مستشارك النفسى و الأسرى ( د. أحمد شلبى)

موقع للارشاد النفسى للمتميزين وذوي الإعاقة والعاديين

لتسمح لي عزيزي القارئ الكريم أن أبدأ مقالتي بهذا التساؤل الهام :-

عندما ننزل إلى أرض الواقع فلعلك تلاحظ معي وجود أثنين من أصحاب الإعاقة ( من أصحاب الظروف الذهنية الخاصة مثلاً ) ولدا في بلد واحد ويسكنان في شارع واحد وبعد عدة سنوات نجد أحدهما يتسول الناس وقد يعطونه أو يمنعونه أو يسخرون منه أو يستثيرون غضبه ، بينما نجد الآخر قد تعلم وأصبح رياضياً موهوباً أو رساماً بارعاً وحصل على ميداليات ذهبية أو فضية أو برونزية فما سبب هذا الفارق الضخم ؟ والإثنان من منطقة واحدة ومن شارع واحد وربما في بناية واحدة (عمارة) ويشتركان في نفس الظروف فما السبب ؟ فكر معي ،،،

وربما نذهب إلى قرية فنجد أثنين من مكفوفي البصر أحدهما يذهب إلى المقابر ليستجدي عطف الناس وصدقاتهم والآخر يعتلي أعواد منابر القرية خطيباً مفوهاً وواعظاً ناصحاً ، أو يرتقي مدرجات الجامعة محاضر ومعلماً ، والإثنان من قرية واحده ويتشابهان في نفس الظروف فما السبب الذي أحدث هذا الفارق الضخم ؟

وحالات مشابهة كثيرة في إعاقات أخرى ولكن حتى لا يطول بنا السؤال والتفكير فإن السبب يكمن في أمرين هامين بعد توفيق الله عز وجل وهما :-

-       قيام الأسرة بدورها ومساندتها لابنها صاحب الإعاقة حتى يحقق ما تصبو ويصبو هو إليه .

-   إيفادة الأسرة مما يقدم لها أو تسعى إليه من إرشاد وتوجيه أسري سواء بطريقة مباشرة كسؤال المتخصصين أو غير المباشرة كالقراء للكتب أو مشاهدة برامج التلفاز و نحو ذلك .

 

* الأسرة شريان الحياة

إذا فللأسرة دور هام في تشكيل شخصية الأبناء ورسم مستقبلهم ، وكما يقرر علماء النفس والتربية والاجتماع أن الأسرة هي وسيلة التنشئة الاجتماعية الأساسية للأبناء حيث هي المحضن الطبيعي للطفل ، ويقضي فيها معظم وقته مع أناس يحبهم ويحبونه ويتعلم منهم بطريقة مباشرة ( بالمذاكرة والدرس ) وغير المباشرة كتعليم الأخلاق والقيم وتشير الدراسات إلى أن مواقف الوالدين تشكل من 50 % إلى 70 % من سلوك الأبناء وتقوم وسائل التنشئة الاجتماعية الأخرى كالإعلام و غيره بتشكيل الجزء الباقي .

وإذا كانت الأسرة تقوم بهذه المهام للابن العادي فإنها بالنسبة للابن صاحب الظروف الخاصة ( إعاقة – مرض ) تعد بمثابة شريان حياة لا يستطيع الاستغناء عنه فهي تؤدي له إلى جانب المهام السابقة مسئوليات أساسية وضرورية بالنسبة له منها :-

تلقي صدمة الإعاقة – مساعدته على التكيف معها

– البحث عن العلاج المناسب – توفير التعليم المناسب

– التوجه إلى التأهيل المطلوب – التركيز على القدرات المتبقية

– تحسين مهارات المعيشة – التدعيم والمساندة في مواجهه أعباء الحياة .

* تعاظم الحاجة إلى الإرشاد الأسري .

وبالطبع لا تستطيع الأسرة وحدها أن تؤدي هذه المهام والمسئوليات دون تلقي توجيهات واستشارات من مرشد وموجه أسري ( نفسي – تربوي – اجتماعي ) وبخاصة مع إنشغال الوالدين بالعمل في معظم الوقت ، والتضخم في المعلومات والمعارف واستيلاء أجهزة الإتصال الحديثة على ما تبقي من وقت الأسرة بالإضافة إلى زيادة الأعباء التي تتطلب لإشباعها المزيد من الوقت والجهد وهو ما أدى إلى زيادة الحاجة إلى الإرشاد الأسري في الآونة الأخيرة  .

* الإرشاد الأسري ضرورة إجتماعية .

وإذا كان الإرشاد الأسري يسهم في ميلاد جديد لصاحب الإعاقة ويؤدي إلى سريان روح جديدة تولد الأمل والإرادة داخل أسرته فإن الإرشاد الأسري يمثل ضرورة اجتماعية للمجتمعات التي تسعى بأفرادها نحو التقدم والارتقاء لما يقدمه هذا الإرشاد من فوائد عديدة نذكر منها :-

1- التقليل من الإصابة بالأمراض الوراثية بما يقدمه الإرشاد الزواجي من توجيهات للراغبين في الزواج والمقبلين عليه .

2- الحد من أسباب الإعاقة أثناء فترة الحمل إذا اتبع الزوجان توجيهات المرشد الأسري .

3- كذلك الحد منها عند الولادة وبعدها نتيجة الوعي بمسببات الإعاقة والعمل على تجنبها وتوضيح أهمية هذا الأمر إذا علمنا أن 90 % من أسباب الإعاقة تنتج عن ظروف بيئية وتصرفات أسرية وطبية خاطئة على حين لا تمثل الأسباب الوراثية للإعاقة أكثر من 10 % منها فقط .

4- فإذا حدثت الإعاقة أو المرض فإن الإرشاد الأسري يساعد الأسرة على مواجهة صدمة الإعاقة و التكيف معها والتغلب على آثارها السلبية .

5- كذلك فإن الإرشاد الأسري يمكن الأسرة من البحث عن الوسائل الصحيحة لعلاج الإعاقة أو المرض عند حدوثه .

6- ويساعد الإرشاد التربوي والذي هو جزء من الإرشاد الأسري صاحب الإعاقة وأسرته على اختيار نوع التعليم المناسب وإتباع الوسائل التربوية البديلة المعوضة له .

7- والإرشاد الأسري كذلك يقوم بتوجيه الشخص إلى نوع التدريب والتأهيل المناسب والذي ييسر له التوجه إلى المهنة المناسبة .

8- كما يساعد الإرشاد الأسري علي تحسين مهارات صاحب الإعاقة والتركيز على القدرات المتبقية وتدريب الأسرة علي القيام بذلك .

9- وأيضا يوجه الإرشاد الأسري صاحب الإعاقة وأسرته إلى اكتشاف المواهب الكامنة ورعايتها وتنميتها .

10- يوفر الإرشاد للأسرة جوانب الاستقرار والراحة النفسية بما يقدمه من نصائح وتوجيهات للأسرة وما يسهم به من دور في حل المشكلات التي تطرأ عليها .

 

وهكذا يمثل  الإرشاد الأسري ميلاداً جديداً لأصحاب الإحتياجات الخاصة وروحاً تدفق التفاؤل والأمل داخل أسرهم .

بقلم : د.أحمد مصطفى شلبي

([email protected])

mostsharkalnafsi

بقلم د. أحمد مصطفى شلبي [email protected]

ساحة النقاش

د.أحمد مصطفى شلبي

mostsharkalnafsi
• حصل علي الماجستير من قسم الصحة النفسية بكلية التربية جامعة عين شمس في مجال الإرشاد الأسري والنمو الإنساني ثم على دكتوراه الفلسفة في التربية تخصص صحة نفسية في مجال الإرشاد و التوجيه النفسي و تعديل السلوك . • عمل محاضراً بكلية التربية النوعية و المعهد العالي للخدمة الاجتماعية . »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

328,086