ثانيا : عوامل انتشار الإرهاب

يمثل الإرهاب شكلا خاصا من أشكال العنف. فعند محاولة فهم ظاهرة الإرهاب لا يمكن أبداً تفسير انتشارها بإسنادها إلى عامل واحد أو بإرجاعها إلى سبب وحيد. لكن هناك مجموعة من العوامل والأسباب والتى تختلف أوزانها النسبية من مجتمع لآخر.
بداية نذكر أربع مقدمات موجزة حول الموضوع :
الأولى: تتداخل الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية لأية ظاهرة ومنها ظاهرة الإرهاب. كما يصعب فى كثير من الأحيان الفصل بين الجوانب الداخلية والجوانب الخارجية للظاهرة.
الثانية: فى رصد ظاهرة الإرهاب علينا أن نميز بين العوامل التى أوجدت الظاهرة والعوامل التى أدت إلى استمرار وتصاعد هذه الظاهرة.
الثالثة: تتعدد وتتنوع وتتباين البواعث التى تكمن خلف حوادث الإرهاب ويصعب تصنيفها أو تقسيمها بشكل دقيق يستوعب كل حالات الإرهاب. فالبواعث قد تكون سياسية ومؤسسية تدور حول مشكلة الديمقراطية وعملية التحول السياسى فى المجتمع. وقد تكون الظروف الاجتماعية كمشكلة البطالة والأمية والجهل والتهميش الاجتماعى .. أو اقتصادية أو تاريخية متعلقة بالطائفية العرقية أو الدينية أو الثقافية، أو قد تكون شخصية فهناك أشخاص اختطفوا طائرات هربا من أحكام قضائية أو فراراً من بعض الملاحقات الأمنية، أو تخلصاً من التمييز العنصرى أو الظلم الاجتماعى أو تبرما من مستوى المعيشة فى بلد معين.
وساهم فى تزايد هذا النوع من النشاط الإرهابى مجموعة من العوامل المساعدة منها سرعة عناصره فى التحرك والافتقار إلى آليات دولية يمكنها أن تحد من ذلك كما أنها لم تجد صعوبة فى الحصول على السلاح.
الرابعة : تتعدد السمات التى جعلت من الجريمة الإرهابية ظاهرة عالمية بشرية تتجاوز حدود المكان والزمان والحدود الجغرافية والأبعاد الثقافية لتتداخل مع متغيرات النظام العالمى على كافة المحاور سواء من حيث التخطيط لها وتنفيذها أو آثارها وعواقبها. وأصبحت الظاهرة تتحرك بشكل متزامن وتنتقل من دولة إلى أخرى وتهدأ فى ساحة لتنفجر فى ساحة مجاورة . وهذا ما جعل خبير الإرهاب الدولى الأمريكى مارفن ستروين يطلق تحذيراته باتساع نطاق الإرهاب فى العالم بحلول الألفية الثالثة فى كتابه (الإرهاب عام 2000). وهذا التحذير لم يأت من فراغ إذ تنتشر التنظيمات الإرهابية فى مناطق مختلفة من العالم فى أوروبا وآسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية وأمريكا الشمالية واستراليا، إضافة إلى انتشار شبكات دعم الإرهاب على ساحات دول مختلفة وارتباطها بتجارة السلاح والمخدرات وجماعات الجريمة المنظمة. فهناك أكثر من 300 منظمة إرهابية فى 60 دولة فى العالم وهناك 40 دولة تستضيف عناصر إرهابية، وأوروبا وحدها بها 200 منظمة إرهابية وفى عام 1995 فقط وقعت عمليات إرهابية فى 91 دولة فى العالم.
كما شهدت الجريمة الإرهابية تصاعداً فى مستويات العنف المستخدم فى ارتكابها وتعدداً فى أشكاله. وأصبح من الواضح أن موجة الإرهاب التى اجتاحت العالم قد تصاعدت إلى مستويات تشهد خلالها بعض الدول عمليات كبيرة تكاد تكون شبه عسكرية. ومن هذا القبيل عمليات منظمة الدرب المضىء فى بيرو إلى أودت بحياة 130 ألف شخص وكلفت بيرو 25 مليار دولار خسائر منذ عام 1980، وحتى نهاية 1995 فقط .
وفى الوطن العربى، خاصة الجزائر حدثت عمليات إرهابية شبه عسكرية فى عقد التسعينيات أدت إلى مصرع أكثر من 100 ألف شخص وفقاً لإحصائيات مؤتمر وزراء الداخلية العرب.

 

 

المصدر: أ. مختار شعيب - موسوعة الشباب السياسية http://acpss.ahram.org.eg/ahram/2001/1/1/YOUN60.HTM
  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 771 مشاهدة
نشرت فى 10 أكتوبر 2011 بواسطة mowaten

ساحة النقاش

mowaten
يأتى الربيع العربى للثورات بمتطلبات ضرورية لعل من اهمها هو نشر التوعية السياسية بين المواطنين بوطننا العربى لارساء وتهيأة البيئة للعيش فى جو ديمقراطى طالما حلمنا به »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

274,411