5- الإرهاب والجريمة المنظمة:

الجريمة المنظمة هى التى ترتكبها منظمات أو عصابات إجرامية بهدف تحقيق مكاسب ذاتية ومنافع مادية كالاستحواذ على المال والممتلكات، وتلجأ فى سبيل ذلك إلى العديد من الوسائل كالنصب والاحتيال والسطو والقتل، فى حين يسعى الإرهابيون إلى تحقيق غايات سياسية والدعاية لقضيتهم عن طريق العنف .
والفعل الإجرامى عادة ما يترك تأثيرا نفسيا له نطاق محدود لا يتجاوز نطاق الضحايا فى حالة الجريمة المنظمة ، بينما يترك الفعل الإرهابى تأثيراً نفسياً غير محدود يتجاوز نطاق الضحايا لممارسة الضغوط على المجتمع أو السلطة الحاكمة للتخلى عن سياسة أو قرار ما.
ويستخدم الباحثون مصطلحات متباينة فى التعبير عن الجريمة المنظمة ORGANIZED CRIME نذكر من بينها الجريمة الاحترافية PROFESSIONAL والجريمة المتقنة SOPHISTICATED والجريمة المخططة PLANNED.
والواقع أن هذه المصطلحات تعكس بدرجات متباينة جوانب من حقيقة هذه الظاهرة الإجرامية . وربما كان المصطلح المناسب للدلالة على هذه الظاهرة من بين مجموعة المصطلحات المشار إليها سلفاً هو مصطلح التنظيمات الإجرامية للاعتبارات التالية:
أ - فالجريمة المنظمة ليست جريمة واحدة بمعنى أنها لا يرتكبها شخص ولا تتكون من نشاط إجرامى واحد، بل هى مشروع إجرامى يحوى أنشطة إجرامية متعددة يقوم بها أناس متعددون.
ب- التنظيم الإجرامى متباين ومختلف الأشكال بدءاً من جماعات النواصى وتجمعات الجيرة، وعصابات الجانحين وجماعات اللصوص والنشالين والاتحادات الإجرامية العالمية والمافيات ...الخ.
ج- يقوم هذا التنظيم على علاقات بين أدوار متباينة وأوضاع مختلفة ترتب حقوقاً والتزامات متباينة وتجمع بينهم أساليب ومستويات ومواقف واتجاهات وقواعد واتفاقيات تسهل عملية التنسيق بين نشاطاتهم الإجرامية وتدعم تقسيم العمل بينهم.
ولقد شهدت التنظيمات الإجرامية نمواً ملحوظاً فى الآونة الأخيرة ، وانعكس هذا النمو على بناء التنظيمات الإجرامية وجعلها أكثر تعقيداً، وأثر كذلك على وظائف هذه التنظيمات الإجرامية وأسهم فى تنوع وتعدد هذه الأهداف. وتستغل هذه التنظيمات ظروف الحرية والانفتاح الاقتصادى وحرية تدفق السلع والخدمات والأموال ومختلف آليات السوق لتحقيق أهدافها. لذلك ظهرت تنظيمات إجرامية عابرة للقارات ومتعددة الجنسيات، وقد انعكس هذا النمو على اتساع شبكة العلاقات والصلات المتبادلة بين الجريمة المنظمة وصور الانحراف الأخرى فى المجتمع ومنها الإرهاب من ناحية، وبين الجريمة المنظمة ومجموعة النظم الاجتماعية التى يتشكل منها البناء الاجتماعى الأكبر للمجتمع من ناحية أخرى.
ومع الوقت اتسع النشاط الإجرامى لتلك التنظيمات وتضخم مما أدى إلى ظهور ما اصطلح على تسميته بالمنظمات الإجرامية عبر الوطنية وهى عصابات منظمة لها قواعدها فى دولة معينة ولكنها تعمل فى دولة أخرى أو أكثر وفقا لما تشكله الأسواق من فرص سانحة للنشاط الإجرامى ومن الأمثلة عليها:
أ-المافيا الإيطالية وتنتمى تاريخياً إلى المافيا الصقلية ونشاطها الرئيسى الاتجار فى العقاقير والمواد المخدرة.
ب- الإجرام الروسى المنظم ويعمل فى مجالات المخدرات والدعارة والاغتيالات السياسية والأسلحة والمواد النووية وتجارة الأعضاء البشرية.
جـ- الجمعيات الثالوثية الصينية: وتعمل فى أنشطة الابتزاز والاتجار فى المخدرات والدعارة والقمار ولها شبكة دولية واسعة النطاق.
د- الياكوزا اليابانية: وأهم أنشطتها الاتجار فى السلاح والمخدرات ومحلات المقامرة والاحتيال وغسيل الأموال والجنس.
هـ- الكارتلات الكولومبية: وتعمل فى أنشطة المخدرات بكل صورها.
و- المنظمات الإجرامية النيجيرية: وتقوم بأنشطة واسعة فى مجالات التهريب والمخدرات والاحتيال والابتزاز.
وهكذا وجد الإرهاب فى عصابات الجريمة المنظمة مساعداً أميناً لتزوير الوثائق والحصول على السلاح وغسيل الأموال ونقلها وتهريب الإرهابيين .. الخ.
وأثبتت الدراسات أن هناك علاقة بين عصابات الجريمة المنظمة والإرهاب، خاصة وأنها أصبحت تشكل خطراً يهدد الأمن الداخلى للدول لا يقل عن الحروب العسكرية من حيث النتائج المروعة.
ولم يغب خطر الجريمة المنظمة عن الأمم المتحدة التى تعقد مؤتمرا عالميا لمنع الجريمة والعدالة الجنائية كل خمس سنوات. وقد طرح موضوع الجريمة المنظمة فى المؤتمر العالمى السابع فى ميلانو عام 1985، والمؤتمر العالمى الثامن فى هافانا عام 1990، كما طرح على مؤتمر منع الجريمة التاسع الذى عقد فى القاهرة فى أوائل عام 1995. وشاركت الأمم المتحدة فى مؤتمرات خاصة عقدت بشأن الجريمة المنظمة مثل مؤتمر كييف عام 1992 ومؤتمر ميلانو عام 1994.
وقد ناقش مؤتمر منع الجريمة الذى عقد فى القاهرة عدداً من الموضوعات منها التعاون الدولى والمساعدة الفنية العملية من أجل تدعيم تنفيذ حكم القانون لمكافحة الجرائم الاقتصادية والجرائم المنظمة المحلية وعبر الدولية والعدالة الجنائية ونظام الشرطة، ومكافحة الفساد والقوانين الإجرائية وموضوعات الإرهاب وغيرها.

 

 

المصدر: أ. مختار شعيب - موسوعة الشباب السياسية http://acpss.ahram.org.eg/ahram/2001/1/1/YOUN59.HTM
  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 219 مشاهدة
نشرت فى 10 أكتوبر 2011 بواسطة mowaten

ساحة النقاش

mowaten
يأتى الربيع العربى للثورات بمتطلبات ضرورية لعل من اهمها هو نشر التوعية السياسية بين المواطنين بوطننا العربى لارساء وتهيأة البيئة للعيش فى جو ديمقراطى طالما حلمنا به »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

271,273