<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"جدول عادي"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0in 5.4pt 0in 5.4pt; mso-para-margin:0in; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman";} </style> <![endif]-->
إن بث العيون والمخابرات في صفوف أعداء المسلمين ، وخصوم الحركة الإسلامية : أمر تحتمه الظروف وطبيعة العلاقة الأبدية بين أنصار الحق من جهة وأنصار الباطل من جهة أخرى ، فضلا عن أنها معاملة بالمثل : حيث إن هؤلاء الأعداء الخصوم ، لا يسكتون عن محاولات بث عيونهم بين المسلمين ، واختراق صفوفهم ؛ لضربهم . . كسرا لشوكتهم ، ومنعا أو إعاقة لهم عن بلوغ أهدافهم ، وتحقيق غاياتهم
فلا أقل من أن يكون المسلمون بعامة ، وأبناء الحركة بخاصة : على مستوى حماية هذه الدعوة ، وشرف تبليغها ، ورفع رايتها ، وإعلاء شأن أتباعها ، بكل الوسائل المشروعة الممكنة .
ومن هذه الوسائل : بث عيونهم ومخابراتهم في صفوف أعدائهم ، وخصومهم .
حيث إنه : لابد من التعرف مباشرة على كل أسرار العدو ومخططاته وتوقعاته ، بحيث تصل إلى القيادة أولا بأول ، فتكون المتابعة ، قائمة على خبرة بالواقع ، لا على الظن التخمين ، الذي قد يخطئ ويصيب . " 59 "
وهذا ما فعله النبي r في هجرته من مكة إلى المدينة .
ففي البخاري : " . . . ثم لحق الرسول r ، وأبو بكر ، بغار في جبل ثور ، فمكثا فيه ثلاث ليال ، يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر ، وهو : غلام ، شاب ، ثقف ، لقن ، فيدلج من عندهما بسحر ، فيصبح مع قريش بمكة كبائت ، فلا يسمع أمرا يكتادان به ، إلا وعاه ، حتى يأتيهما بخبر ذلك ، حين يختلط الظلام . . " الحديث " 53 "
وما كان أغنى من رسول الله r عن هذا الأمر ، وهو الذي يوحي إليه ، ويكشف له ربه سبحانه عن خططهم ومخططاتهم . . ! !
ولكنه : التدريب لهذه الجماعة المؤمنة الوليدة ، التي تحيط بها سهام الأعداء من كل جانب . . ! !
ولكنه : التعليم لهذه الأمة المؤمنة ، التي سوف يتربص بها الأعداء ، وتحيط بها سهامهم ، في كل عصر ، وفي كل مصر .
ولكنه : التنبيه لأبناء الحركة الإسلامية على هذا الأمر الذي ينبغي عليها أن تعيه جيدا ، وأن لا تهمله أو تقصر فيه أبدا ، إن كانت جادة ، في أداء الأمانة ، ورفع الراية .
ولكنه : التكليف لقادة الحركة الإسلامية بدراسة هذا الأمر ، وإعطائه بالغ اهتمامها ؛ إذ كلما كانت القيادة أعلم بواقع العدو ، وأدرى بأسراره ، ولها في صفوفه من ينقل إليها كل تخطيطاته : كلما كان ذلك أنجح لها في تنفيذ خططها ومخططاتها وأنجع لها في توقى سهامه وإبطال ضرباته .
وهذا أمر : يجب عدم إغفاله أو التهاون فيه ، في السراء والضراء ، في الصفاء والكدر ، في عظيم الأمور وصغيرها ، فقد تنقلب السراء _ غدا أو فجأة _ إلى ضدها ، وقد يتحول الصفاء _ غدا أو فجأة _ إلى عكسه ، وقد يكون صغير الأمور مقدمة إلى عظائمها ، والقائد _ بل المؤمن _ العاقل من لا يستهين بأي شئ لصالح دعوته .
وينبغي لمن يكلف بمثل هذه الأمور : أن يمتلك من الصفات ما يعينه على النجاح في مهمته ، وأن يؤديها تعبدا لله تعالى ، ومرضاة له سبحانه ، لا انتظارا لمغنم ، ولا طمعا في مكسب ، ولا ثأرا لشيء أصابه ،
وفي حديث البخاري : ما يوضح بعض هذه الصفات المطلوبة لهذه المهمة ، ثم يضاف إليها ما قد تدعو إليه الضرورة وتقتضيه الظروف الخاصة ، بشرط : أن لا يرتكب المكلف بهذه المهمة مخالفة شرعية ، كأن يطلع على عورات ، أو يقترف محرمات ، أو يهمل في أداء الواجبات .
ومن المهم جدا : أن لا يؤدي أحد هذه المهمة دون اختيار له وتكليف من القيادة ، وإلا صار الأمر فضولا وفوضى ، وقد يحدث لأبناء الدعوة ما لا تحمد عقباه .
ولا مانع _ بل إنه لمن اللازم _ أن تكون هناك ، لدى المسلمين ، وأبناء الحركة على وجه الخصوص ، دراسات جادة في هذا الموضوع وأمثاله ، توضح : أهميته ، وأساليب ممارسته . و . . الخ على أن تعد هذه الدراسات من قبل متخصصين فيها ، عالمين بها ، وليس هذا بالمستحيل ، حيث إن هذه الدراسات تقوم بها كل الدول ، ولها مدارس كثيرة .
كما أنه لا مانع _ بل إنه من اللازم _ أن تكون هناك دورات دراسية وتدريبية لمن يختارون للقيام بهذه المهام ، وتتوافر فيهم مؤهلات النجاح فيها .
كما أنه لا مانع _ بل إنه من اللازم _ أن يقيم هؤلاء الأفراد ، وقد يوظفون ، أو . . أو . . الخ لدى هؤلاء الأعداء أو الخصوم ، لتقريبهم من مصادر المعلومات ، وأماكن صنع القرارات ، والتيسير عليهم في أداء مهمتهم .
كل ذلك : بشرط أن لا ينحرف المسلمون عامة وأبناء الحركة خاصة ، فيما تستتبعه هذه الأعمال من مخالفات شرعية ، أو ممارسات لا أخلاقية ، أو أية أمور غير ذلك ، مما هو معروف أو غير معروف ، فيما يسمى بعالم " الجاسوسية "
هذا . .
وإن هذا الدرس لا تقتصر فائدته على الأمة أو الجماعات فقط ، بل إنه لمن الممكن أن يستفيد به الفرد _ على شرط المحافظة على ضوابطه الشرعية _ مع أية خصوم له ؛ رغبة فقط في الوقاية من شرهم ، والنجاة من أضرارهم ، وليس توصلا لإيذائهم ، أو النيل منهم .
المرأة : نصف المجتمع ( وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى ) "90 " ، ويقول سبحانه كذلك ( أيحسب الإنسان أن يترك سدى * ألم يك نطفة من مني يمنى * ثم كان علقة فخلق فسوى * فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى ) "91 "
وهي هدية الله تعالى _ قدمها على غيرها _ لمن يشاء ( لله ملك السموات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور ) "92 "
وهي : باب من أبواب الجنة إذا أحسن إليها ، وبولغ في إكرامها ، " من كان له ثلاث بنات أو ثلاث أخوات أو ابنتان أو أختان فأحسن صحبتهن ، واتقى الله فيهن : فله الجنة " "93 "
بل إن الجنة نفسها : تحت قدميها ، يقول r " الجنة تحت أقدام الأمهات " "94 "
وهي : صانعة الأجيال ، ومربية الأبطال ،
الأم مدرسة إذا أعددتها . . . أعددت شعبا طيب الأعراق
ولذلك . . ! !
ففي طهارتها : طهارة المجتمع ونظافته .
وفي الإحسان إليها : سعادة المجتمع وبهجته .
وفي تعليمها : وعي المجتمع ورقيه .
وفي حسن تربيتها : نجاح المجتمع وفلاحه .
ومن هنا . . يجب الاهتمام بها ، وعدم الإهمال لها ، أو التقليل من شأنها ، أو الإغفال لدورها ، أو الإهدار لجهودها .
وإذا كان ذلك بصفة عامة : فهو بالنسبة لها في مجال الدعوة إلى الله تعالى ، ونشر هذا الدين ، ونصرته ، بصفة خاصة ؛ أكد وأولى وأوجب .
نستفيد ذلك من الهجرة على النحو التالي :
أ _ فهي التي كانت على مستوى المسئولية ، والقدرة على كتمان السر ، والفوز بتزكية أبي بكر لها أمام رسول الله r في معرفة أمر خطير ، حجب عن كثير من الرجال ، حينما طلب النبي r من أبي بكر إخراجهما .
ب _ وهي التي كانت على مستوى المسئولية ، والقدرة على التمويه عن جدها ، حينما وضعت حجارة في حائط بالبيت وغطتها ، وأوهمته أنها أموالا تركها لهم أبوهم ، أبو بكر ، قبل هجرته ، وذلك حتى يطمئن جدها عليهم في حال غياب أبي بكر عنهم ، وهي تقول _ في نفسها _ والله ما ترك لنا شيئا ، ولكني أردت أن أسكن الشيخ بذلك . "95 "
ج _ وهي التي كانت على مستوى المسئولية ، والقدرة على الصمود في مواجهة بطش " فرعون " عصرهم ، أبي جهل حينما جاء ليعرف منها مكان المهاجرين ، فأنكرت معرفتها ، وتأبت على جبروته ، ولم تخش ظلمه وطغيانه ؛ مما أغضبه ، ودفعه لأن يلطمها على وجهها الشريف ، وخلف من بعده خلف اتبعوه ، واقتدوا به في تعذيب النساء المسلمات الصالحات القانتات الصامدات .
د _ وهي التي كانت على مستوى المسئولية ، والقدرة على التضحية وتحمل المشاق ، حينما ذهبت للنبي r وأبيها بالغار مع بعد الطريق ، ومشقة المشوار ، وخطورة الحركة إلى هذا المكان ، حاملة لهما سفرتهما ، خلال رحلتهما ، دون خوف ، من اكتشاف لأمرها ، أو اعتقال تتعرض له ، أو تعذيب ينالها ، وهي تدرك جيدا أن بعض ذلك _ بل كله _ محتمل جدا .
ه _ وهي التي كانت على مستوى المسئولية ، والقدرة على حسن التصرف ، وسرعة البديهة ، حينما لم تجد ما تعلق به السفرة في الراحلة ، إذ شقت نطاقها ، وربطت السفرة بنصف ، وانتطقت بالأخر ، ولذا سميت بذات النطاقين .
و _ وهي التي كانت على مستوى المسئولية ، والقدرة على الحركة والسفر الشاق المضني من المدينة إلى مكة لملاقاة الرسول r ، في بيعة العقبة .
كما حدثت من السيدتين العظيمتين " أم عمارة " ، " أم منيع "
ز _ وهي التي كانت على مستوى المسئولية ، والقدرة على الحركة السرية ، والتخفي التام ، والتسلل كالقطا من رحال القوم في جنح الليل مع رجال من قومها للقاء الحبيب r ، ومبايعته في بيعة العقبة ، بمنى .
ومما ينبغي ملاحظته جيدا : أن السيدة أسماء بنت أبي بكر ، لم تكن هي المرأة الوحيدة في المسلمات _ آنئذ _ هي المهيأة لذلك ، أو المستعدة ، أو المضحية ، لهذا العمل ، بل كان هناك الكثير والكثير ، ولكن لظروف السرية التي أحاطت بالهجرة ، لم يكتب هذا الشرف _ بل لم يجلب هذا الشرف _ لواحدة من بنات حواء إلا لهذه السيدة العظيمة ، التي رفعت قدر المرأة ومكانتها عاليا .
وهي نفس الملحوظة بالنسبة لهاتين السيدتين ، أم عمارة ، وأم منيع .
ولذلك ، ومن هذا الدرس : علينا أن نعيد النظر في علاقة المرأة بالدعوة الإسلامية ، وموقفها منها ، ودورها فيها ، بشرط : وضوح الفرق بين واجباتها وواجبات الرجال ، وبين ما يناط بها وما يناط بالرجال ، وما يطلب منها وما يطلب من الرجال ، وما تختص هي به ، وما لا يقوم به إلا الرجال ، على ضوء ما يمليه التشريع الإسلامي في هذا الخصوص ، وما يتطلبه واقع الدعوة الإسلامية _ تحت هذا الإطار ، وهذا الحصار _ في هذا العصر .
بدلا من هذا الإغفال ، وهذا الإهمال ، الذي يؤدي بدوره إلى ضياع فرص للدعوة كثيرة ، وإلى تفويت منافع على المجتمع المسلم _ رجالا ونساء _ كبيرة .
فليست المرأة كالرجل _ كما يقول منافقوها _ سواء بسواء ، حتى تقوم بكل شئ ، وتمارس كل شئ ، وبالتالي تفشل في كل شئ ، أو على الأقل في أهم شئ ، وهو دورها الذي خلقت له .
وليست المرأة كما مهملا ، حتى تبعد عن كل شئ ، ولا تمارس _ فيما يخص الدعوة _ أي شئ ، وبالتالي نفشل نحن في الإفادة من أعز شئ ، وهو نصف المجتمع .
وعلى الحركة الإسلامية أن تسارع في فتح ملف " المرأة المسلمة " ودراسته جيدا ، في ضوء ما يكشفه الدين ، وتقدمه النماذج الإسلامية الرائدة ، وليس في غبش ما قيده الواقع مما أطلقه الدين ، أو أطلقه الواقع مما قيده الدين .
وذلك . . حتى تستفيد المرأة المسلمة ، _ ونستفيد من المرأة المسلمة _ في ظلال ديننا السمح الحنيف .
وإلا فستظل الجمعيات العالمية ، المشبوهة وغير المشبوهة تلعب بعواطف المرأة ، وتدغدغ أحاسيسها بدعوات : ظاهرها الرحمة ، وباطنها من قبله الدمار والعذاب .
ساحة النقاش