مقررات المؤتمر ونتائجها

تغيير الخريطة السياسية لأوروبا

قرر مؤتمر باريس تفكيك الإمبراطوريات الألمانية والنمساوية بإجراء تعديلات على الحدود السياسية لدول أوروبا فظهرت على الخريطة الأوروبية دول جديدة مثل المجر وتشيكوسلوفاكيا ويوغوسلافيا وأجريت تغييرات جذرية في أنظمة حكم العديد من الدول فاعتمدت كل من تركيا وألمانيا النظام الجمهوري وتحولت النمسا إلى جمهورية صغيرة أما روسيا فكانت قد تحولت من النظام القيصري إلى النظام الشيوعي وذلك بعد ثورة 1917 البلشفية التي قادها فلاديمير لينين.

معاهدة فرساي

في 28 يونيو 1919 وقع الألمان على معاهدة فرساي مع الحلفاء المنتصرين في الحرب العالمية الأولى بعد مفاوضات دامت ستة أشهر، وتم تعديل المعاهدة فيما بعد في 10 يناير 1920 لتتضمّن الاعتراف الألماني بمسؤولية الحرب ويترتب على ألمانيا تعويض الأطراف المتضرّرة ماليًا.

وتضمنت المعاهدة شروطًا قاسية أهمها اقتطاع ما يقارب 25 ألف ميل مربع من الأراضي الألمانية وضمها إلى كل من بولندا والدانمرك وتشيكوسلوفاكيا، ومصادرة جميع المستعمرات الألمانية، وتحميل ألمانيا وحدها مسؤولية الحرب وتسريح جيشها وبنود هذه المعاهدة كانت السبب الذي جعل ألمانيا تتحين الفرص لإلغائها والانتقام من الذين فرضوها عليه.

وتمخّضت الاتفاقية عن تأسيس عصبة الأمم التي يرجع الهدف إلى تأسيسها للحيلولة دون وقوع صراع مسلّح بين الدول كالذي حدث في الحرب العالمية الأولى ونزع الفتيل من الصراعات الدولية.

وفيما يتعلق بالقيود العسكرية على ألمانيا، فقد وضعت الاتفاقية ضوابط وقيود شديدة على الآلة العسكرية الألمانية لكي لا يتمكن الألمان من إشعال حرب ثانية كالحرب العالمية الأولى، فقد نصّت على احتواء الجيش الألماني على 100,000 جندي فقط وإلغاء نظام التجنيد الإلزامي الذي كان يعمل به في ألمانيا. ولا تستطيع ألمانيا إنشاء قوة جوية والتقيد بـ 15،000 جندي للبحرية بالإضافة إلى حفنة من السفن الحربية بدون غواصات حربية. ولا يحق للجنود البقاء في الجيش أكثر من 12 عامًا وفيما يتعلّق بالضبّاط، فأقصى مدّة يستطيع الضباط البقاء بها في الجيش هي فترة 25 عامًا لكي يصبح الجيش الألماني خاليًا من الكفاءات العسكرية المدرّبة.

ونصّت الفقرة 232 من المعاهدة على تحمّل ألمانيا مسؤولية الحرب وتقديم التعويضات للأطراف المتضرّرة وقدّرت تلك التعويضات بـ 269 مليار مارك ألماني وخفّض هذا المبلغ ليصبح 132 مليار مارك، ويفيد الاقتصاديون أنه بالرغم من تخفيض الرقم الكلي لتعويضات الأطراف المتضرّرة، إلا أن المبلغ يبقى مبالغًا فيه. وأثقلت الديون الملقاة على أعتاق ألمانيا كاهل الاقتصاد الألماني مما سبب درجة عالية من الامتعاض الذي آل إلى إشعال الحرب العالمية الثانية على يد أدولف هتلر.

الانتداب

وافق المؤتمر على المطالب الاستعمارية لكل من بريطانيا وفرنسا وأقر بشرعية انتدابها على دول المشرق العربي بالرغم من اعتراض الأمير فيصل بن الحسين الذي حضر المؤتمر بصفة مراقب.

قيام عصبة الأمم

وافق رؤساء الوفود المشاركة في مؤتمر الصلح بالإجماع على قيام منظمة عصبة الأمم التي أصر عليها الرئيس الأمريكي ويلسون وادخلها كبند أساسي في جميع المعاهدات التي وقعها المنتصرون مع المهزومين وقد كان الهدف الأول للعصبة التي اتخذت مدينة جنيف في سويسرا مقرا لها حل الخلافات بين الدول بالوسائل السلمية وذلك للمساعدة على خلق جو من التفاهم والثقة بين الشعوب.

لكن الأمور لم تجر في هذا الاتجاه إذ لم يكن للعصبة عند إنشائها قوة عسكرية قادرة على تنفيذ مقرراتها كما أنها تحولت إلى أداة لمصلحة المنتصرين في الحرب الأمر الذي دفع الولايات المتحدة الأمريكية نفسها إلى عدم المشاركة في عضويتها على الرغم من كونها صاحبة الفكرة في قيامها.

الوطن العربي تحت الانتداب

بدأ التطبيق الفعلي لمضمون اتفاقية سايكس بيكو سنة 1918 والمعارك لم تنته بعد وذلك حين قسم الجنرال اللنبي قائد الجيوش الحليفة في الشرق المناطق العربية إلى ثلاث: واحدة إدارة فرنسية (الساحل) وواحدة بإدارة عربية (الداخل) والأخيرة بإدارة بريطانية لكن التغطية الدولية لهذه الاتفاقية جاءت عبر مؤتمر الصلح في باريس سنة 1919 فقد طرح المؤتمر مفهوما جديدا للاستعمار هو الانتداب الذي اقترحه الرئيس الأمريكي ويلسون ورئيس وزراء جنوب أفريقيا الجنرال سمطس وهو ينص على تولي دولة كبرى شئون الدولة التي لا عهد لها بالحكم والتي خضعت لفترة طويلة لإحدى الإمبراطوريات المتداعية كالدولة العثمانية فتساعدها الدولة المنتدبة حتى تصبح قادرة على إدارة شئونها بنفسها.

لكن المؤتمر السوري العام رفض اتفاقية سايكس بيكو ووعد بلفور وأعلن قيام المملكة السورية ونصب الأمير فيصل ملكا عليها فانعقد المجلس الأعلى للحلفاء في مدينة سان ريمو الإيطالية في أبريل 1920 وقرر ردا على المؤتمر السوري تطبيق اتفاقية سايكس بيكو التي تقضي بوضع سوريا ولبنان تحت الانتداب الفرنسي والعراق وفلسطين وشرق الأردن تحت الانتداب الإنجليزي وتعهد مؤتمر سان ريمو كذلك بالعمل على تطبيق وعد بلفور كما كانت بريطانيا مرتبطة مع الإمارات العربية الواقعة على سواحل الخليج العربي وعمان بمعاهدات حماية كذلك فرضت بريطانيا حمايتها على مصر والسودان وسيطرت إيطاليا على ليبيا واحتلت فرنسا ما تبقى من المغرب العربيوكرست سيطرتها على كل من تونس والمغرب والجزائر وموريتانيا والصومال.

 

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 349 مشاهدة
نشرت فى 16 أكتوبر 2011 بواسطة mowaten

ساحة النقاش

mowaten
يأتى الربيع العربى للثورات بمتطلبات ضرورية لعل من اهمها هو نشر التوعية السياسية بين المواطنين بوطننا العربى لارساء وتهيأة البيئة للعيش فى جو ديمقراطى طالما حلمنا به »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

286,884