نظــــرية التعلم البنائيـــــــة
Learning Structuralism
ازداد الاهتمام فى الآونة الأخيرة بعلوم المستقبل ، ومنها العلوم والرياضيات ، ونتيجة لهذا الإهتمام ازداد الإهتمام بكيفية إكساب التلاميذ العلوم بطريقة وظيفية تساعدهم على تطبيق العلوم فى الحياة ، وظهرت عدة فلسفات حديثة تعد كل منها أساساً لطرق تدريس تستخدم فى العملية التعليمية ، ومن هذه الفلسفات ( الفلسفة البنائية ) والتى يشتق منها عدة طرق تدريسية مختلفة تقوم عليها عدة نماذج تعليمية متنوعة .
ويذكر ( كافالو : 2004 : 1) أن البنائية مبنية على فكرة أن الأشخاص يتعلمون عن طريق تأسيس المعرفة الجديدة بشكل فاعل ، أكثر مما يتعلمونه عن طريق تلقينهم للمعلومات. وبالإضافة إلى هذا، فإن "النظرية البنائية" تؤكد أن الأشخاص يتعلمون بفاعلية معينة عندما يقومون بأنفسهم بتكوين نتائج ذات معنى (مثل برمجيات الحاسوب أو الصور المتحركة أو الروبوتات ) .
و يهتم المتخصصون في التعليم والمهتمون به بتنظير هذا المجال من خلال الإطلاع على أكبر كم من النظريات المعنية به ولكنهم أحيانا يقعون في خطأ منهجي فادح حيث يطلقون على النظريات التي تتناول كيف يجب أن يكون المعلم وما هي الأساليب التي يجب أن يسلكها من أجل تحقيق مستوى أعلى وأسرع في إيصال المعلومات إلى المتعلمين ، يطلقون عليها نظريات التعلم وفي الحقيقة هذا خطأ كبير حيث هناك فارق بين نظريات التعلم وما يقصد هؤلاء فالمسمى الصحيح لما يقصده هؤلاء هو "نظريات التدريس" أما "نظريات التعلم" فهي شيء آخر تماما ، ويوجد فرق بين نظريات التعلم ونظريات التدريس، فنظريات التعلم يهتم بها السيكولوجيون ، وتتناول الطرق التي يتعلم بها الفرد العمليات النفسية في التعليم ، بينما نظريات التدريس فيهتم بها التربويون ، وتتناول الطرق التي يؤثر بها المعلم على المتعلم. والتربويون في حاجة إلى نظرية للتدريس وليس لنظرية تعلم. وكل نظرية تدريس لها أهدافها الأساسية ونظرتها للمتعلم وذلك ما يوفر إتجاه عام للنظرية التدريسية ، وبعض النظريات مثل النظرية البنائية تركز على أن المتعلم هو العنصر الفعال ، والبعض الآخر مثل النظرية السلوكية تظهر المتعلم بطابع المستجيب للمؤثرات. ( العز : 2006 : 1 )
وتعتبر النظرية السلوكية والنظرية البنائية هما أهم نظريتين من النظريات التربوية ويعد "سكنر" أهم علماء النظرية السلوكية بينما يعد "بياجيه" أهم علماء النظرية البنائية ، وقد أفادت كلا النظريتان الباحثين والدارسين السيكولوجيين والتربويين ودفعت الممارسين العمليين إلى السعي للإستفادة منهما في تطوير الآداء التربوي بشكل كبير .
نظرية التعلم البنائية le. Structuralism
تعتبر نظرية التعلم البنائية ( أوالتكوينية ) من أهم النظريات التي أحدثت ثورة عميقة في الأدبيات التربوية الحديثة خصوصاً مع جان بياجيه ، الذي حاول انطلاقا من دراساته المتميزة في علم نفس الطفل النمائي أن يمدنا بعدة مبادئ ومفاهيم معرفية علمية وحديثة طورت الممارسة التربوية . كما أنه طبق النتائج المعرفية لعلم النفس النمائي على مشروعه الأبستيمي (الأبستمولوجيا التكوينية) .
والبنائية مدرسة أسسها العالم النفسى )فيلهيلم فونت ) و التي تعرف علم النفس بأن وظيفته هو تحليل الخبرة الشعورية أو الوعي إلى عناصره اﻷساسية من أجل معرفة العلاقة بين هذه العناصر المختلفة ، أي أن طريقة البحث هذه نفس الطريقة التي يستعملها الكيميائي أو الفيزيائي في فحص ماهية طبيعة مكونات الخبرة الشعورية مثل اﻷحاسيس و المشاعر و الخيالات . وهكذا ركزت المدرسة البنائية على دراسة موضوع الحس و الإدراك في مجالات البصر و الحس ، و من أجل ذلك استعملوا طريقة في البحث و هي الإستبطان و التي تعني التأصل/الملاحظة الذاتية لخبرة الفرد الذاتية .( ويكيبيديا : 2006 :1 )
فالبنائية نظرة تعتبر أن المعرفة لا يمكن أن توجد خارج الفرد ولكنها بناء للواقع وتحدث نتيجة البناء العقلى الإيجابى ، وأن الإدراك ينتج من خلال التفاعل بين المعرفة المسبقة المتراكبة والمعرفة الجديدة ويحدث لها ثبات عن طريق الممارسة ، كما تفترض حدوث توازن وعلاقات بين الأفكار بدلاً من تكوين أفكار جديدة ، أى أن نمو المفاهيم أفضل من تكوين المفهوم .
ولقد تعددت تعريفات البنائية فى الكتابات التربوية ، ويمكن تقسيم هذه التعريفات إلى قسمين رئيسيين هما :ـ ( النجدى وآخران : 2005 : 357 ـ 358 )
· القسم الأول : ينظر إلى البنائية كنظرية فى المعرفة باعتبارها ترى أن كل فرد يبنى المعرفة بنفسه ، وعلى ذلك فالمعرفة يتم بناؤها ولا يتم تلقيها بصورة سلبية ، ووظيفة المعرفة على ذلك تكيفية .
· القسم الثانى : ينظر إلى البنائية كنظرية فى التعلم ، حيث أن التعلم لكى يحدث يحتاج إلى بناء أو إعادة بناء المخططات العقلية للفرد بواسطة عمليات عقلية معينة ، وعلى هذا فالعلم يحدث نتيجة تولد شخصى للمعنى من خلال الخبرات التى يمر بها المتعلم .
ولقد أشار ( أحمد المهدى : 2003 : 1ـ3 ) إلى أن البنائية في رأي كثير من أهل الرأي هي المقابل العربي لمصطلح في الإنجليزية هو Constructivism، ويلتبس هذا المصطلح في أذهان بعض الناس بنظرية أخرى هي البنيوية Structuralism وهي نظرية مغايرة للبنائية في النشأة ، وفي المغزى ، وفي التضمينات والتطبيقات ، والبنائية لفظة جذابة ، تعادل في جاذبيتها ألفاظ أخرى مثل: الحرية، والتحرر، والديمقراطية، والحداثة، وما بعد الحداثة، ونحو ذلك من الكلمات التي يكثر ترديدها؛ لأغراض مختلفة، تجلب لمردديها راحة نفسية، وتوشي بانتمائهم إلى فريق معين من المفكرين ، والنظرية البنائية ليست شعاراً سياسياً على نحو ما نجد في كتابات بعض المسئولين عن التعليم في البلاد العربية حين يقول أحدهم (مثلاً): "التعليم للتمييز والتمييز للجميع"، أو "إن التعليم يعنى صناعة التفوق"، أو "فكر عالمياً ونفذ محلياً " ، وقد دلتني قراءة عينة مما كُتب عن "البنائية" على أنها تمثل نوعاً من المعرفة البينية "Interdisciplinary"، فهي تجسيم جيد وتوحيد متميز لروافد شتى، انبثقت من أنظمة معرفية متنوعة Multidisciplinary من بينها: الفلسفة، وعلم اللغويات، وعلم نفس النمو، وعلم نفس العرفان، والاجتماع، والأنثروبولوجي، وفلسفة العلوم، والبحوث الأمبريقية في تعليم الرياضيات والعلوم واللغات ، ولذا فإن أحــد أعلام الفكــر التربوي في أوروبا ( Renders Duit) يصفها بأنها: "صيغة فكرية حديثة ، وأنها ذات نفع كبير لترشيد البحث التربوي، وتصويب الممارسات التعليمية".
وليس بمستغرب أن تتعدد المصطلحات التي تشير إلى النظرية البنائية ، إذ يشار إليها أحياناً بمصطلح البنائيةConstructivism ، ومصطلح البنائية الاجتماعية Social Constructivism، ومصطلح البنائية النفسية Psychological Constructivism، ومصطلح البنائية الراديكالية Radical Constructivism.
ولعل أقيم ما قيل عن البنائية هو ما تضمنه المجلد السنوى الذي أصدرته أقدم وأرفع منظمة تربوية في أمريكا المعروفة باسم: National Society for the Study of Education (NSSE) ، وقد قيل في هذا المجلد إن للبنائية صورتين مختلفتين هما: البنائية الفردية Individual Constructivism والبنائية الاجتماعية Social Constructivism .
ويشير ( رضا مسعد : 2001 : 25 ) إلى أن أصحاب المعرفة البنائية يرون أن المعرفة رياضية كانت أم غير رياضية ، طرائقية كانت أم مفاهيمية – يتم إكسابها للتلاميذ بشكل أفضل إذا ما أتيح لكل منهم أن يعالجها بنفسه ولنفسه مشيداً بنيته الخاصة للمعرفة والتي غالباً ما تختلف عن تلك التي تقدمها له السلطة الرياضية متمثلة في المعلم والكتاب ، وكما يرى البعض أن الاكتساب الفعال للمعرفة يكون عن طريق إعادة بنائها من الداخل ، لا عن طريق استقبالها من الخارج .
ويترتب على ما سبق ضرورة الاهتمام بالاستراتيجيات البنائية في تدريس الرياضيات ، وهى الاستراتيجيات التي يتيح تتابع إجراءات التدريس فيها للتلميذ أن يعيد بناء المحتوى الرياضي لنفسه وبنفسه ، وأن يكتشف ما بين أشـكال المحتوى من ارتباطات رياضية متنوعة( NCTM , 2000 ) ، فالتلميذ النشط يبنى المعرفة الجديدة اعتماداً على خبرته السابقة ولا يستقبلها بصورة سلبية من الآخرين .
الفرق بين النظرية البنائية والنظرية السلوكية :
كل من هاتين النظريتين تنظر إلى أهداف التعليم ، والخبرات ، وطرائق التدريس من نواح مختلفة. فالنظرية السلوكية تهتم بالسلوك الظاهر للمتعلم . بينما النظرية البنائية تهتم بالعمليات المعرفية الداخلية للمتعلم . لذلك فإن دور كل من المعلم والطالب مختلف في كلا النظريتين. فدور المعلم في السلوكية هو تهيئة بيئة التعلم لتشجيع الطلاب لتعلم السلوك المرغوب ، بينما في البنائية تهيئ بيئة التعلم لتجعل الطالب يبني معرفته بنفسه .
وكذلك إجراءات التقويم تختلف من نظرية إلى أخرى. بعض نظريات التدريس تركز على الإختبارات معيارية المرجع ، والبعض الآخر يركز على الإختبارات محكية المرجع ، أو تستخدم التجارب أو الأسئلة المفتوحة النهائية.( عبد الله المقبل : 2004 : 1 )
وبالتالي فإن الخلاف بينهما كبير حيث تطالب السلوكية المعلم بأن يغرس التصرف والإجراء اللازم للحصول على المعرفة بينما البنائية تطالب المعلم بأن يهيئ البيئة المعرفية اللازمة ويترك الطالب يبني سلوكه بنفسه.
و من الانتقادات الموجهة للنظرية البنائية : ـ
1. الإنسان و هو منفعل لا يستطيع أن يصف الخبرة الشعورية بصورة علمية.
2. الطلاب الذين أجريت عليهم التجارب فى النظرية البنائية كانوا يتدربون على هذه التجارب قبل أن تجري عليهم التجارب . ( ويكيبيديا : 2006 :1 )
إفتراضات النظرية البنائية : ( سامح عزازى : 2004 : 1 )
تقوم النظرية البنائية للمعرفة وعملية التعلم على إفتراضات أساسية من أهمها :ـ
· الإفتراض الأول : الفرد يبني المعرفة ولا يكتسبها بصورة سلبية من الآخرين ، وهذا الإفتراض يشتمل على عدة نقاط هامة تتصل بعملية إكتساب المعرفة وهى :ـ
أ) الفرد يبني المعرفة الخاصة به بنفسه أي أنه يكون نشطاً وفعالا أثناء عملية التعلم ، فالمعنى يتشكل داخل عقل المتعلم نتيجة لتفاعل حواسه في العالم الخارجي .
ب) المفاهيم والأفكار والمبادىء تنتقل من فرد لآخر كما هي ، فالمستقبل لمن يبني لنفسه معنى خاص فتكسبه تلك المعلومات معنى ذاتياً.
وعلى ذلك فإننا لا نستطيع أن نضع الأفكار في عقول التلاميذ بل يجب أن يبنوا المعاني الخاصة بهم .
· الإفتراض الثاني:- إن وظيفة العملية المعرفية هي التكيف مع تنظيم العالم التجريبي وليس إكتشاف الحقيقة المطلقة .فاكتساب المعرفة يتم من خلال التكيف مع الخبرات الجديدة التى نواجهها والمحيطة بنا في البيئة، حيث يستخدم المتعلم أفكاره السابقة في فهم وإستيعاب الخبرات الجديدة ويظل البناء المعرفي للمتعلم متزنا ما دامت الخبرة تتفق مع توقعات المتعلم في ضوء خبراته السابقة حيث يدمج الخبرة الجديدة ضمن المعرفة الموجودة لديه ، أو يقع في حيرة عند حدوث تناقض بين مالديه في البنيــة المعرفية والخبرة الجديدة مما يدفعه لتعديل البناء المعرفي بحيث يستوعب الخبرة الجديدة.
· الإفتراض الثالث:- المعرفة القبليـة للمتعـلم شـرط أساسي لبناء التعلم ذو المعنى . فالخبرة هي المحور الأساسي لمعرفة الفرد ، لذا فالمعنى المتكون لدى المتعلم يتأثر بخبراته السابقة كما يتأثر بالسياق الذي يكتسب فيه هذا المعنى ، فالتلميذ يستخدم معلوماته ومعارفه في بناء المعرفة الجديدة التى يقتنع بها ، والمعلم لا يستطيع أن يدرس المعرفة ويتوقع إستيعابها بواسطة تلاميذه ، ولكن يجب أن يوفق بينها وبين معارف تلاميذه السابقة لتحدث عملية الفهم والاستيعاب.
· الإفتراض الرابع :- النمو المفاهيمي ينتج من خلال التفاوض الأجتماعي مع الآخرين ، فالفرد لا يبني معرفته عن العالم المحيط من خلال أنشطته الذاتية ولكن المعرفة يتم بناؤها من خلال التفاوض الإجتماعي مع الآخرين في بيئة تعاونية فمن خلال مناقشة الفرد لما وصل إليه من معاني مع الآخرين تتعدل هذه المعاني لدى الفرد في ضوء ما يسفر عنه التفاوض بينه وبينهم .
وحدد ميرل وجونز ( Meril & Jones,1996 ) هذه الإفتراضات فيما يلى :ـ
· التعلم البنائى ( Constructed Learning) : ويعنى أن المعرفة تبنى من خلال الخبرة ، والتعلم عملية بنائية .
· التفسير الشخصى ( Personal inter Predation ) : ويعنى أنه لا توجد نتائج واقعية ومشتركة ، والتعلم هو نتاج للتفسير الشخصى للخبرة .
· التعلم عملية نشطة (Active Learning ) : ويعنى أن التعلم عملية نشطة ينمو فيها المعنى على أساس الخبرة .
· التعلم عملية تعاونية ( Co-operative Learning ) : ويعنى أن دور التعلم هو الإرتقاء بالتعاون مع المجالات الأخرى .
· تحديد التعلم ( Learning Situated ) : ويعنى أن التعلم لابد أن يحدث فى بيئة واقعية .
· تكامل الإختبارات ( Testing Integrated ) : ويعنى أن الإختبار لابد أن يكون متكاملاً مع المهمة الموضوعة له وليس نشاطاً قائماً بذاته .
( النجدى وآخران : 2005 : 362 )
المفاهيم المركزية لنظرية التعلم البنائية
هناك مجموعة من المفاهيم الأساسية للنظرية البنائية نوضحها فيما يلى :ـ
· مفهوم التكيف : ويعنى أن التعلم هو تكيف عضوية الفرد مع معطيات وخصائص المحيط المادي والإجتماعي عن طريق استدماجها في مقولات وتحويلات وظيفية ، والتكيف هو غاية عملية الموازنة بين الجهاز العضوي ومختلف حالات الاضطراب واللاانتظام الموضوعية أو المتوقعة والموجودة في الواقع ، وذلك من خلال آليتي الإستيعاب Assimilation والتلاؤم Accommodation ، ويعنى ذلك تغيير في استجابات الذات بعد استيعاب معطيات الموقف أو الموضوع باتجاه تحقيق التوازن ، حيث أن الاستيعاب هو إدماج للموضوع في بنيات الذات ، والملاءمة هي تلاؤم الذات مع معطيات الموضوع الخارجي .
· مفهوم الموازنة والضبط الذاتي : الضبط الذاتي هو نشاط الذات باتجاه تجاوز الإضطراب ، والتوازن هو غاية اتساقه .
· مفهوم السيرورات الاجرائية : إن كل درجات التطور والتجريد في المعرفة وكل أشكال التكيف ، تنمو في تلازم جدلي ، وتتأسس كلها على قاعدة العمليات الإجرائية أي الأنشطة العملية الملموسة.
· مفهوم التمثل والوظيفة الرمزية: التمثل عند بياجيه ما هو سوى الخريطة المعرفية التي يبنيها الفكر عن عالم الناس و الأشياء ، وذلك بواسطة الوظيفة الترميزية ، كاللغة والتقليد المميز واللعب الرمزي...والرمز يتحدد برابط التشابه بين الدال والمدلول ؛ والتمثل هو إعادة بناء الموضوع في الفكر بعد أن يكون غائبا .
· مفهوم خطاطات الفعل : الخطاطة هو نموذج سلوكي منظم يمكن استعماله استعمالا قصديا، وتتناسق الخطاطة مع خطاطات أخرى لتشكل أجزاء للفعل ، ثم أنساقاً جزيئة لسلوك معقد يسمى خطاطة كلية . وإن خطاطات الفعل تشكل ، كتعلم أولي ، ذكاءً عملياً هاماً ، وهو منطلق الفعل العملي الذي يحكم الطورالحسي ـ الحركي من النمو الذهني. ( محمد الصدوق : 2006 : 1)
مبادئ التعلم في النظرية البنائية :
من أهم مبادئ التعلم في النظرية البنائية ما يلى :ـ
· التعلم لاينفصل عن التطور النمائي للعلاقة بين الذات والموضوع .
· التعلم يقترن باشتغال الذات على الموضوع وليس باقتناء معارف عنه .
· الاستدلال شرط لبناء المفهوم ، حيث المفهوم يربط العناصر والأشياء بعضها ببعض والخطاطة تجمع بين ما هو مشترك وبين الأفعال التي تجري في لحظات مختلفة ، وعليه فإن المفهوم لايبنى إلا على أساس استنتاجات استدلالية تستمد مادتها من خطاطات الفعل .
· الخطأ شرط التعلم ، إذ أن الخطأ هو فرصة وموقف من خلال تجاوزه يتم بناء المعرفة التي نعتبرها صحيحة .
· الفهم شرط ضروري للتعلم .
· التعلم يقترن بالتجربة وليس بالتلقين .
· التعلم هو تجاوز ونفي للإضطراب.
الأسس التى تقوم عليها النظرية البنائية :
حددت جامعة فاندربلت الأسس التالية للنظرية البنائية :ـ
· تبنى البنائية على التعلم وليس على التعليم .
· تشجيع وتقبل استقلالية ومبادرة المتعلمين .
· تجعل المتعلمين مبدعين .
· تجعل التعلم عملية .
· تشجع البحث والاستقصاء لدى المتعلمين .
· تؤكد على الدور الناقد للخبرة .
· تؤكد حب الإستطلاع لدى المتعلمين .
· تأخذ النموذج العقلى للمتعلم فى الحسبان .
· تؤكد على الأداء والفهم عند تقييم التعلم .
· تؤسس على مبادئ النظرية المعرفية .
· تعمل على استخدام المصطلحات التالية ( التنبؤ ـ الإبداع ـ التحليل ).
· تأخذ فى الاعتبار كيف يتعلم التلاميذ .
· تشجع المتعلمين على الإشتراك فى المناقشة .
· ترتكز على التعلم التعاونى .
· تضع المتعلمين فى مواقف حقيقية .
· تؤكد على المحتوى الذى يحدث التعلم .
· تأخذ فى الاعتبار معتقدات واتجاهات المتعلمين .
· تزود المتعلمين بالفرص اللازمة لبناء المعرفة والفهم من خلال الخبرات .
ويرى كل من سمردون وبوركام ( Smerdon & Burkam , 1999 , p. 5) أن الاستراتيجية البنائية تقوم على عدة مسلمات منها :ـ ( رضا مسعد : 2001 : 25 )
· أن بناء المعلومة أفضل من تقديمها جاهزة .
· أن معلومات المجموعة أكبر من مجموع معلومات كل فرد على حدة .
· أن التعلم يجب أن يكون إيجابياً وليس سلبياً من جانب التلميذ .
النظرية البنائية في حقل التربية :
يرى ( بياجيه ) أن التعلم هو شكل من أشكال التكيف من حيث هو توازن بين استيعاب الوقائع ضمن نشاط الذات وتلاؤم خطاطات الإستيعاب مع الوقائع والمعطيات التجريبية باستمرار. فالتعلم هو سيرورة استيعاب الوقائع ذهنيا والتلاؤم معها في نفس الوقت . كما أنه وحسب النظرية البنائية مادام الذكاء العملي الإجرائي يسبق عند الطفل الذكاء الصوري ، فإنه لا يمكن بناء المفاهيم والعلاقات والتصورات والمعلومات ومنطق القضايا إلا بعد تفعيل هذه البناءات على أسس الذكاء الإجرائي . وعليه وحسب ما ذكر ( بياجيه ) ، يجب تبني الضوابط التالية في عملنا التربوي والتعليمي :ـ
· جعل المتعلم يكون المفاهيم ويضبط العلاقات بين الظواهر بدل استقبالها عن طريق التلقين .
· جعل المتعلم يكتسب السيرورات الإجرائية للمواضيع قبل بنائها رمزياً.
· جعل المتعلم يضبط بالمحسوس الأجسام والعلاقات الرياضية ، ثم الإنتقال به إلى تجريدها عن طريق الإستدلال الإستنباطي.
· يجب تنمية السيرورات الإستدلالية الفرضية الإستنباطية الرياضية بشكل يوازي تطور المراحل النمائية لسنوات التمدرس .
· إكساب المتعلم مناهج وطرائق التعامل مع المشكلات و اتجاه المعرفة الإستكشافية بدل الإستظهار.
· تدريبه على التعامل مع الخطأ كخطوة في اتجاه المعرفة الصحيحة .
· اكتساب المتعلم الاقتناع بأهمية التكوين الذاتي. ( محمد الصدوق : 2006 : 1 )
ويشير ( رضا مسعد : 2001 : 26 ) إلى أن تطبيق البنائية في مجال التعليم والتعلم يتطلب أن يوفر المعلم بيئة التعليم المناسبة من حيث توفير خبرات تعليمية لعمليات بناء المعرفة ، توفير خبرات من وجهات نظر متعددة ، جعل التعلم واقعي ذو مضمون يسهل تطبيقه في الحياة ، إعطاء المتعلم دوراً في عملية التعلم ، وضع المتعلم في خبرات اجتماعية ، تشجيع المتعلم على التعبير عن أفكاره بطرق متعددة ، وإعطاء المتعلم ثقة في قدرته على بناء المعرفة .
وبالنسبة للمتعلم أكد بركنز ( Perkins , 1999 , p. 12 ) على ثلاثة أدوار رئيسة ومتميزة يجب أن يقوم بها المتعلم أثناء التعلم البنائى ، وهذه الأدوار هي أن المتعلم نشط أثناء عملية التعلم ، اجتماعي لا يعيش بمفرده يبنى المعرفة من خلال وسط اجتماعي يساعده، ومبدع خاصة إذا هُيئت له الظروف المساعدة على الإبداع واكتشاف العلاقات وبناء المعرفة بنفسه .
ويتطلب التعلم البنائى امتلاك المتعلم لمهارات التفكير الأساسية كي يستطيع طرح تساؤلاته ويحاول البحث عن إجابات لها وإجراء تكامل بين المعلومات المختلفة للحصول على فهم أعمق لها ، وتعتبر معرفة الطلاب للإجابة الصحيحة لأي مشكلة رياضية عملاً مهماً ، ولكن الأهم من هذا العمل هو فهم أسباب صحة هذه الإجابة ومبرراتها .
والتعلم البنائى يعتمد بدرجة أساسية على الفهم . فالطلاب القادرون على الفهم يستفيدون من الأنواع المناسبة من الخبرات التي يوفرها لهم المعلم ، والتي تمكنهم من تقييم تفكيرهم وتفكير الآخرين، ويساعدهم ذلك بدرجة كبيرة على بناء معرفتهم بأنفسهم .
كيف يمكن توظيف هذه النظرية في تعلم الطلاب ؟
مما سبق نجد أن النظرية البنائية بما تحوية من فلسفة تربوية تقدم تعلماً أفضل وحبذا تطبيقها في العلومالمختلفة الانسانية والتطبيقية والرياضية ، وهذا يحتم علينا كمعلمين عدم التسرع وتقديم المعلومات للطلاب على أطباق من ذهب أو فضة بل يجب تكليفهم بعمل ما للحصول على المعلومة مثل البحث عنها في مصادر المعلومات المختلفة المتوفرة – المكتبة ،البيت ،الانترنت إلخ ، وعمل البحوث العلمية المناسبة لسنهم ، ورفع مهاراتهم في مجال الاتصال بالآخرين بشتى أشكاله التقليدية اللفظية اللغوية والالكترونية لتبادل المعلومات والخبرات وتوفير بيئة ثرية بالمعلومات ومصادرها و العمل على إيجاد قدراً من الدافعية لضمان استمرار الطلاب في العمل مع مراعاة مناسبة شتى الأنشطة لعمرالطلاب واستعدادتهم الذهنية والعضلية.
نماذج واستراتيجيات النظرية البنائية فى تعلم العلوم :
نظراً لما تتضمنه الفلسفة البنائية من نظريات عديدة فى تعليم وتعلم العلوم فقد نتج عنها العديد من النماذج التى تقوم على الدور النشط للمتعلم ، ومن هذه النماذج :
· النموذج التعليمى التعلمى .
· النموذج الواقعى .
· نموذج جون زاهوريك .
· نموذج بايبى .
· نموذج ويتلى .
· نموذج سوشمان .
· النموذج التعليمى المعرفى .
ونظراً لأن التدريس البنائى يسعى إلى خلق بيئة تعليمية تفاعلية ومتحدية لأفكار التلاميذ فقد ظهر اهتمام عالمى بتطبيق الممارسات البنائية فى تعليم وتعلم العلوم ، كما تعددت وتنوعت الاستراتيجيات التدريسية القائمة على النظرية البنائية لأن النظرية البنائية لم تقدم استراتيجيات تدريسية معينة ولكنها قدمت معايير للتدريس الفعال ، ومن أهم الإستراتيجيات التى تقوم على الفلسفة البنائية ما يلى :
· استراتيجية دورة التعلم لكاربلس .
· استراتيجية التدريس بخرائط الشكل V .
· استراتيجية ياجر .
· استراتيجية التغير المفاهيمى .
· استراتيجية التعلم التوليدى .
· استراتيجية بيركنز وبلايث .
· استراتيجية وودز . ( أحمد النجدى وآخران : 2005 : 411 ـ 469 )
وفيما يلى سنعرض لنموذج للتعلم البنائى وأهم خصائصه وخطواته .
نموذج التعلم البنائي*:
ورد هذا النموذج بأسماء مختلفة في العديد من الدراسات (Carin, 1993; yager, 1991)، منها: نموذج التعلم البنائي (The Constructivist Learning Model) وقد استخدم هذا المصطلح Yager (1991)، أو نموذج المنحى البنائي في التعليم الذي يوجه التعلم (The Constructivist Oriented Instructional Model to Guide Learning (The Teaching Model)) وقد تبنت هذا المصطلحSusan Loucks-Horsley et,al (1990) التي طورت في النموذج ليصبح بالشكل الحالي.
يؤكد نموذج التعلم البنائي على ربط العلم بالثقافة والمجتمع، ويسعى إلى مساعدة التلاميذ على بناء مفاهيمهم العلمية ومعارفهم من خلال أربع مراحل مستخلصة من مراحل دورة التعلم الثلاث (استكشاف المفهوم، استخلاص المفهوم، تطبيق المفهوم)، وهذه الأربع مراحل هي: مرحلة الدعوة، ومرحلة الاستكشاف، ومرحلة اقتراح التفسيرات والحلول، ومرحلة اتخاذ القرار، ولكل منها جانبان العلم والثقافة.
* أنظر :( على الغافرى : 2006 : 1 ) ، ( النجدى وآخران : 2005 : 294 ـ 295 )
واعتمدت مراحل نموذج التعلم البنائي على الفلسفة البنائية في بناء المتعلم لمفاهيمه العلمية من خلال العمليات العقلية، كما اعتمدت على الطرق التي يتعلمها المتخصصون ويعملون بها في العلم والثقافة.
وتسير هذه المراحل بشكل متتابع في خطة سير الدرس، فهي تبدأ بالدعوة وتنتهي باتخاذ القرار، كما أنها تعتبر متداخلة ومتكاملة مع بعضها البعض ومع العلم والثقافة وتتفاعل معهما من خلال الإستقصاء وحل المشكلات، ناهيك على أنها تسير عملية التعلم فيها بطريقة دينامكية ودورانية، لذا فإن خطة سير الدرس تتوقف على الموقف التعليمي التعلمي فإذا ما جد جديد ـ كظهور مهارة جديدة ـ سيؤدي إلى دعوة جديدة ومن ثم إلى استمرارية الدورة.
ساحة النقاش