2 - مفهوم الميزان العسكرى:

وهو أشهر مفاهيم علاقات القوة ، إذ أنه يشكل حجر الزاوية فى عملية التأثير خلال الإصطدامات الشديدة ، لأنه يحدد عامل القدرة على الإيذاء واستخدام العنف المسلح أو التهديد به خلال عملية المساومة ، لذلك لا توجد موازين اقتصادية أو ثقافية أو دبلوماسية ، فقط عسكرية . ويعنى الميزان العسكرى Military Balance ذلك الوضع الناتج عن قياس عناصر القوة العسكرية (التقليدية وغير التقليدية) لطرف من الأطراف مقارنة بمثيلاتها لدى الطرف الآخر ، فهو محصلة الأوزان المقارنة لتلك العناصر بين دولتين ، وهو مصطلح محايد لا يشير إلى حالة معينة لعلاقات القوة كالتوازن أو الاختلال .
وتكمن أهمية المفهوم فى أن الميزان العسكرى يمثل مفتاح البحث فى إمكانية نشوب حرب أو عدم نشوبها فى منطقة ما ، فالطرف الأضعف لا يقوم عادة باستخدام القوة المسلحة بحكم واقع الميزان الذى يميل ضده ، أما الطرف الأقوى فإنه يمتلك خيار شهر الحرب ، فى ظل تقديراته الخاصة لحجم ما يمكن أن يحصل عليه مقابل خسائره المحتملة، وهى قاعدة صحيحة بصفة عامة ، إلا أن الهجوم اليابانى ضد بيرل هاربور عام 1941 ، والهجوم المصرى ـ السورى ضد اسرائيل عام 1973 ، وقرار الأرجنتين بغزو فوكلاند عام 1982 ، تثبت أن ميزان القوة العسكرية ـ حتى عندما يتم تقديره بشكل سليم ـ هو واحد من اعتبارات عديدة توضع فى الحسبان من قبل صانع قرار الحرب . فعملية صنع قرار الحرب تتأثر بضغوط سياسية داخلية وخارجية تدفع القادة إلى التحرك ، وتتأثر بفشلهم فى تحقيق أهدافهم بالوسائل السلمية ، وتقديراتهم حول الإتجاهات المستقبلية للموازين العسكرية ، إضافة إلى اعتبارات يصعب تقديرها كالكرامة القومية . فميزان القوة العسكرية هو المحدد الأساسى لاستخدام القوة المسلحة ، لكنه ليس العامل الوحيد .
وقد أدى ظهور الأسلحة النووية تحديدا ، ودخولها ضمن علاقات القوة بمستواها الاستراتيجى والعسكرى ، إلى جعل مفهوم القوة ذاته أكثر تعقيدا ، فتبعا لعبارة شهيرة لهنرى كيسنجر وزير الخارجية الأمريكى الأسبق ، أصبحت هناك حاجة ملحة ـ منذ البداية ـ إلى الاتفاق على تفسير لما اصطلح على تسميته فى العصر النووى القوة ، فالتطورات التكنولوجية تؤدى كل خمسة أعوام إلى انقلابات فى نظم التسليح ، والدول تواجه بألفاظ مثل التفوق والتوازن والتدمير المؤكد دون تفسير واضح لأهميتها فى مجال التطبيق من الناحية العسكرية ، وبالذات دون اتفاق على ما تتضمنه سياسيا . ولا تزال الأسلحة النووية (ومعها الأسلحة الإستراتيجية غير النووية كالبيولوجية والكيميائية) مصدرا لتعقيدات لا نهاية لها بالنسبة لموازين القوة .
الثانية : أنماط علاقات القوة بين الدول:
ترتبط أنماط علاقات القوة بين الدول على المستوى الدولى أو الإقليمى ، بمقومات وهيراركية قوة الدول داخل كل نطاق (خاصة درجة تركز أو إنتشار توزيع القوة بين أطرافه)، إضافة إلى طبيعة العلاقات القائمة بين الدول على ساحته ، خاصة طبيعة استخدام القوة بين دول النظام المعنى . فالعالم (أو أى من أقاليمه) يتكون من دول ، وتختلف عناصر قوة كل دولة عن الأخرى ، وبالتالى قدرتها على التأثير فى التفاعلات الدولية / الإقليمية ، اختلافا هائلا ، إلى درجة يمكن الإشارة معها إلى أن مالا يزيد عن عدد أصابع اليدين من الدول هى التى تمتلك قدرة حقيقية على التأثير فى الأحداث والتطورات الرئيسية التى يشهدها العالم ، وقد أفرز هذا الوضع تعبيرات على نمط مجلس إدارة العالم التى توصف بها مجموعة الدول الصناعية الثمانى (7 + 1) المتقدمة . فتبعا لمؤشر قوة مركزى مثل الناتج المحلى الإجمال (GDP) ، تحوز سبع دول فى العالم حوالى 50% من الحجم الكلى للناتج المحلى الإجمالى فى العالم ، بينها ست من مجموعة الدول الصناعية والدول الخمس الكبرى المالكة للأسلحة النووية فى العالم :
إستنادا الى مثل هذه الأسس ، يتم عادة تصنيف الدول فى العالم إلى عدة فئات رئيسية ، أكثرها شيوعا ما يلى :
1 -
القوى العظمى Super Powers ، التى تمارس تأثيراتها فى معظم أنماط التفاعلات على مستوى العالم كالولايات المتحدة والاتحاد السوفيتى (السابق) .
2 -
القوى الكبرى Great Powers ، التى تمارس تأثيراتها فى نطاقات متعددة على مستوى العالم ، كفرنسا والصين واليابان وبريطانيا .
3 -
الدول المتوسطة Medium States ، التى تمارس تأثيراتها فى معظم أنماط التفاعلات على مستوى الأقاليم كالبرازيل ومصر والهند وإندونيسيا .
4 -
الدول الصغيرة Small States ، التى لا تمارس تأثيرات ذات أهمية خارج حدودها ، ودائرة الجوار المباشر كنيكاراجوا وكينيا والبحرين وبلجيكا .

 

 

المصدر: أ. محمد عبد السلام - موسوعة الشباب السياسية http://acpss.ahram.org.eg/ahram/2001/1/1/YOUN66.HTM
  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 111 مشاهدة
نشرت فى 12 أكتوبر 2011 بواسطة mowaten

ساحة النقاش

mowaten
يأتى الربيع العربى للثورات بمتطلبات ضرورية لعل من اهمها هو نشر التوعية السياسية بين المواطنين بوطننا العربى لارساء وتهيأة البيئة للعيش فى جو ديمقراطى طالما حلمنا به »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

286,880