5
ـ التعبير عن المشاركة كواجب دينى :
ينبىء استقراء تاريخ مصر عبر عصورها المختلفة بحقيقة مؤداها أن الحياة المصرية القديمة منذ آلاف السنين قامت على أسس دينية. فمنذ القديم عرف المصريون بقوة التدين فقد قال هيرودوت أبو التاريخ إن المصريين أشد البشر تديناً ولا يعرف شعب بلغ من التقوى درجتهم فيها .
وللدين سلطان نافذ على عقول المصريين يدعوهم إلى التدين والتقوى والصلاح والاحسان إلى الغير والعمل الصالح. ويعد الدين من أهم العوامل التىتحكم نظرة المجتمع إلى متغيرات العصر والتىينطلق منها إلى اتخاذ موقف معين من القضايا والمشكلات سلباً وإيجاباً.
ورغم صور الانحراف التى شاعت بين شباب العالم بصفة عامة، والقت بظلالها على الشباب المصرى، إلا أنه يمكن القول أن القاعدة الشبابية فى مصر فى مجموعها منضبطة وملتزمة ومتدينة بالفطرة. والقلة الشاردة لا تغير فى القاعدة ولا حكم لها.
فإذا تلقى الشباب عبر مؤسسات التنشئة المختلفة مما يلقى الأضواء على موقف الاسلام من المشاركة واعتبارها واجباً دينياً، فإن نهوض الشباب لتلبية هذه الواجب الدينى ستتسم بسرعة الاستجابة، وستكون أكثر فاعلية. وقد تضمنت الآيات القرآنية العديد من القوانين والأسس التى تؤكد على ضرورة مشاركة الجماهير فى كافة الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية لايجاد مجتمع اسلامى متكامل. فقد امتدح القرآن الكريم الجماعة التى تعتمد الشورى منهاجاً لحياتهم وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون الشورى/ 38. فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم فى الأمر آل عمران / 159.
كما حث الرسول صلى الله عليه وسلم على الاهتمام بأمور المسلمين كشروط للانتساب لعضوية المجتمع المسلم فيقول من لم يهتم بأمور المسلمين فليس منهم وهكذا تكون المشاركة عنصراً أساسياً للانتماء للمجتمع الاسلامى. كما قال صلى الله عليه وسلم ما تشاور قوم إلا هدوا لأرشد أمورهم وقال ايضاً استعينوا على أموركم بالمشاورة كما قدم الرسول العديد من المواقف العملية فى مجال الشورى فقد استشار أصحابه فى غزوة بدر وأحد والأحزاب وغيرها من المواقف التى نزل على رأيهم فيها واستجاب لمشورتهم عندما استحسنها.
كما أن الدعوة للمشاركة موجهة أيضاً إلى المواطنين المسيحيين مساهمة فى العمل العام وتوثيقا لعرى الوحدة الوطنية فالدين لله والوطن للجميع.

6
ـ اعتماد نظرية الحوافز :
تعد الحوافز من محركات السلوك ، ويرى علماء النفس أن كل الافعال التى يقوم بها الانسان يمكن وصفها على أنها مجهود يقوم به الانسان لاشباع متطلب أساسى أو حاجة ضرورية. فإذا تم ايجاد الرابط أو العلاقة بين المشاركة وبين ما يسميه علماء النفس بالجزاء، فإن هذا يؤدى إلى تعظيم المشاركة وتفعيلها.
ولما كانت الحاجة إلى التقدير بشقيه المادى والمعنوى من حاجات الانسان الاجتماعية، فإن إشباعها يؤدى إلى مزيد من العطاء، فمن يشارك فى محو أمية مجموعة من المواطنين أو يستصلح قطعة أرض صحراوية أو يساهم فى نظافة البيئة أو تشجير المنطقة التى يقطنها عندما يمنح حافزاً مادياً أو معنوياً فإن هذا يؤدى إلى حدوث تأثيرين إيجابيين:
·
رفع معنويات المشارك بما يؤدى به إلى بذل المزيد من الجهو د.
·
تقديم النموذج الذى يمكن أن يحاكى من الآخرين.
وتطبيقاً على ذلك فإنه يجب على الهيئات المعنية بشئون الشباب والمؤسسات التىيتردد عليها أن تتبنى سياسة تشجيع الشباب من خلال الجزاءات والحوافز حتى ولو كانت حوافز نسبية.

7
ـ اقتناع القيادة بأهمية دور الشباب :
ان ايمان القيادة على أى مستوى وفى كل موقف بفلسفة مؤداها أن الشباب جزء هام فى كيان المجتمع، وأن انعدام مشاركة هذه الجزء وتهميشه يعود بالضرر على المجتمع ككل.
فالاقتناع بدور الشباب من شأنه أن ينعكس ايجابياً على تهيئة الظروف المناسبة لاندماج الشباب فى أنشطة المجتمع ومشاركته فى الأدوار المطروحة.
ويمكن تحديد عدد من الآليات التى تترجم هذا الاقتناع إلى واقع عملى ملموس :
·
إتاحة الفرصة أمام الشباب للتعبير عن آرائهم فى قضايا مجتمعهم ورؤيتهم لكيفية التعامل مع مشاكل المجتمع دون خوف من عقاب أو مساءلة، وفى ظل مناخ آمن يرعى الحريات ويدعم الديمقراطية.
·
توفير قنوات أو منابر تتيح لهم طرح مشاكلهم وتصوراتهم لكيفية حلها والتعبير عن طموحاتهم وتصوراتهم.
·
ضرورة أن تضم الهيئات المعنية بأمور الشباب فى عضويتها بعض العناصر الشبابية التى تحسن التعبير عن همومها وقضاياها إذ ليس من المعقول أن ينفرد بالتعبير عن قضايا الشباب من هم خارج هذه الشريحة الشبابية. فالشباب هم الأقدر على التعبير عن أنفسهم.
·
الاهتمام بعمل استطلاعات دورية لآراء الشباب حول همومهم وقضايا المجتمع.
·
تطوير دور الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدنى لاستيعاب الشباب وتدريبهم على التعامل مع القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية..
·
أن تحتفظ مؤسسات المجتمع ومنظماته ببعض الأدوار القيادية لكى يشغلها المتميزون من الشباب دون التقيد بالعوائق البيروقراطية ولنا فى رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة عندما كان يحلل الخصائص المدخرة فى الشخصيات ويضع الرجل المناسب فى المكان المناسب دونما التفات لاعتبارات تتعلق بالسن، وإنما المعيار مدى الأهلية والكفاءة للقيام بالدور المنوط به.
·
فقد كلف الرسول صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد بقيادة جيش المسلمين لغزو الروم وهو دون العشرين من عمره وتحت إمرته أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب ـ وعندما استكثر البعض على أسامة هذا المنصب .. قال الرسول : والله انه بالإمارة لخليق، وان أباه من قبله بالإمارة لخليق فاستوصوا به خيراً فإنه من صالحيكم. كما يذكر التاريخ أنه قد التف حول المسيح عليه السلام عدد من الحواريين الشبان.
ومما هو جدير بالذكر أن القيادة السياسية فى مصر تضع نصب أعينها هموم الشباب ومشاكله وتحاول ايجاد الحلول المناسبة لها ايماناً منها قدراته الخلاقة الفاعلة والدافعة لقضايا التنمية.
وليس أدل على ذلك من عبارة الرئيس حسنى مبارك يدعو فيها لاستيعاب الشباب ومحاولة دمجهم فى المجتمع إننى اشعر بشعور كل أب مصرى، حين أجد آلافاً من الشباب القادر على العمل عاجزين عن العثور على عمل يتيح لكل منهم أن يعبر عن طاقته الكامنة، ويحقق ذاته ويبين مستقبله، وليس أقسى على نفسى من التفكير فيما ينال هذه الفئات من شباب مصر من إحباط فضلاً عن حرمان الوطن من هذه الطاقة الشابة القادرة على الإنجاز والبناء.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 120 مشاهدة
نشرت فى 2 أكتوبر 2011 بواسطة mowaten

ساحة النقاش

mowaten
يأتى الربيع العربى للثورات بمتطلبات ضرورية لعل من اهمها هو نشر التوعية السياسية بين المواطنين بوطننا العربى لارساء وتهيأة البيئة للعيش فى جو ديمقراطى طالما حلمنا به »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

286,892