بسم الله الرحمن الرحيم

رباعيات تربوية

(1) : رباعية التميع

إعداد

أ.د. عبدا لمنعم محمد حسين حسنين

أستاذ المناهج والتربية العلمية بكلية التربية بالوادي الجديد – جامعة أسيوط

أولا: تمهيد :

 

      حتى يسهل على القارئ العادي والمتخصص فهم العلاقات بين جوانب العملية التربوية عامة وجوانب النمو للفرد خاصة كمثالين من الأمثلة التربوية الشائعة الاستخدام في العمل التربوي كان من الضروري صياغة تلك العلاقات في صور تسهل وتعين على ذلك الفهم ومنها تلك الصور التي يمكن عرضها في صورة رباعيات ؛ كما أن هناك صورا أخرى تصاغ في صورة ثلاثيات وأخرى في صورة خماسيات .. وهكذا .

       والمقال الحالي يعرض رباعية تربوية تسمى " رباعية التميع " نظرا لأن عناصرها الأربعة تكاد تكون كل متداخل فيما بينها ولكن ينبغي إدراك ما بين عناصرها من تفاعل متبادل حتى يتم استغلالها الاستغلال الجيد في العمل التعليمي بصفة خاصة  وفى أي عمل علمي آخر بصفة عامة.

ثانيا: عناصر الرباعية :

       عناصر رباعية التميع هى :

1)   البيانات                                 Data        

2)   المعلومات                  Information

3)   المعرفة                     Knowledge        

4)   الذكاء                       Intelligence

كما يمكن ترتيب عناصرها أيضا كما يأتي:

1) المعلومات                                     2) البيانات     3) المعارف              4) الذكاء

هذه هي الرباعية التي يمكن اختصارها في الحروف الأولى لكل عنصر منها :            DIKI حسب الترتيب الأول لعناصرها ؛ وكما يمكن أن يكون ترتيبها نظرا للتداخل التام بين المعلومات والبيانات بحيث يمكن أن تكون البداية البيانات ثم تنتج المعلومات وكذلك العكس تكون البداية المعلومات التي تستدعى ضرورة البحث عن بيانات مفسرة لتلك المعلومات يمكن أن تكون الصيغة المختصرة لتلك الرباعية  كما يلي: IDKI .

       وقد تكون الصورة الثانية المختصرة ذات دلالات هامة وتلك الدلالات تكون وسيلة للتعرف على تلك الرباعية والاستفادة من استخداماتها وتلك الدلالات هي :

1)  أن الصورة المختصرة : IDKI يمكن تقسيمها إلى :  ID ، KI وقد يشير ذلك التقسيم إلى دلالة غاية في الأهمية هي أن المقطع : ID يشير إلى الهوية الخاصة بالفرد ؛ كما أن المقطع الثاني :KI قد يشير إلى المحتوى الذي تحمله وتبينه هوية ذلك الفرد من معرفة وذكاء يختص به ذلك الفرد  من معالجته للبيانات والمعلومات التي حصل عليها من خلال التعليم والتعلم .وذلك لآن المعرفة تختلف من فرد لآخر تبعا لقدراته ومهاراته الخاصة الممثلة في ذكائه والتي يكونها كل فرد تبعا للمعنى الذي يتوصل إليه الفرد للمعلومات المكتسبة والناتجة من معالجة البيانات المرتبطة بتلك المعلومات .

2)  يشير ذلك الاختصار أيضا : IDKI أن الذكاء يمكن تنميته وليس فطريا كما كانت الفكرة السائدة عنه في الماضي وأنه يتوقف على عوامل هامة منها على وجه الخصوص كما تشير تلك الصيغة المختصرة : البيانات والمعلومات والمعارف المتوافرة لدى الفرد التي  تنمى لديه قدرات متنوعة عامة وخاصة تعكس ذكاء ذلك الفرد باعتبار أن الذكاء بالمفهوم الشائع يمكن التعبير عنه بأنه كل ما لدى الفرد من قدرات عامة وخاصة (قدرات عامة وأخرى طائفية تخصصية مثل القدرة الموسيقية مثلا كقدرة خاصة يمكن أن تكون متوافرة لدى بعض الأفراد وليس عامة الأفراد ) ومن الواضح أن تنمية تلك القدرات الدالة على ذكاء الفرد يمكن تنميتها بالمعلومات والبيانات والمعارف المرتبطة بمجالاتها .

3)  تشير تلك الصورة المختصرة أن هناك عوامل وسيطة بين المعلومات والذكاء إذ لا تكفى المعلومات فقط في تنمية ذكاء الفرد بل ينبغي على الفرد أن يعمل فكره في الاستفادة من تلك المعلومات بإنتاج البيانات أو البحث عن البيانات المفسرة لها باستخدام نظم خاصة تسمى " نظم معالجة المعلومات " كما يمكن أن يقوم بمعالجة البيانات أيضا باستخدام نظم تسمى " نظم معالجة البيانات " لاستخراج المعارف المهمة والضرورية لنمو قدرات الفرد وبالتبعية نمو ذكائه ؛ ومن تلك الدلالة يتضح لنا عيوب التعلم الصم القائم على حفظ المعلومات فقط دون معالجتها لاستخراج البيانات والمعارف المرتبطة بها وهو الوضع الراهن الذي قد يمارسه بعض التلاميذ خاصة بمراحل التعليم الأولى لاجتياز الامتحانات بسهولة التي مازالت تركز على حفظ المعلومات .

ثالثا: العلاقة المتبادلة بين عناصر الرباعية :

       يمكن توضيح تلك العلاقة المتبادلة والمتفاعلة في شكل يوضح التداخل والتفاعل التام بين العناصر الأربعة حتى انه قد يصعب الفصل بينهما أو بمعنى آخر قد تكون تلك العناصر الأربعة في حالة " تميع " فيما بينها كما يتضح من ذلك الشكل:

 

المعلومات

البيانات

المعارف

الذكاء

 

 

ومن الشكل السابق يتضح ما يأتي :

1)  التداخل التام بين عناصر الرباعية بحيث أن كل عنصر منها يتفاعل مع غيره من العناصر جميعها تفاعلا متبادلا بحيث أن كل العناصر تكاد تكون ذات صفة متميعة في بعضها بعضاً.

2)  أن المعلومات يمكن الحصول عليها بمعالجة البيانات ؛ كما أنه قد يستطيع الفرد الحصول على المعلومات من البيانات التي حصل عليها نتيجة ملاحظاته أو تجاربه . ويمكن تمثيل العلاقة بين البيانات والمعلومات في ضوء المعادلة التالية :

بيانات + عمليات حسابية أو عقلية أو علمية .. الخ = معلومات

3)  أن المعارف العامة قد يصل إليها الفرد من معرفة العلاقة التي تربط المعلومات بالبيانات الخاصة بمجال تلك المعرفة سواء كانت معارف صحية أو علمية أو اجتماعية أو اقتصادية.. إلى غير ذلك من أنواع المعارف .وتلك المعارف تختلف من فرد لآخر في ضوء الاختلافات بينهم في القدرات والمهارات الممثلة للذكاء العام للفرد والمعرفة لا يصل إليها الفرد إلا إذا عرف معنى ما يصل إليه من معلومات وأن يكون ذلك المعنى يحقق له التكيف الناجح مع نفسه ومجتمعة وأن لم يصل إلى المعنى المحقق لذلك التكيف فإنه يصبح في حالة قلق وتوتر ولن يزول ذلك التوتر والقلق ما لم يصل إلى المعنى الذي يرضى عنه ويمكن التعبير عن العلاقة بين المعلومات والمعرفة في ضوء المعادلة التالية :

معلومات + المعنى = المعرفة

4)  يوضح الشكل السابق علاقة ذكاء الفرد بالعناصر الثلاثة : المعلومات ؛ البيانات ؛ المعارف بحيث يمكن تصور أن ما يتوصل إليه الفرد منها يتوقف على ذكاء الفرد أولا وأيضا يمكن أن تكون نتيجة ما يتوصل إليه من معارف نمو في قدرات الفرد تبعا لنوعية المعارف التي وصل إليها الفرد وبالتبعية ذلك النمو في القدرات ينعكس على نمو في الذكاء العام للفرد .

رابعا :ما المقصود بكل عنصر من عناصر الرباعية :

     لكي يسهل على الفرد فهم ما بين عناصر رباعية " التميع " من علاقات ينبغي تحديد المقصود بكل عنصر منها فيما يأتي:

1)  البيانات : يقصد بها النتائج التي يتوصل إليها الفرد من خلال ملاحظته العفوية أو المضبوطة (التجربة)  وغالبا ما تكون تلك النتائج مصاغة صياغة كمية ومثال ذلك

عدد الأشجار المزروعة في بيئة معينة(1) :...عدد المواطنين الأصحاء في تلك البيئة :

عدد المواطنين المرضى داخل المستشفيات بتلك البيئة :

عدد الأشجار المزروعة في بيئة أخرى(2) :      عدد المواطنين الأصحاء(2):

عدد المرضى في بيئة (2) :

2)  المعلومات : النتائج التي بتوصل إليها الفرد من خلال مقارنة بين البيانات التي حصل عليها في كل من بيئة (1) ، (2) من خلال إعمال الفكر أو تطبيق عمليات حسابية أو عقلية عليها  ويمكن مثالاً من خلال معالجة البيانات السابقة التوصل إلى المعلومات الآتية :

(أ)   عدد الأشجار في بيئة (1) أكثر من عدد الأشجار في بيئة (2)

(ب) عدد المواطنين ألأصحاء في بيئة (1) أكثر من عدد نظرائهم في بيئة (2)

(ج)  عدد المرضى في بيئة (2) أكثر من عدد نظرائهم في بيئة (1)

3) المعارف : هى عملية تمثيل المعلومات لأنظمة الكيان النفسي للإنسان : ويعنى ذلك مدى استفادة الفرد من المعلومات بقدر ما يتوصل الفرد إلى معنى لتلك المعلومات يرضيه نفسيا واجتماعيا ويحقق له الرضا والتكيف الناجح ويسهم  في تكوين الكيان النفسي للإنسان حيث أن الإنسان يمكن تحديد كيانه بكيانين رئيسين هما الكيان الجسدي الذي ينمو بالتغذية والكيان النفسي الذي ينمو بالمعارف ومكونات ذلك الكيان النفسي متعددة ومتنوعة ومنها على سبيل المثال لا الحصر :الحقائق الصحيحة التى يرضى عنها الفرد / القيم المرغوبة / الاتجاهات المفيدة / العادات السليمة /  طرق التفكير السوية / الميول والاهتمامات المفيدة / ...  إلى غير ذلك من مكونات قد يطول شرحها .

مثالاً للمعارف التي يتوصل إليها الفرد تطبيقا على المثال السابق ما يأتي:

1)   التوصل إلى حقائق علمية ثابتة منها: أن الكساء الخضرى بالبيئة له علاقة بالوقاية من الأمراض .

2)   تكوين اتجاه موجب نحو الحفاظ على أشجار البيئة وعدم اقتلاعها أو تدميرها .

3)   تكوين ميول بيئية نحو زرع المزيد من الأشجار في البيئة .

..... وهكذا يمكن أن نعدد كثيراً من المعارف التي تسهم في تكوين الفرد وتنمية كيانه النفسي وتنمية قدراته وقد يرتبط كل ذلك بمستوى ذكاء الفرد ؛ كما قد يسهم ذلك في تنمية ذكاء الفرد أيضا . ويتضح أيضا أهمية المعلومات الصحيحة الناتجة من بيانات صحيحة ولذلك أصبحت المعلومات في عصرنا هذا " عصر المعلومات " قوة :Information is Power ؛ وبقدر ما يمتلك الفرد أو تمتلك أمة من الأمم من معلومات صحيحة بقدر ما يكون مستوى التقدم الناتج على الفرد أو الأمة .

     هذا ويمكن أن يبدأ الفرد بالمعلومات ثم يبحث ع، البيانات المفسرة لتلك المعلومات ويستمر حتى يصل إلى المعارف المهمة التي تسهم في تنمية قدراته وذكائه.

خامسا : التطبيقات التربوية لرباعية التميع :

     يتضح مما سبق أن لرباعية التميع الكثير من التطبيقات المفيدة ومنها :

1)   تطبيقات لتفعيل التعليم والتعلم داخل الصف الدراسي  على المستوى المدرسي.

2)  تطبيقات مفيدة على مستوى الفرد لغرض تنمية قدراته وذكائه خاصة عند ممارسة مهارات التعلم الذاتي على مستوى تفاعله وتعامله مع البيئة والمجتمع الذي يعيش فيه وفهمه لنظم مجتمعة وجعله فاعلا في تنمية تلك النظم وتطويرها بصفة مستمرة.

3)  تطبيقات على مستوى الباحث العلمي عندما يتوصل إلى بيانات وكيفية معالجتها للتوصل منها إلى معلومات ومعارف بما يسهم في جعله قادرا على الدراسة والبحث في مشكلات البيئة ومشكلات حياته اليومية وحياة غيره من الأفراد بهدف تحسين نوعية الحياة التي نحياها Quality of Life .

سادسا : موضوعات تحتاج لمزيد من الدراسة والفهم لمزيد من المعرفة :

          من العرض السابق لعلك _ عزيزي القارئ_ توصلت إلى فهم رباعية التميع وعناصرها الأربعة ولعلك أدركت أهمية الاستفادة منها في حياتك العامة والعلمية وقد تحتاج لكي يكون لديك مزيد من المعرفة عن رباعية " التميع " لمزيد من الدراسة في الموضوعات الآنية :

1) الذكاء – الذكاء الصناعي            2) نظم معالجة البيانات

3) نظم معالجة المعلومات               4) مستويات المعرفة

5) تمثيل المعلومات                       6) نظريات التعليم والتعلم

وهكذا قد تدرك أنك بحاجة لمزيد من الدراسة لتلك الموضوعات وكذا غيرها من موضوعات أخرى . ونسأل الله أن يوفقنا لمزيد من المعرفة والفهم لصالح أنفسنا ولصالح مجتمعنا .

سابعا : مراجع للاستزادة من المعرفة :

(1) بواين كامبل فيكرى وإلينا فيكرى ، علم المعلومات بين النظرية والتطبيق ، ترجمة                                                                                                   حشمت قاسم ، القاهرة : مكتبة غريب ، د.ت0

(2) عبد المنعم محمد حسين حسنين ، التعلم الذاتي للعلوم الطبيعية ، القاهرة : مكتبة النهضة المصرية ، 2001.

3) فتحي عبد الله فياض، التحليل الإحصائي للبيانات الجغرافية ، القاهرة :دار الفكر العربي ، 1991.

4) محمد منير مرسى ، المعلم وميادين التربية ، القاهرة : مكتبة الأنجلو ، 1993.

 

المصدر: عبد المنعم محمد حسين ، موقع ناشرى نت ، 2012
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 93 مشاهدة
نشرت فى 31 مايو 2015 بواسطة mmonn33

عدد زيارات الموقع

2,616