نلمس هذه الأيام اهتماما متزايدا بقضايا أصحاب الإعاقة سواء على المستوى العالمي أو الإقليمي ، وأنتهز فرصة اليوم العالمي للمعاق لأطرح عليك عشرة مطالب تجيش بها صدور المعاقين ويتم تداولها داخل أروقة المؤسسات والجمعيات المعنية بهم، وتوصينا بها الدراسات والبحوث في هذا المجال حتى نسعى جميعا متعاونين إلى تفعيلها وتحقيقها بما يحقق الخير لأصحاب الإعاقة أنفسهم ولأسرهم ومجتمعاتهم ، بل وللبشرية جمعاء والتي هم جزء أصيل منها
ورافد أساسي من روافد ازدهارها وتقدمها،
وهذه الأهداف أو المطالب هي:
1- في أسلوب الخطاب : نرجو عدم استخدام ألفاظ جارحة أو محبطة مثل: (العاجز، التعبان، المشوه...الخ) وإنما استخدام ألفاظ عادية لا تحدث شروخاً أو ظلالا نفسية سيئة مثل، الفئات الخاصة، أصحاب الظروف الخاصة، أصحاب الإرادة...الخ)
2- الرسالة المصاحبة : لا يقبل أي صاحب إعاقة أن تقدم له خدمة مهما كانت أهميتها مصحوبة بنظرات أو سلوكيات تستثير أحاسيس الدونية أوالقلة من قبل مقدم الخدمة ، وأنت لا تقبل أن يتعامل معك أحد بهذه الطريقة، والناس بصفة عامة لديهم قدرات بها قصور وأخرى متوسطة وأخرى متفوقة ، وكل منا لديه احتياجات خاصة ؛ وإذن فأنا مختلف نعم لكني لست أقل.
3- تيسير الإجراءات والتعقيدات: فالإعاقة الحقيقية ليست في فقد عين أو أذن أو ساق، وإنما هي في العراقيل والمعوقات التي يضعها بعض الناس.
4- مراعاة صاحب الإعاقة:
في بيته، في مدرسته، في الشارع، في المرافق والأماكن العامة،أليس من حق أصحاب الإعاقة أن يكون لهم فقط حمام في كل مرفق أو مكان عام؟
5- نظام تأميني مناسب:
يمكن صاحب الإعاقة من علاج إصابته والتغلب على آثارها والحصول على الأجهزة التعويضية التي لا يستطيع الشخص العادي شراءها، أليس من حقه أن يعيش حياة عادية كغيره؟
6-لا نريد صاحب الإعاقة الحاضر الغائب: فلعلك لاحظت في الكثير من الاحتفالات والمؤتمرات و الندوات حول قضايا أصحاب الإعاقة أنه قد لا يوجد فيها صاحب إعاقة واحد (أو قد يعدون على أصابع اليد) ، وترى من يتصدى للتعبير عنهم وشرح أحاسيسهم أحيانا، أليس من حقه الطبيعي أن يكون متواجدا بنسبة حضور معقولة (الربع أو الثلث مثلا) ويقوم هو بالتعبير عن نفسه وشرح مشكلاته وعرض إبداعاته، فإلى متى سيظل الحاضر الغائب؟
7- وفي الجمعيات والمؤسسات التي ترعاهم : نرجو أن يتم نفس الشيئ داخلها بحيث يكون لهم نسب تمثيل معقولة في مجالس إداراتها ،وصدق الشاعر العربي وهو يقول: لا يدرك الشوق إلا من يكابده ولا الصبابة إلا من يعانيها.
8- لاتصدر علينا حكما مسبقا:
عند التقدم لنيل شهادة او الحصول على دورة أو التقدم لعمل او وظيفة، ولكن جربني كغيري ودربني ولا تجاملني فإن أثبت وجودي وكنت أهلا للوظيفة أو للشهادة فعيني أو امنحها لي وإن لم أثبت وجودي فأنا كغيري ولا استحق العمل بل والوجود.
أما الحكم المسبق بالرفض فهو حكم على تعليمي وقدراتي وإبداعتي بالإعدام والعجز وهذا ظلم لا ترضاه أنت ولا أي نفس.
9- من المبادرات الفردية إلى التشريعات المؤسسية:
وحتى تسير هذه الجهود في طريقها الصحيح فلا بد أن تتحول من منح ومبادرات فردية - مع كل الشكر والتقدير لأصحابها - إلى تشريعات وقوانين مؤسسية حتى تأخذ صفة الاستمرار والاستقرار، وتسيطر عليها روح التكافل والعدالة والمساواة. بعيدا عن المراوغة أو التحايل أو التهميش.
10- وفي أجهزة الإعلام والاتصال:
نطلب أن يتحول النص المكتوب إلى مسموع حتى يستمع إليه الكفيف مثل: (هذا البرنامج يعاد بثه في الأوقات التالية...ولا تقرأ أوقات البث) ، وأيضا من حق الأصم علينا أن يتحول هذا النص إلى لغة الإشارة حتى يتابعه الأصم ويتمكن من أن يعيش حياته بطريقة طبيعية.
هل هذه المطالب مجحفة؟ وأيضا ليست مكلفة ، لكنها تحتاج إلى عزم صادق وتنسيق واعد من كل إنسان فالإعاقة ليس لها حدود ولا شطأن وتستعصي على حواجز الزمان والمكان ، لكن إن تعاونا ونفذنا فستكون الثمرة عظيمة: تستريح ضمائرنا ونحن نؤدي واجبنا ، نعطي هذه الفئات بعض حقوقهم بعد أن طال عليهم زمن الحرمان، نجعلهم فاعلين في الاعتماد على أنفسهم وشركاء في صنع التقدم لمجتمعاتهم بل ولأممهم وعالمهم:
مع أطيب أمنياتنا بالتوفيق وكل عام وأنتم بخير.
بقلم : د.أحمد مصطفى شلبي
ساحة النقاش