ب - مرحلة التعدد الحزبي :
 رغم كل التحفظات التي قيلت حول صيغة تعدد الأحزاب ، ورغم تشكيل هذه المنابر الثلاثة كصيغة وسط بين نمط الحزب الواحد والتعدد الحزبي ، إلا أن التجربة العملية سارت نحو تغليب الشكل الأخير، اي الانتقال الي نظام تعدد الأحزاب . فقد تجاوز تعبير المنابر واطلق عليه تنظيمات سياسية .
وقد خاضت تلك التنظيمات الجديدة معركة انتخابات مجلس الشعب عام 1976 كما لو كانت أحزابا سياسية، وأسفرت عن فوز تنظيم الوسط بالأغلبية الساحقة (280 مقعدا) تلاه المستقلون (48 مقعدا) ثم اليمين ( 12مقعدا) وأخيرا اليسار (مقعدان). وفي أول اجتماع لمجلس الشعب بعد الانتخابات في 11 نوفمبرعام 1976 قرر السادات تحويل التنظيمات السياسية الثلاثة إلي أحزاب إيذانا بعودة التعددية الحزبية كأحد المظاهر التنظيمية للعملية الديمقراطية وقال عاهدت الله والشعب علي تحقيق الديمقراطية السليمة ولهذا اتخذت هذا القرار التاريخي.
والملاحظ أنه عندما قرر الرئيس السادات قبول صيغة التعدد الحزبي في عام 1976 كان لديه تصور حول حدود هذه الصيغة وحدود الدور الذي يمكن أن تلعبه أحزاب المعارضة. وتضمن هذا التصور أن تقوم التجربة التعددية بالتعبير عن التناقضات المحتملة في المجتمع من جانب و باحتواء الصراعات المحتملة التي يمكن أن تثيرها هذه التناقضات من جانب آخر. وفي هذا الإطار كان الرئيس حريصا بالنسبة لأحزاب المعارضة علي ألا تمتد معارضتها الي مقومات وأسس المجتمع .
إلا أن هذه الصيغة تعرضت للاهتزاز وبدأت إرهاصات التوتر عندما خرج حزب اليسار علي هذه الصيغة إبان أحداث 18 و19 يناير عام 1977.
وفي الشهر التالي مباشرة لأحداث يناير وبالتحديد في4 فبراير عام 1977 صدر القانون رقم 2 لسنة1977 والذي سمي بقانون حماية الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي و تضمن النص علي:
*
يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة كل من تجمهر بقصد تخريب أو إتلاف الأملاك العامة أو التعاونية أو الخاصة.
*
يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة كل من دبر أو شارك في تجمهر يؤدي إلي إثاره الجماهير بدعوتهم إلي تعطيل تنفيذ القوانين واللوائح بهدف التأثير علي ممارسة السلطات الدستورية لأعمالها أو منع الهيئات الحكومية أو مؤسسات القطاع العام أو الخاص ومعاهد العلم من ممارسة عملها وتطبيق نفس العقوبة علي مدبري التجمهر ولو لم يكونوا مشتركين فيه وعلي المحرضين والمشجعين.
وفي يونيو من نفس العام صدر قانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977 حيث وضع قواعد محددة للممارسة الحزبية اهمها :
*
ضرورة أن يكون من بين مؤسسي الحزب عشرون عضوا من أعضاء مجلس الشعب خلال الفصل التشريعي الذي بدأ في نوفمبر عام 76 .
*
عدم تعارض مقومات الحزب أو مبادئه أو أهدافه أو برامجه أو سياساته أو أساليبه في ممارسة نشاطه مع مبادئ الشريعة الإسلامية باعتبارها مصدرا رئيسيا للتشريع.
*
الحفاظ علي الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي والنظام الاشتراكي الديمقراطي والمكاسب الاشتراكية.
*
حظر قيام أحزاب علي أساس طبقي أو طائفي.
كما أولي القانون أمر البت في إنشاء الأحزاب الي لجنة سميت بإسم لجنة شئون الأحزاب السياسية. وبمقتضي المادة 7 يقدم طلب تأسيس الحزب الي أمين اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي) ثم يعرض الأمر علي اللجنة المنصوص عليها في المادة 8 خلال 15 يوما من تاريخه. وتتكون هذه اللجنة وفقا للمادة 8 من أمين اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي (رئيسا)، وزير العدل، والوزير المختص بالتنظيمات الشعبية والسياسية، ثلاثة أعضاء من غير المنتمين الي أي حزب سياسي. ويشترط أن يكون الأعضاء الثلاثة من رؤساء الهيئات القضائية السابقين أو نوابهم. ويصدر قرار باختيارهم من رئيس اللجنة المركزية.
وتختص اللجنة بالنظر في المسائل المنصوص عليها في هذا القانون وبفحص ودراسة إخطارات تأسيس الأحزاب السياسية طبقا لأحكامه. وتصدر قرارات اللجنة بأغلبية أصوات الحاضرين وعند التساوي يرجح الجانب الذي منه الرئيس، وعلي اللجنة أن تصدر قرارها بالبت في تأسيس الحزب علي أساس ما ورد في اخطار التأسيس الابتدائي وما أسفر عنه الفحص أو التحقيق وذلك خلال الثلاثة اشهر التالية علي الأكثر لعرض الاخطار بتأسيس الحزب علي اللجنة. ويعتبر انقضاء مدة الثلاثة أشهر المشار إليها دون قرار من اللجنة بالبت في تأسيس الحزب بمثابة قرار بالاعتراض علي هذا التأسيس. ويجب أن يصدر قرار اللجنة بالاعتراض علي تأسيس الحزب مسببا، ويجوز لطالبي تأسيس الحزب خلال الثلاثين يوما التالية لنشر قرار الاعتراض في الجريدة الرسمية أن يطعنوا بالإلغاء في هذا القرار أمام الدائرة الأولي للمحكمة الإدارية العليا التي يرأسها رئيس مجلس الدولة، علي أن ينضم لتشكيلها عدد مماثل من أعضاء مجلس الشعب يختارهم المجلس في بداية كل دورة من بين أعضائه وفقا للقواعد التي يضعها المجلس، وتفصل المحكمة المذكورة في الطعن خلال أربعة أشهر علي الأكثر من تاريخ إيداع عريضته أما بإلغاء القرار المطعون فيه أو بتأييده، وعندما تتساوي الأصوات يرجح الجانب الذي منه الرئيس.
والي جانب ذلك، نصت المادة 17 علي أن من حق أمين اللجنة المركزية- كرئيس للجنة الأحزاب السياسية- أن يطلب من محكمة القضاء الإداري حل الحزب وتصفية أمواله إذا صدر حكم نهائي بإدانة قيادات الحزب كلها أو بعضها في جريمة من الجرائم المخلة بالوحدة الوطنية أو تحالف قوي الشعب العاملة أو السلام الاجتماعي أو النظام الاشتراكي الديموقراطي.

 

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 110 مشاهدة

ساحة النقاش

mowaten
يأتى الربيع العربى للثورات بمتطلبات ضرورية لعل من اهمها هو نشر التوعية السياسية بين المواطنين بوطننا العربى لارساء وتهيأة البيئة للعيش فى جو ديمقراطى طالما حلمنا به »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

286,879