ذكرت فى الجزء الأول من هذا المقال أنه حتى يكون مشروع المقاطعة للانتخابات مشروعاًً واضحاً عملياً إيجابياً يمكن أن تحتشد الجماهير حوله لتأييد تيار التغيير، فإن الأمر يحتاج إلى نقاش من مختلف القوى الوطنية، لأن الأمر ليس سهلا، ومن ثم أواصل طرح تساؤلات أراها مهمة فى هذا الخصوص.

١-هل يمكننا شحن الجماهير من الآن لتدافع عن حقها فى انتخابات حرة «بصرف النظر عن المشاركة أو المقاطعة»؟.. يمكن أن يتأتى ذلك من خلال:

مؤتمرات وتظاهرات ووقفات واعتصامات ترسل من الآن برسالة عدم القبول بنتائج انتخابات وهمية مزورة.

تنبيه الجماهير لخطورة استمرار منظومات فساد الحزب الوطنى «وبالتالى ضرورة التكتل ضد نوابه الحاليين والقادمين- بإعلان الموقف المبدئى لكل من سيأتى به الحزب أو يتوقع انضمامه للحزب لاحقاً، والتصويت ضدهم تصويتاً إيجابياً أو سلبياً». التواجد الكثيف «للمقاطعين» فى أماكن بديلة عن اللجان الانتخابية يوم الانتخاب لتأكيد المقاطعة.

الذهاب للجان الانتخابية بكثافة شديدة، وإبطال الصوت لعدم تسويده بالتزوير.

حشود كثيفة أمام مقار الفرز، والاحتجاج على التزوير والنتائج المزورة.

٢-هل نستطيع أن ننجح هذه المرة فى مقاطعة ما يترتب على الانتخابات «أى عدم الاعتراف بما أسفرت عنه من نتائج وبرلمان مزور»؟.. وذلك يمكن تحقيقه من خلال:

انسحاب المرشحين قبيل أو يوم الانتخاب- «سبق أن أعلن الإخوان مثلا انسحابهم من انتخابات المحليات فى أبريل ٢٠٠٨ قبل موعد إجرائها بيوم واحد، ودعوا الجماهير لمقاطعتها» ، ولعل خروج اللاعبين من الملعب فى ذلك الوقت يكون أقوى من حديث المقاطعة ممن لم يكن فى الملعب أصلاً.

استقالة نواب من برلمان يغلب عليه التزوير بعد نجاحهم فى الوصول إليه بغير تزوير «قلة قليلة لكنه موقف بالغ التأثير فى الطعن فى شرعية هذا البرلمان».

دعاوى قضائية لرفض قوانين صادرة من مجلس مطعون فى مشروعيته.

أظن أن فكرة المقاطعة «التى كانت تعتمد فى نجاحها على إمكانية حدوث إجماع عليها من الجميع أو على الأقل من القوى الأكثر فاعلية– الوفد والإخوان» قد تأثرت كثيرا بعد قرار «الوفد» تحديدا المشاركة والذى سيضفى على الانتخابات وعلى المجلس القادم غطاءً يالمشروعية (خاصة بعد إعلان «الوفد» عن حملة إعلامية عالمية تشارك فيها صحفه وقنواته وشركاته)،

ومن ثم صار الموقف مربكاً ومحيراً، وهو اجتهاد على كل حال يحتمل الصواب والخطأ: «هل لا تزال المقاطعة أكثر نفعا لاستمرار جذوة مشروع التغيير وتحقيق الالتفاف الجماهيرى حوله؟ أم أن المشاركة– فى غير تزوير- هى أكثر فائدة ؟»، ومن ثم أتصور أن مصلحة تيار التغيير ألا يأخذ تكتيكاً واحداً، وأن يسعى لتوظيف كل السيناريوهات والمسارات لدعم وتقوية وتجذير وتوسيع قاعدة هذا التيار، مستغلا الأجواء الانتخابية فى التعريف بالمطالب السبعة وأهميتها فى تحقيق ضمانات انتخابات حرة وسليمة،

وأهمية ذلك فى تحقيق مصالح الوطن وحقوق الجماهير فى حياة كريمة، واعتبار أن كل إجراءات وخطوات نأخذها ضد التزوير وفضح ممارساته- أثناء فترة الانتخابات وبعدها- تدعم الحاجة للتغيير من خلال المطالب السبعة. أتصور أن المحظور الوحيد فى هذا الاجتهاد هو أن يقبل المشاركون فى الانتخابات أن يكونوا جزءا من عملية التزوير أو المقايضة بالسكوت عنها «وإن استحقوا النجاح دون تزوير»، أو المشاركة فى مجلس تجمل فيه المعارضة النظام وتسكت عن الحق أو تتخارس حين يجب أن يعلو صوتها بكلمة الحق،

وأظن أن هذا لم يكن حال المعارضة فى برلمان ٢٠٠٥، فإنه وإن لم يغير فى أغلب قرارات البرلمان التى حسمتها الأغلبية الطاغية بالأمر المباشر لكن المعارضة لم تكف عن الصدع بكلمة الحق وبقوة وصوت عالٍ كان بلا شك إضافة ودعماً لتيار التغيير،

ولم يكن خصماً منه، بينما كان نموذج مجلس الشورى مثلاً وإن تواجدت فيه المعارضة المنتقاة «بالتعيين أو بالتزوير» دعماً وتجميلاً للنظام فى مواجهة تيار التغيير، العجيب أن البعض يناقش جدوى مشاركة المعارضة فى برلمان ٢٠٠٥ وهل كانت مفيدة أم لا؟! إذا كان الأمر كذلك فلماذا سعى النظام لعدم تكرار هذه التجربة فقضى على الإشراف القضائى، وقام بتلك التعديلات الدستورية والقانونية لضمان عدم تكرار التجربة؟

بقيت نقطة على قدر كبير من الخطورة، وهى أهمية أن يخرج تيار الجمعية الوطنية للتغيير من جولة الانتخابات وهو أكثر تماسكا وأشد التفافا حول مطالبه، ولم يؤثر فيه الخلاف التكتيكى فى الموقف من الانتخابات.

كما أنه ينبغى الاستمرار أثناء شهور الانتخابات المقبلة فى فعاليات مشتركة ضد التزوير «سواء بالمقاطعة الإيجابية أو بالمشاركة فى غير تزوير» وضد استمرار فساد الحزب الوطنى ورموزه ونوابه السابقين والقادمين، وكذا ضد التوريث «بالربط بين ضمانات نزاهة ومشروعية الانتخابات التشريعية والرئاسية معاً». فهل نستطيع وهل ننجح فى جعل اجتهاداتنا بالمشاركة «فى غير تزوير» أو بالمقاطعة الإيجابية اختلاف تنوع يضيف إلى رصيد الحركة الوطنية، وليس اختلاف تضاد وتناقض يخصم منها أو يقضى عليها- لا قدر الله-، أعتقد أن الكثيرين من المشاركين فى الحركة الوطنية-، ممثلة فى الجمعية الوطنية للتغيير، على قدر كبير من إدراك عظم المسؤولية وخطورة المرحلة بما يفرض علينا الاستمرار والعمل المشترك والاستفادة من كل الاجتهادات وإن تنوعت أو اختلفت- ما صحت النوايا.

أخيرا: ما أردت بمقالى هذا الانتصار لرأى بعينه أو التبرير له، بقدر ما قصدت أن أفتح الطريق أمام توظيف كل الأدوار والأحداث القادمة بما يخدم فكرة التغيير ويحفظ تماسك تيارها، كما أنى لست معنيا باسم السيناريو، الذى سأشارك فيه فى الموقف من الانتخابات «مقاطعة أم مشاركة» بقدر ما أنا معنى بفاعلية وجدوى وتفاصيل كلا السيناريوهين لخدمة مشروع وفكرة التغيير وتجميع الرأى العام والجماهير حول مطالب التغيير، ولمواجهة استمرار الفساد والاستبداد الذى دمر وخرب كل شىء فى هذا الوطن

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 40 مشاهدة
نشرت فى 7 يونيو 2011 بواسطة mohamedmedhat1

ساحة النقاش

محمد مدحت عمار

mohamedmedhat1
طالب فى الاعدادى واحب الاسلام وهوايتى الكمبيوتر والمقالات والنت و كاتب صغير »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

43,711