أيْــنَ المَــفَـــــرّ
==========------------- الشاعر حسن منصور
***
حَـمِـدْتُ اللهَ في سِرّي وَجَهْـري|| وَلِـلـرَّحْـمن قدْ سَلَّـمْـتُ أمْــري
وَأُوقِــنُ أنَّـني أسْـعى حَـثـيــثــاً || وقد يَمَّـمْتُ وَجْهي شَطْرَ قبْري
وَأَيُّ مُـكــابِــرٍ، أيُّ ابـْن أُنْــثى || يَروغُ مِنَ الطّــريـقِ إلى مَـفَـرّ
وأيْنَ يَـفِـرُّ مـنْ قَــدَرٍ مُـحــيـطٍ || بِكُلِّ خُــطــاهُ في بَـرٍّ وَبْـحْــــر
وَهذي القُــبَّةُ الزَّرْقـاءُ سَــقْـفٌ || وَتَحْـتَ ظِـلالِهِ يَحْــيا وَيَجْــري
وَفُسْـطاطُ السَّـمـاءِ بِغَــيْرِ بـابٍ || بِغَــيرِ نَوافِــذٍ وَبِغــيْرِ فَــطْـــر
فَـلـيْسَ إلى خُــروجٍ مِنْ سَبـيلٍ || ولـيسَ إلى فِـــرارٍ مِـنْ مَــمَــرّ
وهَلْ يُجْــديهِ إِنْ أبْـدى نُفــوراً || أوِ اسْـتَـعْـلى بِإصْــرارٍ وَكِــبـْر؟!
*********
مَشيْتُ مُـطَأْطِـئاً رأْسي لِــرَبّي || خُـضـوعَ العَـبْدِ في عِـزٍّ وَفَخْـر
وَما أنا بِالــّذي يَرْضى هَــواناً || وَلَـيْسَ يُقــيـمُ في ذُلٍّ وقَــهْـــــر
ولكنْ كُلُّ عِزّي في خُضوعي || لِـرَبٍّ حـافِـظٍ قـدْ صـانَ قَـدْري
وَعَـلَّمَـني بِـأَنْ لا ذُلَّ يَـبْــــقى || مَعَ الإيمــانِ يَسْكُـنُ قَــلْـبَ حُــرّ
فكَـيْفَ أخافُ مَجْهــولاً سَيَأتي || وَكيفَ يَضيقُ بعْدَ اليوْمِ صَدْري
ربيعُ العـامِ يُزْهِـرُ في شُهــورٍ || وبـاقـي الـعــامِ في بَـرْدٍ وَحَـــرِّ
وَتَـشْـتاقُ الـنُّفــوسُ إلـيهِ حُــبّاً || كَذا فالحُــسْنُ بِالأزْهـــارِ يُغْـري
ولكنْ كـيـفَ يَرْجِـعُ ما تـــوَلّى || تَـدورُ الأرْضُ دَهْـراً بَعْـدَ دَهْــر
بِهـذا مَنْـهَـجُ الأزْمانِ يَمْــضي || ألا هَــلْ دَوْرَةُ الأفْــلاكِ تَــدْري؟!
فَما بَعْدَ الرَّبيـعِ سِوى خَــريفٍ || جَـفــــافٌ دونَ أوْراقٍ وَزَهْــــر
***********
وَتَدْعــــو لي قُلوبٌ مُخْـلِـصاتٌ|| بِطــولِ سَـلامَـةٍ وَبِطـولِ عُــمْـر
فَـقُلْتُ ادْعوا بِأَنْ تَمْضي حَياتي|| بِلا عَــجْــزٍ وَلا مَــرَضٍ وَضُــرّ
إلى أَنْ يَأْتِـيَ الْأَجَــلُ الْـمُسَـمّـى|| وَتُطْوى صَفْحَتي وَيَغيبَ ذِكْري
وَكمْ مِنْ طاعِنٍ في السِّنِّ أمْضى|| سِـنيـنَ العُـمْرِ في مَــدٍّ وَجَـــزْر
ولمْ يَعْرِفْ لِطولِ العُمْـرِ مَعْــنىً|| سِوى بُـؤسٍ وَحِــرْمــانٍ وَفَـقْــر
فَـيَحْـسِبُ أنَّهُ قــدْ عــاشَ فِـعْــلاً || مِنَ السَّـنَواتِ مِـنْ خَمْسٍ لِعَـشْر
وَطــولُ العُــمْرِ قـدْ يَبْـدو وَبيـلاً || إذا اقْـتَـرَنَـتْ بِـهِ الآلامُ تسْـري
كَـذا الأعْـمارُ تُحْـسَبُ دونَ شَكٍّ || بِمــا تَحْــويـهِ مِـنْ خَــيْـرٍ وَبِــرّ
ألا يـا رَبِّ فَــاخْــتـِمْ لي بِخَــيْـرٍ || لكَيْ أمْـضي بِيُـسْرٍ دونَ عُـسْر
ولا أحْــتاجَ غَـيْرَكَ في حَــياتي || فَـذِكْـرُكَ وَحْــدَهُ يُغْـني وَيُـثْري
********************************************
الشاعر حسن منصور
(من المجموعة الثالثة عشرة ـ ديوان (بدون عنوان) ص10)