وقد اقترحت ورقة الأمانة العامة لجامعة الدول العربية صياغة برنامج (عملى) براجماتى النزعة يقبل التنفيذ العاجل مع إجراءات أخرى قابلة للتحقيق على المدى البعيد بهدف شرح تاريخ وإسهام الحضارة الإسلامية ودورها فى إثراء الحضارة الإنسانية وتقدم مسيرة البشرية وتصحيح المفاهيم المغلوطة عن العروبة والإسلام ديناً وثقافة وحضارة فى خارج العالم الإسلامى، خاصة فى الغرب، وكذلك بلورة إجراءات تصحيحية داخل الساحة العربية وعلى الصعيد الثقافى بما يماثل ثورة ثقافية فى تقديم بديل لما يتم الترويج له أحياناً باسم الإسلام وهو من قبيل التشدد والتزيد.
وتضمن برنامج العمل المقترح خطوطاً إرشادية تؤخذ فى الاعتبار عند صياغة الخطاب العربى والإسلامى على أساس نظرة الإسلام للبشر جميعاً باعتبارهم متساويين دون تمييز أو عنصرية، ونظرة للآخر على أساس الاحترام المتبادل، والإطار الأخلاقى الذى يحكم المعاملات الدولية من منظور الإسلام أى معاملات الدول الإسلامية مع غيرها من الدول سواء فى زمن الحرب أو السلام، كذلك إبراز دعوة الإسلام للتعاون بما يتجاوز مجرد التعايش أو ما يجرى الترويج له فى الغرب حالياً من قيمة التسامح باعتبارها أقصى ما يمكن الوصول إليه، وأخيراً يقترح برنامج العمل توعية الغرب عبر مخاطبته باللغة الفكرية والسياسية والثقافية والإعلامية التى يفهمها وتعريف الغرب بحقائق ودوافع ومشكلات العالمين العربى والإسلامى.
ويتضمن برنامج العمل الذى تحدثت عنه ورقة الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بعداً مؤسسياً، حيث تحدث عن ترتيب مؤسسى للقيام بخطة للتحرك والعمل عبر التنسيق فيما بين كل من جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامى والأمم المتحدة، أو بشكل أكثر تحديداً بين القطاعات المعنية بالثقافة داخل المنظمات الثلاث، أى اليونسكو والاسيسكو والاليسكو. وعلى صعيد آخر، دعت الورقة لتجميع مثقفى العرب والمسلمين معاً بغرض صياغة مشروع شامل للحوار بين الحضارات وإدماج المراكز الأكاديمية والبحثية العربية والإسلامية والمغتربين العرب خارج أوطانهم فى هذا الجهد، مما يمهد فى مرحلة لاحقة لعقد لقاءات مع مثقفين وإعلاميين ورجال سياسة ورجال أعمال ومنظمات غير حكومية ومؤسسات مجتمع مدنى من الغرب، وتوجيه رسالة إعلامية حضارية تتصف بالاستمرارية إلى الغرب بلغاته، وتمويل إقامة كراسى لدراسة الحضارة العربية الإسلامية فى جامعات مختارة وهامة فى مختلف أنحاء العالم، وأخيراً تكليف شركات ومؤسسات إعلامية ومعنية بالعلاقات العامة للقيام بحملة لصالح العرب فى الغرب. ويتضح هنا تركيز الورقة على الغرب بشكل خاص كهدف بين مختلف الدول غير الإسلامية. ولم تغفل ورقة العمل التى أعدتها أمانة جامعة الدول العربية إبراز الحاجة لشن حملات توعية وتنوير على الساحة الثقافية داخل الدول العربية مطالبة بتطوير مناهج التعليم وأساليب العمل الثقافى فى هذه الدول بما يرسخ قيم حوار الحضارات وتفاعلها ونبذ الجمود والعنف والتعصب.

ثالثاً: منظمة المؤتمر الإسلامى:
شكلت منظمة المؤتمر الإسلامى فريق خبراء حكوميين، بدأ عمله منذ فبراير 2000 -حيث صدر فى مايو 1999 إعلان طهران للحوار بين الحضارات الخاص بمنظمة المؤتمر الإسلامى - وأنهى عمله فى سبتمبر 2000 بتقرير تضمن برنامج عمل تنفيذى.
وقد أكد هذا البرنامج الذى أقره الخبراء الحكوميون وحدة البشر ومسئوليتهم المشتركة عن إعمار الأرض وإشاعة العدل والسلام بها، ودور كافة الشعوب والحكومات والمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية فى نشر روح التفاعل والتواصل والترويج لثقافة الحوار والتسامح باعتبار ذلك البديل الوحيد للمواجهة والصراع وثقافة الانفراد واستعباد الآخرين. كما أن من شأن الحوار تسهيل تبادل المعارف والخبرات فيما بين الحضارات فى التعامل مع مختلف المشكلات وتجنب تكرار الأخطاء. وعكس البرنامج وعياً بالتحولات الناتجة عن ثورة المعلومات والاتصالات وظاهرة العولمة وتأثيرها على العلاقات الدولية وما أدت إليه من سقوط للحواجز فى ميادين التجارة والاقتصاد وتبادل السلع والخدمات وحركتها على النطاق العالمى، بالإضافة إلى تأثيرها على الثقافات والقيم الإنسانية، وإدراك أن هذه الآثار تنقسم إلى ما هو إيجابى يخدم قضايا العدل والسلام والمساواة، وما هو سلبى يحتاج إلى علاج جماعى.

المصدر: د. وليد عبد الناصر - موسوعة الشباب السياسية http://acpss.ahram.org.eg/ahram/2001/1/1/Y1UN17.HTM
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 113 مشاهدة

ساحة النقاش

mowaten
يأتى الربيع العربى للثورات بمتطلبات ضرورية لعل من اهمها هو نشر التوعية السياسية بين المواطنين بوطننا العربى لارساء وتهيأة البيئة للعيش فى جو ديمقراطى طالما حلمنا به »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

286,867