أذان الديك
كان الشىء الوحيد الذى يفسد عليه نومه كل ليلة –كما كان يتوهم- هو صياح ديك جارته أم سعيد مع اقتراب فجر كل يوم جديد.. كان يصحو من نومه على آذان الديك ويظل يسب الديك وصاحبته.. كانت زوجته تنصحه ألا يسب الديك لأنه يصيح عندما يرى الملائكة .. كما أنه يصيح مع اقتراب موعد الفجر والأولى به أن يقوم للصلاة بدلا من سب ولعن الديك وصاحبته.
<!--هذا ديك خرف غير منضبط يصيح قبل الفجر بوقت كبير..
<!--بل أنت الذى تظل طوال الليل تلهو وتسهر مع أصحابك ولا تعود إلى البيت إلا مع اقتراب الفجر، ثم بعد ذلك تلقى باللائمة على الديك..
<!--إنك تدافعين عنه لأن صاحبته صديقتك.. اطلبى منها أن تذبحه وتأكله وإلا قتلته.
<!--إنها ترفض أن تذبحه لأنه يوقظها كل يوم قبيل الفجر.
<!--إذن سأقتله!
وفى الليلة التالية عاد إلى منزله متأخرا كعادته ورفض أن يستسلم للنوم وبحث فى دولابه القديم عن بندقية الصيد التى يملكها وأخرجها ومسحها وجهزها للاستعمال.. وصعد فوق كومة من القش على سطح منزله.. كانت ليلة مظلمة لا قمر فيها.. وأمسك بندقيته واستعد لإطلاق القذيفة .. وظل ينتظر أن يصيح الديك كعادته ليتمكن من تحديد مكانه من اتجاه الصوت ويطلق عليه القذيفة القاتلة ليرتاح من صوت هذا الديك المزعج للأبد..
ولكنه شعر أن الديك تأخر عن الصياح.. قال فى نفسه إن الانتظار هو الذى يجعلنى أشعر بتأخر الديك عن موعده المعتاد.. قاتل الله الانتظار إنه شىء صعب وممل ولكن لا مفر سأنتظره مهما طال الوقت.. عاد يفكر مرة أخرى فى الأمر.. ربما تكون زوجته قد أخبرت أم سعيد بتهديده فذبحت الديك وأكلته.. لا .. إنها أخبرته أن أم سعيد تحب هذا الديك الصالح!! الذى يوقظها لصلاة الفجر.. ما هذا السكون الذى أشعر به أنا لا أحب هذا الصمت..
وفجأة قطع هذا السكون صوت الديك يصيح بأعلى صوته وفى الوقت نفسه انطلق صوت أذان الفجر من مآذن القرية كلها فى لحظة واحدة.. فارتعد الرجل وشعر بخوف شديد زلزل كيانه فانحدر من فوق كومة القش ووقع من على سطح المنزل ومات فى الحال..
وارتفع صوت الديك بالأذان وظل طوال النهار يصيح على غير عادته وخاصة عندما كان أهل القرية يحملون جثمان صاحبنا إلى مثواه الأخير!!
ساحة النقاش