مستشارك النفسى و الأسرى ( د. أحمد شلبى)

موقع للارشاد النفسى للمتميزين وذوي الإعاقة والعاديين

لم يستطع أن يدرك خلال سنوات طفولته الأولى الحكمة وراء أنه ولد بأذن صماء، ذلك الجزء الذى ورثه عن أمه الصماء والذى كان سببا فى إنشاء جمعية أصداء لرعاية المعاقين سمعيا.

"أنا تعبان نفسيا، مش قادر أعيش من غيرها" قالها سامى جميل (48 سنة) وقد اغرورقت عيناه بالدموع، خاصة أنها توفيت قبل رمضان الماضى بعدة أيام وكان أكثر أبنائها تعلقا بها لدرجة أنه لم يحتمل أن يعيش بعيدا عنها بعد زواجه، ربما يكون السبب وراء ذلك يكمن فى شعوره الدائم بأنه يحمل جزءا منها.

"ابن الخرسة" تلك الجملة التى ألقتها إحدى السيدات فى وجهه أثناء إحدى المشاجرات وكأنها سبة، فكر فيها كثيرا وتأمل معناها وقرر أن يحولها إلى مصدر للفخر ليعلنها على الملأ "أنا ابن الخرسة".

شكل صمم والدته كل خطوة فى طريق حياته حيث التحق بكلية الزراعة ودرس فى قسم الوراثة ليتعرف بدقة على إمكانية أن يرث أبناؤه الصمم عنه أو عن جدتهم ودفعه خوفه من إنجاب أطفال صم إلى الابتعاد عن زواج الأقارب فتزوج من امرأة من خارج العائلة.

وبعد تخرجه، قرر الانضمام إلى إحدى الجمعيات الأهلية التى تهتم بشئون الصم ليتمكن من مساعدتهم بكافة الطرق، وكانت المساعدات تقتصر على استخراج بطاقة شخصية أو تقديم إعانات أو مساعدات مالية بينما كان طموحه يتعدى ذلك بمراحل حيث كان يتمنى أن يخترق مجال تعليم الصم ليطوره "الأصم يقضى 14 سنة فى مدارس الصم ويتخرج "بصمجى".

قرر سامى إنشاء جمعية أصداء لرعاية المعاقين سمعيا، والتى نجح فى تأسيسها بأموال الصم أنفسهم وبدأ فى التفكير فى تطوير تعليم الصم ومحو أميتهم من خلال مشروع لتأهيل مدرسين لمحو أمية الصم فى اللغة العربية، مهمة شاقة ما بين تدريب المدرسين على لغة الإشارة وتدريبهم على المنهج الجديد الذى يتم تدريسه بالتعاون مع الهيئة العامة لتعليم الكبار. ولم يكتف بذلك حيث قرر أن يعلم الصم الحاسب الآلى من خلال إعداد منهج خاص لتعليم الكمبيوتر للصم باستخدام لغة الإشارة.

ونجح فى إلحاق مجموعة من الشباب الصم بمنحة وزارة الاتصالات للحصول على الرخصة الدولية لقيادة الحاسب الآلى ICDL بمنهج مبتكر بلغة الإشارة واجتياز الاختبارات باللغة الإنجليزية.

كان سامى يتمنى أن يشارك فى العديد من المسابقات على المستوى الدولى، إلا أنه كان يسأل على استحياء إذا كانت هناك إمكانية فى اشتراك الصم فى مثل هذه المسابقات، إلا أنه قرر أن يخوض المغامرة ويشارك فى عدد من المسابقات الدولية للروبوت، والتى قرر أن يعد أطفال الجمعية قبلها بفترة كافية ليندهش من النتيجة، حيث حصل شباب الجمعية على المركز الثالث فى مسابقة الروبوت التى نظمت على مستوى مصر ليشاركوا بعدها فى المسابقة العربية للروبوت فى الأردن والمسابقة الآسيوية للروبوت فى اليابان.

وصل سامى نجيب بأبناء الجمعية من الصم إلى أكثر مما كان يحلم إلا أن جعبة أحلامه لم تفرغ بعد حتى بعد أن حصل ثمانية من أبناء الجمعية على منحة فولبرايد الأمريكية والتى تمنح الصم فرصة لدراسة التسويق وتصميم المواقع وإدارة الشركات السياحية والتبريد والتفصيل فى إحدى جامعات الولايات المتحدة الأمريكية حيث يلتحقون بدورة فى اللغة الانجليزية لمدة 8 شهور تمهيدا للسفر ويخطط سامى لإنشاء المعهد العالى للصم فى مجال الحاسب الآلى والفنون التطبيقية والمحاسبة المالية والسياحة والفنادق بعد عودة أبناء الجمعية من الخارج ليكونوا النواة الأولى التى يبنى عليها أساسات المعهد.

حصل سامى على عضوية مؤسسة أشوكا العالمية باعتباره مبدعا اجتماعيا لارتقائه بالصم وإكسابهم مهارات التعايش والتواصل والاستقلال الاقتصادى والثقة بالنفس، إلا أن سعادته بأبنائه من الصم تفوق أى شعور، آخر حيث أصبح فخورا بهم وأن الجمعية تحولت إلى بيت العيلة لكل الصم.


يمني مختار
نقلا ً عن صحيفة اليوم السابع

mostsharkalnafsi

بقلم د. أحمد مصطفى شلبي [email protected]

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 377 مشاهدة
نشرت فى 18 مارس 2013 بواسطة mostsharkalnafsi

ساحة النقاش

د.أحمد مصطفى شلبي

mostsharkalnafsi
• حصل علي الماجستير من قسم الصحة النفسية بكلية التربية جامعة عين شمس في مجال الإرشاد الأسري والنمو الإنساني ثم على دكتوراه الفلسفة في التربية تخصص صحة نفسية في مجال الإرشاد و التوجيه النفسي و تعديل السلوك . • عمل محاضراً بكلية التربية النوعية و المعهد العالي للخدمة الاجتماعية . »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

329,686