تنابلة السلطان وداعا

تشخيص وتحليل ومعالجة التنبلة وبناء مصر الحرة

Subject: نظام مبارك وذكر الإوز

الثقافة غذاء، وتبادل الفكر دواء، والتواصل الاجتماعي شفاء، وتفاعل الفكر نماء.

إن لم يعجبك قولي فأرشدني،

وإن ضقت بي ذرعا فأخبرني،

أو بلوكمي، أو سبام مي.

 

أ.د. محمد نبيل جامع [email protected]

نظام مبارك وذَكَرُ الإوَز

وهدية رمضانية للمجلس الأعلى للقوات المسلحة

إذا كنت من أعداء الثورة فلن يفيدك هذا المقال

مع رجاء نشر هذه الرسالة أو نشر معانيها

  بقلم

21 أغسطس 2011

أ.د. محمد نبيل جامع

أستاذ علم اجتماع التنمية بجامعة الإسكندرية

0127435754

[email protected]

كان ذكر الإوز يجلس مستكينا مستمتعا تحت ركبة والدتي، رحمها الله وأمواتنا أجمعين، وهي تشبعه تزغيطا، ثم تطلقه فيجري وسط سرب الإوز في فناء منزلنا الريفي فيطلق الأصوات ويتبختر بمشيته ولحمه في خيلاء وعظمة، وباقي الإوز ينحني له احتراما وتبجيلا. ولكن سرعان ما يأتي المشهد المثير بالنسبة لي كطفل آنذاك وهو تصميم هذا الذكر الإوزي بعد أن تذبحه أمي على أن ينتفض ويمشي بنفس الخيلاء والكبرياء وسط سرب الإوز، ويستمر في المشي مدة ليست بالقصيرة. ويستمر سرب الإوز في الانحناء له احتراما وتبجيلا حتى وهو في هذه الحالة الحمراء، كل هذا وأنا في شدة الدهشة والانبهار، ثم يخور تدريجيا ويرقد إلي مثواه الأخير. وإذا لم تكن ريفيا قارئي العزيز، أو عجوزا، فاستبدل هذا الذكر الإوزي بالثور الذي يغرس الماتادور السيف في ظهره، ثم يستمر الثور في مصارعة الماتادور حتى تخور قواه.

هذا هو نظام مبارك وفرقته الباغية. لقد ذبحت ثورة يناير المستنيرة هذا النظام المشحون بالفساد والكولسترول الزائد، ولكنه يأبى إلا أن يستعرض قوته بنفس خيلاء ذكر الإوز قبل أن يخور ويذهب إلى مثواه الأخير. ولذلك فإيانا والإحباط. لقد سارت قافلة الثورة رغما عن النباح الذي نسمعه هنا وهناك، وستصل بفضل الله، الذي أنعم بها علينا، إلى مصر الحرية والديمقراطية والتنمية والعدالة الاجتماعية والكرامة والعزة.

عندما ننظر إلى إنجازات الثورة حتى الآن، رغم بطئها الشديد، نحمد الله سبحانه وتعالى وخاصة عندما نقارن الربيع المصري بالربيع السوري أو الليبي أو اليمني، حتى الرئيس المخلوع نفسه كان مصريا وهو يستجيب لأمر الثورة. أما بالنسبة للجيش المصري فحدث ولا حرج، أقول هذا فخرا وامتنانا لهذا الجيش العظيم ولمجلسه الأعلى الموقر، وأنا أقدر مدى التحديات والمواقف الصعبة المستجدة على هذا المجلس سواء بالنسبة لعبء إدارة البلاد، أو مواجهة الانفلات الأمني الداخلي، أو الضغوط الخليجية العربية، أو الضغوط الأمريكية والإسرائيلية، أو المؤامرات الدنيئة في سيناء وغيرها، أو المطالب الثورية والشعبية الضاغطة، أو مواجهة الفلول وأذناب النظام القديم الذين لا زالوا في كل مؤسسات الدولة حتى الآن، أو محاكمة القائد الأعلى للقوات المسلحة كرمز للشهامة العسكرية وليس كخائن للأمانة الوطنية.

والهدف من هذا المقال هو التبشير بأن الثورة مستمرة، ومصر الجديدة في البناء، ولن يعود عصر الفساد والظلم والنهب والتخلف بكل أبعاده، ثم أقدم نداءين أحدهما للشعب المصري ووسائل الإعلام والثاني للمجلس العسكري ثم في النهاية أقدم هدية رمضانية إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة.

التبشير باستمرار الثورة يعتمد على الرهان على أمرين: وطنية المجلس الأعلى للقوات المسلحة واستنارته في تصميمه على بناء الأساس المؤسسي لإقامة دولة مدنية ديمقراطية حديثة. والأمر الثاني هو استنارة القطاع الأعظم من الشعب المصري ووسطيته، وعدم وجود حالة الاستقطاب السياسي المبالغ فيها في وسائل الإعلام. فنحن لا نرى جيوشا أو جماعات منظمة ضخمة ممن يقال عنهم علمانيون أو لبراليون فهم ليسوا أكثر من مواطنين صالحين مفكرين أحرارا يؤمنون بالمواطنة والعلم والأخلاق على السواء، وهم غالبا ما يقفون وراء التغيرات الإيجابية مثل ثورة يناير المستنيرة. أما النقيض الحقيقي الذي انفجر بعد الثورة وهو ظاهرة الإسلام السياسي فهو ليس إلا "كاللو" مؤقتا، أو التهابا في جزء من الجسد المصري، أو قل إذا شئت أثرا من الآثار الجانبية للثورة المصرية، وسوف يهدأ ويعود لحجمه الطبيعي بعد أن يدرك أتباعه تحول قادته وأحزابه عن الدين وانغماسهم في السياسة وأنانيتها وانتهازيتها وأوحالها، وهذا أمر معروف بين العلماء الاجتماعيين يطلق عليه "التحول الهدفي الناتج عن القانون الحديدي للسلطة الهرمية."

أما ندائي للشعب المصري ووسائل الإعلام فيتمثل باختصار شديد في إمعان العقل والاستجابة للضمير في محاولة التمييز بين المخلصين الثوريين من أبناء هذا الوطن، من ناحية، وبين من لا يخجلون من المتاجرين بالسياسة والمتاجرين بالدين والمتاجرين بالسياسة والدين معا، من ناحية أخرى، وتعمد إهمالهم وتركهم دون دعم أو عون أو تشجيع حتى يتوبوا أو يلفظهم الجسد المصري الطاهر.

وأخيرا يأتي النداء المهم والموجه إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة:

<!--رضينا إكراما لكم، وقد يكون قهرا، بالمحاكمة المستفزة ذات السبعة نجوم لمن لا يستحقها، وهو مبارك ومن حظي بمعيته. ومن المؤكد أن استمرار هذه المحاكمة إلى نهايتها سيزيل عن كاهلكم عبئا نفسيا كبيرا يمكنكم من عطاء أكبر في مهمتكم الثقيلة.

<!--استقم، مجلسنا الموقر، ولا أقول تحيز إلى الشعب الفقير والثوار الأحرار شبابا وكبارا، وخاصة الشباب منهم، ولا أنسى أيضا المناضلين من أجل الثورة مثل البرادعي والأسواني وعيسى وفضل وغيرهم كثير، فهم وطنيون يعظمونك ويجلونك ولكنهم، كما أفعل الآن، يناشدونك ويذكرونك.

<!--لقد سجل التاريخ بحروف من نور ميدان التحرير في أم الدنيا ليناظر تمثال الحرية في المدخل الشرقي للولايات المتحدة، فلنجعله أهلا لذلك، مكانا آمنا للأحرار المسالمين ومنبرا للتعبير عن الرأي الحر، بل وساحة راقية للمطالب والاحتجاجات المشروعة.

<!--آن الأوان أن نقول "لا بحزم وقوة Stern no" لمن يتمادون في الغي والتطرف، ولكن ليس من خلال المحاكمات العسكرية، فهل يقبل ضميركم أن يحاكم مبارك وفرقته الباغية محاكمة طبيعية، ويحاكم اثنا عشر ألفا من المدنين والشباب الثوريين بمحاكمة عسكرية؟

<!--عسى أن يكون العدوان الإسرائيلي الأخير على طابا مدعاة ومحركا لتنشيط الحركة التنموية في مصر، وعلى رأسها مشروع تنمية سيناء ذي المعلومات والدراسات الجاهزة تماما، فالقوة ليست بالكلام والنباح الأجوف. وفي ظل هذا النداء أقدم الاقتراح التالي هدية رمضانية لسيادتكم مجلسنا الموقر.

الهدية الرمضانية: هي قيام سيادتكم بتكليف الأستاذ الدكتور على السلمي بدراسة وتطبيق مشروع اللامركزية لبعث الحياة في الشعب المصري التي عادت له روحه إلى درجة كبيرة وإطلاق مشاركته في بناء مصر وتنميتها. وتتمثل أركان هذا المشروع في الحزمة المتكاملة التالية:

<!--تقليل عدد الوزارات من خلال دمج المرتبط منها حتى ينخفض إلى النصف (حوالي 15 وزارة).

<!--انتخاب المحافظين.

<!--إلغاء مستوى المحافظة والاكتفاء بمستويات الوزارة، والمراكز، والوحدات المحلية القروية.

<!--رفع نسبة المخصصات المالية الموجهة للمحليات ومضاعفتها أربعة أضعاف لتصل إلى 25% من الميزانية، على أن تزاد بعد ذلك كما هو الحال في الدول المتقدمة.

<!--التمكين السياسي للوحدات المحلية على مستوى الأحياء والمدن والقرى من أجل حرية التخطيط والتنفيذ واتخاذ القرارات التنموية على المستوى المحلي.

<!--قيام الحكومة بتدريب المحليات وتوفير المعونة الفنية لها.

تمثل المرحلة الانتقالية الحالية فرصة ذهبية لتنفيذ هذا المشروع، وذلك لليونة أو سيولة التكوين البنائي والوظيفي الحالي لمؤسسات المجتمع المصري بعد الثورة، في الوقت الذي تمثل فيه المركزية الهائلة والبيروقراطية المقيتة أعتى معوقات السلام الاجتماعي والتكامل والتنسيق والتنمية والتي لا زالت تقف عائقا هائلا أمام تطبيق القرارات الصائبة وتحقيق الغايات المنشودة. ويكون هذا المشروع أجمل هدية تذكارية يقدمها المجلس الأعلى للقوات المسلحة لمصر الجديدة بعد الثورة الينايرية المستنيرة.

وكل عام وأنتم بخير.

المصدر: أ.د. محمد نبيل جامع

ساحة النقاش

أ.د. محمد نبيل جامع

mngamie
وداعا للتنبلة ومرحبا بمصر الحرة: يهدف هذا الموقع إلى المساهمة في التوعية الإنسانية والتنمية البشرية، وإن كان يهتم في هذه المرحلة بالذات بالتنمية السياسية والثقافية والإعلامية نظرا لما تمر به مصر الآن من تحول عظيم بعد الثورة الينايريةا المستنيرة، وبعد زوال أكبر عقبة أمام تقدم مصر الحبيبة، ألا وهو الاستبداد »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

99,100