ثالثا: منظمة السوق المشتركة لشرقى وجنوب أفريقيا
الكوميسا
تعد هذه المنظمة احدث منظمة اقليمية نوعية رغم أن بدايتها تعود الى منتصف الستينيات. فهى تسعى لبناء تكتل اقتصادى افريقى، وايجاد منطقة تجارة حرة من ناحية. كما تعد من اكبر التجمعات الاقتصادية الاقليمية الفرعية حيث انها تضم عشرين دولة تمتد من شمال القارة الى شرقها وجنوبها من ناحية ثانية. وهى كذلك تتسم بالتجاور الجغرافي بين الدول الأعضاء من ناحية ثالثة، وتتشابه ظروف الدول الاعضاء الاقتصادية والسياسية والاجتماعية من ناحية رابعة.
لذا غلب الهدف الاقتصادى على أجهزة المنظمة وتنظيماتها بدءا من مؤتمر رؤساء الدول والحكومات، ومجلس الوزراء، والمحكمة، ولجنة محافظي البنوك المركزية، واللجنة الحكومية، واللجان الفنية والسكرتارية، واللجنة الاستشارية لرجال الأعمال.
1
ـ نشأة المنظمة:
يمكن إرجاع أصول النشأة الأولى للكوميسا الى منتصف الستينيات، عندما اتخذت دول الشرق والجنوب الأفريقي مبادرتها نحو تكوين تنظيم إقليمي فرعي للتعاون فيما بينها، وبالتحديد عندما دعت اللجنة الاقتصادية لأفريقيا في اكتوبر 1965 إلى عقد اجتماع وزاري للدول المستقلة في الشرق والجنوب الأفريقي للنظر في مقترحات تهدف إلى إنشاء آلية لتشجيع التكامل الاقتصادى الفرعى. وقد أوصى الاجتماع الذي عقد في لوزاكا عاصمة زامبيا بإنشاء جماعة اقتصادية لدول الشرق والجنوب الأفريقي. ولتحقيق هذا الهدف تم تشكيل مجلس وزاري مؤقت تحضره لجنة اقتصادية مؤقتة من المسئولين للتفاوض حول إبرام اتفاقية وإعداد برامج حول التعاون الاقتصادي.
وقد شهد أول اجتماع للمجلس الوزاري المؤقت الذي عقد في أديس أبابا في مايو 1966 توقيع الاتفاقية الرسمية بين كل من بوروندى وإثيوبيا وكينيا ومدغشقر ومالاوي وموريشيوس ورواندا والصومال وتنزانيا وزامبيا. وفي السبعينات أيقنت دول الشرق والجنوب الأفريقي أنه ليس هناك بديل عن تقليل الاعتماد الاقتصادي على الدول الصناعية في الشمال، ولن يتم هذا إلا من خلال تبنى تدابير ذاتية لتحقيق التنمية في كافة القطاعات. وفى هذا الاطار جاء انعقاد أول اجتماع غير عادي لوزراء التجارة والمالية في لوزاكا في مارس 1978، والذي أوصى بإنشاء جماعة اقتصادية تبدأ خطواتها بتكوين منطقة للتجارة الحرة، يمكن أن تنمو تدريجيا على مدى عشر سنوات لتكون سوقا مشتركة. وقد عرف هذا الاتفاق بإعلان لوزاكا للصداقة والالتزام بإقامة منطقة تجارية تفضيلية لدول الشرق والجنوب الأفريقي (PTA). وبعد إنهاء العمل التمهيدي اجتمع رؤساء الدول والحكومات في لوزاكا في 21/12/1981 حيث تم توقيع الاتفاقية المؤسسة لمنطقة التجارة التفضيلية والتي دخلت حيز التنفيذ في 30/12/1982 وقد باشرت منطقة التجارة التفضيلية عملها لمدة 11 عاما. ثم أعقبها التوقيع على الاتفاقية المؤسسة للسوق المشتركة لدول الشرق والجنوب الأفريقي المعروفة بإسم الكوميسا في كمبالا بأوغندا في 5/11/1993. وقد دخلت حيز التنفيذ في 8/12/1994 عقب عقد اجتماع مؤتمر رؤساء الدول والحكومات في ليلنجواي عاصمة مالاوي فى 7 ـ8 ديسمبرعام 1994. وقد تم التوقيع في 31 أكتوبر عام 2000 على اتفاقية إنشاء منطقة التجارة الحرة.
وتنص الاتفاقية على تخفيض الرسوم الجمركية على السلع والخدمات بين الدول الأعضاء بشكل تدريجى وحتى تصل إلى صفر. وقد وقعت 9 دول بالفعل على هذه الاتفاقية، وهي: جيبوتي، ومصر، وكينيا، ومدغشقر، ومالاوي، ومورشيوس، والسودان، وزامبيا، وزيمبابوي .
2
ـ أهداف المنظمة ومبادئها:
حددت الاتفاقية المنشئة للكوميسا عددا من الأهداف تمت صياغتها بحيث تؤدي إلى خلق ظروف ملاءمة لتيسير وتحسين الأداء الاقتصادي للدول الأعضاء والقضاء على مواطن الضعف الهيكلي والوظيفي وإزالة العوائق أمام التجارة البينية والاستثمار وتعظيم المصلحة المشتركة بين الدول الأعضاء. وقد تضمنت الاتفاقية العديد من الأهداف مثل :
أـ السعي نحو تنمية مطردة للدول الأعضاء عن طريق تشجيع التنمية المتوازنة بين هياكل إنتاجها وتسويق منتجاتها.
ب ـ تشجيع التنمية المشتركة في كافة مجالات النشاط الاقتصادي واتخاذ سياسات اقتصادية واسعة النطاق وبرامج من شأنها رفع مستوى معيشة الشعوب في الدول الأعضاء وتوثيق العلاقات فيما بينها.
ج ـ التعاون في ايجاد بيئة مشجعة للاستثمار الأجنبي والمحلي بما في ذلك التشجيع المشترك للبحث والتعامل مع العلم والتكنولوجيا الدافعة لعملية التنمية، فمن الملاحظ ان حالة التردي التي وصلت اليها اقتصاديات الدول الأفريقية بصفة عامة يمكن إرجاعها أساسا على عدم القدرة على التوظيف الكامل للموارد والإمكانات المتاحة لدى تلك الدول بالأساليب العلمية والتكنولوجية المناسبة. وفى هذا السياق اشارت اتفاقية الكوميسا إلى ضرورة انسياب استثمارات القطاع الخاص وإلى ضرورة اتباع الدول الأعضاء لسياسات شاملة ومتوافقة تعمل على جذب استثمارات القطاع الخاص إلى السوق المشتركة.
د ـ التعاون لتشجيع السلام والأمن والاستقرار بين الدول الأعضاء من أجل تعزيز التنمية الاقتصادية في المنطقة.
هـ ـ التعاون لتقويه العلاقات بين السوق المشتركة وبقية دول العالم واتخاذ مواقف مشتركة في المجال الدولي، انطلاقا من الرغبة فى تعزيز مكانة دول الكوميسا والحيلولة دون وجود تهديدات خارجية لها.
و ـ الإسهام في تحقيق أهداف الجماعة الاقتصادية الأفريقية، والتأكيد على عدم تخليها عن أهداف منظمة الوحدة الأفريقية وتضامنها، الأمر الذى يتفق مع مبدأ المنظمة الذي أقرته في اجتماع مجلس وزرائها في أغسطس 1963.
هذا وقد تضمنت اتفاقية الكوميسا مجموعة من المبادئ والأسس المحددة لعمل المنظمة، نذكر منها:
1
ـ إقامة منطقة تجارة حرة وما يتضمنه ذلك من تحرير كافة القيود الجمركية وغير الجمركية.
2
ـ إقامة اتحاد جمركي وما يستتبعه من وضع جدول مشترك للتعريفات الجمركية على واردات الدول غير الأعضاء.
3
ـ تحرير حركات رؤوس الأموال ووضع قانون مشترك للاستثمار يهدف الى خلق بيئة مواتية للاستثمار المحلي والأجنبي.
4
ـ إقامة اتحاد المدفوعات في إطار برنامج للتنسيق النقدي الذي يؤدي في النهاية إلى إقامة اتحاد نقدي للكوميسا.
5
ـ تحرير حركة الأفراد ووضع الترتيبات المشتركة بين الدول الأعضاء .
6
ـ التضامن والاعتماد الجماعي بين الدول الأعضاء.
7
ـ التعاون بين الدول وتنسيق السياسات وتكامل البرامج بين الأعضاء بحيث يتسع نطاق التعاون الدولي للمنظمة وألا يقتصر على الدول الأعضاء فقط بل يمتد ليشمل الدول والمنظمات الأخرى سواء داخل القارة أو خارجها.
8
ـ عدم اللجوء الى العنف والاعتداء بين الدول الأعضاء.
9
ـ الاعتراف وتشجيع حماية حق الإنسان والشعوب طبقا لأحكام الميثاق الأفريقي حول حقوق الإنسان والشعوب.
10
ـ المسئولية والعدالة الاقتصادية والمشاركة الشعبية في التنمية. ومن الواضح ان هذا المبدأ يسعى الى تحميل الدول الأعضاء في الكوميسا المسئولية عن عملية التنمية داخل دولها مع عدم تخليها عن مبادئ العدالة الاقتصادية والمشاركة الشعبية باعتبارها محددات اساسية لتحقيق الاستقرار الاجتماعى.
11
ـ احترام أحكام القانون . ويعد هذا المبدأ نوعا من التعهد والالتزام من جانب جميع الدول الأعضاء بأهمية وضرورة تطبيق القانون سواء على المستوى الداخلي في كل دولة أو فيما يتعلق بالعلاقات البينية بين الدول الاعضاء.
12
ـ تشجيع ومساندة النظم الديمقراطية.
13
ـ صيانة السلام الإقليمي والاستقرار، حيث يستند هذا المبدأ الى رؤية مفادها أن التعاون بين دول المنظمة في المجالات الاقتصادية إنما يعد وسيلة وقائية من الاعتداءات التي يمكن ان تثور في أي وقت، ويشتمل هذا المبدأ على ثلاثة عناصر، هي التسوية السلمية للمنازعات بين الدول الأعضاء، والتعاون الفعال بين الدول المتجاورة، وتشجيع الحفاظ على البيئة.

 

 

المصدر: أ/ ايمن عبد الوهاب - موسوعة الشباب السياسية http://acpss.ahram.org.eg/ahram/2001/1/1/YOUN53.HTM
  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 180 مشاهدة

ساحة النقاش

mowaten
يأتى الربيع العربى للثورات بمتطلبات ضرورية لعل من اهمها هو نشر التوعية السياسية بين المواطنين بوطننا العربى لارساء وتهيأة البيئة للعيش فى جو ديمقراطى طالما حلمنا به »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

271,281