authentication required

<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"جدول عادي"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0in 5.4pt 0in 5.4pt; mso-para-margin:0in; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman";} </style> <![endif]-->

محرمات استهان بها كثير من الناس (9)

الحمد لله عالم الغيب والشهادة، أحل الحلال وحرم الحرام، أحمده سبحانه، قسم العباد بعدله إلى شقي اجتاز حدود ربه وانتهك الحرمات، وسعيدٍ جرى على النهج السديد واتقى الشبهات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، غافر الذنب ومقيل العثرات، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، حث على طلب الرزق الحلال، وحذر من الكسب الحرام؛ نصحًا للأمة وشفقة عليهم ومما يضرهم، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحابته ومن سار على نهجه وتمسك بسنته إلى يوم الدين.أما بعد:فأوصيكم أيها الناس ونفسي بتقوى الله عز وجل، وكثرة حمده على آلائه إليكم، ونعمائه عليكم، وبلائه لديكم، فكم خصكم بنعمة، وأزال عنكم نقمة، وتدارككم برحمة، أُعوزتم له فستركم، وتعرضتم لأخذه فأمهلكم، فإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم.

ايها المسلمون :إن الحياة الدنيا مليئة بالمحن والمتاعب والبلايا والشدائد والنكبات، إن صفت يوماً كدرت أياماً، وإن أضحكت ساعة أبكت أياماً، لا تدوم على حال ]وَتِلْكَ ٱلاْيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ ٱلنَّاسِ[ آل عمران:140. فقر وغنى، عافية وبلاء، صحة ومرض، عز وذل. وان اقبال كثير من الناس اليوم على الأموال من كل جانب بالطلب، والسعي، والاستثمار، والحركة، فيه خير وشر، فإذا كان لله يعمل فيه بطاعة الله ويؤدي فيه حق الله وينفق فيه على من أوجب الله عليه الإنفاق عليه ويتصدق منه فإنه خير، وإن كان يأخذه هلعة يأخذه مما حرم الله وينفقه فيما يسخطه الله لا يعرف لله فيه حق ويجحد حقوق العباد ويبخل عمن أوجب الله عليه الإنفاق عليه فهذا المال وبال عليه، ومن الناس من خلط في المال عمل صالحة وآخر سيئة، فينبغي على العبد أن يعرف حق الله، ]وَأَحَلَّ اللهُ البَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا[ البقرة:275، والله سبحانه وتعالى نهانا فقال: ]لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ[ النساء:29، وسئل النبي r أي الكسب أطيب؟، فقال: ( عمل الرجل بيده وكل بيع مغرور).

عباد الله : لقد امتدح النبي r المال الحلال الذي يعين صاحبه على الحق فقال ( نعم المالُ الصالح للرجل الصالح ) وقال ( لا حسد إلا في اثنين , رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق ) وجه النبي rأحد صحابته بتوجيه نبوي رشيد فقال ( إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس ) فهذا المالُ يورّثُه المسلمُ لورثته بعد موته ليرتاح ضميرُه وتطمئن نفسُه وينتفع به أهلُه ، وقد كان أبو بكرٍ من أتجر قريش ، ولما قُتل عثمانُ رضي الله عنه بلغت غلّتُ نخله مائةُ ألف ، وكان عبد الرحمنِ بنِ عوف يقول ( يا حبذا المالُ أصون به عرضي وأتقربُ به إلى ربي ) فلما مات كانت الفؤوس تتكسر على الذهب والفضة التي خلّفها لأهله وكان له أربع نسوة ، نصيب كل واحدة منهن : أربعمائة ألف درهم ..  

أيها المسلمون : لاشك ان المال فتنة ، وقد مدح الله رجالا لا يلتهون به عن ذكره فقال ]رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ القُلُوبُ وَالأَبْصَارُ *لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ[ النور:38 وهذا المال وإن كان من أسباب السعادةِ في الدنيا فقد يكون شقاءً على صاحبه إذا صرفه عن ذكر الله وأورده المحرمات وجعله أشِرا بطِرا مختالا فخورا0

عباد الله : لقد جاء الإسلام بعقيدة التوحيد الخالصة لله ، وأشرقت أنوارها في جميع أصقاع المعمورة ، حررت القلوب من رق العبودية لغير الله ، ورفعت النفوس إلى قمم العز والشموخ ، وسمت بالعقول عن بؤر المال وحبه ، وعلت بالقلوب عن مستنقعات المال الحرام . كيف لا وعقيدة المسلم أعز شيء عنده ، وأغلى شيء لديه ، بها يواجه أعتى التحديات ، وبها يصبر على الابتلاءات ، وبها يترك الإغراءات ، ويقاوم موجات القلق والأرق ، والاكتئاب النفسي والاضطرابات ، وبها يقيم سداً منيعاً ، ودرعاً متيناً أما زحف المال الحرام0

لقد تهافت الناس على الدنيا وأخذها من حلها ومن غير حلها، وأصبح همّ الواحد الحصول على المال، لا يبالي أمن حلال هو أم من حرام، همّه أن يكون من الأثرياء، فضلّ بذلك عن الهدى واتبع الهوى، ]أَفَمَن يَمْشِى مُكِبًّا عَلَىٰ وَجْهِهِ أَهْدَىٰ أَمَّن يَمْشِى سَوِيًّا عَلَى صِرٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ[ سورة الملك : 22 ولقد أصبح هم كثير من الناس جمع المال من أي طريق سواء كان حلالاً أو حراماً، وهذا تصديق لحديث الرسول rالذي قال فيه: ((يأتي على الناس زمان لا يبالي الرجل من أين اكتسب ماله من الحلال أم من الحرام)).

ومن صور الحرام التي استهان بها كثير من الناس أكل الحرام : من لا يخاف الله لا يبالي من أين اكتسب المال وفيم أنفقه بل يكون همه زيادة رصيده ولو كان سحتا وحراما من سرقة أو رشوة أو غصب أو تزوير أو بيع محرم أو مراباة أو أكل مال يتيم أو أجرة على عمل محرم ككهانة وفاحشة وغناء أو اعتداء على بيت مال المسلمين والممتلكات العامة أو أخذ مال الغير بالإحراج أو سؤال بغير حاجة ونحو ذلك ثم هو يأكل منه ويلبس ويركب ويبني بيتا أو يستأجره ويؤثثه ويدخل الحرام بطنه وقد قال النبي r : ( كل لحم نبت من سحت فالنار أولى به ... ) رواه الطبراني. وسيسأل يوم القيامة عن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه وهنالك الهلاك والخسار فعلى من بقي لديه مال حرام أن يسارع بالتخلص منه وإن كان حقا لآدمي فليسارع بإرجاعه إليه مع طلب السماح قبل أن يأتي يوم لا يتقاضى فيه بالدينار ولا بالدرهم ولكن بالحسنات والسيئات 0

أكل الربا : لم يؤذن الله في كتابه بحرب أحد إلا أهل الربا قال الله تعالى : ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ*فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (البقرة : 278-279  وهذا كاف في بيان شناعة هذه الجريمة عند الله عز وجل . والناظر على مستوى الأفراد والدول يجد مدى الخراب والدمار الذي خلفه التعامل بالربا من الإفلاس والكساد والركود والعجز عن تسديد الديون وشلل الاقتصاد وارتفاع مستوى البطالة وانهيار الكثير من الشركات والمؤسسات وجعل ناتج الكدح اليومي وعرق العمل يصب في خانة تسديد الربا غير المتناهي للمرابي وإيجاد الطبقية في المجتمع من جعل الأموال الطائلة تتركز في أيدي قلة من الناس ولعل هذا شيء من صور الحرب التي توعد الله بها المتعاملين بالربا . وكل من يشارك في الربا من الأطراف الأساسية والوسطاء والمعينين المساعدين ملعونون على لسان محمد r فعن جابر رضي الله عنه قال : لعن رسول الله r ( آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه )وقال : ( هم سواء ) رواه مسلم  . وبناء عليه لا يجوز العمل في كتابة الربا ولا في تقييده وضبطه ولا في استلامه وتسليمه ولا في إيداعه ولا في حراسته وعلى وجه العموم تحرم المشاركة فيه والإعانة عليه بأي وجه من الوجوه . ولقد حرص النبي rعلى تبيان قبح هذه الكبيرة فيما جاء عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه مرفوعا :( الربا ثلاثة وسبعون بابا أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه ، وإن أربى الربا عرض الرجل المسلم ) رواه الحاكم. وبقوله فيما جاء عن عبدالله بن حنظلة رضي الله عنهما مرفوعا : ( درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشد من ستة وثلاثين زنية ) رواه الإمام أحمد. وتحريم الربا عام لم يخص بما كان بين غني وفقير كما يظنه بعض الناس بل هو عام في كل حال وشخص وكم من الأغنياء وكبار التجار قد أفلسوا بسببه والواقع يشهد بذلك وأقل ما فيه محق بركة المال وإن كان كثيرا في العدد قال النبي r: ( الربا وإن كثر فإن عاقبته تصير إلى قل )  رواه الحاكم ومعنى قل أي نقصان المال  . وليس الربا كذلك مخصوصا بما إذا كانت نسبته مرتفعة أو متدنية قليلة أم كثيرة فكله حرام صاحبه يبعث من قبره يوم القيامة يقوم كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس والصرع . ومع فحش هذه الجريمة إلا أن الله أخبر عن التوبة منها وبين كيفية ذلك فقال تعالى لأهل الربا : )وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ( البقرة:279  وهذا عين العدل .

ويجب أن تنفر نفس المؤمن من هذه الكبيرة وأن تستشعر قبحها وحتى الذين يضعون أموالهم في البنوك الربوية اضطرارا وخوفا عليها من الضياع أو السرقة ينبغي عليهم أن يشعروا بشعور المضطر وأنهم كمن يأكل الميتة أو أشد مع استغفار الله تعالى والسعي لإيجاد البديل ما أمكن ولا يجوز لهم مطالبة البنوك بالربا بل إذا وضع لهم في حساباتهم تخلصوا منه في أي باب جائز تخلصا لا صدقة فإن الله طيب لا يقبل إلا طيبا ولا يجوز لهم الاستفادة منه بأي نوع من الاستفادة لا بأكل ولا شرب ولا لبس ولا مركب ولامسكن ولا نفقة واجبة لزوجة أو ولد أو أب أو أم ولا في إخراج الزكاة ولا في تسديد الضرائب ولا يدفع بها ظلما عن نفسه وإنما يتخلص منها خوفا من بطش الله تعالى .

القمار والميسر :- قال الله تعالى : )إِنَّمَا الخَمْرُ وَالمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (المائدة:90 وكان أهل الجاهلية يتعاطون الميسر ومن أشهر صوره عندهم أنهم كانوا يشتركون في بعير عشرة أشخاص بالتساوي ثم يَضرب بالقداح وهو نوع من القرعة فسبعة يأخذون بأنصبة متفاوتة معينة في عرفهم وثلاثة لا يأخذون شيئا .

وأما في زماننا فإن للميسر عدة صور منها :

ـ ما يعرف باليانصيب وله صور كثيرة ومن أبسطها شراء أرقام بمال يجري السحب عليها فالفائز الأول يعطى جائزة والثاني وهكذا في جوائز معدودة قد تتفاوت فهذا حرام ولو كانوا يسمونه بزعمهم خيريا .

ـ أن يشتري سلعة بداخلها شيء مجهول أو يعطى رقما عند شرائه للسلعة يجري عليه السحب لتحديد الفائزين بالجوائز .

ـ ومن صور الميسر في عصرنا عقود التأمين التجاري على الحياة والمركبات والبضائع وضد الحريق والتأمين الشامل وضد الغير إلى غير ذلك من الصور المختلفة 0هذا وجميع صور المقامرة تدخل في الميسر

الاستدانة بدين لا يريد وفاءه :حقوق العباد عند الله عظيمة وقد يخرج الشخص من حق الله بالتوبة ولكن حقوق العباد لا مناص من أدائها قبل أن يأتي يوم لا يتقاضى فيه بالدينار ولا بالدرهم ولكن بالحسنات والسيئات والله سبحانه وتعالى يقول : ) إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا (النساء :58  ومن الأمور المتفشية في المجتمع التساهل في الاستدانة وبعض الناس لا يستدين للحاجة الماسة وإنما يستدين رغبة في التوسع ومجاراة الآخرين في تجديد المركب والأثاث ونحو ذلك من المتاع الفاني والحطام الزائل وكثيرا ما يدخل هؤلاء في متاهات بيوع التقسيط التي لا يخلو كثير منها من الشبهة أو الحرام . والتساهل في الاستدانة يقود إلى المماطلة في التسديد أو يؤدي إلى إضاعة أموال الآخرين وإتلافها ، وقد قال النبي r محذرا من عاقبة هذا العمل : (من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه ومن أخذ يريد إتلافها أتلفه الله ) رواه البخاري. والناس يتساهلون في أمر الدين كثيرا ويحسبونه هينا وهو عند الله عظيم ، بل إن الشهيد مع ماله من المزايا العظيمة والأجر الجزيل والمرتبة العالية لا يسلم من تبعة الدين ودليل ذلك قوله r : (سبحان الله ماذا أنزل الله من التشديد في الدين والذي نفسي بيده لو أن رجلا قتل في سبيل الله ثم أحيي ثم قتل ثم أحيي ثم قتل وعليه دين ما دخل الجنة حتى يقضى عنه دينه ) رواه النسائي . فهل بعد هذا يرعوي هؤلاء المتساهلون المفرطون ؟!

السرقة : قال تعالى : )وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللهِ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ    (المائدة : 38  . ومن أعظم جرائم السرقة سرقة حجاج وعمار بيت الله العتيق وهذا النوع من اللصوص لا يقيم وزنا لحدود الله في أفضل بقاع الأرض وحول بيت الله وقد قال النبي r في قصة صلاة الكسوف : ( لقد جئ بالنار وذلكم حين رأيتموني تأخرت مخافة أن يصيبني من لفحها ، وحتى رأيت فيها صاحب المحجن يجر قصبه [ أمعاءه ] في النار ، كان يسرق الحاج بمحجنه [ عصا معقوفة الطرف ] فإن فطن له قال : إنما تعلق بمحجني ، وإن غفل عنه ذهب به .. ) رواه مسلم ومن أعظم السرقات السرقة من الأموال العامة وبعض الذين يفعلونها يقولون نسرق كما يسرق غيرنا وما علموا أن تلك سرقة من جميع المسلمين لأن الأموال العامة ملك لجميع المسلمين وفعل الذين لا يخافون الله ليس بحجة تبرر تقليدهم وبعض الناس يسرق من أموال الكفار بحجة أنهم كفار وهذا غير صحيح فإن الكفار الذين يجوز _سلب أموالهم هم المحاربون للمسلمين وليس جميع شركات الكفار وأفرادهم يدخلون في ذلك ومن وسائل السرقة مد الأيدي إلى جيوب الآخرين خلسة وبعضهم يدخل بيوت الآخرين زائرا ويسرق وبعضهم يسرق من حقائب ضيوفه وبعضهم يدخل المحلات التجارية ويخفي في جيوبه وثيابه سلعا أو ما تفعله بعض النساء من إخفائها تحت ثيابها وبعض الناس يستسهل سرقة الأشياء القليلة أو الرخيصة وقد قال النبي r : ( لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده ويسرق الحبل فتقطع يده ) رواه البخاري ويجب على كل من سرق شيئا أن يعيده إلى صاحبه بعد أن يتوب إلى الله عز وجل سواء أعاده علانية أو سرا شخصيا أو بواسطة فإن عجز عن الوصول إلى صاحب المال أو إلى ورثته من بعده مع الاجتهاد في البحث فإنه يتصدق به وينوي ثوابه لصاحبه . فاحذروا هذه المحرمات التي سمعتم اليها وتحريمها من الكتاب والسنه 0فاتقوا الله في مكاسبكم يا عبادَ الله، وخلِّصوا أنفسَكم قبلَ لقاءِ الله،)وَٱتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى ٱللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ(  البقرة : 281

 

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل مطعمنا حلال، ومشربنا حلال، ومكسبنا حلال، اللهم إنا نسألك التقوى، اللهم جنبنا الحرام وجنبنا ما يغضبك يا رب العالمين. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياك بما فيه من الآيات والذكر الحكيم،واستغفر الله من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم 0

الخطبة الثانية محرمات استهان بها كثير من الناس (9)

الحمد لله الذي أباح لنا من المكاسب أحلها وأزكاها وأقومها بمصالح العباد وأولاها، وحرم علينا كل كسب مبني على ظلم النفوس وهواها، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له خلق الخليقة وبراها وبين لها طرق رشدها وهداها، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أزكى الخليقة عبادة ومعاملة وأتقاها، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليما.أما بعد:فأوصيكم - أيها الناس- ونفسي بتقوى الله عز وجل في العسر واليسر، والرخاء والشدة؛ ففي التقوى تفريج لكرب الدنيا الآخرة )وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ  (  الطلاق  :3,2.

عباد الله: ومن صور اكل المال بالباكل التي تساهل فيه كثير من الناس  هو

الغش : لقد حرمت الشريعة الغش بأنواعه، وهذا الغش مما حدث فيه وقوع عظيم في هذه الأيام، فأنت تراه ابتداءاً من صناديق الفاكهة التي يجعل فيها الفاسد أسفل والجيد أعلى، والصغير أسفل والكبير أعلى، لألى يراه المشتري فينخدع بظاهر ما في الصندوق وهو لا يدري عن باطنه، وقليل جداً من المزارعين والتجار الذين ينبهون عمالهم عند صف هذه الفواكه أو الخضروات في الصناديق أن لا يقعوا في هذا، بل إنهم يوصونهم بالعكس، وكذلك تجد الغش في أنواع الزيوت، وأنواع العطور، والبخور، كيف تخلط بغيرها؟، وكيف يجعل الرصاص داخلاً في بعضها؟، بحيث أنك لا تراه، وكيف تكون بعض المواد تحترق مع هذا البخور؟، بل فلا ترى هذا المغشوش والمخلوط أصلاً، وكذلك فإن بعض الزجاجات تظهر لك ما في داخلها شيئاً كثيراً، ولكن في الحقيقة هو أقل من ذلك، فإن شكلها يخدع.وبعض التجار يخيط الثياب خياطة ضعيفة، ثم يبيعها من غير أن يبين ذلك، وربما لصقوا عليه وهذا موجود في مشاغل الخياطة التي تخيط هذه الكميات من الثياب والفساتين ونحوها، ينزعون عنها الإشارة التي تبين البلد الذي صنعت فيه ويخيطون بدلاً من ذلك علامات تبين بلداً آخر، ونحو ذلك، وهذا أيضاً يحدث عند أصحاب الحلي الذين يغشون المعادن النفيسة.وكذلك يحدث في مزادات السيارات، فيوضع زيت ثقيل في محرك السيارة يوهم المشتري أنها بحالة جيدة، وبعضهم يتلاعب في عداد السيارة قبل أن يبيعها، وبعضهم يريد أن يبرئ ذمتهم بزعمه، فيقول: خذها كومة من حديد. ولا يبين السلعة ولا يبين عيوبها، وهو يعلم عيوب السلعة، وبعضهم يقول: سكر في ماء أو ملح في ماء، وهو يقصد أنك تشتريها كما هي ولا يبين عيوبها، وهكذا،، قال النبي r: ( فإن كتما وكذبا محقت بركة بيعيهما )، وأنواع الفساد في مزادات السيارات كثيرة، حتى لتجد من يكره الداخل في سوق الحراج على البيع فهذا من جهة، وهذا من جهة، ليخرجوه بعد ذلك مسكيناً قد باعها بأقل من سعرها في الحقيقة، وهذا بيع الإكراه لا يجوز، وقد قال الله: ) إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ (  النساء:29  ، وأول شرط في البيع هو التراضي.

ومن المحرمات التي يتساهل فيها كثير من الناس الرشوة: وإليكم أيها الإخوة طائفة من الذنوب المذكورة في القرآن والسنة التي استهان بها كثير من الناس حتى أصبحت عندهم لا شيء، أو أنهم يعتقدون أنها ليست بذنوب أصلاً، وتأمل العذاب المقترن بها في الآية أو الحديث لتعلم منزلة هذه المعصية عند الله عز وجل، فمثلاً: يقول الله تعالى: ) فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ*حُنَفَاءَ للهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ (  الحج : 30-31 )وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ( البقرة:188 هذه الآية نص في تحريم الرشوة التي يدفعها الراشي إلى الحاكم كالقاضي، أو الموظف والمسئول في أمر من الأمور؛ فيحكم له بالحق مع أنه على الباطل، أو يحكم على خصمه بالباطل مع أن خصمه على الحق، هذا المال الذي يدفع إلى هذا الحاكم الذي يفصل بين الأمور هو الذي لعن رسول الله r دافعه وآخذه: (لعن الله الراشي والمرتشي في الحكم) حديث صحيح. وتأمل ما فعلت الرشوة اليوم في أحوال الناس، من تضييع الحقوق، وتفويت الحق على أهله، ومن أخذ كثير من الناس لأمور ليست من حقهم، وإنما هي بأموال توصلوا بها إلى إبطال الحق وإحقاق الباطل، وهذا لعمر الله من الأمور التي تهدم المجتمعات، إذ إنها من الظلم الذي لا يرضاه الله، وإن سماها كثير من الناس بأسماء يوهمون بها أنفسهم وغيرهم أنها ليست رشوة، وهي عين الرشوة، كما يسميها بعضهم بالحلاوة ونحوها، قاتلهم الله! فاحذروا هذه المحرمات التي سمعتم اليها وتحريمها من الكتاب والسنه 0فاتقوا الله في مكاسبكم يا عبادَ الله، وخلِّصوا أنفسَكم قبلَ لقاءِ الله،)وَٱتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى ٱللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ(  البقرة : 281

أسأل الله تعالى أن يرزقني وإياكم الفقه في دينه وأن يرزقنا جميعا رزقا طيبا حلالا نستغني به عن ما حرم الله عز وجل فاتقوا الله أيها المسلمون واعلموا أنكم لم تخلقوا لكسب الأموال ولم تخلقوا للمعاملات التي يكون فيها شبهة وإنما خلقتم لعبادة الله والدين أغلي ما يكون عند المرء والدنيا وسيلة له فلا تجعلوا الوسيلة غاية والغاية وسيلة0اللهم أغننا بحلالك عن حرامك وبفضلك عمن سواك، اللهم لا تجعل لنا نصيبا في الحرام، وحُل بيننا وبينه حتى نلقاك اللهم أبرد لاعج القلب بثلج اليقين ، وأطفىء جمر الأرواح بماء الإيمان. اللهم  ألقي  على النفوس المضطربة سكينة ، وأثبها فتحا قريبا. يا رب  اهد حيارى البصائر إلى نورك ، وضلال المناهج إلى صراطك ، والزائغين عن السبيل إلى هداك. اللهم أزل الوساوس بفجر صادق من النور ، وأزهق باطل الضمائر بفيلق من الحق ، ورد كيد الشيطان بمدد من جنود عونك مسومين. اللهم أذهب عنا الحزن ، وأزل عنا الهم ، واطرد من نفوسنا القلق. نعوذ بك من الخوف إلا منك ، والركون إلا إليك ، والتوكل إلا عليك ، والسؤال إلا منك ، والاستعانة إلا بك ، أنت ولينا ، نعم المولى ونعم النصير اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، وانصر عبادك المؤمنين، واحم حوزة الدين يا رب العالمين .اللهم ادفع عنا الغلاء والوباء والربا والزنا والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن عن بلادنا وعن سائر بلاد المسلمين يا رب العالمين، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يبارك لنا فيما آتانا، وأن يقنعنا بما رزقنا، وأن يجعلنا ممن يبتغي الحلال ويحرص عليه، اللهم إنا نسألك البركة والتقوى، وأن تجنبنا الحرام والعسرى يا رب العالمين، اللهم إنا نسألك أن تجعلنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك، اللهم آمنا في الأوطان والدور، وأصلح الأئمة وولاة الأمور، وأغفر لنا يا عزيز يا غفور. اللهمَّ صلِّ على محمَّد وعلى آله محمَّد، فما صلَّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميد مجيد، وبارك على محمَّد وعلى آل محمَّد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميد مجيد، وارض اللهمَّ عن صحابة نبيِّك أجمعين وعنا معهم بعفوك وكرمك ياأكرم الاكرمين سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

nassimbishra

اصبر على كيد الحسود فإن صبرك قاتله

  • Currently 45/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
15 تصويتات / 367 مشاهدة
نشرت فى 21 ديسمبر 2010 بواسطة nassimbishra

ساحة النقاش

نسيم الظواهرى بشارة

nassimbishra
موقع تعليمى إسلامى ، نهدف منه أن نساعد أبناءنا الطلاب فى كافة المراحل التعليمية ، وكذلك زملائى الأعزاء من المعلمين والمعلمات ، وموقع إسلامى لتقديم ما يساعد إخواننا الخطباء بالخطب المنبرية ، والثقافة الإسلامية العامة للمسلمين ، ونسال الله سبحانه وتعالى الإخلاص فى القول والعمل ، ونسألكم الدعاء »

تسجيل الدخول

ابحث

عدد زيارات الموقع

1,035,112

ملحمة التحرير