جدائل الحنين
========
تطرق بابي ككلّ صباح أشعّة الشمس، توقظني من سكوني العميق، محاولة جرّي إلى فوضى طفولتها، أختبىء منها تحت لحافي، أعاندها على غير العادة فمزاجي اليوم يشلّه الاكتئاب.
وأنا أحاول الالتفاف على نفسي تحاصرني زقزقة طيوري، تلك التي تهاتفني خلف زجاج نافذتي.
أجرّب الصدّ عنها، لكنّها تصرّ على سماع صوتي، أبتسم وأنا ألتفت إليها مطلّقة صمتي، أشرّع صدري لهواء نقي وملامح دافئة تستقبلني بكلّ حب.
أمرّ على أشيائي باهتمام عاشق، أرتّب أغراضي وأمضي إلى مرآتي كما اعتدت، أسرّح شعري، أمرّر أصابعي على جدائلي، وأنا أقيس طولها أتعثّر بحفر أوجاعي " كم مضى من الزمن أيّها الغائب عنّي"، كثيرا ما أردّد هذا البوح وأنا أضمّ حنيني إليه، ذاك الراحل الذي استسلم لأطياف الغربة وتركني هنا لحزني وأشواقي.
طول جدائلي يعادل عمر غيابه، أقسمت أن لا أقصّها كما طلب وكما وعدت؛ غير أنّ هجره أغرقها في وحل الشجن فصارت حملا ثقيلا على كتفي.
أسرع إلى الباب في انتظار مرور سرب حمامه، لعلّه يحمل لي خبرا جديدا يبهج فؤادي ويسّر خاطري.
يمرّ على استحياء، فأدرك أنّ اليوم كالأمس عابس بارد، أزفر خيبتي وأدخل مسرعة إلى غرفتي لأروي جدرانها بعبراتي.
أتّجه إلى مرآتي، أحمل المقصّ وأقبل على جدائلي بكلّ غضب " لم أعد أطيق صبرا، سأقصّ كلّ ما يربطني به، ولينتهي هذا العذاب" أحاول ذلك، لكنّ المقصّ يعاندني، يخالط مسمعي أنين خافت يرجوني التوقف فأحنو عليه؛ حتّى مقصّي يجدّ في الإخلاص إليه.
أستسلم لقدري الذي طوّق وجودي بأحرفه، أعيد مقصّي إلى درجه، وأجدّد عهدي بانتظاره، علّه يحنّ إلينا يوما ويعود.
صبرينة صيفي/ الجزائر.

المصدر: دنيا محمد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 119 مشاهدة
نشرت فى 16 أغسطس 2016 بواسطة nasamat7elfouad

عدد زيارات الموقع

95,838