مستشارك النفسى و الأسرى ( د. أحمد شلبى)

موقع للارشاد النفسى للمتميزين وذوي الإعاقة والعاديين

عندما نحضر أو نسمع عن حفل زواج جماعي لأصحاب الإعاقة فإننا نسر ونسعد فلا شك أنه شيئ يدعو إلى البهجة - فجزى الله المنظمين له خير الجزاء- ، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو : هل تأهل هؤلاء و غيرهم من العاديين لهذه الحياة الجديدة و المرحلة الهامة من مراحل عمر أي إنسان ؟ والإجابة الفورية التي تجدها لدى الكثيرين من أصحاب الإعاقة و العاديين على هذا السؤال هي أنه لم يتم التأهيل لهذا الأمر .

إن أي فرد منا إذا أراد أن يؤسس شركة أو يقوم بعمل مشروع فلا بد أن يعرف ما له و ما عليه ، حقوقه و واجباته ، دوره و دور الأفراد الآخرين ، و إن تطلب الأمر أن  يحصل على دورة في الحاسوب أو الشئون الإدارية أو اللغة فإنه لا يتردد و يقوم على الفور بأخذ هذه الدورة أو تعلم تلك اللغة ، أما حين يقبل على تأسيس شركة الحياة فإنه لا يقرأ شيئاً و لا يسعى إلى أخذ الدورات أو تعلم الخبرات و المهارات المطلوبة لتأسيس هذه الشركة التي تفوق في أهميتها و ما يترتب عليها من نتائج أي شركة أخري مهما كانت فما السر في ذلك ؟ هل هو الجهل بأهمية الزواج أم عدم الإدراك لضرورة هذا الأمر ؟ أم كلاهما ؟

 

تصرفات قاصرة :

 

أ‌-   عندما يقبل بعض الشباب أو الفتيات على الزواج فإنه عند اقتراب ليلة الزفاف يسأل أحد أصدقائه أو أقاربه عن بعض الأمور الجنسية أو ربما يقرأ عنها في كتاب أو في مجلة أو نحو ذلك و يظن بهذه الطريقة أنه قد أدى ما عليه ، و هذا فهم قاصر فهو ربما تعرف على بعض المعلومات التي تكفيه لإقامة حياة جنسية سوية ، لكنه لم يؤهل نفسه أو زوجته لإقامة حياة زوجية أو أسرية مستقرة و سعيدة .

ب‌-  أيضاً يظن بعض الناس أن الاستعداد للزواج يكمن في القدرة على النفقة و تجهيز الفرش و فقط ، و رغم أن هذه أمور هامة للزواج إلا أنها ليست هي الزواج : فالزواج إقامة علاقة إنسانية سيترتب عليها إنشاء أسرة و إنجاب ذرية و إقامة شبكة من العلاقات و بداية للحياة الحقيقية و لا يتم ذلك بإحضار الفرش و الجهاز فقط . لكن كيف يؤهل الإنسان نفسه للزواج ؟ أو ما المقصود بالتأهل الحقيقي للزواج ؟ سنترك الإجابة عن ذلك إلى مقالٍ لاحق حتى لا يتشعب بنا الحديث .

 

لماذا الإرشاد الزواجي هذه الأيام ؟

الإرشاد والتأهيل للزواج كأداء و كمضمون موجود منذ القدم، وحديث أُمامة الباهلية لابنتها وهي توصيها قبل الزواج مدون منذ العصر الجاهلي ، و أحاديث النبي (صلى الله عليه وسلم) ووصايا الصحابة والعلماء في هذا المجال تدوي في سمع  الزمان .

 لكن الذي ظهر في الأونة الأخيرة هو المصطلح أو الإرشاد الزواجي كعلم لاشتداد الحاجة إليه.

وهناك أسباب عديدة لذلك نذكر منها :

-    انشغال الأسرة بجناحيها الأب والأم - ربما لكثرة الضغوط و الأعباء ، و ربما لزيادة الطموحات أيضاً – مما جعلها في الأغلب الأعم غير متفرغة لتربية الأبناء فضلاً عن تأهيلهم و إرشادهم زواجياً عند وصول الابن إلى السن المطلوب فيه ذلك ، و قد كانت الأم في السابق تعلم ابنتها وعندها من الوقت و الصبر ما يمكنها أن تفعل ذلك .

-    انشغال الأبناء أنفسهم بالكمبيوتر و الموبايل و التلفاز و الكورسات و السفر و العلاقات ... إلخ ، مما ضيق من فرص لقاء الابن لأسرته حتى يتناولوا الطعام سوياً ، لا كي يرشدوه و يؤهلوه زواجياً .

-    تنازل الكثير من الأسر عن دورها في التربية للمدرسة وأجهزة الإعلام و غيرها ، و مهمتهم في الأساس التعليم و التثقيف ، فلمن تنازلت عن مهمتها في الإرشاد الزواجي و التأهل له ؟ لقد تركت ذلك لاجتهاد الابن نفسه الذي جعل يتخبط في الكثير من الأحيان بغير علم و لا خبرة و لا نصيحة مخلصة ؛ لذا زادت العنوسة و المشكلات الأسرية و ارتفعت نسب الطلاق و ظل أطفال الشوارع و الإدمان و المهلوسات في سن صغيرة إلى غير ذلك .

من هنا ارتفعت صيحات تنادي بضرورة الإرشاد و التأهيل للزواج ، و قامت بعض المراكز و الجمعيات التي تبنت ذلك كجزء من أهدافها لكنها ما تزال غير كافية و عليها بعض الملاحظات و التي ربما نتعرض لها في مقال قادم ، لكنها و لا شك أفضل بكثير من الأمية و الجهل و التخبط في هذا المجال كما أن هذه المراكز و الجمعيات قد بذلت جهوداً مشكورة و سارت خطوات محمودة على هذا الطريق .

 

لماذا الإرشاد الزواجي لأصحاب الإعاقة و الظروف الخاصة ؟

إن صاحب الظروف الخاصة ازداد احتياجه لهذه الخدمة الإرشادية - شأنه في ذلك شأن الإنسان العادي – بفعل الأسباب السابق الإشارة إليها ، لكنه يحتاج إلى تأهيل زواجي متخصص يتناسب مع نوع إعاقته أو ظروفه ؛ فالإرشاد والتأهيل الزواجي للأم الكفيفة ولا شك يختلف عن التأهيل الزواجي للأم الصماء وهما أحوج إلى ذلك من العاديين .

وعلى حد علمي لا توجد في وطننا العربي مراكز أو جمعيات متخصصة في هذا المجال أو تؤهل كوادر لذلك رغم مسيس الحاجة إليه .

ونرجو من قراء هذا المقال والزائرين لموقعنا أن يرسلوا إلينا أسماء أي مراكز متخصصة تقوم بهذا الأمر على أسس علمية وخبرات عملية مقننة وذلك على الإيميل الخاص بالموقع وسننوه لها لمسيس حاجة أصحاب الظروف الخاصة إليها ، كما نرجو من الجمعيات والمراكز والمؤسسات العاملة مع أصحاب الظروف الخاصة أن تدخل الإرشاد والتأهيل الزواجي ضمن برامجها من أجل حياة زوجية وأسرية أكثر سعادة واستقرارا.

......والله ولي التوفيق .

 

بقلم : د. أحمد مصطفى شلبي

mostsharkalnafsi

بقلم د. أحمد مصطفى شلبي [email protected]

  • Currently 233/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
78 تصويتات / 3498 مشاهدة

ساحة النقاش

د.أحمد مصطفى شلبي

mostsharkalnafsi
• حصل علي الماجستير من قسم الصحة النفسية بكلية التربية جامعة عين شمس في مجال الإرشاد الأسري والنمو الإنساني ثم على دكتوراه الفلسفة في التربية تخصص صحة نفسية في مجال الإرشاد و التوجيه النفسي و تعديل السلوك . • عمل محاضراً بكلية التربية النوعية و المعهد العالي للخدمة الاجتماعية . »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

368,216