<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"جدول عادي"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0in 5.4pt 0in 5.4pt; mso-para-margin:0in; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman";} </style> <![endif]-->

أسس المجتمع الجديد

الأساس الأول ( بناء المسجد )

لقد كانت هجرة الرسول  r إلى المدينة ’ تعنى نشاة أول دار إسلام إذ ذاك على وجه الأرض ’ وقد كان ذلك إيذاناً بظهور الدولة الإسلامية بإشراف منشئها الأول محمد  r

ولذا فقد كان أول عمل قام به الرسول  r ’ أن أقام الأسس الهامة لهذه الدولة ولقد كانت هذه الأسس ممثلة فى هذه الأعمال الثلاثة التالية :

أولاً : بناء المسجد

ثانياً : المؤاخاة بين المهاجرين و الأنصار خاصة و المسلمين عامة .

ثالثاً : كتابة وثيقة ( دستور ) حددت نظام حياة المسلمين فيما بينهم ’ وأوضحت علاقتهم مع غيرهم بصورة عامة و اليهود بصورة خاصة .

قلنا فيما مضى : إن ناقة رسول الله  r بركت فى موضع كان لغلامين يتيمين من الأنصار ’ وكان أسعد ابن زرارة قد اتخذه مصلى قبل هجرة رسول الله  r الى المدينة ’ فكان يصلى بأصحابه فيه . فأمر رسول الله  r أن يبنى ذلك الموضع مسجداً ’ ودعا الغلامين - وكانا فى كفالة أسعد ابن زرارة  رضى الله عنه - فسام رسول الله  r فيه ’ فقالا بل نهبه لك يا رسول الله ’ فأبى رسول الله  r حتى ابتاعه منهما بعشرة دنانير . وكان فيه شجر غرقد ونخل وقبور قديمة لبعض المشركين’ فأمر رسول الله  r بالقبور فنبشت و بالنخل وبالشجر فقطعت ’ وصفّت فى قبلة المسجد ’ وجعل طوله مما يلى القبلة الى مؤخرته مائة ذراع ’ وفى الجانبين مثل ذلك أو دونه ’ ثم بنوه باللبن ’ وكان رسول الله  r يباشر البناء مع أصحابه وينقل معهم الحجارة بنفسه ’ وجعل قبلته إلى بيت المقدس ’ وجعل عمده الجذوع ’ وسقفه بالجريد ’ وقيل له : ألا نسقفه ؟ فقال : ( عريش كعريش موسى : خشيبات وثمام - نبت ضعيف قصير - الشأن أعجل من ذلك ’أما أرضه فقد بقيت مفروشة بالرمال و الحصباء .

وروى البخارى فى سنده عن أنس ابن مالك ’ أنه  r كان يصلى حيث أدركته الصلاة فى مرابض الغنم ’ قال ثم إنه أمر ببناء المسجد ’ فأرسل الى ملأ من بنى النجار فجاؤوا ’ فقال يابنى النجار ثامنونى بحائطكم هذا ’ فقالوا لا والله لا نطلب ثمنه إلا الى الله ’ فقال أنس فكان فيه ما أقول لكم ’ : كانت فيه قبور المشركين وكانت فيه خرب ’ وكان فيه نخل . فأمر رسول الله  r بقبور المشركين فنبشت ثم بالخرب فسويت وبالنخل فقطع ’ قال فصفوا النخل قبلة المسجد قال : وجعلوا عضادتيه حجارة وجعلوا ينقلون الصخر وهم يرتجزون ورسول الله  r معهم وهو يقول : اللهم لا خير إلا خير الآخرة فانصر الأنصار و المهاجرة .

وقد ظل مسجد رسول الله  r على هذا الشكل دون أى زيادة أو تغيير فيه مدة خلافة أبى بكر رضى الله عنه ’ ثم زاد فيه عمر رضى الله عنه بعض التحسين ’ ولكنه بناه على بنائه فى عهد الرسول  r باللبن و الجريد وأعاد عمده خشباً . ثم غيره عثمان رضى الله عنه فزاد فيه زيادة كبيرة ’ وبنى جداره بالحجارة المنقوشة و القصة ( الجص ) .

العبر و الدلائل :

بأخذ من هذا الذى ذكرناه دلائل هامة نجملها فيما يلى :

1- مدى أهمية المسجد فى المجتمع الإسلامى و الدولة الإسلامية :

فقد أقبل رسول الله  r ’ بمجرد وصوله الى المدينة واستقراره فيها على إقامة مجتمع إسلامى متماسك راسخ ’ يتألف من هؤلاء المسلمين : المهاجرين و الأنصار الذين جمعتهم المدينة المنورة ’ فكان أول خطوة قام بها فى سبيل هذا الأمر ’ بناء المسجد .

ولا غرو ولا عجب ’ فإن إقامة المسجد أول وأهم ركيزة فى بناء المجتمع الإسلامى ’ ذلك أن المجتمع الإسلامى إنما يكتسب صفة الرسوخ و التماسك بالتزام نظام الإسلام وعقيدته و آدابه ’ وإنما ينبع ذلك كله من روح المسجد ووحيه .

إن من نظام الإسلام وآدابه شيوع آصرة الأخوة و المحبة بين المسلمين ’ ولكن شيوع هذه الآصرة لا يتم إلا فى المسجد ’ فما لم يتلاق المسلمون يومياً ’ على مرات متعددة فى بيت من بيوت الله ’ وقد تساقطت عما بينهم فوارق الجاه و المال و الاعتبار ’ لا يمكن لروح التآلف و التآخى أن تؤلف بينهم .

إن من نظام الإسلام وآدابه ’ أن تشيع روح المساواة و العدل فيما بين المسلمين فى مختلف شؤونهم وأحوالهم ’ ولكن شيوع هذه الروح لا يمكن أن يتم ما لم يتلاق المسلمون كل يوم صفاً واحداً بين يدى الله عز وجل ’ وقد وقفوا على صعيد مشترك من العبودية ’ وتعلقت قلوبهم بربهم الواحد جل جلاله ’ ومهما أنصرف كل مسلم الى بيته يعبد الله ويركع له ويسجد دون وجود ظاهرة الاشتراك و الاجتماع فى العبادة ’ فإن معنى العدالة و المساواة لن يتغلب فى المجتمع على معانى اأثرة والتعالى و الأنانية.

وإن من نظام الإسلام وآدابه ’ أ، ينصهر أشتات المسلمين فى بوتقة من الوحدة الراسخة يجمعهم عليها حبل الله الذى هو حكمه وشرعه ’ ولكن ما لم تقم فى أنحاء المجتمع مساجد يجتمع فيها المسلمون على تعلم حكم الله وشريعته ليتمسكوا بهما عن معرفة وعلم ’ فإن وحدتهم تؤول الى أشتات ’ وسرعان ما تفرقهم عن بعضهم الشهوات و الأهواء .

فمن أجل تحقيق هذه المعانى كلها فى مجتمع المسلمين ودولتهم الجديدة ’ أسرع رسول الله  r قبل كل شىء فبادر إلى بناء المسجد .

2- حكم التعامل مع من لم يبلغوا سن الرشد من الأطفال و الأيتام :

فقد استدل بعض الفقهاء وهم الحنفية بهذا الحديث على صحة تصرف غير البالغ ووجه الدلالة على ذلك أن النبى  r اشترى المربد من الغلامين اليتيمين ’ بعد أن ساومهما ’ ولو لم يصح تصرفهما لما اشترى منهما ’ غير أن الذين ذهبوا الى عدم صحة تصرف غير البالغ سن الرشد- وهم جمهور الفقهاء- استدلوا بقول الله تعالى :( ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتى هى أحسن حتى يبلغ أشده) أما حديث شراء المربد فيجاب عليه بجوابين :

أحدهما- أنه جاء فى رواية عيينة أن النبى  r كلم عمهما الذى كانا فى حجره وكفالته وابتاعه منهما بواسطته فلا حجة فيه لما ذهب إليه الحنفية .

ثانيهما - أن للنبى  r ولاية خاصة فى مثل هذه الأمور ’ وأنه عليه الصلاة و السلام إنما اشترى الأرض منهما بوصف كونه ولياً عاماً لجميع المسلمين ’ لا بوصف كونه فرداً منهم .

3- جواز نبش القبور الدارسة : واتخاذ موضعها مسجداً إذا نظفت وطابت أرضها :

ذكر الإمام النووى تعليقاً على هذا الحديث فقال : فيه جواز نبش القبور الدارسة وأنه إذا أزيل ترابها المختلط بصديدهم ودمائهم جازت الصلاة فى تلك الأرض ’ وجواز اتخاذ موضعها مسجداً ’ إذا طيبت أرضه.

كما أن الحديث يدل على أن الأرض التى دفن فيها الموتى ودرست ’ يجوز بيعها وأنها باقية على ملك صاحبها وورثته من بعده إذا لم توقف ’ وقد قال علماء السيرة عن تلك القبور التى كانت فى المربد أنها كانت قبوراً قديمة دارسة ’ فلا يتأتى فيها الصديد و الدم ’ ومع ذلك فقد نبشت وأزيل ما فيها من بقايا . قلت : ومحل جواز نبش القبور الدارسة واتخاذ أرضها مسجداً ’ إذا لم تكن الأرض وقفاً ’ أما إذا كانت كذلك فلا يجوز تحويلها إلى شىء آخر غير ما وقفت له .

4- حكم تشييد المساجد ونقشها وزخرفتها :

و التشييد أن تقام عمارة المسجد بالحجارة وشبهها مما يزيد فى قوة بنائه ومتانة سقفه وأركانه ’ والنقش و الزخرفة ما جاوز أصل البناء من شتى أنواع الزينة .

فأما التشييد فقد أجازه واستحسنه عامة العلماء ’ بدليل ما فعله عمر و عثمان رضى الله عنهما من إعادة بناء مسجده عليه الصلاة و السلام ’ وهو وإن كان شيئاً لم يفعله رسول الله  r إلا أنه لم يدل على المفهوم المخالف ’ أى المنع من التشييد و التقوية ’ إذ لا يتعلق بهما وصف يخل بالحكمة التى من أجلها شرع بناء المساجد’ بل إن فى ذلك زيادة فى العناية والاهتمام بشعائر الله تعالى . واستدل العلماء أيضاً على ذلك بقوله تعالى :( إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله و اليوم الآخر ) والعمارة إنما تكون بالتشييد وتقوية البناء و العناية به .

وأما النقش و الزخرفة ’ فقد كرهها عامة العلماء ’ ثم هم فى ذلك بين محرّم ومكرّه ’ غير أن الذين قالوا بالحرمة و الذين قالوا بالكرهة اتفقوا على أنه يحرم صرف المال الموقوف لعمارة المساجد على شىء من الزخرفة و النقش ’ أما إذا كان المال المصروف على ذلك من البانى نفسه فيرد الخلاف فيه ’ وقد ذكر الزركشى نقلاً عن الإمام البغوى أنه لا يجوز نقش المسجد من غلة الوقف ’ ويغرّم القيم إن فعله ’ فلو فعله رجل بماله كره لأنه يشغل قلب المصلين .

والفرق بين عموم التشييد وخصوص الزخرفة و النقش واضح .

فالأول كما قلنا لا يترتب عليه وصف أو معنى يخل بالحكمة التى من أجلها شرع بناء المسجد ’ أما الزخرفة و النقش فإن كلاً منهما يترتب عليه معنى يخل بالحكمة ’ إذ من شأنه صرف قلب المصلين عن الخشوع و التدبر وشغله بمظاهر الدنيا ’ على حين أنه يقصد من الدخول فى المسجد الهرب من التصورات الدنيوية وتفريغ البال من زينتها و مغرياتها .

وهذا ما نبه إليه عمر رضى الله عنه حينما أمر ببناء مسجد فقال :( أكنّ الناس من المطر وإياك أن تحمر أو تصفر ’ فتفتن الناس ) ’ وقد اختلف العلماء فى كتابة آية من القرآن فى قبلة المسجد هل هى داخلة فى النقش الممنوع أم لا ؟ .

يقول الزركشى فى كتابه إعلام الساجد :( ويكره أن يكتب فى قبلة المسجد آية من القرآن أو شيئاً منه ’ قال مالك ’ وجوزه بعض العلماء ’ وقال لا بأس به ’ لما روى من فعل عثمان ابن عفان ذلك فى مسجد رسول الله  r ’ ولم ينكر ذلك عليه )

ومما ذكرناه يتبين لك خطا ما يعمد إليه كثير ممن يهتمون بتعمير المساجد و تشييدها اليوم ’ حيث ينصرفون بكل جهودهم الى التفنن فى تزيينها ونقشها وإضفاء مختلف مظاهر الأبهة عليها ’ حتى إن الداخل إليها لا يكاد يستشعر أى معنى من ذل العبودية لله عز وجل ’ وإنما يستشعر ما ينطق به لسان حالها من الافتخار بما ارتقى إليه فن الهندسة المعمارية ’ وفنون الزخرفة العربية .

 

الأساس الثانى ( الأخوة بين المسلمين )

ثم إن الرسول صلى اله عليه وسلم آخى بين أصحابه من المهاجرين والأنصار ’ آخى بينهم على الحق و المواساة ’ وعلى أن يتوارثوا بينهم بعد الممات ’ بحيث يكون أثر الأخوة الإسلامية فى ذلك أقوى من أثر قرابة الرحم .

فجعل جعفر ابن أبى طالب ومعاذ ابن جبل أخوين ’ وجعل حمزة ابن عبد المطلب وزيد ابن حارثة أخوين ’ وجعل أبا بكر الصديق رضى الله عنه وخارجة ابن زهير أخوين ’ وعمر ابن الخطاب وعتبان ابن مالك أخوين ’ وعبد الرحمن ابن عوف و سعد ابن الربيع أخوين ................ وهكذا

ثم ربط النبى  r هذا التآخى بين أفراد الصحابة بنطاق عام من الأخوة و الموالاة ’ كما سنجدها فيما بعد .

وقد قامت هذه الأخوة على أسس مادية أيضاً ’ وكان حكم التوارث فيما بينهم من بعض هذه المظاهر المادية . وظلت عقود هذا الإخاء مقدمة على حقوق القرابة الى موقعة بدر الكبرى ’ حيث نزل فى أعقابها قول الله تعالى :( وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض فى كتاب الله إن الله بكل شىء عليم ) فنسخت هذه الآية ما كان قبلها وانقطع أثر المؤاخاة الإسلامية فى الميراث ’ ورجع كل إنسان فى ذلك إلى نسبه وذوى رحمه ’ وأصبح المؤمنون كلهم إخوة .

روى البخارى عن ابن عباس قال : كان المهاجرون حين قدموا المدينة يرث المهاجرىّ الأنصارىّ دون ذوى رحمة للأخوة التى آخى النبى  r بينهم ’ فلما نزلت :( ولكل جعلنا موالى ) نسخت ’ ثم قال :( والذين عاقدت أيمانكم ) أى من النصر و الرفادة و النصيحة وقد ذهب الميراث .

 

العبر و الدلائل :

وهذا هو الأساس الثانى الذى اعتمده الرسول  r فى سبيل بناء المجتمع الإسلامى و الدولة الإسلامية ’وإن أهمية هذا الأساس تظهر فى الجوانب التالية :

أولاً: إن أى دولة لا يمكن أن تنهض وتقوم إلا على أساس من وحدة الأمة وتساندها ’ ولا يمكن لكل من الوحدة والتساند أن يتم بغير عامل التآخي و المحبة المتبادلة فكل جماعة لا تؤلف بينها آصرة المودة والتآخى الحقيقية لايمكن أن تتحد حول مبدأ ما ’ وما لم يكن الإتحاد حقيقة قائمة فى الأمة أو الجماعة فلا يمكن أن تتألف منها دولة .

على أن التآخى أيضاً لابد أن يكون مسبوقاً بعقيدة يتم اللقاء عليها و الإيمان بها ’ فالتآخى بين شخصين يؤمن كل منهما بفكرة أو عقيدة مخالفة للأخرى ’ خرافة ووهم ’ خصوصاً إذا كانت تلك الفكرة أو العقيدة مما يحمل صاحبها على سلوك معين فى الحياة العملية .

ومن أجل ذلك ’ فقد جعل رسول الله  r أساس الأخوة التى جمع عليها أفئدة أصحابه ’ العقيدة الإسلامية التى جاءهم بها من عند الله تعالى و التى تضع الناس كلهم فى مصاف العبودية الخالصة لله تعالى دون الاعتبار لأى فارق إلا فارق التقوى و العمل الصالح ’ إذ ليس من المتوقع أن يسود الإخاء و التعاون والإيثار بين أناس شتتتهم العقائد و الأفكار المختلفة فأصبح كل منهم ملكاً لأنانيته وأثرته وأهوائه

ثانياً - إن المجتمع - أى مجتمع - إنما يختلف عن مجموعة ما من الناس منتثرة مفككة ’ بشىء واحد ’ هو قيام مبدأ التناصر و التعاون فيما بين أشخاص هذا المجتمع ’ وفى كل نواحى الحياة و مقوماتها ’ فإ، كان هذا التعاون و التناصر قائما طبق نظام العدل و المساواة فيما بينهم ’ فذلك هو المجتمع العادل السليم ’ وإن كان ذلك قائما على الحيف و الظلم ’ فذلك هو المجتمع الظالم المنحرف .

وإذا كان المجتمع السليم إنما يقوم على أساس من العدالة فى الاستفادة من أسباب الحياة و الرزق ’ فما الذى  يضمن سلامة هذه العدالة وتطبيقها على خير وجه ؟

إن الضمانة الطبيعية و الفطرية الأولى لذلك ’ إنما هى التآخى و التوادد يليها بعد ذلك ضمانة السلطة و القانون ’ فما أرادت السلطة أن تحقق مبادىء العدالة بين الأفراد ’ فإنها لا تتحقق ما لم تقم على أساس من المحبة و التآخى فيما بينهم ’ بل إن هذه المبادىء لاتعدو أن تكون حينئذ مصدر أحقاد وضغائن تشيع بين أفراد ذلك المجتمع ’ ومن شان الأحقاد و الضغائن أن تحمل على طيها بذور الظلم و الطغيان فى أشد الصور و الأشكال من أجل هذا إتخذ رسول الله  r من حقيقة التآخى الذى أقامه بين المهاجرين و الأنصار أساساً لمبادىء العدالة الاجتماعية التى قام على تطبيقها أعظم و أروع نظام اجتماعى فى العالم ’ ولقد تدرجت مبادىء هذه العدالة فيما بعد بشكل أحكام وقوانين شرعية ملزمة ’ ولكنها كلها إنما تأسست وقامت على تلك الأرضية الأولى ’ ألا وهى الأخوة الإسلامية ’ ولولا هذه الأخوة العظيمة التى تأسست بدورها على حقيقة العقيدة الإسلامية ’ لما كان لتلك المبادىء أى أثر تطبيقى وإيجابى فى شد أزر المجتمع الإسلامى ودعم كيانه .

ثالثاً : المعنى التفسيرى الذى صاحب شعار التآخى :

لم يكن ما أقامه الرسول  r بين أصحابه من مبدأ التآخى مجرد شعار فى كلمة أجراها على ألسنتهم ’ وإنما كان حقيقة عملية تتصل بواقع الحياة وبكل أوجه العلاقات القائمة بين المهاجرين و الأنصار ’ ولذلك جعل النبى  r من هذه الأخوة مسؤولية حقيقية تشيع بين هؤلاء الأخوة ’ وكانت هذه المسؤولية تؤدى فيما بينهم على خير وجه ’ وحسبنا دليلا على ذلك ما قام به سعد ابن الربيع الذى كان قد آخى الرسول بينه وبين عبد الرحمن ابن عوف ’ إذ عرض على عبد الرحمن ابن عوف أن يشركه فى بيته وأهله وماله فى قسمة متساوية ’ ولكن عبد الرحمن ابن عوف شكره وطلب منه أن يرشده الى سوق المدينة ليشتغل فيها ’ ولم يكن سعد ابن الربيع منفرداً عن غيره من الأنصار فيما عرضه على أخيه كما قد يظن ’ بل كان هذا شأن عامة الصحابة فى علاقتهم وتعاونهم مع بعض ’ خصوصاً بعد الهجرة وبعد أن آخى النبى  r فيما بينهم .

ولذلك أيضاً ’ جعل الله سبحانه وتعالى حق الميراث منوطاً بهذا التآخى ’ دون حقوق القرابة و الرحم ’ فقد كان من حكمة هذا التشريع أن تتجلى الأخوة الإسلامية حقيقة محسوسة فى أذهان المسلمين ’ وأن يعلموا أن ما بين المسمين من التآخى و التحابب ليس شعاراً وكلاماً مجردين ’ وإنما هى حقيقة قائمة ذات نتائج اجتماعية محسوسة تكون أهم أسس نظام العدالة الاجتماعية .

أما حكمة نسخ التوارث على أساس هذه الأخوة ’ فيما بعد ’ فهى أن نظام الميراث الذى استقر أخيراً ’ إنما هو نفسه قائم على أخوة الإسلام بين المتوارثين ’ إذ لا توارث بين دينين مختلفين ’ إلا فى الفترة الأولى من الهجرة وضعت كل من الأنصار و المهاجرين أمام مسئولية خاصة من التعاون والتناصر و المؤانسة ’ بسبب مفارقة المهاجرين لأهلهم وتركهم ديارهم وأموالهم فى مكة ونزولهم ضيوفاً على إخوانهم الأنصار فى المدينة ’ فكان ما أقامه الرسول  r من التآخى بين أفراد المهاجرين والأنصار ضمانة لتحقيق هذه المسئولية ’ ولقد كان من مقتضى هذه المسؤولية أن يكون التآخى أقوى فى حقيقته وأثره من أخوة الرحم المجردة .

فلما استقر أمر المهاجرين فى المدينة وتمكن الإسلام فيها ’ وغدت الروح الإسلامية هى وحدها العصب الطبيعى للمجتمع الجديد فى المدينة ’ أصبح من المناسب انتزاع القالب الذى كان قد صب فيه نظام العلاقة بين المهاجرين و الأنصار إثر إلتقائهم فى المدينة ’ إذ لا يخشى على هذا النظام بعد اليوم من التفكك و التميع فى ظل الأخوة الإسلامية العامة وما يترتب عليها من المسؤوليات المختلفة ’ ولا ضير حينئذ أن يعود تأثير قرابة الرحم بين المسلمين من حيث كونها مؤثراً زائداً على قرابة الإسلام وأخوته . ’ ثم إن هذا التآخى الذى عقده رسول الله  r بين المهاجرين والأنصار كان مسبوقاً بمؤاخاة أخرى أقامها النبى  r بين المهاجرين فى مكة ’ قال ابن عبد البر :( كانت المؤاخاة مرتين : مرة بين المهاجرين خاصة ’ وذلك بمكة ’ ومرة بين المهاجرين و الأنصار ) .

وهذا ما يؤكد لنا أن مناط الأخوة وأساسها إنما هو رابطة الإسلام ’ غير أنها احتاجت الى تجديد و تأكيد بعد الهجرة بسبب ظروفها و بسبب اجتماع المهاجرين و الأنصار فى دار واحدة .

فهى ليست فى الحقيقة شيئاً آخر غير الأخوة القائمة على أساس جامعة الإسلام ووحدة العقيدة ’ وإنما هى تأكيد لها عن طريق التطبيق .

الأساس الثالث ( كتابة وثيقة بين المسلمين وغيرهم )

وهذا الأساس هو أهم ما قام به النبى  r مما يتعلق بالقيمة الدستورية للدولة الجديدة روى ابن هشام أن النبى  r لم تمض له سوى مدة قليلة فى المدينة حتى اجتمع له إسلام عامة أهل المدينة من العرب ’ ولم يبق دار من دور الأنصار إلا أسلم أهلها ’ عدا أفراد فى قبيلة الأوس ’ فكتب رسول الله  r كتاباً بين المهاجرين و الأنصار وادع فيه اليهود وعاهدهم ’ وأقرهم على دينهم وأموالهم وشرط لهم واشترط عليهم .

وقد ذكر ابن إسحاق هذا الكتاب بدون إسناد ’ وذكره ابن خيثمة فأسنده : حدثنا أحمد ابن جناب ابن الوليد ’ ثنا عيسى ابن يونس ’ ثنا كثير ابن عبد الله ابن عمرو المزنى عن أبيه عن جده أن رسول الله  r كتب كتاباً بين المهاجرين والأنصار ’ فذكر نحو ما ذكره ابن إسحاق ’ وذكر الإمام أحمد فى مسنده فرواه عن سريج قال : حدثنا عباد عن حجاج عن عمرو ابن شعيب عن أبيه عن جده أن النبى  r كتب كتاباً بين المهاجرين و الأنصار ...... الخ

ونحن لن نأت بنص الكتاب كله ’ فهو طويل ’ ولكننا نجتزىء منه البنود الهامة بنصوصها الواردة فى كتابه عليه الصلاة و السلام ’ كى نقف من ورائها على مدى القيمة الدستورية للمجتمع الإسلامى ودولته الناشئة فى المدينة ’ وهذه هى البنود مرتبة حسب ترتيبها فى نص الكتاب نفسه :

1- المسلمون من قريش ويثرب ومن تبعهم فلحق بهم و جاهد معهم ’ أمة واحدة من دون الناس

2- هؤلاء المسلمون جميعاً على اختلاف قبائلهم يتعاقلون بينهم ’ ويفدون عانيهم بالمعروف و القسط بين المؤمنين .

3- إن المؤمنين لا يتركون مفرحاً بينهم أن يعطوه فى فداء أو عقل .

4- إن المؤمنين المتقين ’ على من بغى منهم أو إبتغى دسيعه ظلم أو إثم أو عدوان أو فساد بين المؤمنين ’ وأن أيديهم عليه جميعاً ولو كان ولد أحدهم .

5- لا يقتل مؤمن مؤمناً فى كافر ’ ولا ينصر كافر على مؤمن .

6- ذمة الله واحدة ’ يجبر عليهم أدناهم ’ والمؤمنون بعضهم موالى بعض دون الناس .

7- لا يحل لمؤمن أقر بما فى الصحيفة وآمن بالله و اليوم الآخر أن ينصر محدثاً أو أن يؤويه ’ وإن من نصره أو آواه فإن عليه لعنة الله و غضبه يوم القيامة لا يؤخذ منه صرف ولا عدل .

8- اليهود ينفقون مع اليهود ما داموا محاربين .

9- يهود بنى عوف أمة مع المؤمنين ’ لليهود دينهم ’ وللمسلمين دينهم ’ إلا من ظلم وأثم فإنه لا يوتغ إلا نفسه وأهل بيته .

10- إن على اليهود نفقتهم ’ وعلى المسلمين نفقتهم ’ وإن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة .

11- كل ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث أو اشتجار يخاف فساده ’ فإن مرده الى الله عز وجل و إلى محمد رسول الله.

12- من خرج من المدينة أمن ومن قعد أمن ’ إلا من ظلم وأثم .

13- إن الله على أصدق ما فى الصحيفة وأبره ’ وإن الله جار لمن بر واتقى .

العبر و الدلائل :

لهذه الوثيقة دلالات هامة تتعلق بمختلف الأحكام التنظيمية للمجتمع الإسلامى ونلخصها فيما يلى:

1- إن كلمة الدستور هى أقرب إطلاق مناسب فى اصطلاح العصر الحديث على هذه الوثيقة ’ وهى إذا كانت بمثابة إعلان دستور فإنه شمل جميع ما يمكن أن يعالجه أى دستور حديث يعنى بوضع الخطوط الكلية الواضحة لنظام الدولة فى الداخل و الخارج : أى فيما يتعلق بعلاقة أفراد الدولة مع بعض ’ وفيما يتعلق بعلاقة الدولة مع الآخرين . وحسبنا هذا الدستور الذى وضعه رسول الله  r بوحى من ربه واستكتبه أصحابه ’ ثم جعله الأساس المتفق عليه فيما بين المسلمين وجيرانهم اليهود - حسبنا ذلك دليلاً على أن المجتمع الإسلامى قام منذ أول نشأته على أسس دستورية تامة ’ وأن الدولة الإسلامية قامت - منذ بزوغ فجرها - على أتم ما قد تحتاج إليه الدولة من المقومات الدستورية و الإدارية ’ وظاهر ان هذه المقومات ’ أساس لابد منه لتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية فى المجتمع . ’ إذ هى فى مجموعها إنما تقوم على فكرة واحدة الأمة الإسلامية وما يتعلق بها من البنود التنظيمية الأخرى ’ ولا يمكن أن نجد أرضية يستقر عليها حكم الإسلام وتشريعه ما لم يقم هذا التنظيم الدستورى الذى أوجده رسول الله  r ’ على أنه فى الوقت نفسه جزء من الأحكام الشرعية نفسها . ومن هنا تسقط دعاوى أولئك الذين يغمضون أبصارهم وبصائرهم عن هذه الحقيقة البديهية ’ ثم يزعمون أن الإسلام ليس إلا ديناً قوامه ما بين الإنسان وربه ’ وليس له من مقومات الدولة و التنظيم الدستورى شىء .

وهى أحبولة عتيقة ’ كان يقصد منها محترفو الغزو الفكرى وأرقاء الاستعمار أن يقيدوا بها الإسلام كى لا ينطلق فيعمل عمله فى المجتمعات الإسلامية ’ ولا يصبح له شأن قد يتغلب به على المجتمعات المنحرفة الأخرى ’ إذ الوسيلة الى ذلك محصورة فى أن يكون الإسلام ديناً لا دولة ’ وعبادات مجردة لا تشريعاً و قوانين ’ وحتى لو كان الإسلام ديناً ودولة فى الواقع ’ فينبغى أن يتقلب فيصبح غير صالح لذلك ولو بأكاذيب القول .

غير أن هذه الأحبولة تقطعت سريعاً ’ لسوء حظ أولئك المحترفين ’ وأصبح الحديث عنها من لغو القول ومكشوف الحقد و الضغائن .

ولكن مهما يكن فينبغى أن نقول ’ ونحن بصدد تحليل هذه البنود العظيمة : إن مولد المجتمع الإسلامى نفسه إنمكا كان ضمن هيكل متكامل للدولة ’ وما تنزلت تشريعاته إلا ضمن قوالب من التنظيم الاجتماعي المتناسق من جميع جهاته و أطرافه ’ وهذه الوثيقة أكبر شاهد على ذلك .

وهذا مع غض النظر عن قيمة الأحكام التشريعية نفسها من حيث إنها قطع و أجزاء إذا ضمت الى بعضها تكون منها تنظيم متكامل لبناء دستورى وإدارى عظيم .

2- إن هذه الوثيقة تدل على مدى العدالة التى اتسمت بها معاملة النبى  r لليهود ’ ولقد كان بالإمكان أن تؤتى هذه المسألة العادلة ثمارها فيما بين المسلمين و اليهود ’ لو لم يتغلب على اليهود طبيعتهم من حب للمكر و الغدر و الخديعة ’ فما هى إلا فترة وجيزة حتى ضاقوا ذرعاً بما تضمنته بنود هذه الوثيقة التى التزموا بها ’ فخرجوا على الرسول و المسلمين بألوان من الغدر و الخيانة سنفصل الحديث عنها فى مكانها المناسب إن شاء الله تعالى ’ فكان المسلمون بذلك فى حل مما التزموا به تجاههم .

3- دلت هذه الوثيقة على أحكام هامة فى الشريعة الإسلامية نذكر منها ما يلى :

أولاً: يدلنا البند الأول منها على أن الإسلام هو وحده الذى يؤلف وحدة المسلمين وهو وحده الذى يجعل منهم أمة واحدة ’ وعلى أن جميع الفوارق و المميزات فيما بينهم تذوب وتضمحل ضمن نطاق هذه الوحدة الشاملة ’ تفهم هذا جلياً واضحاً فى قوله عليه الصلاة و السلام ( المسلمون من قريش ويثرب ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم ’ أمة واحدة من دون الناس ) وهو أول أساس لابد منه لإقامة مجتمع إسلامى متماسك سليم .

ثانياً: يدلنا البند الثانى و الثالث على أن من أهم سمات المجتمع الإسلامى ظهور معنى التكافل و التضامن فيما بين المسلمين بأجلى صوره وأشكاله ’ فهم جميعاً مسؤولون عن بعضهم فى شؤون دنياهم وآخرتهم ’ وإن عامة أحكام الشريعة الإسلامية إنما تقوم على أساس هذه المسؤولية ’ وتحدد الطرائق التنفيذية لمبدأ التكافل و التضامن فيما بين المسلمين .

ثالثاً : يدل البند السادس على مدى الدقة فى المساواة بين المسلمين لا من حيث أنها شعار براق للدعاية و العرض ’ بل من حيث إنها ركن من أركان الشرعية الهامة للمجتمع الإسلامى ’ يجب تطبيقه بأدق وجه وأتم صورة ’ وحسبك مظهراً لتطبيق هذه المساواة بين المسلمين ما قرره النبى  r فى هذا البند بقوله :( ذمة الله واحدة ’ يجير عليهم أدناهم ) ومعنى ذلك أن ذمة المسلم أياً كان محترمة ’ وجواره محفوظ لا ينبغى أن يجار عليه فيه ’ فمن أدخل من المسلمين أحداً فى جواره ’ فليس لغيره حاكماً أو محكوماً أن ينتهك حرمة جواره هذا ’ والمرأة المسلمة لا تختلف فى هذا عن الرجل إطلاقاً ’ فلجوارها - أياً كانت - من الحرمة ما لا يستطيع أن ينتهكه أى إنسان مهما علت رتبته وبلغت منزلته ’ وذلك بإجماع عامة العلماء وأئمة المذاهب .

روى الشيخان وغيرهما أن أم هانىء بنت أبى طالب ذهبت الى رسول الله  r عام الفتح فقالت : يا رسول الله زعم ابن أمى علىّ أنه قاتل رجل أجرته : فلان ابن هبيرة ’ فقال رسول الله  r : قد أجرنا من أجرت يا أم هانىء .

وتستطيع أن تتأمل هذا فتعلم مدى الرفعة التى نالتها المرأة فى حمى الإسلام وظله ’ وكيف أنها نالت كل حقوقها الإنسانية و الاجتماعية كما نالها الرجل سواء بسواء ’ مما لم يحدث نظيره فى أمة من الأمم غير أن المهم أن تعلم الفرق بين هذه المساواة الإنسانية الرائعة التى أرستها شريعة الإسلام ’ والمظاهر التقليدية لها مما ينادى به عشاق المدنية الحديثة اليوم ’ تلك شريعة من المساواة الدقيقة القائمة على الفطرة الإنسانية الأصيلة ’ يتوخى منها سعادة الناس كلهم نساءً ورجالاً ’ أفراداً و جماعات ’ وهذه نزوات حيوانية أصيلة يتوخى من ورائها اتخاذ المرأة مادة تسلية ورفاهية للرجل على أوسع نطاق ممكن ’ دون أى نظر إلى شىء آخر .

رابعاً : يدلنا البند الحادى عشر على أن الحكم العدل الذى لا ينبغى للمسلمين أن يهرعوا إلى غيره ’ فى سائر خصوماتهم و خلافاتهم وشؤونهم إنما هو شريعة الله تعالى وحكمه وهو ما تضمنه كتاب الله تعالى وسنة رسوله  r ’ ومهما بحثوا عن الحلول لمشاكلهم فى غير هذا المصدر فهم آثمون ’ معرضون أنفسهم للشقاء فى الدنيا وعذاب الله تعالى فى الآخرة .

تلك هى أربع’ أحكام انطوت عليها هذه الوثيقة التى أقام عليها رسول الله  r الدولة الإسلامية فى المدينة وجعلها منهاجا لسلوك المسلمين فى مجتمعهم الجديد ’ وإن فيها لأحكاماً هامة أخرى لا تخفى لدى التأمل و النظر فيها .

ومن تطبيق هذه الوثيقة ’والاهتداء بما فيها ’ و التمسك بأحكامها ’ قامت تلك الدولة على أمتن ركن وأقوى أساس ’ ثم انتشرت قوية راسخة فى شرق العالم وغربه تقدم للناس أروع ما عرفته الإنسانية من مظاهر الحضارة و المدنية الصحيحة .(( من فقه السيرة للبوطي)

ــــــــــــ

 


nassimbishra

اصبر على كيد الحسود فإن صبرك قاتله

  • Currently 30/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
10 تصويتات / 4588 مشاهدة
نشرت فى 30 نوفمبر 2010 بواسطة nassimbishra

ساحة النقاش

نسيم الظواهرى بشارة

nassimbishra
موقع تعليمى إسلامى ، نهدف منه أن نساعد أبناءنا الطلاب فى كافة المراحل التعليمية ، وكذلك زملائى الأعزاء من المعلمين والمعلمات ، وموقع إسلامى لتقديم ما يساعد إخواننا الخطباء بالخطب المنبرية ، والثقافة الإسلامية العامة للمسلمين ، ونسال الله سبحانه وتعالى الإخلاص فى القول والعمل ، ونسألكم الدعاء »

تسجيل الدخول

ابحث

عدد زيارات الموقع

1,062,024

ملحمة التحرير