توجد علاقة قوية بين التهديد باستخدام القوة والاستخدام الفعلى لها ، فمصداقية التهديد تعتمد على إمكانية الاستخدام الفعلى، كما أن فشل التهديد (ردعا أو إجبارا) قد يقود إلى التورط فى الحرب . وتتبع الدول استراتيجيات مختلفة فى استخدامها لقوتها العسكرية ، أشهرها الردع الذى تصاعدت أهميته فى العصر النووى ، كما تطلق معظم الدول ـ أيا كانت استراتيجياتها ـ تعبيرات منسوبة للدفاع على مؤسساتها العسكرية (التى تسمى عادة وزارات دفاع بدلا من وزارات حربية) ، وأحيانا على جيوشها، كما تفعل إسرائيل التى تسمى قواتها جيش الدفاع رغم اعتمادها استراتيجية هجومية ، إذ أن الدفاع هو الاستخدام الوحيد المشروع للقوة العسكرية .
وبالطبع ، فإن الإطار السياسى العام المحيط باستخدام العنف هو الإطار الصراعى الذى يتسم بوجود خلافات وتناقضات حادة بين مصالح وتوجهات الأطراف ، بدرجات يصعب تسويتها بسهولة ، مع ملاحظة أنه لا يتم الإقتصار فى إدارة الصراعات على استخدام القوة المسلحة، فكافة عناصر قوة الدولة تتم تعبئتها فى تلك العملية ، بما فى ذلك الأداة الدبلوماسية، سواء بين الأطراف المتصارعة ذاتها (مفاوضات وقف إطلاق نار، إتصالات سرية ، مفاوضات تسوية سلمية) ، أو فى الساحة المحيطة بالصراع .
وهكذا ، فإن الدول تستخدم أساليب متعددة ، بأشكال معقدة ، للتأثير على سلوك الدول الأخرى ، وتحيط بكل منها أطر سياسية مختلفة ، تحدد ما يستخدم منها ، وكيفية استخدامه، ويتم ذلك فى إطار عملية ديناميكية تتطور ـ أو بالأدق تتصاعد ـ مع الوقت ، تبعا لحيوية الهدف الذى يتم العمل على تحقيقه ، فإذا فشل الإقناع، تستخدم المكافأة، وإذا لم ينجح ذلك غالبا ما تستخدم القوة العنيفة ، فالحرب ـ كما قال كلاوزفيتز ـ استمرار للسياسة ، لكن بوسائل أخرى ، وإذا فشلت القوة العنيفة (الحرب) ، تبدأ محاولة الإنسحاب ، طالما أن الانتحار ليس أسلوبا عقلانيا ، ويدفع الإنسحاب بالطرف المعنى إلى مأزق حقيقى فى الداخل، ومن هنا تأتى مخاطر فشل التأثير .
ساحة النقاش