تعود أسباب الأزمة المالية العالمية الراهنة إلى عام 2006، ونشوب ما سمي بـ"أزمة القروض العالية المخاطر" التي أدخلت القطاع المصرفي والبنكي الأمريكي في دوامة الخسائر والاضطرابات، و ذهب ضحيتها مئات الآلاف من المواطنين الأمريكيين.
وقد اندلعت أزمة القروض العالية المخاطر بسبب إقدام العديد من المصارف المختصة في قطاع العقار على منح قروض لمئات الآلاف من المواطنين ذوي الدخل المحدود، متجاهلة بذلك قاعدة الحذر وتقييم المخاطر.
واعتمدت البنوك والمصارف هذا النهج في ظرف اتسم بنمو غير مسبوق لقطاع العقار وانخفاض هام لنسب الفوائد المعمول بها، الأمر الذي أدى بأعداد كبيرة من الأمريكيين إلى حد القناعة أن الفرصة جد مواتية لشراء مسكن.
ومع الارتفاع المفاجئ لنسب الفوائد في الأسواق المصرفية الأمريكية، وجد عدد كبير من الأمريكيين أنفسهم عاجزين عن تسديد قروضهم، وازداد عددهم مع مرور الأشهر ليخلق جواً من الذعر والهلع في أسواق المال وفي أوساط المستثمرين في قطاع العقار.
وقد تضررت البنوك المختصة في القروض العالية المخاطر أكثر من غيرها من ارتفاع نسب الفوائد، وتأثيرها على أوضاع المقترضين ذوي الدخل المتواضع.
وبمجرد ظهور الاضطرابات الأولى، تسارعت البنوك إلى مصادرة سكنات العاجزين عن تسديد القروض وبيعها على خلفية أزمة مفاجئة وحادة لقطاع العقار نتيجة تراجع الأسعار بنسب كبيرة.
ولمواجهة تداعيات مسلسل الأزمة المالية منذ نشوب أزمة القروض العالية المخاطر، وجدت المصارف المركزية في الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا نفسها مضطرة للتحرك، ولم يبق لها سوى الخيار بين تغيير نسب الفوائد أو ضخ أموال في البنوك المتضررة.
وقد عمد الاحتياطي الفدرالي الأمريكي على نهج الخيار الأول، حيث بادر في العديد من المرات على خفض النسبة التي تراجعت من 5.25 بالمائة في يونيو 2006 إلى 2 بالمائة أبريل 2008.
ولم تكتف الحكومة الأمريكية بهذا الإجراء، بل اختارت الذهاب بعيداً في سعيها إلى تفادي تفشي الأزمة، حيث قررت تأميم ثلاثة بنوك كبيرة.
ساحة النقاش