ثانيا: الإنترنت:
ظهر الكمبيوتر عام 1948، وتطور تطورات مذهلة فى نصف القرن الماضى. وقد سيطرت الولايات المتحدة الأمريكية بشكل كبير على صناعة الكمبيوتر خاصة أجهزة الكمبيوتر ومكوناتها، أو ما يطلق عليه Hardware ، بينما نافستها كل من اليابان ودول أوروبية وبعض دول العالم الثالث، مثل الهند وإسرائيل فى صناعة البرمجيات، والتى تسمى Software .
وقد بدأت فكرة شبكة المعلومات منذ ما يزيد عن ثلاثين عاما، حين أقامت وكالة المشاريع المتقدمة التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية شبكة معلومات تحت إسم أربانيت ARPANET للربط بين الجامعات ومراكز البحوث الأمريكية، لتسهيل الاتصال بين العلماء والباحثين، لتبادل الرأى، وتوفير المعلومات أمام متخذى القرارات العسكرية والسياسية، خصوصا لمواجهة أى تهديد نووى سوفيتى مفاجئ. وكانت البداية عام 1969 عندما أقيمت نواة هذه الشبكة للربط بين عدة مراكز بحوث تابعة لعدد من الجامعات الأمريكية فى الولايات المختلفة وهى جامعة ستانفورد وجامعة كاليفورنيا فى لوس أنجلوس، وجامعة كاليفونيا فى مدينة سانتا باربارا، وجامعة ولاية يوتا. وقد ظلت هذه الشبكة تنمو وتتوسع حتى أصبحت الشبكة الأم للمعلومات.
وقد قامت الشبكة الأساسية للمعلومات الدولية Worldwide Web بتغطية الكرة الأرضية منذ عام 1994. ومن أهم سمات شبكة المعلومات الدولية أنها شبكة عالمية، ودائمة، وفورية، وغير محسوسة. وقد وفرت شبكة المعلومات الدولية سرعة الوصول إلى المعلومة وسرعة انتشارها، حتى أن البعض يشبهها بفيضان المعلومات.
فقد مكنت شبكة المعلومات الدولية الإنترنت كل من يمتلك جهاز كمبيوتر بالاتصال عن طريقها بأى موقع، أو بشر، أو جامعة، أو مستشفى، أو بيت أزياء، أو مركز أبحاث، أو مجلة على أى مكان فى الأرض فى لحظات معدودة. كذلك يستطيع أى فرد من خلال الإنترنت أن يبحث عن فرص العمل التى تناسبه سواء داخل بلده أو خارجها. كذلك أتاحت الإنترنت للبشر البيع والشراء عبر الشبكة، مع خصم قيمة المشتريات عن طريق الحساب البنكى، أو عن طريق مؤسسة معتمدة ينتمى إليها القائم بالشراء. ناهيك عن التعاملات الاقتصادية الكبرى والصفقات التى أصبحت تعقد من خلال الإنترنت فى كل لحظة.
والإنترنت يديرها المشتركون فيها، فليس هناك شخص أو جهة أو دولة بعينها تملك السيطرة على مواقع الإنترنت أو توجيهها. وأى شخص يستطيع أن ينشئ موقعاً على شبكة الإنترنت ويدعو لأفكاره، والكثيرون يضعون صورا من رسائلهم العلمية سواء الماجستير أو الدكتوراة على شبكة الإنترنت.
وقد خلقت شبكة الإنترنت أنماطا من التفاعل العالمى التى لم تكن ممكنة من قبل، فيستطيع العلماء والدارسون الآن مثلا المشاركة فى مؤتمرات افتراضية معقودة على الإنترنت، أو نيل الدرجات العلمية من جامعات أجنبية عن طريق الإنترنت. كذلك خلقت الإنترنت أنماطا جديدة وغير مسبوقة من التفاعل العالمى، ومنها غرف الثرثرة Chat Rooms ، وهى مواقع على الإنترنت تتيح تجاذب أطراف الحديث بين البشر فى مختلف أنحاء الأرض فى كل وقت، وبلا أية قيود.
وقد ولدت هذه الإمكانيات الاتصالية الهائلة من خلال الإنترنت حالة من مشاعية المعرفة. فخريطة الجينوم أو الجينات الوراثية البشرية، التى توصل إلى فك شفرتها مؤخرا مجموعات من العلماء من أكثر من دولة ومؤسسة علمية، والتى تبشر بالتوصل إلى أسباب وعلاج الأمراض عن طريق الشفرة الوراثية، ونتائج تلك الكشوف متاحة للعلماء من كافة بقاع الأرض على شبكة الإنترنت. كذلك تحرص معظم المؤسسات الصحفية، الهيئات الحكومية، مراكز الدراسات والأبحاث، وعدد لا نهائى من المؤسسات والهيئات والأفراد على نشر أفكارهم وإنتاجهم من خلال الإنترنت.
ويستطيع أى مؤلف اليوم تجنب عناء البحث عن دار نشر وإقناعها بالقيام بنشر مؤلفاته، فقد اتجه بعض المؤلفين مؤخرا إلى إصدار طبعات إلكترونية من مؤلفاتهم على شبكة الإنترنت. وترى بعض التحليلات المستقبلية أن الإنترنت تهدد بانقراض الكتاب باعتباره الوسيلة الأساسية لنشر الثقافة والمعرفة.
بعبارة أخرى، فقد خلقت الإنترنت عالما إلكترونيا موازيا لعالم الواقع، والكل يتحدث الآن عن البريد الالكترونى والتجارة الإلكترونية والإعلام الإلكترونى، وغيرها من المجالات التى ظهرت فى رحم الإنترنت وتفرز تطوراتها على الحياة اليومية.
ويرى أنصار الإنترنت أنها تمثل نوعا من ديمقراطية المعلومات، تحت شعار: المعلومات فى كل وقت، وفى كل مكان، ولكل الناس. كما يرى هؤلاء أن التواصل على شبكة الإنترنت قد خلق نوعا من التواصل العالمى أو مجتمع المعلومات العالمى الذى يشكله عشيرة الكمبيوتر و الإنترنت. ولكن البعض الآخر، خاصة من دول العالم الثالث يقلل من أهمية الإنترنت بالنسبة للدول الفقيرة والنامية حيث إن الإنترنت تتطلب مستوى معين من القدرات المادية، واللغوية، والتكنولوجية (فبصفة عامة تقتصر تلك الثقافة على الطبقة الوسطى التى تستطيع الحصول على والتعامل مع وسائل الاتصال ذات الثمن المرتفع نسبيا، وتستطيع استخدام الإنترنت باللغة الإنجليزية)، مما يخلق انقساما بين الدول يوازى الانقسام بين الدول الغنية والفقيرة، وانقساما داخل الدول بين أقلية مثقفة أو تستطيع الوصول إلى خزائن المعرفة، وأغلبية محرومة من تلك الإمكانيات.
ويبلغ العدد الإجمالى لمستخدمى الإنترنت فى العالم حوالى 360 مليون مستخدم ينتمى حوالى 110 ملايين منهم إلى الولايات المتحدة الأمريكية بواقع 40% من إجمالى السكان. تليها اليابان التى تضم حوالى 18,6 مليون مستخدم للإنترنت، والمملكة المتحدة التى تضم حوالى 13,9 مليون مستخدم. ومن الدول ذات المعدلات المرتفعة من مستخدمى الإنترنت كنسبة من العدد الكلى للسكان، السويد حيث يعتبر 43% من السكان مستخدمين للإنترنت، وكندا حيث تبلغ هذه النسبة 40,9%.
وفى الدول العربية يبلغ عدد مستخدمى الإنترنت حوالى 2,5 مليون مستخدم للإنترنت، بمعدل حوالى 0,9% من إجمالى السكان.

 

 

المصدر: أ/ هناء عبيد - موسوعة الشباب السياسية http://acpss.ahram.org.eg/ahram/2001/1/1/YOUN56.HTM
  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 141 مشاهدة

ساحة النقاش

mowaten
يأتى الربيع العربى للثورات بمتطلبات ضرورية لعل من اهمها هو نشر التوعية السياسية بين المواطنين بوطننا العربى لارساء وتهيأة البيئة للعيش فى جو ديمقراطى طالما حلمنا به »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

272,740