روعة الإحساس

كنا نسير للأمام أو هكذا كنا نظن فنظرنا نكتشف ما قطعناه وجدنا أنفسنا نسير للخلف وفقدنا ما إحتويناه

 

هذا بن فاطمة إن كنت جاهله

العرب تعرفه والعجم

هذا خير خلق الله كلهم

الامام الحسن عليه السلام

أهل البيت هم فروع النبوة والرسالة، وينابيع الحكمة والبسالة، الذين حياهم الروح الأمين، وحلاّهم الكتاب المبين، لولاهُم ما عُبد الله، ولا عُهد الإيمان، وعُقد الأمان قال الله تعالى : إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (1) - وعن أنس بن مالك، أنّ رسول الله () كان يمرّ بباب فاطمة () سبعة أشهر إذا خرج لصلاة الفجر يقول: ()الصلاة يا أهل البيت إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً0 (2) - قالت عائشة خرج النبي () غداة وعليه مِرْط مُرَحَّلٌ من شعر أسود، فجاء الحسن بن عليّ فأدخله، ثم جاء الحسين فدخل معه، ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاء عليّ فأدخله، ثم قال: "إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً "(3) (1)سورة الأحزاب : الآية 33. (2) المستدرك على الصحيحين (3) صحيح مسلم: ج 5 ص 37؛ سنن الترمذي: ج 5 ص 663 - وعن أنس بن مالك قال: سُئل رسول الله () أي أهل بيتك أحبّ إليك؟ قال: ()الحسن والحسين()، وكان يقول لفاطمةSad)ادعي ابني فيشمّهما ويضمّهما إليه(1 ) - عن جابر بن عبد الله قال: رأيت رسول الله () في حَجَّته يوم عرفة وهو على ناقته القصواء يخطب، فسمعته يقول: يا أيّها الناس إني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلُّوا: كتاب الله، و عترتي أهل بيتي (2) - قال النبي (): إنّ لكلّ نبيّ أب عصبة ينتمون إليها، إلاّ ولد فاطمة فأنا وليُّهم، وأنا عصبتُهم، وهم عترتي،خُلِقوا من طينتي، ويل للمكذّبين بفضلهم، من أحبَّهم أَحبهُ الله، ومن أبغضَهُم أبغضَهُ الله (3) - قال النبي (): إنّ لكلّ نبيّ أب عصبة ينتمون إليها، إلاّ ولد فاطمة فأنا وليُّهم، وأنا عصبتُهم، وهم عترتي،خُلِقوا من طينتي، ويل للمكذّبين بفضلهم، من أحبَّهم أَحبهُ الله، ومن أبغضَهُم أبغضَهُ الله)4 ) (1 ) سنن الترمذي: ج 5 ص 657 (2) سنن الترمذي:ج 5 ص 662 (3) كنز العمال ج12 ص98 (4) كنز العمال ج12 ص98 سبط رسول الله وريحانته الإمام الحسن بن علي رضي الله عنه وأرضاه عندما نتأمل شخصية الإمام الحسن في التاريخ نراها شخصية متميزة سواء في أخلاقه أو أفعاله أو أقواله أو صمته أو مواقفه،فهو و أخيه الإمام الحسين سيدا شباب أهل الجنة وهو أحد اثنين أنحصر فيهما سلالة الرسول الخاتم وهو أحد الأربعة الذي بآهل بهم النبي نصارى نجران ومن أهل الطهر اللذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا وأمرنا الله أمر ألزم وطاعة بمودتهم وله الكثيرمن الفضائل بينها الرسول - كل ذلك يدفعنا إلى تأمّلات ثاقبة من خلال مواقفه العطرة وحياته الزكية التي تؤكد علمه الوافر فهو بحر فياض من المُثل والأخلاق المحمدية وفضاء مفتوح من الشريعة السمحة فهو بمنة الله لنا بلسم للقلوب،ننهل منه فى كل الدروب وبدورنا نقدم هذه اللمحات بكلمات متواضعة عن حياة الإمام الحسن التقى ابن الإمام على لكي تكون مثلاً يُحتذى ومنهاجاً يُقتدى به - أخرج المحب الطبري في ذخائر العقبى ؛ عَنْ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ وَسَلَّمَ لِلْحَسَنِ : (هَذَا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ وَهُوَ يَحْرُمُ عَلَيْهِ مَا يَحْرُمُ عَلَيَّ)(1). - أخرج الترمذي في الجامع الصحيح ؛ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نُعْمٍ ؛ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ : "الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ "(2) ولادته و نشأته : - في اليوم الخامس عشر من شهر رمضان المبارك من السنة الثالثة من الهجرة ، أعلن البيت النبويّ نبأ ميلاد السبط الأول ، وزُفّت البُشرى إلى المصطفى () فنظر إلى السماء فإذ بالوحي يتنزل ويقول : ( إن اسم ابن هارون - خليفة موسى كان شبَّراً .. وعلي منك بمنزلة هارون من موسى فسمِّه حَسَناً ) ، حيث أولاد هارون هم شبرً وشبيرً و مشبرً ومرادفاتهم بالعربية حسنً وحسينً ومحسنً , وعق عنه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بكبشين يوم السابع، وحلق رأسه وأمر أن (1) المحب الطبري في ذخائر العقبى ص133 / المتقي الهندي في كنز العمال (2 ) (رواه البخاري و انظر"الإصابة" لابن حجر ص (274)، وانظر"الاستيعاب" ص(179) و "سير أعلام النبلاء" (3/246). يتصدق بزنة شعره فضة ، وطـلاه بالخلوق ( نوع من الطيب)، ثمّ أمر بختنه فخُتِن . - ويأخذه الرسول ذات يوم وقد حضرت عنده لبابة - أم الفضل - زوجة العباس بن عبد المطلب عمِّ النبيِّ () فيقول لها : رأيتِ رؤيا في أمري .. فتقول : نعم يا رسول اللـه .. فيقول () : قُصِّيها . فتقول : رأيت كأن قطعة من جسمك وقع في حضني . فناولها الرسول () الرضيع الكريم ، وهو يبتسم ويقول : نعم هذا تأويل رؤياك . إنه بضعة مني . وهكذا أصبحت أم الفضل مرضعة الحسن () - فتح سيدنا الحسن عينيه وتربى في أحضان جدّه المصطفي () وأبيه علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وأمه السيدة فاطمة الزهراء ، وكان سيدنا محمد يحب حفيده الأمام الحسن ويقول إنه ريحانتي من الدنيا وطالما رآه المسلمون يحمل سيدنا الحسن على عاتقه ويقول إن ابني هذا سيدّ ولعل الله يُصلح به بين فئتين من المسلمين ثم يدعو الله قائلاً اللهم إني أحبه فأحبه وأحب من يحبه وكان سيدنا محمد يردد دائماً الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة . أخرج الطبراني في المعجم الكبير ؛ عَنْ إِسْحَاقِ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ ؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : أَشْهَدُ لَخَرْجَنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ حَتَّى إِذَا كُنَّـا بِبَعْضَ الطَّرِيقِ سَمِعَ رَسُولُ اللهِ صَوْتَ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَهُمَا يَبْكِيَانِ مَعَ أُمِّهِمَا ، فَأَسْرَعَ السَّيْرَ حَتَّى أَتَاهُمَا فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : مَا شَأْنُ ابْنَـيَّ ؟ فَقَالَتْ : العَطَشُ ، قَالَ : فَأَخْلَفَ (1) رَسُولُ اللهِ إِلَى شَنَّـةٍ (2) يَتَوَضَّـأُ بِهَا فِيهَا مَاءٌ وَكَانَ الْمَاءُ يَوْمَئِذٍ أَغْدَاراً (3) ، وَالنَّاسُ يُرِيدُونَ الْمَاءَ ، فَنَادَى :- هَلْ أَحَدٌ مِنْكُمْ مَعَهُ مَاءٌ ؟ ، فَلَمْ يَجِدْ مَعَ أَحَدٍ مِنْهُمْ قَطْرَةً ، فَقَالَ :- نَاوِلِينِي أَحَدَهُمَا 0، فَنَاوَلَتْهُ إِيَّاهُ مِنْ تَحْتِ الْخِدْرِ ، فَأَخَذَهُ فَضَمَّـهُ إِلَى صَدْرِهِ وَهُوَ يَضْغُو (4) مَا يَسْكُتُ ، فَأَدْلَعَ (5) لَهُ لِسَانَهُ ، فَجَعَلَ يَمُصَّـهُ حَتَّى هَدَأَ وَسَكَنَ ، وَفَعَلَ بِالآخَرِ كَذِلَكَ (6). (1) أخلف : يقال : أخلف الرجل لأهله : أي استقى لهم ماءً (2) الشنَّـة : السقاء الخلق وهو أشدّ تبريداً من الجديد (3) أغداراً : أي عزيز الوجود . (4) يضغـو : أي يصيح . (5) فأدلع : أي فأخرج . (6) الطبراني في المعجم الكبير ج3ص50ح2656 الهيثمي في مجمع الزوائد ج9ص180 نسبه الشريف :- أبوه: وهو الإمام علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك، القرشي، أبو الحسن، هو نسب النبي أمه: هي السيدة فاطمة بنت رسول الله رضي الله عنها كانت من أحب الناس إلى رسول الله وأشبههم به. - فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: ما رأيتُ أحداً أشبه سمتاً، ودلاً، وهدياً برسول الله من ابنته فاطمة في قيامها وقعودها، وكانت إذا دخلت عليه قام إليها فقبّلها، وأجلسها في مجلسه (1) .............................

(1)( رواه أبو داود كتاب الأدب؛ باب في القيام برقم (5217) والترمذي كتاب "المناقب" باب ما جاء في فضل فاطمة رضي الله عنها برقم (3872)، والحديث صححه الألباني في "صحيح الترمذي ) أخرج مسلم في صحيحه ؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ Sadهَذَانِ ابْنَايَ وَابْنَا ابْنَتِي ، اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُمَا فَأَحِبَّهُمَا وَأَحِبَّ مَنْ يُحِبَّهُمَا وَأَبْغِضَ مَنْ يُبْغِضْهُمَا ) (1) كنيته وألقابه:- وكنّاه النبي : ( أبا محمّد ) ، ولا كنية له غيرها أخرج ابن الأثير في أسد الغابة فِي تَرْجَمَةِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ - قَال : قَالَ أَبُو أَحْمَدِ العَسْكَرِيُّ : سَمَّاهُ النَّبِيُّ الْحَسَنَ ، وَكَنَّـاهُ أَبَا مُحَمَّدٍ ، وَلَمْ يَكُنْ يُعْرَفُ هَذَا الاسْمُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ (2). أمّا ألقابه فهي Sadالسبط ،الزكي،المجتبى، السيّد،التقى ) ....

(1) مسلم في صحيحه // ابن أبي شيبة في مصنفه // أبو داود الطيالسي في مسنده // النسائي في صحيحه // ابن حبان في سننه عن أسامة بن زيد 0 (2) ابن الأثير في أسد الغابة ج2ص11رقم1165 و ص19رقم1173. صفته و ملامحه:- كان الإمام الحسن أشبه الناس بالنبي ، ففي صحيح البخاري عن عقبة بن الحارث قال: صلى بنا أبو بكر العصر، ثم خرج فرأى الأمام الحسن بن علي رضي الله عنهما، فأخذه فحمله على عنقه وهو يقول: بأبي شبيه بالنبي: ليس شبيهاً بعلي، وعلي يضحك(1) وعن أبي جحيفة قال: رأيتُ رسول الله وكان سيدنا الحسن بن الامام علي يشبهه(2) وكان وسيماً جميلاً (3)وكان يضرب شعره منكبيه (4) (1)صحيح البخاري كتاب فضائل أصحاب النبي باب مناقب الحسن والحسين ) (2)انظر "الإصابة في تمييز الصحابة" للحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ص(274) ط بيت الأفكار الدولية عمان (3)"سير أعلام النبلاء" (3/253) بتصرف. (4) رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (2530)، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (8836) فيه محتسب أبو عائذ وهو لين وشيخه شجاع لم أعرفه وبقية رجاله ثقات . والحديث جاء في "البخاري" (5563)، ومسلم (2338) عن أنس في وصف شعر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقد وصفه أحمد بن محمد بن أيوب المغيري فقال: كان الامام الحسن بن علي بن أبي طالب: أبيض مشرباً بحمرة، أدعج(1) العينين، سهل الخدين، دقيق المسربة (2)، كث اللحية، ذا وفرة، وكأنّ عنقه إبريق فضة، عظيم الكراديس(3) بعيد ما بين المنكبين، ربعة ليس بطويل ولا قصير، مليحاً. من أحسن الناس وجهاً وكان يخضب بالسواد وكان جعد(4) الشعر حسن البدن . ذكره الدولابى و غيره أخرج الترمذي في صحيحه ؛ عَنْ هَانِي بْنِ هَانِي ؛ عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : الْحَسَنُ أَشْبَهُ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مَا بَيْنَ الصَّدْرِ إِلَى الرَّأْسِ ، وَالْحُسَيْنُ أَشْبَهُ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مَا كَانَ أَسْفَلُ مِنْ ذَلِكَ (5). ................

(1) أدعج: شديد سواد العينين مع سعتها . (2) المسربة: شعر دقيق من الصدر إلى السرة . (3) الكراديس: جمع كردوس وهي رءوس العظام . (4) جعد الشعر: مموج الشعر (5) الترمذي في صحيحه ج5ص618ح6779 // أحمد بن حنبل في مسنده ج1ص159ح779 و ص174ح856 // ابن عبد البر القرطبي في الاستيعاب ج1ص369 // ابن عساكر في تأريخ دمشق ص33ح60و61 ترجمة الإمام الحسين (ع) // أبو داود الطيالسي في مسنده ج1ص19و20 // ابن حجر العسقلاني في تهذيب التهذيب ج2ص257رقم528 . أولاده رضي الله عنه: من أولاده ( ): الحسن المعروف بالحسن المثنى، وزيد، وطلحة و القاسم وأبو بكر، وعبدالله. وقد قتل هؤلاء مع عمهم الحسين الشهيد. وعمرو وعبد الرحمن، والحسين، ويعقوب، وإسماعيل، وحمزة،وجعفر وعقيل، وأم الحسين من زوجاته : تزوج () من أم إسحاق بنت طلحة وهند بنت سهيل وخولة بنت منظور وجعده بنت الأشعث مكانته الرفيعة ( ): أخرج القندوزي الحنفي في ينابيع المودة : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عن الحسن : هو سيد شباب أهل الجنة وحجة الله على الأمة أمره أمري وقوله قولي من تبعه فإنه مني ومن عصاه فإنه ليس مني (1). .........................

(1) القندوزي الحنفي في ينابيع المودة // الحمويني فرائد السمطين . أخرج مسلم في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ للحسن : اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُ فَأَحِبَّهُ وَأَحِبَّ مَنْ يُحِبَّـهُ (1). روى الترمذي ، عن ابن عباس أ نّه قال : كان رسول الله () حاملاً الحسن ابن عليّ ()فقال رجل : نِعْمَ المركب ركبتَ يا غلام ، فقال النبيّ(): ونِعْمَ الرّاكب هو(2) أخرج البخاري في صحيحه ؛ عَنْ ابْنِ عُمَرٍ ؛ عَنْ أَبِيهِ عُمَرِ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (( الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ رَيْحَانَتَايَ مِنَ الدُّنْيَـا ))(3). وعن الغزالي في الإحياء ،أنّ النبيّ قال للحسن :- «أشبهتَ خلقي وخلقي » . - هذا قطر من فيض ، ومَن شاء الاستزادة ، فليُراجع مسند أحمد بن حنبل ، وتذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي وغيرها 0 ............

(1) مسلم في صحيحه ج5ص35 ح 56-59 . (2) الترمذي في صحيحه. (3) البخاري في صحيحه ج5ص2234ح5648 و ج3ص1373ح3543 أثر التربية النبوية في نشأة الإمام الحسن إنّ للبيئة والنشأة أثراً وأي أثر على التربية، فالبيئة الصالحة لا تُخرج إلا صالحاً والنشأة الطيبة لا تأتي إلا بطيب.وإذا كان الأمر كذلك فأي بيئة أفضل من تلك البيئة التي ترعرع فيها الإمام الحسن؟ وأي نشأة أزكى من تلك التي نشأها الإمام الحسن؟ وأي أسرة أطهر وأنقى وأشرف من التي تربى فيها الإمام الحسن؟ فجده هو رسول الله وأمه هي السيدة فاطمة الزهراء سيدة نساء أهل الجنة وهي العفيفة الشريفة الطاهرة المطهَّرة حبيبة أبيها وقرة عينه ، وأبوه هو الليث ورابع الخلفاء الراشدين علي بن أبي طالب عليه من الله الرضوان فهذا هو بيت الإمام الحسن الذي تربى فيه بيتٌ أذهب الله الرجس عن أهله وطهرهم تطهيراً. - وعن جابر بن عبد الله الأنصاري عن السيدة فاطمة الزهراء (رضي الله عنها ): « قالت:... فقال الله عز وجل: يا ملائكتي ويا سُكانَ سماواتي إنِّي ما خلقتُ سماءً مَبنْيَّةً ولا أرضاً مَدْحِيَّةً ولا قَمَراً مُنيراً ولا شَمْساً مُضيئةً ولا فَلَكاً يَدُور ولا بَحْراً يَجْري وَلا فُلْكاً يَسْري إلاَّ في مَحَبَّةِ هؤلاءِ الخَمْسَةِ الذين هُمْ تحت الكِساءِ. فَقَال الأمينُ جَبرائيل: يا رَبِّ وَمَنْ تحت الكِساء؟ فقال عَزَّ وَجَلَّ: هم أهلُ بيتِ النبوَّةِ وَمَعْدِنُ الرِّسالةِ، هُمْ فاطمةُ وأَبوها وَبَعْلُها وَبَنُوها (1) - فإذاً كانت تلك هي الصورة من خارج بيت النبوة، فتعالوا بنا ننظر من الداخل لتكون الصورة أوضح وأجمل، تعالوا بنا لنقف على أعتاب بيت النبوة لنرى مدى الحب والعطف والحنان الذي شربه الإمام الحسن من جده لكي نعلم بيقين كيف تكون التربية ؟ وكيف يؤثر هذا الحب في بناء الشخصية ؟ تعالوا لنتعلم ونُعّلم العالم أجمع أنّ أسس التربية ومناهجها إنّما هي عندنا نحن المسلمون. لقد كانت كلمات التوحيد التي صدح بها رسول الله هي أول ما يستمع إليها الإمام الحسن فلقد أذن رسول الله في أُذن الإمام الحسن يوم مولده.وحنّكه بتمرات فخالط الأذان روح الحسن وخالط ريق النبي ريق الإمام الحسن .............

(1) ( ينابيع المودة: ص 125 ) فأنعِمْ بريق النبي من ريق وأنعِمْ بأذان النبي من أذان يا ابن بنت رسول الله (1)0 أخرج الحاكم في المستدرك عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ :- كُنَّا نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللهِ العِشَاءَ فَكَانَ يُصَلِّي فَإِذَا سَجَدَ وَثَبَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ عَلَيْهِمَا رضوان الله عَلَى ظَهْرِهِ ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ أَخَذَهُمَا فَوَضَعْهُمَا وَضْعاً رَفِيقاً ، فَإِذَا عَادَ عَادَا ، فَلَمَّا صَلَّى جَعَلَ وَاحِداً هَا هُنَا وَوَاحِداً هَا هُنَا ، فَجِئْتُهُ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ أَلاَ أَذْهَبُ بِهِمَا إِلَى أُمِّهِمَا ؟، قَالَ : (( لاَ ))، فَبَرَقَتْ بَرْقَةٌ فَقَالَ : - (( الْحَقَا بِأُمِّكُمَا ))، فَمَا زَالاَ يَمْشِيَانِ فِي ضَوْئِهَا حَتَّى دَخَلاَ (2). ...............

(1) الحديث الذي يدل على أذان النبي صلى الله عليه وآله وسلم في أذن الحسن رواه أبو داود كتاب الأدب باب في المولود يؤذن في أذنه برقم (5105) والترمذي كتاب الأضاحي باب الأذان في أذن المولود برقم (1514) والحديث صححه الألباني في إرواء الغليل (2) الحاكم في المستدرك ج3ص183ح4781 وقال : هذا حديث صحيح الإسناد //أحمد بن حنبل في مسنده ج3ص315ح10281 بطريقين // المتقي الهندي في كنز العمال ج7ص109 بطريقين وقال : أخرجهما ابن عساكر // الهيثمي في مجمع الزوائد ج9ص181 أخرج ابن الأثير في أسد الغابة ؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : كَانَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ عَلَيْهِمَا رضوان الله يَصْطَرِعَانِ بَيْنَ يَدَيِّ رَسُولِ اللهِ وَرَسُولُ اللهِ يَقُولُ : (( هَيَّ (1) حَسَنٌ )). قَالَتْ السيدة فَاطِمَةٌ عَلَيْهَا السَّلاَمُ : لِمَ تَقُولُ هَيَّ حَسَنٌ ؟، قَالَ : (( إِنَّ جِبْرِيلَ يَقُولُ : هَيَّ حُسَيْنٌ ))(2). وانظر إلى هذا الحب وتلك الرعاية للحسنان فعن بريدة قال: كان النبي يخطب إذ جاء الحسن والحسين عليهما قميصان أحمران يمشيان ويتعثران به فنزل من المنبر فحملهما ووضعهما بين يديه ثم قال: رأيتُ هذين فلم أصبر ثم تابعا الخطبة ومن هنا سنة الخطبة الثانية لخطبة الجمعة (3) ...............

(1) هـيَّ : يقال : هيه بزيادة هاء السكت في آخرها ، كلمة تقال عند الاستزادة وأصلها إيه بالهمزة أبدلت هاء. (2) ابن الأثير في أسد الغابة ج2ص20رقم1173 // ابن حجر العسقلاني في الإصابة ج1ص332رقم1724 // المحب الطبري في ذخائر العقبى ص134. (3)رواه الترمذي كتاب المناقب باب حلمه. وأبو داود في كتاب الصلاة باب الإمام والحديث صححه الألباني في الجامع الصغير برقم (3757) . أخرج ابن المغازلي الشافعي في مناقب الأمام علي ؛ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ حِرَامٍ ؛ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَابِرٍ ؛ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : كَانَ سيدنا الْحَسَنُ بْنُ الأمام عَلِيٍّ عَلَيْهِمَا رضوان الله بَطَّـأَ لِسَانُهُ ، فَصَلَّى خَلْفَ النَّبِيِّ فَقَالَ ( اللهُ أَكْبَرُ )، فَقَال الْحُسَيْنُ بْنُ الأمام عَلِيٍّ عَلَيْهِمَا رضوان الله : اللهُ أَكْبَرُ ، فَسُرَّ رَسُولُ اللهِ ، وَقَالَ رَسُولُ اللهِ : (اللهُ أَكْبَرُ )، فَقَالَ الْحُسَيْنُ : اللهُ أَكْبَرُ ، حَتَّى كَبَّرَ سَبْعاً ، فَسَكَتَ الْحُسَيْنُ ، فَقَرَأَ رَسُولُ اللهِ ثُمَّ قَامَ فِي الثَّانِيَةِ فَقَالَ : (اللهُ أَكْبَرُ )، فَقَال الْحَسَنُ : اللهُ أَكْبَرُ ، حَتَّى كَبَّرَ خَمْساً ، فَسَكَتَ الْحُسَيْنُ ، فَقَرَأَ رَسُولُ اللهِ ، فَأَصْلُ التَّكْبِيرِ فِي العِيدَيْنِ ذَلِكَ (1). وعن أبي هريرة قال: سمعتْ أذناي هاتان، وأبصرت عيناي هاتان رسول الله وهو آخذ بكفيه جميعاً يعني حسناً أو حسيناً، وقدماه على قدم رسول الله وهو يقول: «حُزُّقة حُزُّقة ترقَّ عين بقة» فيرقأ الغلام حتى يضع قدميه على صدر رسول الله ثم قال له: «افتح فاك، ثم قال: اللهم أحبه فإنّي أحبه» (2) .....................

(1) ابن المغازلي الشافعي في مناقب علي ص104ح88 // المرعشي في إحقاق الحق ج11ص292 // المتقي الهندي في منتخب كنز العمال ج3ص352 // الهيثمي في مجمع الزوائد ج2ص204. (2) مجمع الزوائد" (9/176) أخرج المتقي الهندي في كنز العمال ؛ عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلَبٍ ؛ عَنْ أَنَسْ بْنِ مَالِكٍ قال : قَالَ رَسُولُ اللهِ : ( لاَ يَقُومَـنَّ أَحَدُكُمْ مِنْ مَجْلِسِهِ إِلاَّ لِلْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ أَوْ ذُرِّيَّتِهِمَا)(1). أخرج المتقي الهندي في كنز العمال : قَالَ رَسُولُ اللهِ : ( الْحَسَـنُ وَالْحُسَيْـنُ سِبْطَـانِ مِـنَ الأَسْبَـاطِ )(2). هذه بعض النصوص التي بينت بجلاء مدى الرعاية والمحبة التي وجدها الإمام الحسن من جده المصطفى ، وقد تأثرت النشأة الأولى لسيدنا الحسن بتلك الحفاوة النبوية، فشرب من جده الأخلاق الكريمة، فعرف معنى العفو والصفح وعرف معنى الشجاعة، وعرف معنى المودة والمحبة، وعرف الكثير من الصفات الكريمة لجده وتأثر بها فكانت نبراساً أضاء حياته كلها في حله وترحاله وحربه وسلمه ونطقه وصمته. .................

(1) المتقي الهندي في كنز العمال ج12ص122ح34297 وقال : أخرجه ابن عساكر عن أبان عن أنس // ابن عساكر في تأريخ دمشق ص116ح188 بترجمة الإمام الْحَسَن (ع) . (2) المتقي الهندي في كنز العمال ج12ص119ح34283 وقال : أخرجه الطبراني وأبو نعيم لمحات من جوانب الشخصية لمحة من الجانب الرّوحي : لقد حباه الله قديما أن جعله سبط الرسول وذريته وكانت نشأته في بيت النبوة ، فقد وفّر ذلك لكيانه الروحي سموّاً شاهقاً ، وهذه إضمامةٌ من هذه المظاهر الّتي تكشف هذا الجانب من شخصيته وعن عليّ بن جذعان وأبي نعيم في حلية الأولياء وطبقات ابن سعد : إنّ الإمام الحسن () خرج من ماله مرّتين ، وقاسَمَ الله ماله ثلاث مرّات حتّى أنّه كان ليعطي نعلاً ويمسك نعلاً ، ويعطي خفاٌ ويمسك خفّاً . وكان إذا بلغ باب المسجد ، يرفع رأسه وهو يقول :- « إلهي ! ضيفُكَ بِبابِكَ ، يا محسنُ ! قد أتاك المسيءُ ، فتجاوَزْ عن قبيحِ ما عندي بجميلِ ما عندَكَ يا كريم » .وكان إذا ذكر الموتَ بكى ، وإذا ذكر القبرَ بكى ، وإذا ذكر القيامةَ والعرضَ على الله يشهق شهقة يُغشى عليه منها وكان عليه رضوان الله إذا قرأ القرآنَ ومرّ بآية فيهاSad يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ) قال: ( لبّيكَ لبّيكَ اللّهمّ لبّيك ) أخرج ابن عساكر في تأريخ دمشق ؛ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ Sad لَمَّا اسْتَقَرَّ أَهْلُ الْجَنَّةِ فِي الْجَنَّةِ قَالَتِ الْجَنَّةُ : يَا رَبِّ أَلَيْسَ وَعَدْتَنِي أَنْ تُزَيِّنَنِي بِرُكْنَيْنِ مِنْ أَرْكَانِكَ ؟ قَالَ : أَلَمْ أُزَيِّنُكِ بِالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ ؟ قَالَ : فَمَاسَتِ (1) الْجَنَّـةُ مَيْساً كَمَا تَمِيسُ العَرُوسُ (2). الجانب الخلقي : حين نتناول هذا الجانب من شخصية الإمام السبط () بالدراسـة لا نقصد أنّ العترة الطيبة يتباينون في هذا الجانب أو سواه من عناصر الشخصية الإسلامية المثلى ، فهم سواء في ذلك ، وحين نسلِّط الضوء على الجانب الأخلاقي من شخصية الإمام الحسن السبط () ، فإنّما نعني بذلك عرض نماذج من أخلاقه وأسلوب تعامله مع الناس ، وتمشياً مع ذلك نذكر طرفاً من أخلاقه المثلى ، لكي تكون مثلاً يُحتذى ومنهاجاً يُقتدى به. ........................

(1) ماست : أي تبخرّت . (2) ابن عساكر في تأريخ دمشق ص119و120ح193 بترجمة الإمام الحسن (ع) // المتقي الهندي في كنز العمال ج12ص121ح34290 وقال : أخرجه الطبراني وابن عساكر عن عقبة بن عامر // الخطيب البغدادي في تأريخ بغداد ج2ص238 // الهيثمي في مجمع الزوائد ج9ص184 أدبه رضوان الله عليه:- كان الإمام الحسن مع أخيه الإمام الحسين في طريقهما إلى المسجد فشاهدا شيخاً يتوضأ لكنه لا يحسن الوضوء وفكّر الإمام الحسن كيف يصلح وضوء الشيخ دون أن يسيء الأدب فتقدما إلى الشيخ وتظاهرا بالنزاع وكل منهما يقول أنت لا تحسن الوضوء ثم قالا للشيخ كن حكماً بيننا ثم راحا يتوضآن ، كان الشيخ يراقب وضوءهما وأدرك هدفهما فقال مبتسماً - كلاكما تحسنان الوضوء وأشار إلى نفسه وقال ولكن هذا الشيخ الجاهل هو الذي لا يُحسن الوضوء وقد تعلم منكما. تواضعه (عليه رضوان الله ) :- روت كتب السيرة أنّه () مرّ على جماعة من الفقراء ، قد وضعوا على وجه الأرض كُسَيْرات مِنَ الخُبْزِ ، كانوا قد التقطـوها من الطّريق ، وهم يأكلون منها،فدعوه لمشاركتهم في أكلها ، فأجاب دعوتهم قائلاً Sadإِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ المُـتَكَبِّرِينَ ) . ولمّا فرغ من مشاركتهم، دعاهم لضيافته، فأغدقَ عليهم المال وأطعمهم وكساهم روي عنه أنّه مرّ على صبية يتناولون طعاماً فَدَعَوْهُ لِمُشارَكَتِهِم فأجابَ الدعوة ، ثمّ دعاهُم إلى داره وأَجْزَلَ لَهُم العَطاء . ورد أنّه كان جالساً في مكان وعندما عزم على الانصراف فدخل المكان فقير فحيّاه الإمام السبط ولاطفه ثمّ قال له : إنّك جلست على حين قيام منّا ، أتأذن لي بالانصراف ؟ فأجاب الرجل : نعم يا ابن رسول الله الْحَسَنُ آخِرُ النَّاسِ عَهْداً بِالنَّبِـيِّ : أخرج ابن سعد في الطبقات الكبرى ؛ عَنْ سُرَيْحِ بْنِ النُّعْمَانِ ؛ أَخْبَرَنَا هُشَيْمٍ ؛ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ قَالَ : حَدَّثَنِي بَعْضُ مَشْيَخَتِنَا قَالَ : لَمَّا خَرَجَ عَلِيٌّ مِنَ القَبْرِ – يَعْنِي قَبْرَ النَّبِيِّ - أَلْقَى الْمُغِيرَةُ خَاتَمَهُ فِي القَبْرِ وَقَالَ لِعَلِيٍّ : خَاتَمِي ، فَقَالَ عَلِيٌّ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ : ( أُدْخُلْ فَنَاوِلَهُ خَاتَمَهُ )، فَفَعَلَ ، وَكَانَ مَقْصَدُ الْمُغِيرَةَ مِنْ إِلْقَاءِ خَاتَمَهُ فِي قَبْرِ النَّبِيِّ أَنْ يَدْخُلَ القَبْرَ الشَّرِيفَ بَعْدَمَا خَرَجَ عَلِيٌّ لِيَفْتَخِرَ عَلَى الصَّحَابَةِ بِأَنَّهُ هُوَ آخِرُ النَّاسِ عَهْداً بِرَسُولِ اللهِ ، فَالْتَفَتَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٌّ إِلَى هَذِهِ النُّكْتَةِ ، فَأَمَرَ الْحَسَنَ بِدُخُولِ القَبْرِ فَدَخَلَ وَكَانَ هُوَ – بِأَبِي وَأُمِّي – آخِرُ النَّاسِ عَهْداً بِرَسُولِ اللهِ (1). ...............

(1) ابن سعد في الطبقات الكبرى ج2ص302. عبـــادته لقد كان مثالاً للورع والتقوى يشهد له معاصروه من الصحابة الأبرار، فكان إذا توضأ وفرغ من الوضوء تغير لونه، فقيل له في ذلك فقال: « حُق لمن أراد أن يدخل على ذي العرش أن يتغير لونه ». وكان الأمام الحسن إذا صلى الغداة في مسجد رسول الله يجلس في مصلاه يذكر الله حتى ترتفع الشمس ثم يقوم فيدخل على أمهات المؤمنين فيسلّم عليهن ثم ينصرف إلى منزله. وكان كثير الحج، ولقد حج خمساً وعشرين مرة ماشياً. أخرج البيهقي في السنن الكبرى ؛ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : مَا نَدِمْتُ عَلَى شَيْءٍ فَاتَنـِي فِي شَبَابِي إِلاَّ أَنِّي لَمْ أَحُـجُّ مَاشِيـاً ، وَلَقَدْ حَـجَّ الْحَسَنُ بْنُ عَلِـيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ خَمْساً وَعِشْرِينَ حَجَّـةً مَاشِيـاً وَإِنَّ النَّجَـائِبَ لَتُقَـادُ مَعَـهُ ، وَلَقَدْ قَاسَمَ اللهَ مَالَـهُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ حَتَّى أَنَّـهُ يُعْطِـي الْخُـفَّ وَيُمْسِكُ النَّعْـلَ (1). ............

(1) البيهقي في السنن الكبرى ج4ص331 // ابن عساكر في تأريخ دمشق ص 142ح236. حيائه من ربه دخل الإمام الحسن بن علي غديراً وعليه برد له متوشحاً به فلما خرج فسئل عن ذلك. قال: إنما تسترت ممن يراني ولا أراه ( يعني من ربي والملائكة ) وعن عاصم بن ضمرة قال: كنت أسير مع الأمام الحسن بن علي على شاطئ الفرات وذلك بعد العصر ونحن صيام، قال: وماء الفرات يجري على رضراض والماء صاف ونحن عطاش. فقال الأمام الحسن بن علي : لو كان معي مئزر لدخلتُ الماء. فقلت: إزاري أعطيكه. قال: فما تلبس أنت؟ قلتُ: أدخل كما أنا. قال: فذاك الذي أكره. هذه بعض أخلاقه التي تعلمها من جده ولا غرابة في أنّ صفات الأمام الحس وأخلاقه شابهت صفات النبي وأخلاقه فقد كان شبيهاً برسول الله شابهه في الخَلْق والخُلُق، وإذا كان النبي خلقه القرآن فالإمام الحسن قد استمد ذلك الخُلق من رسول الله ، وإذا كان النبي قد تربى وتأدب تحت الرعاية الإلهية فإن الإمام الحسن قد تربى وتأدب تحت الرعاية المحمدية فصلاة وسلاماً على جد الأمام الحسن ورضي الله عنه . أخرج أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ في مُسْنَدِهِ عَنْ الأمام عَلِيٍّ كرم الله وجهه : أَنَّ رَسُولَ اللهِ قَالَ للسيدة ِفَاطِمَةٍ : ( إِنِّي وَإِيَّاكِ وَهَذَيْنِ – يَعْنِي حَسَناً وَحُسَيْناً – وَهَذَا الرَّاقِدُ – يَعْنِي عَلِيّاً – فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ يَوْمَ القِيَامَةِ )(1). أخرج الطبراني في المعجم الكبير ؛ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : بَيَّنَا رَسُولُ اللهِ رَاقِـدٌ إِذْ جَاءَ الْحَسَنُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَدْرُجُ (2) حَتَّى قَعَدَ عَلَى صَدْرِهِ ، فَجِئْتُ أُمِيطُهُ عَنْهُ قَالَ : ( وَيْحَكَ يَا أَنَسُ دَعْ ابْنِي وَثَمَرَةَ فُؤَادِي فَإِنَّ مَنْ آذَى هَذَا فَقَدْ آذَانِي وَمَنْ آذَانِي فَقَدْ آذَى اللهَ )(3). أخرج البخاري في صحيحه ؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ أَخَذَ تَمْرَةً مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَةِ فَجَعَلَهَا فِي فِيهِ فَقَالَ النَّبِيُّ بِالفَارِسِيَّةِ Sad كِخْ (4) كِخْ ،أَمَا تَعْرِفُ أَنَّا لاَ نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ (5). ..........

(1) أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ في مُسْنَدِهِ ج1ص163ح794 (2) دَرَجَ : دَرْجاً ودُرُجاً : مشى مشية الصاعد في الدرج . (3) الطبراني في المعجم الكبير ج3ص42ح2627 // المتقي الهندي في كنز العمال ج12ص125ح34310. (4) كخ : بفتح الكاف وكسرها : صوت يال عند زجر الصبي عن تناول شيء وعند التقذّر من شيء . (5) البخاري في صحيحه ج3ص1118ح2907 ومسلم في صحيحه ج2ص446ح1069. زهــــده لقد كان مثالاً للزهد فقد ترك الملك والسلطان رغبة بما عند الله وحقناً لدماء المسلمين وكان في قوة ومنعة فقد قال: كانت جماجم العرب بيدي يسالمون من سالمت ويحاربون من حاربت فتركتها اتقاء وجه الله يقول عنها ابن الأثير: «دعاه وورعه وفضله إلى أن ترك الملك والدنيا رغبة فيما عند الله تعالى وكان يقول: ما أحببت أن ألي أمر أمة سيدنا محمد على أن يهراق في ذلك محجمة دم». وكان عندما يُسأل عن سبب تركه الخلافة: خشيت أن يجيئ يوم القيامة سبعون ألفاً أو ثمانون ألفاً أو أكثر أو أقل كلهم تنضح أوداجهم دماً، كلهم يستعدي الله فيم أهرق دمه وخليقٌ بمن ترك الرياسة والمُلك ويزهد فيهما أن يكون إمام الزاهدين لأنّ من زهد في الأعلى كان للأدنى أزهد. وكان كثيراً ما يتمثل بهذا البيت: يا أهل لذات دنيا لا بقاء لها إنّ اغترارا بظل زائل حُمْقُ إنفاقه وكرمه كان يتصف بالجود والكرم يُعطى عطاء من لا يخشى الفقر، يبذل ماله للفقراء والمحتاجين راغباً فيما عند الله تعالى من الأجر والثواب العظيم. أخرج ابن كثير في البداية والنهاية قَالَ : رُوِيَ عَنْ سيدنا الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ كرم الله وجهه أَنَّهُ كَانَ مَاراً فِي بَعْضِ حِيطَانِ (1) الْمَدِينَةِ فَرَأَى أَسْوَدَ بِيَدِهِ رَغِيفٌ يَأْكُلُ وَيُطْعِمُ الكَلْبَ لُقْمَةً إِلَى أَنْ شَاطَرَهُ الرَّغِيفَ ، فَقَالَ لَهُ الامام الْحَسَنُ Sadمَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ شَاطَرْتَهُ وَلَمْ تُغَابِنَهُ (2) فِيهِ بِشَيْءٍ ؟ )، فَقَالَ : اسْتَحَـتْ عَيْنَـايَ مِنْ عَيْنَيْهِ أَنْ أُغَابِنَهُ ، فَقَالَ لَهُ الأمام الْحَسَنُ Sad غُلاَمُ مَنْ أَنْتَ ؟ )، فَقَالَ : غُلاَمُ أَبَانَ بْنَ عُثْمَانٍ ، فَقَالَ : ( وَالْحَائِـطُ ؟ )، قَالَ : لأَبَانِ بْنِ عُثْمَانٍ ، فَقَالَ لَهُ الأمام الْحَسَنُ : ( أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ لاَ بَرَحْتَ حَتَّى أَعُودُ إِلَيْكَ )، فَمَـرَّ وَاشْتَـرَى الغُـلاَمَ وَالْحَائِطَ وَجَاءَ إِلَى الغُلاَمِ فَقَالَ Sad يَا غُلاَمُ قَدْ اشْتَرَيْتُكَ ) ، قَالَ : فَقَامَ قَائِماً فَقَالَ : السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ للهِ وَلِرَسُولِهِ وَلَكَ يَا مَوْلاَيَ قَالَ Sad وَقَدْ اشْتَرَيْتُ الْحَائِطَ وَأَنْتَ حُـرٌّ لِوَجْهِ اللهِ وَالْحَائِطُ هِبَـةٌ مِنِّي إِلَيْكَ ) ، قَالَ : فَقَالَ الغُلاَمُ : يَا مَوْلاَيَ قَدْ وَهَبْتُ الْحَائِطَ لِلَّذِي وَهَبْتَنِي لَهُ (3). ................

(1) حيطان : بساتين .(2) غَبَنَ : أخفى ، أنقص . (3) ابن كثير في البداية والنهاية ج8ص42 // ابن عساكر في تأريخ دمشق ص 148ح249. - سمع رجلاً إلى جنبه يسأل الله أن يرزقه عشرة آلاف درهم فانصرف وبعث بها إليه . - ويقول محمد بن سيرين عن إنفاق الإمام الحسن: وكان يُعطي الرجل الواحد مئة ألف . ويروي الذهبي في سير أعلام النبلاء عن أبي هارون قال: انطلقنا حُجاجاً فدخلنا المدينة، فدخلنا على الأمام الحسن فحدّثناه بمسيرنا وحالنا، فلما خرجْنا، بعثَ إلى كل رجل منا بأربع مائة، ورجعنا، فأخبرناه بيسارنا فقال: لا تردُّوا عليّ معروفي، فلو كنتُ على غير هذه الحال، كان هذا لكم يسيراً، أما إنّي مزودكم: إنّ الله يباهي ملائكته بعباده يوم عرفة. - وقد أثر عنه أنّه ما قال لسائل: لا ، قط. وقد دخل على الإمام الحسن نفرٌ من أهل الكوفة وهو يأكل طعاماً، فسلموا عليه، وقعدوا. فقال لهم الإمام الحسن: الطعام أيسرمن أن يقسم عليه الناس، فإذا دخلتم على رجل منزله، فقرب طعامه، فكلوا من طعامه، ولا تنتظروا أن يقول لكم: هلموا. فإنما يوضع الطعام ليؤكل. قال: فتقدم القوم، فأكلوا، ثم سألوه حاجتهم فقضاها لهم - وسأله أحدهم حاجة فقال له يا هذا: حق سؤالك إياي يعظم لدي ومعرفتي بما يجب لك تكبر علي، ويدي تعجز عن نيلك بما أنت أهله والكثير في ذات الله تعالى قليل، وما في ملكي وفاء لشكرك. فإن قبلت الميسور، ورفعت عني مؤنة الاحتمال والاهتمام لما أتكلفه من واجب حقك فعلتُ فقال: يا ابن رسول الله؟ أقْبَلُ وأشكرُ العطية وأعذر على المنع. فدعا الإمام الحسن بوكيله وجعل يحاسبه على نفقاته حتى استقصاها، فقال: هات الفضل من الثلاثمائة ألف درهم، فأحضر خمسين ألفاً. قال: فما فعلت بالخمسمائة دينار. قال: هي عندي. قال: احضرها فأحضرها فدفعت الدنانير والدراهم إلى الرجل وقال: هات من يحملها لك. فأتاه بحمالين فدفع إليه سيدنا الحسن رداءه لكراء الحمالين. فقال له مواليه: والله ما عندنا درهم. فقال: أرجو أن يكون لي عند الله أجر عظيم. - وعن حبال بن رفيدة قال: أتيتُ الإمام الحسن فقال: ما حاجتك؟ فقلتُ: سائل، فقال: إن كنتَ تسأل في دم موجع، أو غرم مفزع أو فقر مدقع فقد وجب حقك، وإلا فلا حق لك، فقلتُ إني سائل في إحداهن، فأمر لي بخمسمائة . - ومر براع يرعى فأتاه بشاة فأهداها له فقال له: حرٌ أنت أم مملوك؟ فقال: مملوك. فردها عليه. فقال: إنهما لي فقبلها منه ثم اشتراه واشترى الغنم وأعتقه وجعل الغنم له. - وإن من أبرز صفات الإمام السبط وأكثرها جلاءً من بين أخلاقه السامية Sad السخاء ) فاستخدم المال من اجل أن يَكْسُوَ بهِ عرياناً ، أو يُغيثُ بهِ مَلهوفاً ، أو يَفِيَ بهِ دَينَ غارِم ، أو يَرُدَّ بهِ جوعَ جائع ، وقد قيلَ له مرّة : لأي شيء لا نراكَ تردّ سائلاً ؟ قال : « إنِّي لله سائِلٌ ، وفيه راغبٌ ، وأنا أستحي أنْ أكونَ سائِلاً ، وأردَّ سائلاً ، وإنّ الله عوّدني عادةً ، أنْ يَفيض نعمهُ عليَّ ، وعوّدتهُ أنْ أفيض نعمه على الناس ، فأخشى إنْ قطعتُ العادة أنْ يمنعني العادة » . - جاءه إعرابي سائلاً ، فقال () :« ( أعطوه ما في الخزانة ) ، فوجد فيها عشرون ألف دينار ، فدفعها إلى الأعرابي . فقال الأعرابي : يا مولاي ! ألا تركتني أبوح بحاجتي وأنشر مدحتي . فأنشأ سيدنا الحسن ()؛ نحنُ اُناسٌ نوالنا خضــلُ يرتعُ فيه الرّجــــاءُ والامَلُ تجودُ قبل السّؤالِ أنفسُــنا خوفا ًعلى ماءِ وجهِ مَن يَسَلُ لو علمَ البحر فضــل نائلنا لغاض من بعد فيضه خجــلا - أشترى الإمام السبط () بستاناً من الأنصار بأربعمائة ألف درهم ، ثمّ بلغه أنّهم احتاجوا إلى الناس ، فردّ البستان إليهم دون مقابل . - وجاءه رجل فقال له اشتريت عبداً ففرّ مني فأعطاه الإمام ثمن العبد تلك هي بعض شمائله وبعض مواقفه السخيّة مع المسلمين والّتي كان لها أبعد الأثر في تجسيد الخلق الإسلامي الرفيع حلمه : روي أنّه وجد شاة له قد كسرت رجلها فقال لغلام له : ( مَن فعل هذا ؟ ) فقال :أنا . فقال له الإمام لِمَ ذلك ؟ فقال الغلام ـ لأجلب لك الهمّ والغمّ . فتبسّم الإمام وقال له : (لاََسُرَّك) . فأعتَقَهُ وأجزَلَ له في العَطاء . رُوِيَ أن شاميّاً ممّن يحقدون على آل الرّسول ، رأى الإمام السبط راكباً ، فجعل يلعنه !! والإمام الحسن لا يرد عليه ، فلمّا فرغ الرّجل ، أقبل الإمام عليه ضاحكاً وقال : أيُّها الشّيخُ ! أظنّك غريباً ، ولعلّك شَبَّهتَ ؟ فلو استَعْتَبْتَنا أَعْتَبْناكَ ، ولو سَأَلْتَنا أَعْطَيْناكَ ، ولو اسْتَرشَدْتَنا أَرْشَدْناكَ ، ولو اسْتَحْمَلْتَنا أَحْمَلْناكَ ، وإنْ كُنتَ جائِعاً أَشْبَعْناكَ ، وإنْ كُنتَ عُرياناً كَسَوْناكَ ، وإنْ كُنتَ مُحْتاجاً أَغْنَيْنَاك ، وإنْ كُنتَ طَريداً آوَيْناكَ ، وإنْ كانَ لكَ حاجةٌ قَضيناها لكَ ، فلو حَرَّكْتَ رحلَكَ إلَينا ، وكُنتَ ضَيْفنا إلى وقتِ ارتحالكَ كانَ أَعْودَ عليكَ ، لانّ لَنا مَوْضِـعاً رَحْـباً وجاهاً عَريضاً ومالاً كَثيراً . فلمّا سمع الرّجل كلامه بكى ، ثمّ قال: أشهدُ أنّك خليفةُ اللهِ في أرضه ، الله أعلمُ حيثُ يجعلُ رسالَتَهُ ، كنتَ أنتَ وأبوكَ أبغضَ خَلْقِ اللهِ إليَّ ، والآن أنتَ وأبوكَ أحبُّ خَلْقِ اللهِ إليَّ » .ثمّ استضافه الإمام حتّى وقت رحيله ، وقد تغيّرت فكرته وعقيدته ومفاهيمه عن أهل البيت ومن ملامح حلمه أيضا وصف مروان بن الحكم حلم الإمام الحسن بقوله: كان حلمه يوازن الجبال لقد كان عظيماً في حلمه كريماً في عفوه متذكراً قول ربه: ) الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين((1) متمثلاً قول جده : «ليس الشديدُ بالصُرعة إنّما الشديد من يملك نفسه عند الغضب»إن نطق نطق عن علم، وإن سكت سكت عن حلم، وإن عفا عفا عن قدرة. - شتمه رجل فلما فرغ. قال الإمام الحسن: إنّي لا أمحو عنك شيئاً، فلئن كنت صادقاً فجزآك الله بصدقك، ولئن كنت كاذباً فجزآك الله بكذبك، والله أشد نقمة منِّي أخرج ابن عساكر في تأريخ دمشق : أَنَّه لَمَّا اسْتُخْلِفَ الْحَسَنُ بَيْنَمَا هُوَ يُصَلِّي إِذْ وَثَبَ عَلَيْهِ رَجُلٌ فَطَعَنَهُ وَهُوَ سَاجِدٌ ، فَخَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ : ( يَا أَهْلَ العِرَاقِ اتَّقُـوا اللهَ فِينَا فَإِنَّا أُمَرَاؤُكُمْ وَضِيفَانِكُمْ ، وَنَحْنُ أَهْلُ البَيْتِ الَّذِينَ قَالَ اللهُ فِيهِمْ : { إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً }(2) ) ، فَمَا زَالَ يَقُولُهَا حَتَّى مَا بَقِيَ أَحَدٌ فِي الْمَسْجِدِ إِلاَّ وَهُوَ يَبْكِي (3). ............

(1) آل عمران آية (134) (2) سورة الأحزاب : الآية 33. (3) ابن عساكر في تأريخ دمشق ص180ح304و305 بترجمة الإمام الحسن // ابن حجر الهيتمي في الصواعق المحرقة ص139. الجانب العلمي وبمقدور أي منصف أنْ يدرك هذه الحقيقة ، من خلال تتبعه لحياة العتره ، الّذين لم يحدّثنا تأريخهم قط أن أمراً قد اُشكِلَ عليهم في أي باب من أبواب الجانب المعرفي ، أو أ نّهم تعذّرت عليهم الإجابة عن سؤال ، أو استفسار أو إشكال سواء في أمر فكري أو تشريعي أو علمي أو نحو ذلك ، ونذكر طرفاً من الجانب العلمي الّذي روته سيرة الإمام الحسن () كأمثلة على غزارة علمه ومعرفته : كتب إليه الحسن البصري ، يسأله عن القضاء والقـدر فأجابه الإمام السبط () :- ( أمّا بعدُ ، فَمَنْ لم يُؤْمِنْ بالقَدَرِ خَيرِهِ وشَرِّهِ ، أنّ الله يَعْلَمُهُ فقد كَفَرَ ، ومَنْ أحالَ المعاصيَ على اللهِ فقد فَجَرَ ، إنّ الله لم يُطَع مُكْرَهاً ، ولم يُعْصَ مَغلوباً ، ولم يُهمِل العباد سُدىً من المملكة بل هو المالكُ ، لِما ملّكهم ، والقادرُ على ما عليه أَقْدَرَهُم ، بل أَمَرَهُم تخييراً ونهاهُم تحذيراً ، فإنِ ائْتَمَروا بالطّاعةِ لم يجدوا عنها صادّاً ، وإنِ انْتَهوا إلى معصية فشاءَ أنْ يمنَّ عليهم ، بأن يحولَ بينهم وبينها فعل ، وإنْ لم يفعل فليس هو الّذي حملهم عليها جبراً ولا ألزموها كُرهاً ، بل مَنَّ عليهم ، بأنْ بَصَّرَهُم وعَرَّفَهُم ، وحَذّرَهُم ، وأمَرَهُم ونَهاهُم ، لا جَبْراً لهم على ما أَمَرَهُم به ، فيكونوا كالملائكة ، ولا جبراً لهم على ما نهاهم عنه ، ولله الحجّة البالغة ، فلو شاء لهداكم أجمعين ) . - وهكذا ، وبعبارات وجيزة يوضِّح الإمام () قضيّة هي من أكثر قضايا الفكر تعقيداً وعمقاً ، حتّى أنّها لشدّةِ عُمقها ضلّ فيها الكثير من رجال الفكر ، بل نشأت عنها تيارات متطرفة ـ كالاشاعرة والمعتزلة ـ حول التفسير العقائدي السليم والّذي يكشف عنه قول الإمام ، المعبّر عن العمق والأصالة في الفهم والمعرفة الإسلامية ، الأمر الّذي يُشعر بارتباط الإمام السبط () بمنابع الرسالة الصافية وارتياده من مفاهيمها الأصيلة . نقل الحافظ ابو نعيم فى حليته بسنده « أن أمير المؤمنين على ابن ابى طالب كرم الله وجه سأل ابنه الحسن () فقال يا بنى ما الزُّهد ؟ قال : الرغبةُ في التّقوى والزَّهادةُ في الدُّنيا . - قيل : فما الحِلم ؟ قال : كَظْمُ الغيظِ ومَلكُ النفس . - قيل : ما السَّدادُ ؟ قال : دفعُ المنكرِ بالمعروف . - قيل : فما الشَّرَفُ؟ قال :اصطناعُ العَشيرةِ واحتمال الجَريرة . - قيل : فما النَّجْدَةُ ؟ قال : الذبُّ عنِ الجار ، والصّبرُ في المواطِن،والإقدام عندَ الكريهة. - قيل : فما المجدُ ؟ قال : أنْ تُعطي في الغُرْمِ ، وأنْ تعفوَ عن الجُرْم . - قيل : فما المروءةُ ؟ قال : حفظُ الدِّينِ، وإعزازُ النفسِ، ولينُ الكَنَفِ،وتعهُّدُ الصّنيعةِ، وأداءُ الحقوقِ،والتحبّبُ إلى الناس - قيل : فما الدَّنيئةُ ؟ قال : النظرُ في اليسيرِ ومنعُ الحقير. - قيل : فما السَّماحُ ؟ قال : البذلُ في السرّاءِ والضّرّاء . - قيل : فما الشُّحُّ ؟ قال : أنْ ترى ما في يديكَ شَرَفاً وما أَنْفَقْتَهُ تَلَفاً . - قيل : فما الإخاء ؟ قال: الإخاء في الشِّدّةِ والرّخاء - قيل : فما الجُبْنُ ؟ قال : الجُرْأَةُ على الصّديقِ والنُّكولُ عَنِ العدو. - قيل: فما الغِنى؟ قال: رِضَى النفسِ بما قُسِمَ لها وإنْ قَـلَّ - قيل فما الفقرُ ؟ قال : شَرَهُ النفسِ إلى كلِّ شيء . - قيل : فما الجودُ ؟ قال : بذلُ المجهود . - قيل : فما الكَرَمُ ؟ قال : البذل في الشِّدّةِ والرّخاء . - قيل : فما الجُرْأَةُ ؟ قال : موافقة الأقران . - قيل : فما السَّناءُ ؟ قال : إتيانُ الجميلِ وتركُ القبيح . - قيل : فما الحَزْمُ ؟ قال : طولُ الأناة والرِّفقُ بالــولاةِ والاحتراسُ مِن جميع الناس . - قيل : فما الشَّرَفُ؟ قال: موافقةُ الإخوان وحفظُ الجيران - قيل : فما الحِرْمانُ؟ قال: تركُكَ حَظَّكَ وقد عُرِضَ عليك - قيل : فما السَّفَهُ ؟ قال : اتّباعُ الدّناةِ ومُصاحبةُ الغُــواة - قيل : فما العيُّ ؟ قال: العبثُ باللِّحيةِ وكثرةُ التَّنَحْنُحِ عندَ المنطق .

mohamedzeinsap

كتبنا وكنا نظن أننا نكتب وقرأت ما كتبنا أكتب تعليقك ربما يكون نافلة القول التى تقيمنا إنتقد أو بارك أفكارنا لربما أنرت لنا ضروبا كانت مظلمة عنا أو ربما أصلحت شأننا أو دفعتنا لإصلاح شأن الآخرين

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 426 مشاهدة
نشرت فى 7 نوفمبر 2012 بواسطة mohamedzeinsap

محمد زين العابدين

mohamedzeinsap
نحن نتناول إحساسك ومشاعرك وغربتك نكتب لك ..... وتكتب لنا فى السياسة والادب والشعر والقصة والسيرة والدين نحن هنا من أجلك و...... ومن أجلنا لكى نقاوم حتى نعيش بأنفاسنا المحتضرة وآمالنا المنكسرة وآحلامنا البعيدة نحن المتغربين بين أوطانهم والهائمون فى ديارهم »

عدد زيارات الموقع

136,937

تسجيل الدخول

ابحث

ذاكرة تغفل..... ولكن لا تنسى




في قريتنا الشئ الوحيد الذي نتساوى فيه مع البشر هو أن الشمس تشرق علينا من الشرق وتغرب علينا من الغرب نتلقى أخبار من حولنا من ثرثرة المارين بنا في رحلاتهم المجهولة نرتمي بين حضن الجبل يزاحمنا الرعاة والبدو الأطفال عندنا حفاة يلعبون والرجال عند العصارى يلقون جثثهم أمام البيوت على (حُصر ) صُنعت من الحلف وهو نبات قاسى وجاف والنساء ( يبركن بجوارهم ( يغزلن الصوف أو يغسلن أوعيتهم البدائية حتى كبرنا واكتشفنا بأن الدنيا لم تعد كما كانت .... ولم يعد الدفء هو ذاك الوطن.......... كلنا غرباء نرحل داخل أنفسنا ونغوص في الأعماق نبحث عن شئ إفتقدناه ولا نعرفه فنرجع بلا شئ .. قريتنا ياسادة لا عنوان لها و لا خريطة ولا ملامح وكائناتها لا تُسمع أحد نحن يا سادة خارج حدودالحياة في بطن الجبل حيث لا هوية ولا انتماء معاناتنا كنوز يتاجر بها الأغراب وأحلامنا تجارة تستهوى عشاق الرق وآدميتنا مفردات لا حروف ولا كلمات لها ولا أسطرتُكتب عليها ولا أقلام تخطها نحن يا سادة نعشق المطر ولا نعرف معنى الوطن نهرب إلى الفضاء لضيق الحدود وكثرة السدود والإهمال... معاناتنا كنز للهواة وأمراضنا نحن موطنها لا تبارحنا إلا إلى القبور ... وفقرنا حكر احتكرناه ونأبى تصديره نحن أخطاء الماضي وخطيئة الحاضر ووكائنات غير مرغوب فيها...طلاب المجد نحن سلالمهم وطلاب الشهرة نحن لغتهم ... نحن يا سادة سلعة قابلة للإتجار بها ولاقيمة لها .. نحن مواطنون بلا وطن