يوم الأربعاء ١٥-٩-٢٠١٠ كان على جدول أعمال اجتماع الأمانة العامة للجمعية الوطنية للتغيير مناقشة الموقف من الانتخابات، واتجهت آراء غالبية الحضور لتبنى المقاطعة، وجاءت كلمتى فى آخر المداخلات فقلت:
١- واضح أن قرار الجمعية هو المقاطعة- بما يشبه الإجماع- وهو قرار محل تقدير منا وتفهم، وبما أن الإخوان لم يصدروا قرارهم بعد فسوف أنقل وجهات النظر التى قيلت لتكون محل نظر الإخوان قبل صدور قرارهم.
٢- طلبت من قيادة الجمعية زيارة الإخوان وعرض وجهات النظر عليهم والاستماع إليهم فيكون ذلك أدعى لتفهم بعضنا بعضا ومعرفة دوافع كل منا لموقفه، وبالفعل تمت الزيارة يوم الثلاثاء ٢١/٩، وبعد مناقشة طويلة اتفقنا جميعاً على أنه أياً ما كان قرار الإخوان (بالمشاركة أو المقاطعة) فسيستمر الإخوان فى العمل المشترك تحت مظلة الجمعية الوطنية قبل وبعد الانتخابات البرلمانية سعيا لتحقيق المطالب السبعة، وتفعيلاً لحملة التوقيعات، وحشداً للرأى العام حول هذه المطالب.
٣- طلبت من الزملاء فى اجتماع الجمعية إعداد ورقة (خطة عمل) لمشروع المقاطعة الإيجابية لتتحول المقاطعة من مجرد موقف سياسى إلى حالة تشارك فيها الجماهير بفاعلية وتأثير، ومن ثم قلت للزملاء فى الجمعية (لقد صوت لى فى انتخابات ٢٠٠٥ عشرون ألف مواطن، فهل يعل أن أقول لهم قاطعوا الانتخابات وانتهى الأمر؟ أم أنه يجب أن نوظف هذه الأصوات- وكذلك الآلاف التى وقعت على بيان التغيير- فى مشروع للمقاطعة الإيجابية).
يوم الثلاثاء٢١/٩/٢٠١٠ فوجئت بالصديق العزيز عصام سلطان يكتب مقالًا نشرته جريدة «المصرى اليوم» تحت عنوان: «فى فقه المقاطعة»، ذكر فيه أنى طلبت مساعدته لى فى مواجهة ضغوط الجماهير علىّ بالمشاركة، والحقيقة أنى لم أطلب ذلك، وإنما طلبت من الجميع أن يكون مشروع المقاطعة مشروعاًً واضحاً عملياً إيجابياً يمكن أن تحتشد الجماهير حوله لتأييد تيار التغيير.
ومن ثم لن أقف كثيرا مع ما جاء فى مقال الأستاذ عصام سلطان، رغم اختلافى مع معظم ما جاء فيه. لكنى أعيد طرح السؤال الذى أراه من الأهمية بمكان ولم يجب عليه مقال الأستاذ عصام وهو: (ما هى الخطة العملية للمقاطعة الإيجابية، والتى ستسعى الجمعية لتحقيقها؟) وأنا بدورى (وإن لم يحسم الإخوان موقفهم من المشاركة أو المقاطعة بعد) أطرح عدة أسئلة لعلها تفيد فى وضع هذه الخطة:
١- السؤال المحورى فى المقاطعة هو: هل المقاطعة مجرد إبراء للذمة وراحة لضمير صاحبها (الذى لم يشترك فى تلك المسرحية الهزلية المخالفة لكل المتعارف عليه فى مفهوم الانتخابات من معايير ومواصفات وضوابط تهدف فى الأصل للتعرف الحقيقى على إرادة الجماهير)، أم أن المقاطعة مشروع إيجابى يهدف لفرض إرادة الجماهير وانتزاع حقها فى انتخابات حرة سليمة وسحب البساط من نظام اتسم بالفساد والاستبداد والإضرار بمصالح الشعب؟
٢- هل المقصود بالمقاطعة مجرد مقاطعة الترشيح (الذى هو دور الأحزاب والقوى السياسية والشخصيات العامة المستقلة)؟ وبالتالى إخلاء الساحة للحزب الوطنى وللأحزاب التى ستكمل له الديكور الذى يريده؟ وهل المقاطعة– بهذه الصورة- تنتقص حقيقة من مشروعية النظام؟
٣- هل الواقع الموجود (بعد مشاركة الأحزاب الثلاثة وعلى رأسها الوفد- والأحزاب الأخرى التى لا أعلم أسماءها – والشخصيات المستقلة «من نواب مستقلين سابقين» والمرشحين غير السياسيين- وهم كثر- والذين سيترشحون أمام مرشحى الوطنى حتى لو كانوا سينضمون للوطنى لاحقا)، هل هذا الواقع يسمح بتحقيق الهدف من المقاطعة أم يجعلها مجرد إبراء للذمة؟
٤- هل مقاطعة الترشيح وحدها ستؤدى بالضرورة لنزع المشروعية؟ وهل وجود مجلس أحادى– للحزب الوطنى- أو مجلس فيه معارضة مصطنعة جاء بها الحزب الوطنى -كاف لنزع المشروعية عنه؟ الحقيقة أن مجالس المحليات وكذا مجلس الشورى الذى تشكل بالتزوير الكامل وبشكل أحادى للحزب الوطنى وباصطناع لمعارضة هامشية ديكورية (بالتزوير) لم تغير من مشروعية الأمر الواقع التى ينتهجها الحزب الوطنى، ولقد استمرت هذه المجالس رغم عدم مشروعيتها (الدستورية والقانونية والسياسية والجماهيرية) اعتمادا على مشروعية الأمر الواقع وبمشاركة هامشية من معارضة وهمية.
٥- أم أن الأهم هو مقاطعة التصويت الذى هو دور الجماهير، التى لم تزد مشاركتها فى الماضى على عشرة فى المائة على أحسن تقدير، وهل لا يزال هناك أمل (بعد إعلان مشاركة الوفد وغيره) أن تلبى هذه الـ١٠% الدعوة لعدم الذهاب للتصويت- فى محاولة للوصول بنسبة التصويت قريباً من الصفر- (مع ملاحظة ارتباط شرائح من الناس بالانتخابات سواء بعلاقات القرابة والعصبة لبعض المرشحين أو بعلاقة الانتفاع والمال من البعض الآخر، أو نتيجة التوجيه الأمنى والوظيفى لصالح الحزب).
ساحة النقاش