقواعد البيانات مثل Database Access. Internet Accessبمعني الإتصال بالإنترنت والإتصال بقواعد البيانات.
§ بمعني المداخل ونقاط الإتاحة أو الإسترجاع أو الوصول في الكشافات مثل Access Pointأي نقاط الإتاحة .
§ وبمعني الإتاحة أو تيسير الحصول على السجلات في مجال الأرشيف كنتيجة لرفع الحظر والقيود القانونية المفروضة على الإطلاع عليها أي وقت الوصول أو الإتاحة في مصطلح Access time" [18].
ويقول محمد فتحى عبد الهادي نقلا عن Dictionary for library and information scienceان البعض يستخدم مصطلح Accessبمعني الإتاحة أو كلمة الوصول أو النفاذ، " ويقصد به في علم المكتبات بإمكانات الإفادة من مصادر المعلومات المتوافرة بالمكتبة أو مركز المعلومات سواء بشكلها المادى أو المختزنة إلكترونياً أو من خلال إمكانات الوصول إليها بواسطة شبكات للمعلومات المتاحة لمجتمعها.وفيما يتعلق بالحاسب فإن المصطلح يعنى قدرة المستفيد على الوصول إلى البيانات المختزنة على حاسب ". [19]
وقد أدت هذه الإستخدمات المتعددة للكلمتين access open ,إلى تعدد وتباين المقابلات العربية للمصطلحات الداخله في تكوينها، وكان من بينها مصطلح بحثنا Open Access حيث أنه خلال تتبع المعنى المقصود بالمصطلح خلال البحوث والمقالات المنشورة باللغة العربية (الانتاج الفكري العربي ) بلغ عددها44 قامت بحصرها الباحثة من خلال ببليوجرافية احمد فراج الخاصة بالتدفق الحر حتي عام 2009*وكذلك الإنتاج الفكري العربي في مجال المكتبات والمعلومات لمحمد فتحي 2005-2007 *واتضح منها ما يلي:
وجود عدة مقابلات عربية لمصطلحنا مثل الوصول الحر، الإستعمال الحر، النفاذ الحر، الإتاحة الحرة، التدفق الحر، الإتاحة غير المقيدة ، الإتاحة غير المشروطة انظر الجدول رقم (1 )
الجدول رقم (1) تعدد مقابلات مصطلح التدفق الحر في الإنتاج الفكري العربي حتي عام 2009
المصطلح المستخدم |
عدد تكراره |
النسبة المئوية |
الوصول الحر |
28 |
63.6% |
الإستعمال الحر |
2 |
4.5% |
حرية الوصول |
1 |
2.2% |
النفاذ الحر |
4 |
9.1% |
التدفق الحر |
2 |
4.5% |
الإتاحة الحرة |
2 |
4.5% |
الإتاحة غير المقيدة |
1 |
%2.2 |
الإتاحة غير المشروطة |
1 |
2.2% |
الوصول المفتوح |
3 |
6.8% |
المجموع |
44 |
100% |
يتضح مما سبق ما ناله المصطلح من كثرة عدد المقابلات الصالحة للتعبير عن المفهوم الخاص بالمكتبات داخل الإنتاج الفكري العربي، والذي استحوذ فيه مصطلح الوصول الحر على أجماع العدد الاكبر من المؤلفات حيث وصلت نسبة استخدامه 63.6% بعدها جاء مصطلح النفاذ الحر بأربع اصوات اي ما يمثل 9.1% وجاء في المرتبة الثالثة مصطلح الوصول المفتوح ليصل نسبته الي 6.8 % وتساو بعدها التدفق الحر والإستعمال الحر والإتاحة الحرة بنسبة 4.5 % وجاء في ذيل الترتيب مصطلح الإتاحة غير المقيدة والإتاحة غير المشروطة لتمثل 2.2 % من الاستخدام .
ومن خلال العرض السابق أود أن أشير الي قول عبد الرحمن فراج في " أن اللغة العربية بطبيعتها ثرية، وهي ليست ملكًا لأحد، بل هي ملك للجميع. وان تعريب المصطلحات اجتهاد، ولأن لكل باحث اجتهاده، فليس من المطلوب منا أن نبحث عن مصطلح واحد لكي يتبعه الجميع. فالاجتهاد مبنٍ، فضلا عن الخلفية العلمية، على الحس اللغوي. ولذلك قد نستسيغ مصطلحا وقد لا نستسيغ آخر. لكن هذا المصطلح الآخر قد يستسيغه غيرنا ويفضله ".[20] ورغم ذلك التعدد فقد ظل مفهوم هذا المصطلح يعبر في جميع مؤلفاتنا العلمية عن هذه الطريقة الجديدة للنشر، ولم نجد المصطلح يعبر عن غير ذلك في أي مجال علمي آخر. وعلى النقيض من ذلك تماما كان الإنتاج الفكري الأجنبي حيث أن معنى المصطلح واحد لم يتغير، ولكن أشتهر المصطلح بشكل سريع ليمتد إستخدامه لأكثر من تخصص علمي ليعبر عن مفاهيم مختلفة داخل كل تخصص إستخدم له وما يلي يوضح ذلك.
2/2. إشكالية المفهوم في اللغة الأجنبية
ظل مصطلح التدفق الحر ومفهومه ثابتاً في اللغة الإنجليزية، ليعني هذا النوع الجديد من النشر، الذي شاع إستخدامه عام 2002 عند نشأة مبادرة بودابست، إلى أن جاء عام 2005 ليأخذ المصطلح الكثير من الشهرة التي جعلته يتسرب إلى العديد من التخصصات ليعني مفاهيم أخرى خارج تخصص المكتبات، فوجدنا الكثير من المقالات العلمية التي تحمل مصطلح التدفق الحر في مجال الكهرباء والطب والبترول. وأصبح الباحث عن إستراتيجية بمصطلح التدفق الحر يعاني من ظهور الكثير من نتائج البحث التي تحمل معاني متعددة للمصطلح، وتزيد الأمر صعوبة للوصول إلى المقالات ذات الصلة بالموضوع الأصلي، ويظل الباحث يعاني طول الوقت الذي يقضيه للفصل بين الموضوعات الحقيقية ذات الصله بموضوعه عن تلك الموضوعات غير المجدية لموضوع بحثه، ومن أمثلة هذه النتائج كثيرة البعد عن معني التدفق الحر داخل تخصص المكتبات نجد الكثير من المقالات التي تحملالمصطلح ليعني أصابات النخاع الشوكي An open access article about spinal cord Injuryوكذلك موضوع النمذجة الهيدرولجيةAn open access article about hydrological modeling. [21]
3. إستراتيجيات تحقيق التدفق الحر للمعلومات العلمية
بمجرد ان نستهل حديثنا عن إستراتيجيات تحقيق التدفق الحر، نكتشف الكثير من الدراسات التي تتناول بالشرح أنواع تلك الإستراتيجيات، حيث تعبر تلك الدراسات عن مميزات وامكانيات كل نوع بالشكل الذي يراه البعض مناسبا لتحقيق جزء من إمكانية التدفق الحر. ومما يحظي بالاعجاب في هذا الصدد حديث المؤلف " ان اركسون Ann Okerson " حيث شبه الحديث عن تلك الإستراتيجيات والأنواع المختلفة للتدفق الحر للمعلومات بنكهات الآيس كريم المختلفه فكل منها له مذاقه وجماله الخاص عند البعض وكل منها له المؤيد والمعارض ولكن يشير اركسون في النهاية انه يجب على الجميع إدراك أن هل يستحق هذا التنوع في النكهات بالفعل ان يطلق عليه تدفق حر ؟ !!!. [22]
فالبعض يري أن إتاحة المؤلفات العلمية على صفحات المؤلفين على الانترنت تدفق حر، ومنهم من يرى أن الوصول الجزئي إلى بعض المقالات العلمية التي تتيحها بعض الدوريات كدعاية لمحتوياتها تدفق حر، ومنهم من يرى التدفق المزدوجالذي يقوم على توزيع نسخة الكترونية حره للجميع بجوار النسخة المطبوعه ذات الإشتراكات كذلك تدفق حر، والبعض الآخر يرى أن برامج إتاحة المعلومات العلمية للدول النامية ماهي الإ نوع من أنواع التدفق الحر. ولكن على أيه حال لا بد أن ندرك أن هذه الإستراتيجيات والنكهات سواء اتفقنا أو اختلفنا على كونها نوعا يقدم تدفق حر للمعلومات. فعلينا أن نتفق جميعا أن جميعها تساعد في زيادة الإتاحة الحرة أكثر من النماذج التقليدية بكل تأكيد.
ولكن أجملت مبادرات بودابست وبرلين وبثيسدا الأمر في أن هناك استراتيجيتان لتحقيق التدفق الحر للمؤلفات العلمية هما :
§ استراتيجية الأرشفة الذاتية للمؤلفات .
§ استراتيجية دوريات التدفق الحر.
3/1. الأرشفة الذاتية Self-archiving
هي عملية إيداع احد المؤلفات أو الأبحاث العلمية بشكل رقمي في احد المواقع المتاحة لذلك والتي يطلق عليها (الأرشيفات الحرة أو المستودعات الحرة ) وتستخدم في إنشاء هذه الأرشيفات أدوات وبرامج الكترونية معينة مثل (( Fedora , DSpace , Eprint تتوافق غالب تلك البرامج مع مبادرة الأرشيفات المفتوحة، وهي مبادرة تحكم معايير إنشاء وإستخدام وإسترجاع تلك الأرشيفات، بحيث عندما تشترك هذه الأرشيفات في هذه المعايير الخاصة بتلك المبادرة تصبح محركات البحث وغيرها من أدوات نظم إسترجاع المعلومات، قادرة على أن تعالج هذه الأرشيفات المنفصلة كأرشيف واحد وبالتالي يسهل على المستفيد عملية البحث، وكذلك معرفة موقع هذه البيانات في الأرشيفات المختلفة . وتستخدم هذه البرامج واجهات تعامل بسيطة تسمح لصاحب العمل بوضع جميع البيانات الببليوجرافية للمقال العلمي المراد أرشفته، وبعد ذلك يتم تحميل النص الكامل لهذا المقال والقيام بعملية الأرشفة الذاتية لا تأخذ أكثر من عشر دقائق من قبل مؤلف المقال العلمي أو من فوض للأرشفة الذاتية. [23]
والأرشيفات الحرة تنقسم إلى نوعين :
3/1/1. أرشيفات مؤسسية Institutional archives
وهي أرشيفات نشأت داخل مؤسسة معينة ( قد تكون هذه المؤسسة جهة علمية كجامعة أو مركز بحوث أو جمعية علمية أو مكتبة أو احد الجهات الممولة للبحوث العلمية ) بحيث يمكن لجميع التابعين لهذه المؤسسة من الباحثين والعاملين بها إيداع مؤلفاتهم العلمية، داخل هذه الأرشيفات دون النظر إلى طبيعة التخصص الموضوعي لهذه المؤلفات.
3/1/2. أرشيفات موضوعية Subject archives
وهي أرشيفات تخصصيه تتبع مجال موضوعي معين، وتجمع المؤلفات العلمية لهذا التخصصومن أشهر الأرشيفات الحرة المتخصصة وأقدمها الأرشيف الحر أركسيفالمتخصص في الفيزياء المنشئ في جامعة كورنلUniversity Cornel
والأرشفة الذاتية تنقسم بدورها إلى نوعين وفقا للطريقة التي ينشر أو يودع بها المؤلف العلمي داخل الأرشيفات الحرة، وفيما يلي عرض للنوعين :
أ. إيداع المؤلفات العلمية قبل نشرها في الدوريات وهي ما يطلق عليها (المسودات العلمية ).
يقوم فيها المؤلف بنشر مقالاته العلمية التي لم تنشر بعد أو ما يطلق عليها المسودات في احد (الأرشيفات المؤسسية أو الأرشيفات التخصصية بمجالاتهم العلمية) وهي عادة ما تكون النسخة المقدمة للدورية قبل تحكيمها فالعمل قبل التحكيم هوملك للمؤلف وهوصاحب الملكية الفكرية، وبالتالي فهوالمسئول الوحيد عن توزيعها بالطريقة التي يراها هومناسبة له ومنها الأرشفة الذاتية.
ب . إيداع المؤلفات العلمية بعد نشرها في الدوريات.
وهي عملية إيداع نسخة المقالة التي تم تحكيمها من قبل المحكمين داخل احد تلك الأرشيفات الحرة.
وتتبع الأرشيفات الحرة سياستين في الإيداع لمحتوياتها العلمية فإما أن يكون إيداع الزامي أو إيداع اختياري
الإيداع الإلزامي
هو ذلك الإيداع الذي تفرضه بعض ( الحكومات والمؤسسات التعليمية أو الهيئات الممولة للبحث العلمي) على الباحثين والناشرين التي تمولهم من خلال حصولهم على المنح العلمية، أو على الرسوم المالية الخاصة بنشر المقالة في شكل حر والمسماه بنموذج دفع المؤلف، وذلك بالزامهم بإيداع مقالاتهم فور نشرها في الأرشيفات الحرة المؤسسـية التي ترعـاها، مـثل ما تقوم به المؤسـسة البـريطانية الخيرية ويلــكم ترست wellcome trustفي الزام الباحثين الحاصلين على منح علمية بإيداع مقالاتهم العلمية في أرشيفpubmed central (pmc) فور نشرها بالدوريات، وكذلك الزام بعض الناشرين التي تتعامل معهم المؤسسة مثلBlackwell , oup , Springer)(في تعزيز مفهوم التدفق الحر وفي إيداع مؤلفاتهم العلمية التي تم تحصيل رسوم نشرها من قبل المؤسسة في نفس الأرشيف فور نشرها مباشرة.
الإيداع الإختياري
ولا يلزم فيه الباحث من قبل أي هيئة أو مؤسسة لإيداع مقالاته العلمية في أرشيف بعينه، ويترك للباحث الحرية في إيداع في احد الأرشيفات المتخصصة في مجاله أو التي تتبع مؤسسة بعينها وقد تكون المؤسسة العلمية التابع لها.
وتحقق الأرشفة الذاتية اقصي قدر من التدفق والوصول والإسترجاع والإستخدام للمستفيدين، كما تحقق أقصي درجة من تعظيم معامل التأثير للبحث العلمي نفسه، ومن ثم الارتفاع بقدر إنتاجية البحث العلمي ككل مما يتيح تقدم البلدان التي تموله .
3/2. دوريات التدفق الحر Open Access Journal
وتعني جيل جديد من الدوريات تقدم إتاحة وتدفق حر لمحتوياتها العلمية، وذلك على أوسع نطاق ممكن دون أي إشتراكات تدفع من قبل المستفيدين للوصول إلى المادة العلمية، وتلجأ تلك الدوريات لتغطية نفقاتها إلى وسائل أخرى غير تحصيل الإشتراكات مثل التمويل من خلال المنظمات والمؤسسات ووكالات التمويل ونموذج دفع المؤلف، وتنشر محتويات هذه الدوريات بطريقتين هما:
أ. تتاح فور تاريخ نشرها مباشرة بشكل كامل ودائم للجميع، ومن أمثلة الناشرين الذين يقدمون هذه الطريقه PLOS، BIOMEDوأيضا يوجد الآن العديد من كبار الناشرين الذين يقدمونتدفق حر لدورياتهم العلمية أو جزء منها وذلك فور نشرها من خلال خيار دفع المؤلف مثل :
Reed Elsevier , Springer , Oxford University Press , Black Well.
ب. تنشر بعد فتره من تاريخ صدورهاوتسمى هذه الطريقة بفترة (تأخر الوصول أو فترة الحظر ) وهي فترة تأخر النشر الحر للمادة العلمية للجمهور لمدة تتراوح مابين ستة أشهر إلى اثني عشرة شهرا، يحق خلالها للناشر أن يحظر الإتاحة المجانية للماده العلمية للجميع حتى يتمكن من الحصول على المقابل المادي خلال نشرها طوال مده الحظر، بعدها يحق للناشر أن يتيح مادته العلمية للجميع بعد إستفادته من نشرها طيلة هذه المدة. وهي ثمة طريقة ليست بجديدة في عالم النشر التقليدي وهي أشبه بكثير بطريقة نشر الكتب ذات الغلاف الجيد التي تظهر قبل نشر الكتب بالتجليد العادي بعدة أشهر وتباع بثمن أعلى بكثير من النسخة العادية. وهذه الطريقه لايعاب عليها في حركة التدفق الحر لانها تجعلنا نسير خطوات للأمام في تيسير الوصول للمعلومات العلمية وكذلك يميز هذه الطريقه أنها متوافقة تماما مع أداء ووظيفة العمل التجاري للناشر، وهوالحصول على مقابل مادي نظير عمله، أما بالنسبة للقول السائد بانخفاض قيمة المعلومات المعروضة بسبب طول فتره الحظر هذه، نقول أن العلماء أنفسهم يرددون بأن القيمة تختلف وبشدة من مستفيد لآخر ومن تخصص لآخر وبالتالي فإن تأخر التدفق أفضل بكثير من منع التدفق نهائياً بسبب كثره الحواجز. ويعتبر الناشر high wireأكثر الناشرين التزاما بنشر دورياتهم العلمية على الإنترنت بعد فتره تأخر تصل إلى 12 شهر. وهذه الدوريات لا تحتاج إلى حقوق طبع ونشر تقيد الوصول لمحتوياتها ولكن تستخدم في المحافظة على سلامة حق المؤلف بالإستشهاد بعمله.[24]
ويكمل هاتين الإستراتيجيتين أحدهما الآخر وجميعهم يخلق التأزر وتسريع المعالجة المتوازنة للوصول إلى الهدف المنشود. [25]
[1]J. Singh. Open access: To be or not to be? .- Indian Journal Pharmacol.-Vol 37, no3 ( Jun 2005).-p 139 .[ Cited 1/3/2009]. Available
from Internet : http://medind.nic.in/ibi/t05/i3/ibit05i3p139.pdf
[2] Karen M. Albert. Open access: implications for scholarly publishing and medical libraries.- Journal of the Medical Library Association.-
vol .94, no 3 ( July 2006 ) .- p 255 [ cited 2/5/2008] available from internet:
http://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/pmc1525322/
Resources . Nancy-france: 5-6 December 2005 . Amsterdam: Text Release, 2006 .- p 6 [cited 1/7/2008 ] Available
from internet : http://eprints.rclis.org/bitstream/10760/7287/1/GL7Paper_Final.pdf
[4] Karen M. Albert Open access: implications for scholarly publishing andmedical libraries .- p 255
[5]Banks , Marcus A . Op .Cit .- p 6
[6]Banks , Marcus A .Op .Cit.- p 6[7]Karen M. Albert. Op .Cit .- p 255
[8]William J. Lindblad . Why is open-access publishing the answer? .- Wound Repair and Regeneration . vol . 12 , no 4 ( July–Aug 2004) .- p395
[9]Jean Claude. The Budapest initiative for open access.- Information services and use . vol , 23 ,no . 2-3 (Jan 2003) .- p 172
[cited 1/7/2008 ] Available from internet : http://iospress.metapress.com/content/637t77b5akdfmm25/fulltext.pdf
[10]Berlin Declaration on Open Access to Knowledge in the Sciences and Humanities [cited 1/6/2008 ] Available
from internet: http://oa.mpg.de/openaccess-berlin/berlindeclaration.html
[11]Budapest Open Access Initiative. Op .Cit .
[12]Bethesda statement on open access publishing .[cited 1/5/2008 ] Available from internet : www.earlham.edu/peters/fos/ Bethesda
[13]Catriona J. Mac Callum . When Is Open Access Not Open Access?.- PLoS Biology .- Vol . 5 , no 10 ( Oct. 2007 ) .- p 2095 [cited 2/ 9/ 2008 ] Available from internet : www.plosbiology.org , .-
[14] سليمان الشمري . الجهود في تعريب مصطلح الوصول الحر : حلقة نقاش .- مدونه المبادرات العربية في مجال الوصول الحر (15/1/2011 ) .]تاريخ الزياره25/1/2011[ الاتاحة : http://aioa.blogspot.com/search?updated-min=2011-01-01T00
. حسناء محمود محجوب واخرون .عالم المصادر المفتوحة وبرمجيتها دراسات تأصيلية- الاسكندرية : دار الثقافة العلمية ، 2010 . - ص 3 [15]
حسناء محجوب . مرجع سابق . – ص 4 [16]
[17] سليمان الشمري . مرجع سابق
[18] سيد احمد بخيت . مصطلحات تقنية المعلومات في اللغة العربية : دراسة وتطبيق في علم المكتبات والمعلومات .- الرياض :مكتبة الملك فهد ،2008 .- ص ص 168- 169
[19] محمد فتحي عبد الهادي . مرجع سابق .- ص 2
* عبدالرحمن فراج . الوصول الحر في ضوء الإنتاج الفكريالعربي وراقيـة .- مدونه المبادرات العربية في مجال الوصول الحر
(23/3/2009 ) .]تاريخ الزياره25/5/2010[ الاتاحة :http://aioa.blogspot.com/2009/03/blog-post_2493.html
* محمد فتحي عبد الهادي .
ساحة النقاش