<!--[if !mso]> <style> v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} </style> <![endif]--><!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0in 5.4pt 0in 5.4pt; mso-para-margin:0in; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]--><!--<!--

 

 

الخطبة الأولى :الجامعة الرمضانية (5) 

  الحمد لله ، ملأ بنور الإيمان قلوب المخبتين بالسعادة . أحمده سبحانه ، على ما يسر لنا من شرائعه ، فلنا منها أحسن المعتقد ، وأحسن العبادة . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، شهادة أرجو بها اللحاق بالمحسنين الذين وعدوا بالحسنى وزيادة . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، أبلى في الدعوة إلى الله بلاء حسنا ، حتى غدت طاعة الله وذكره له عادة ،فكان حجة على العالمين ، وقدوة للعاملين ، ليعملوا مثل ما عمل ، وليجاهدوا جهاده . صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ،في الليل رهبان ،وفي النهار قاده،ومن تبعهم بإحسان،فبنى لحبهم في قلبه منارا ، وكان ذكرهم له دثارا ، وشوقه إليهم وسادة وسلم تسليما أما بعد أيها الناس اتقوا الله تعالى واعلموا أن الله تعالى:)جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً( الفرقان: 62 ،فهما خزائن الأعمال ومراحل الآجال يودعهما الإنسان ماقام به فيهما من عمل ويقطعهما مرحلة مرحلة حتى ينتهي الأجل . فلقد قطعتم الأكثر من شهر الصيام ولم يبق منه إلا اليسير من الليالي والأيام ، فقبل وقت قريب قد كنا ننتظر البشارة بالدخول ، وها نحن ننتظر البشارة بالعيد ، وهكذا تمضي الأيام سريعة متتابعة لتوصلنا إلى آجالنا ، فلنغتنم ما بقي ، ولنشمر عن ساعد الجد متثيعظين بدخول الشهر وخروجه ، فالحياة كلها كمثل شهركم هذا ، فرحتم بدخوله ، وبكيتم لخروجه ،وزبدة الأمر ما فعلتم في أيامه ولياليه . فقد دخل الشهر على أناس كثر ،لم يزدهم إلا نفورا ،أعرضوا عنه وما عمروه  فهو شاهد عليهم لا لهم . رغمت أنوفهم حين فاتتهم هذه النفحات ، ولم يقتنصوا تلك الفرصة للفوز بالجنات .

  أيها المسلمون: إنكم تعيشون هذه العشر الأخيرة من هذا الشهر الكريم ،فقد مضى من رمضان صدره، وانقضى منه شطره، وبعد ليال سيكتمل منه بدره، فيا أخي المسلم اغتنم ليالي النفحات ،وبادر فاستنشق النسمات ، فقد والله أزف أوانها ، وعما قليل سيفتح ديوانها ، فكن أول المسجلين فيه ، فإن عجزت أن تكون من التالين ، ولم توفق لتكون من القانتين ، وتهاونت أن تكون مع الراكعين الساجدين ، ولم تر يدك ممدودة تناجي أكرم الأكرمين ، وتدعوه مع المتضرعين ،فينبغي لك أن تكثر العويل على نفسك التي فرطت في جنب الله ، فكانت من الخاسرين ، ورغم أنف امرئ أدرك رمضان ، فخرج ولم يغفر له ، فمن فاتته العشر الأواخر لم يغتنمها فليتقبل العزاء في قلبه ، وليبك على نفسه ، فقد والله ماتت ، لكنهم بموت أنفسهم لا  يشعرون0 فاغتنموا مابقي من هذه الليالي الشريفة بطاعة المولى العظيم وأحسنوا في أيامه بالصيام ونوروا وأحيوا لياليه بالقيام واختموه بالتوبة والاستغفار وسؤال الله العفو فالمحروم من أدرك رمضان فلم يغفر له0 فمن كان منكم قام بحقه فليتم ذلك وليحمد الله وليسأله القبول ، ومن كان منكم قد فرط فيه وأساء فليتب إلى ربه فباب التوبة مفتوح 0

  أخواني في الدين والعقيدة :- كنا وإياكم في الجمعة الماضية في رحاب الجامعة الرمضانية  حيث وقفنا على (ثمان) كليات من كلياتها منذ إطلالة هذا الشهر المبارك ،التي أوشكت على إغلاق أبوابها لهذا العام حيث يحل موسم افتتاحها على المسلمين مرة واحدة كل سنة ، فوقتها محدود، مدة الدورة فيها شهر واحد في كل عام، وقد لا تعود أبدا هذه الدورة الشرعية العملية ، ) أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ (، والتي تكسب المسلم بعد أن يكمل العدة قدرة على المراقبة والمحاسبة لذاته ، وكيف يصدق مع الله ، وكيف يخلص العمل لوجهه جل وعلا . وبهذا يستلهم المسلم من هذه المراقبة ما يعينه على نهج الخير والفضيلة ، وما يعينه على اجتناب الباطل والرذيلة ، وتمنحه قوة خاصة ، وإرادة صلبة ضد شهوات نفسه وغرائزها وأهوائها ، وتبني في داخله سدا منيعا يحميه من وساوس الشيطان وهمزه ونزغاته ،وكل من ضعفت إرادته فلم يصم ، وتكاسل فلم يقم ، فهو مكبل بالشهوة ، عبد للهوى ، سرعان ما تجره الشياطين إلى منحدر لا يستطيعون منه القيام ، ولا هم ينصرون ، فرمضان صقلا لأخلاق المسلم ، كي يكف نفسه عن رذائل الأخلاق  غيبة ونميمة ، وزورا وبهتانا ، يتعلم فيه أن يأكل الحلال ، وأن يجتنب الظلم والعدوان  بل تحفزه لكي يسمو بأخلاقه فوق ذلك كله ، تسمو للعفو والصفح والغفران ، فيقابل من أساء إليه بكظم غيظه ، والتجاوز عنه والإحسان إليه . كما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله rقال:(وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ، ولا يفسق ، ولا يصخب ، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل : إني صائم ). أخرجاه

  أيها المسلمون : إن في جامعة رمضان الإيمانية لفوائد أكيدة , و متعتها فريدة , وهذا تحدي خاص لكل من يحسن الاستفادة من وقتها ولم يحس أو يتلمس الفوائد في نفسه0 0أتدرون من الذين استفاد منها أيها الأخوة في الله 0000 ؟ إنهم كل من  )كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ( قّ: من الآية37 فالكثير قد انتسب فيها , والقليل استفاد منها , كم من صائم ليس له من صيامه إلا الظمأ ، وكم من قائم ليس له من قيامه إلا السهر . وتصديق ذلك في حياتنا بين ظاهر ، فكم من صائم نهارا عن أكل وشراب ، مرخ عنان عينيه يرقب الشاشات ، ويتابع الأفلام والمسلسلات ، مطلق لسانه في غيبة ، ونميمة ، وتشاتم وسِباب ، جامع سوء الخلق من أطرافه ، مفسد صومه معنويا ، ملغ آثاره خلقيا ، وبعيد عن ثمراته تربويا ، فهو مفطر على الحقيقة ، وإن كان صومه صحيحا فقهيا . فكثيرا من الناس لا يفهمون حقيقة الصيام ، ولا يبدو لهم منه إلا أنه إمساك عن المفطرات المادية ، فهم حريصون على أن لا ينقضوا صيامهم بأكل أو شرب ، حتى إن البعض منهم ليتحرج من بلع ريقه ، وكم من سائل عن قليل من الماء ابتلعه وهو يتوضأ ،بينما هو يبتلع أجساد المؤمنين،وهو يلوك أعراضهم ، ويأكل أموالهم بالباطل ، وربما زاده الصيام طيشا وظلما ، فهو سريع الغضب ، ضائق الصدر ، لا يفتر من التأفف 0 وهذا هو الصائم عادة ،وليس الصائمَ عبادة ، فلم يحقق صومه إيمانا واحتسابا ، فيعجز صيام كهذا أن يهذب نفوسهم ، أو يزكي قلوبهم ، أو يطهر أخلاقهم ،أو يصلح معاملاتهم ، أوأن يصحح مسار سلوكهم . فغابت عمن صام هذا الصيام غايةُ الصيام ، المبينة في قوله تعالى : )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ( البقرة:183 فلنقف بقلوبنا المؤمنة في رحاب هذه الجامعة الإيمانية ونواصل جولتنا ونحن في آخر أيامها لعلنا نستفيد مما نقول ونسمع جعلنا الله وإياكم من )الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ( الزمر:18

  الكلية التاسعة والمكتوب عليها  كلية  القيام: في شهر رمضان قد كان القيام ليلا قرة عين للموحدين ، ومريقا لدموع الخاشعين ، وسببا لتلاوة واستماع آيات الذكر الحكيم ، وقد من الله علينا فلم يحرمنا هذه اللذة في غير شهرنا المودع ، بل لقد شرع لنا قيام الليل في كل ليلة ، ولهذا امتدح الله تعالى عباده القائمين بالليل والناس هجوع ، يبيتون لربهم بين السجود والركوع ، فقال جل من قائل : )أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ( الزمر:9 وفي هذا إشارة إلى أن الذين يعلمون هم أولو الألباب  وأن من صفاتهم أنهم يبيتون لربهم سجدا وقياما . تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوف وطمعا ،)كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ *وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ( الذريات: 17-18 )يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ( آل عمران: الآية113.

 فلا تعجب أيها الكريم  من كثرة الأحاديث في فضل قيام الليل ، فهي كثيرة ، بيد أن  من أجمعها حديث أبي قتادة عند مسلم ، وفيه : (وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل) . وعند مسلم أيضا من حديث جابر رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله r يقول :( إن في الليل ساعة لا يوافقها رجل مسلم يسأل الله خيرا من خير الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه ، وذلك كل ليلة . ومن أراد أن يدخل الجنة بسلام فليفش السلام ، وليطعم الطعام ، وليصل الأرحام ، وليصل بالليل والناس نيام) .وعند البيهقي في الشعب بإسناده عن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها عن رسول الله rقال : (يحشر الناس في صعيد واحد يوم القيامة،فينادي مناد فيقول:أين الذين كانت تتجافى جنوبهم عن المضاجع ؟ فيقومون وهم قليل ، فيدخلون الجنة بغير حساب ، ثم يؤمر بسائر الناس إلى الحساب ). فلا تحرم نفسك أخي الحبيب من حظها في قيام الليل سائر ليال العام ، فإن ذلك  دأب لصالحين ،وقربة لرب العالمين ، يكفر السيئات ، ويعلي الدرجات ،ويطرد الداء من الجسد . (ومن استيقظ من الليل فأيقظ أهله فصليا ركعتين جميعا كتبا من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات) رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة ، وابن حبان ، والحاكم وصححه

  أيها المسلمون:كان نبينا محمد علية أفضل الصلاة وأتم التسليم يعظم هذه الأيام ،في العشر الأخيرة من رمضان، ويخصها بمزيد عناية واهتمام ، تقول عائشة رضي الله عنها :(كان رسول الله إذا دخل العشر شد المئزر وأحيا ليله وأيقظ أهله) .في هذه العشر ليلة قال عنها تبارك وتعالى) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْر(ٍ القدر:3وقال عنها )فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ( الدخان:4  وقال عنها عليه الصلاة والسلام (من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ماتقدم من ذنبه) إيمانا :أي أن الله الذي شرعها ، واحتسابا أي يبتغي الأجر من الله لا رياءً ولاسمعة ، وقد حث عليها الرسول فقال (فالتمسوها في العشر الأواخر من رمضان ) ,هذه الليلة أكرمكم الله فيها بالأجر المضاعف العظيم ، فما أعظمها من منحة وما أكرمها من عطية ليلة واحدة تقومها لله تكون خيراً لك من عمرك كله ، خير لك من ثلاث وثمانين عاماً وربع العام ، فأنت قد لا تعمر حتى تصل الثمانين، وإن وصلت فهل ستنفق عمرك كله في العبادة ؟

  عباد الله الصالحين : دعونا نقترب بالمثال أكثر من الواقع فلو قيل لأحدنا في عمله لو عملت شهراً كاملاً متواصلاً سوف تعطى رواتب ثلاث وثمانين عاماً ، ألا ينظر إليها بأنها صفقة رابحة ؟ ألا يحاول أن يكيف ظروفه ووضعه وحياته ليتفرغ لأداء عمل ذلك الشهر ليحصل على المقابل ؟ والمقابل هنا لا يتطلب جهداً كبيراً فربكم لم يطلب منكم إلا عشر ليالي فقط ويضمن العبد بذلك أنه قام ليلة القدر وأنه قد حصل بإذن الله على أجر يزيد على عبادة ثلاث وثمانين عاماً فألستم معي بأنها صفقة رابحة من الكريم سبحانه ؟ وليس هذا فقط ولكن استمعوا معي إلى ما أخبركم به نبيكم وحبيبكم r بقوله : (من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه)رواه البخاري 0الله أكبر ليلة واحدة تقومها يغفر لك ما فعلت من ذنوب وخطايا طوال عمرك الذي مضى ، فأين أصحاب القلوب الحية الذين استشعروا كثرة ذنوبهم و عظيم خطاياهم من هذا العرض الرباني السخي ؟ وما أشد غبن من فرط في ترصد هذه الليلة وقيامها ؟   

   أيها الأحبة في الله: إن هذا الأجر العظيم لا يلزمه أن يعرف المرء أي ليلة هي ليلة القدر  فمن قام ليالي العشر كاملة فهو بالتأكيد قد قام ليلة القدر ، ويحصل أجر القيام لمن قام مع الإمام حتى ينصرف لحديث أَبِي ذَرٍّ قَالَ (صمنا مع رسول الله r فلم يصل بنا حتى بقي سبع من الشهر فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل ثم لم يقم بنا في السادسة وقام بنا في الخامسة حتى ذهب شطر الليل فقلنا له يا رسول الله لو نفلتنا بقية ليلتنا هذه فقال إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة ) رواه الترمذي فجعل الله لمن دخل هَذِهِ الكلّية فِي شهر رمضان وأواخره جائزة ليعوّضه مَا فاته من الطّاعة ويعطيه الأمل فِي المستقبل للثبات وقال تَعَالَى: )إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ*وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ*لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ*تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ*سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ( القدر:1-5 ألا ومما ينبغي التنبه له أن الفقهاء رحمهم الله قد اختلفوا في تحديدها على أربعين قولا كما نقل ذلك الحافظ ابن حجر رحمه الله ، وهو اختلاف مبني على منزع الاستدلال من النصوص ، الا أننا نسمع وفي كل رمضان وفي مثل هذه الأيام من يحدد لنا ليلة القدر ، فيقولون : إن ليلة القدر هذه السنة هي ليلة كذا وكذا فاستعدوا لها وقد بنوا هذا على بعض الرؤى التي رأوها وعبرها لهم بعض المعبرين وينتشر هذا الأمر بكثرة عبر بعض المنتديات في شبكة الانترنت أو بعض المجالس ثم يأتي معبر آخر ليقول : بل هي ليلة كذا ، فتجد أن الناس ربما اجتهدوا في تلك الليالي ويتركون ماسواها . سبحان الله !! ليـــلةٌ أخفيت على خير البشر عليه الصلاة والسلام أتظهر لنا ؟؟ وإلا فما الحكمة من إخفاء ليلة القدر ؟؟ أليس من أجل إن يجتهد الناس في العبادات والطاعات ، كما أخفيت ساعة الإجابة من يوم الجمعة ؟  0

ومما ينبغي التنبيه عليه  كذلك أيها الإخوة أن كثير من الناس يتقصد ليلة السابع والعشرين من رمضان بالعمرة ظناً منهم أن لها مزية خاصة وفضيلة معينة ، وهذا خطأ بل هو إحداث في الدين لم يأذن به الله . قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في الشرح الممتع :ونقول تخصيص تلك الليلة بالعمرة بدعة لأنه تخصيصٌ لعبادة في زمن لم يخصصه الشارع ، والذي يُخصص في ليلة القدر هو القيام الذي قال عنه عليه الصلاة والسلام (من قام ليلة القدر ....) ولم يقل : من اعتمر ليلة القدر . وانما قال (عمرة في رمضان تعدل حجة معي ) فتخصيص ليلة القدر بعمرة هذا من البدع .ا.هـ

  أيها الإخوة المؤمنون: كتبت ما قلت وسمعتم ، فالخير ما وفقت إليه ، والشر ما أعرضت عنه والله نعم المولى ونعم النصير ، واستغفر الله أن أقول عليه بلا علم ، فاستغفروا ربكم إنه كان غفاراً0 

 

الخطبة الثانية :الجامعة الرمضانية (5)

 

  الحمد لله الذي وفق برحمته من شاء من عباده فعرفوا قدر مواسم الخيرات ، وعمروها     بطاعة الله ، وخذل من شاء بحكمته فعميت منهم القلوب والبصائر ، وفرطوا في تلك المواسم فباؤا بالخسائر ، وأشهد الاّ إله الا الله وحده لاشريك له العزيز الحكيم القاهر ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أقوم الناس بطاعة ربه في البواطن والظواهر r تسليما كثيرا 0أما بعد: أيها الإخوة المؤمنون نكمل معكم ماأصغت إليه آذانكم في الخطبة الأولى فلقف أمام الكلية العاشرة والمكتوب عليها كلية الاعتكاف :  فالاعتكاف سنّة عَنْ النَّبِيّ r فِي كلّ أيّام السنة وأفضلها فِي العشر الأواخر من رمضان لقول عائشة عَنْ النَّبِيّ r: ( كَانَ يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتّى توفّاه الله عَزَّ وَجَلَّ ).إنّ حبس النَّفْس فِي مكان لاَ يحتمل الوجود فِيهِ إِلاَّ القيام بأعمال محدودة من الطّاعات وترك المنكرات وكثير من المباحات ليحصل مِنْهُ أمرين عظيمين، الأوّل محاسبة النَّفْس والوقوف عَلَى الخلل الموجود فِيهَا والنّظر الصحيح لَهَا نظرة المتفحّص )بَلِ الْأِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ*وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ  ( القيامة:15  وهنا تكون الخلوة الصحيحة مَعَ النَّفْس فَهُوَ عتاب معها لكن بصمت لاَ يسمعه أحد وَلاَ يعاتبه عَلَى أخطائه أحد، ولذلك يكون فِي حالة صدق مَعَ نفسه، لأنّه أدخل نفسه فِي طاعة وَلاَ يمكن لَهُ إفسادها بأن ينكر ذَلِكَ الصّوت الداخلي الَّذِي يذكره بثقل الذنوب ووحشة الصدور، ونزعتها لجانب الخير الَّتِي تفجر طاقاتها فِي هَذِهِ الكلّية العظيمة.

أيها المسلمون : ومما كان رسول الله عليه الصلاة والسلام يحرص عليه في هذه   العشر الاعتكاف في المسجد تفرغا لعبادة ربه وتحريا لليلة القدر ، فالاعتكاف في رمضان سنة فعلية فعلها النبي r في حياته ، واعتكف أزواجه من بعده ، وحكى أهل العلم الإجماع على أنه مسنون ، وينبغي أن يكون الاعتكاف على الوجه المشروع وهو ان يلزم مسجدا لطاعة الله سبحانه بحيث يتفرغ من أعمال الدنيا إلى طاعة الله ، ويكثر من أنواع القربات والنوافل والطاعات من صلاة وقرآن وذكر فلا يبيع ولا يشتري ولا يخرج من المسجد الا لما لابد له منه ، ولايتبع جنازة ولا يعود مريضا . أما ماأحدثه بعض الناس اليوم فهذا مما ينافي مقتضى الاعتكاف والحكمة من مشروعيته.

تلاحظون ذلك في أحوال بعض المعتكفين هداهم الله وأصلح بالهم، يعتكفون جماعات، فينفتح بينهم الحديث وتتسع أبوابه، بل قد يكون المعتكف مجلبة للزائرين ومكانا للتجمع مما يبعد عن هدي الاعتكاف وحكمته، يقول الحافظ ابن القيم رحمه الله: "كل هذا تحصيل لمقصود الاعتكاف وروحة عكس ما يفعله الجهال من اتخاذ المعتكف موضع عشرة ومجلبة للزائرين وأخذهم بأطراف الحديث بينهم،والإكثار من الاتصال بالهواتف المحمولة لغير حاجة فهذا لون والاعتكاف النبوي لون آخر". وفي هذا يقول بعض الحكماء: "إذا أردت أن يعتزلك الناس فدع الحديث معهم، فإن أكثر مواصلة الناس بينهم بالكلام، فمن سكت عنهم اعتزلوه". ومن المعلوم أن كثرة الخلطة وبخاصة في أوقات التعبد تدعو إلى فضول الكلام وتضييع الأوقات وكثرة الانشغالات وتقعد عن المناجاة0

أيها المسلمون : إن من قلة الفقه في الدين ان يُقدِّم بعض الناس وخاصة الشباب الاعتكافَ على بره بوالديه أو على واجباته تجاه أهله فتجد بعضهم يترك والديه او أحدهما ليتفرغ للاعتكاف وهم في حاجته مع العلم أن البر بالوالدين فرض وواجب بينما الاعتكاف سنة ، كيف والله جلا وعز يقول كما في الحديث القدسي (وما تقرب إلى عبدي بأحب الي مما أفترضته عليه )  اللهم وفقنا لليلة القدر ،واجعلها خيرا لنا من ألف شهر واجعلنا اللهم ممن وفقته لصيام وقيام رمضان إيمانا واحتسابا ، اللهم واجعلنا فيه من عتقائك من النار اللهم اجعلنا ممن  صام رمضان وقامه صبرا واحتسابا ،وأرزقنا اللهم فيه الجد والاجتهاد ، والقوة والنشاط ،وأعذنا فيه من السآمة والفترة ،والكسل والنعاس، ولنا معكم أيها الإخوة المؤمنون لقاء إن شاء الله في الجمعة القادمة في رحاب الجامعة الرمضانية0

هذا وصلوا وسلموا على نبيكم محمد فقد أمرتم بالصلاة عليه فقال عز من قائلا عليما )إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً (اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله الطبيبن الطاهرين وعلى أزواجه أمهات المؤمنين، وارضَ اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلى، وعن الصحابة أجمعين والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وجودك وإحسانك يا أكرم الأكرمين. اللهم أعز الإسلام والمسلمين اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين واحم حوزة الدين وانصر عبادك الموحدين اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح ولاة أمورنا ودلهم على الرشاد وباعد بينهم وبين سبل أهل البغي والفساد يا أكرم الأكرمين.اللهم إنا نسألك أن تنصر المسلمين في كل مكان، اللهم انصر المستضعفين من المؤمنين، اللهم انصر المستضعفين من المؤمنين في كل مكان، اللهم واجعلهم حامين لشرعك رافعين لراية توحيدك يا رب العالمين داعين إلى دينك كما دعا إليه نبيك r، اللهم وألهمهم رشدهم وقهم شرور أنفسهم، اللهم انصر المجاهدين في سبيلك في كل مكان،اللهم فرِّج همَّ المهمومين، ونفس كرب المكروبين، واقضِ الدين عن المدينين، واشف مرضانا ومرضى المسلمين، وارحم موتانا أجمعين، وفك أسر المأسورين, اللهم فك أسر المأسورين من إخواننا المسلمين في كل مكان،, اللهم ارحم غربتهم، اللهم آنس وحشتهم، اللهم نفس كربتهم، اللهم ردهم سالمين غانمين, اللهم لا تجعل لكافرٍ على مؤمنٍ سبيلاً، اللهم لا تجعل لكافرٍ على مؤمنٍ سبيلاً، اللهم اجعلنا من عتقاءك في هذا الشهر المبارك من النار، اللهم اجعلنا من عتقاءك في هذا اليوم المبارك من النار، اللهم اجعلنا ممن صام رمضان إيماناً واحتساباً، واجعلنا ممن قام رمضان إيماناً واحتساباً، اللهم اجعلنا ممن صام فقبلت صيامه، وممن قام فقبلت قيامه، تقبّل مِنّا ما مضى وأحسن إلينا فيما بقي, اللهم اختم لنا شهر رمضان بغفرانك، وتغمدنا برحمتك ورضوانك، واجعل مآلنا إلى جِنانك، لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين، ، اللهم نوّر على أهل القبور قبورهم، واغفر للأحياء ويسر لهم أمورهم, اللهم اجعل آخر كلامنا من الدنيا شهادة ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وتوفنا وأنت راضٍ عنا غير غضبان, اللهم تُب علينا توبةً نصوحاً ترضيك عنا, اللهم تب علينا توبةً نصوحاً ترضيك عنا, اللهم لا تفرق جمعنا هذا إلا بذنبٍ مغفور وسعيٍ مشكور وعملٍ متقبل مبرور, اللهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا وارحمهم كما ربونا صغاراً، اللهم اغفر لمشايخنا ولمن علمنا وتعلم منا، اللهم أحسن إلى من أحسن إلينا، اللهم إنا نسألك أن ترفع عنا الربا والزنا وأسبابه وأن تدفع عنا الزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم أصلح جميعاً رجالاً ونساءً صغاراً وكباراً علماء وولاتناً يا رب العالمين.اللهم اجعلنا من أهل المعروف،اللهم اجعلنا باذلين للخير صانعين له، اللهم اجعل قضاء حوائج الناس على أيدينا، اللهم من آتيته منا مالاً أو جاهًا أو منصبًا فاجعله في سبيلك، وعونًا على طاعتك، وطريقًا لبذل المعروف لعبادك وقضاء حوائجهم، وتفريج كرباتهم يا حي يا قيوم نسألك أن تلين قلوبنا لطاعتك وأن تجعلنا من المحافظين على أوامرك ومن المجتنبين لكل ما نهيت عنه يا رب العالمين،. )رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ( وأدخلنا الجنة مع الأبرار، يا عزيز يا غفار 

    عباد الله: )إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ( فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، اذكروه بألسنتكم وأعمالكم يذكركم واشكروه على النعم يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.

nassimbishra

اصبر على كيد الحسود فإن صبرك قاتله

  • Currently 33/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
12 تصويتات / 311 مشاهدة
نشرت فى 1 أغسطس 2011 بواسطة nassimbishra

ساحة النقاش

نسيم الظواهرى بشارة

nassimbishra
موقع تعليمى إسلامى ، نهدف منه أن نساعد أبناءنا الطلاب فى كافة المراحل التعليمية ، وكذلك زملائى الأعزاء من المعلمين والمعلمات ، وموقع إسلامى لتقديم ما يساعد إخواننا الخطباء بالخطب المنبرية ، والثقافة الإسلامية العامة للمسلمين ، ونسال الله سبحانه وتعالى الإخلاص فى القول والعمل ، ونسألكم الدعاء »

تسجيل الدخول

ابحث

عدد زيارات الموقع

1,068,465

ملحمة التحرير