الشاعر حسن منصور

الإنْســــان

======----------------------- الشاعر حسن منصور

*****

رجَعْـتُ إلى نَفْسي بنَظْـرَةِ حــاذِقِ|| وما غابَ عن عيْنِي شُهودُ حَقائِقي

وَعُدْتُ إلى الماضي أُقَلِّبُ ما جَرى|| أُراجِــعُ سـاعــاتي بــه وَدَقــائِـقي 

تَـمُـــرُّ بِيَ الأيّـامُ عَـجْــلَى بَعــيدةً || مُــرورَ سحـابٍ أو سَـرابٍ مُفـارِقِ

فَـرُبَّ بُروقٍ خُــلَّـبٍ في سَـمـائِهـا || ورُبّ غُـيوثٍ قد هَـمَتْ دونَ بارِق

وكمْ مِنْ سَرابٍ كانَ وَهْـماً مِياهُـهُ || وكَـمْ مــنْ مِــياهٍ دونَ آلٍ مُــرافِــق

كــذا فَحَــياةُ المَــرْءِ تَفْـجَـأُ رَبَّـهــا || وَتَجْـعَــلُـهُ مِنْ عـقْـلِـهِ غــيْرَ واثِـق

فــيَوْماً بِهـا صــابٌ كَــريهٌ مَـذاقُـهُ || ويَـوْمـاً بِشَـهْـدٍ سائِغِ الطَّعْــمِ رائِق

يُعـالِجُــهـا يَوْماً بِحِـكْـمَــةِ عــاقِــلٍ || وَيُـفْـسِدُهـا يَـوْمـاً بِـلــَوْثَـةِ مــائِــق 

وَيَوْمـاً يكونُ السَّـيْرُ سَهْـلاً مُـواتِياً ||ويَوْمـاً تُعـيقُ السَّـيْـرَ كلُّ العَــوائِـق

ويَـوْمــاً يَضيعُ الكَـدُّ دونَ نَتـيجَــةٍ || ويَوْمـاً يكـونُ الحَــظُّ أوَّلَ طـــارِق

ويوْمـاً يَرى خَــيْرَ الرِّفـاقِ مُعادِياً || ويوْماً يكونُ الخَصْمُ أصْدَقَ صادِق

********

أعـــودُ إلى نفْـسي لِأَفْـهَـمَ مـا أنا || مَـلاكٌ أنـا أمْ إنَّـني طَـيْــفُ مـــارِق

يَشـِفُّ ويَعْـلـو في السّماءِ تَسامِـياً || وَيَلْـبَـسُ أحْــياناً ثِـيـابَ مُــنـافِـــــق 

وَيَـبْـطِـشُ جَــبّاراً بـدونِ تَعَــقُّــلٍ || ويُبــْدي حَـنانـاً في دُمــوعٍ دَوافِــق 

عَنيفٌ كوَحْشٍ فاقِدِ الحِسِّ هاجِماً || لطـيـفٌ كأنْـسامِ الصّـباحِ المُـعــانِق 

بِداخِــلِهِ النّـيـرانُ يَغْـــلي أُوارُهـا|| كَـبُرْكـانِ نارٍ زافِــرِ الـنّارِ شـاهِــق 

بِداخِــلِـهِ تَجْــري جَـــداوِلُ رِقَّــةٍ || وبَــرْدٍ وأمْــنٍ فـي رُبىً وحَــدائِــق

عَجـبْتُ لنَفْسي إذْ يُنازِعُها الهَوى||وتـخْــضعُ قَـسْراً عـــنـدَ أوّلِ بــارِق 

عَجِبْتُ لعَـقْلي كيفَ يَنْهَضُ ثائِراً || وصَحْـوِ ضَميري وَانْتِصارِ خَلائِقي

فـتأخُــذُني في عُـنْفُــوانٍ وعِــزَّةٍ || وتَـرْفَــعُــني عــنْ كُلِّ شَـرٍّ وَبـائِـق

كــذا، فَــأنا الإنسانُ أكبَرُ مِحْـنَتي || تَقـاطُـعُ نيـرانٍ وَثَــلْـجٍ بِخـافـــِقــي

أُحِــسُّ بِـأَنّي عـالَــمٌ صاخِــبٌ أنا || وَفـيهِ ضَـياعي بينَ مـاضٍ ولاحِـق 

وبَيْنَ يَمينٍ أقْــدَمَـتْ في شَجـاعَـةٍ || وبينَ شِمـالٍ أحْجَـمَـتْ دونَ عـائِـق

أُخاطِبُ نفسي ساخِراً مِنْ جُنونِها || إِلامَ عـلى هـذا الطَّــريقِ المُساوِق؟ 

إليَّ فَــثـوبي لا تَـكــوني عَـنـيـدَةً || وَلا تهْـجُري يَوْمـاً ظِلالَ سُـرادِقي

شَكَمْـتُـكِ دَوْماً بالحِجى دونَ غيْرِه|| وبالحَـقِّ والإيمانِ، والحَزْمُ سائِقي

********

أَعــودُ إلى الإنسانِ داخلَ مُهْـجَتي || وأحْتارُ فــيه كيفَ عاشَ مُرافِـقي

وكيفَ اسْـتَقـرَّتْ واسْتمَرَّتْ حَياتُهُ || وكيْفَ نَجا بينَ الحَيا والصَّواعِــق

وأضْـحَــكُ مسْــروراً بـذلــكَ كـلِّهِ || وإنْ كانتِ الـدُّنْيا تَـسُدُّ طَـــرائِــقي 

وإنْ كنْتُ أَشْكو مِنْ سَفاهَةِ أهْلِهــا || وإنْ كنتُ أَحْيا في ضِرامِ الحَرائِق

ولكِنَّــني أَسْعى لِصَــوْنِ كَرامَــتي || بِعَـيْشٍ كريمٍ وافِـــرِ الـــوُدِّ لائــِق 

أُخاطِبُ إِنْساني الذي عاشَ داخِلي:|| أراكَ بِعَـــزْمٍ مُـسْـتَجِــدٍّ وَدافِـــــق 

فَــيا لـكَ مَـخْــلـوقـاً يُكابِـدُ صـابِراً || وَيــوقِــــنُ أنَّ الـلّـهَ أكْـــرَمُ رازِق.

أُحـاوِلُ فَهْـماً للَّـذي في سَريــرَتي ||وَما كانَ حَـوْلي مِنْ أُمـورٍ خَـوارِق

كلا العالَمَيْنِ اسْتَعْصَما في وُجوهِنا||فَما حيلَةُ العَـقْلِ الضّعـيفِ المُراهِق

أنا في حِمى رَبّي سَأمْضي مُسافِراً|| بِعَقلٍ وقَلبٍ في حِمى الوَجْدِ غارِق

رَضيـتُ بِهِ رَبّـاً رَضيتُ بِحُـكْـمِـهِ || فَـفي يَدِهِ عُـمْـري وَعَـقلي وَخافِـقي 

وإنّـي لـهُ عَـــبْــدٌ ذلــيـلٌ وَطَـــيِّـعٌ || أُسَـلِّمُ أمْــري راضِياً غــيرَ حــانِـق

وما كـنتُ أرْضَى أنْ أَكونَ مُعَـبَّداً || ولكنَّ عِـزّي في الخُـضوعِ لِخالِـقي

أنـا في حِـمـاهُ أيْـنَـما كـنـتُ آبِـقـــاً || وَهَلْ كانَ يُـنْجـيـني تَمَـــرُّدُ آبِــق؟! 

***************************************************

الشاعر حسن منصور 

[من المجموعة الثانية عشرة، ديوان (عندما تنكسر الدائرة) ]

المصدر: آسيا محمد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 58 مشاهدة
نشرت فى 5 أغسطس 2017 بواسطة nasamat7elfouad

عدد زيارات الموقع

97,790