
فاضل الكعبي
نحاول هنا، في هذا المبحث حصر مهام مسرح الاطفال، والبحث في هذه المهام بايجاز شديد، وصولا الى اعطاء الصورة الواضحة عن خصوصية مسرح الاطفال، واهم الاتجاهات التي يتجه بها، واليها هذا المسرح..
والى جانب ذلك يحاول هذا المبحث الاحاطة بمفهوم مسرح الاطفال، وتعريفه من عدة اتجاهات.. مع النظر الى حاجة الطفل الى هذا المسرح، الذي يهمنا ان يدرك الجميع وظائفه، وخصائصه، وعوالمه واشكاله، وانماطه، في الحياة العامة للطفل.. فعندما يدرك الجميع اهمية هذا المسرح، ودوره في حياة الطفل، يمكن لهذا المسرح ان ينمو، ويتطور وتتوسع اتجاهاته، ليصبح ظاهرة فنية، وجمالية، وتربوية، لا غنى عنها في حياة الطفل... ان مسرح الاطفال بكل اشكاله، ومؤثراته، وفعالياته المتعددة، وفي سعة خطابه الجمالي والمعرفي، يدفعنا الى المطالبة بتوسيع نشاطه ووجوده، ليشمل المساحة العامة لتواجد الاطفال، وليكون المجال الاوسع، والارحب لاهتمامات وانشغالات الطفل، بعد المدرسة.. وذلك لحاجتنا نحن الكبار الى هذا المسرح قبل حاجة الاطفال اليه، وحاجتنا تكمن بقوة اساليب وعناصر هذا المسرح في التأثير في الاطفال، من مختلف النواحي التربوية، والتعليمية والثقافية، وهذا ما نحتاجه في اساليبنا الحديثة والمؤثرة في التنشئة الاجتماعية والثقافية.. من هنا على افراد المجتمع الاهتمام بمسرح الاطفال، وادراك ماهيته بدقة، تدفعهم الى التجاوب معه، والانحياز الى وظائفه ومهامه في تنمية وتطوير قدرات الطفل، واتجاهاته المعرفية والسلوكية والاجتماعية.. ولكي نكون اكثر فهما لوظائف ومهام مسرح الاطفال، وندرك حقيقة هذا المسرح، وطبيعته علينا اولاً ان ندرك مفهوم هذا المسرح ..
*مفهوم مسرح الاطفال
تعددت الاراء والافكار التي تتعرض لمفهوم مسرح الطفل وتعريفه، ولعل
ابرز هذه الاراء والافكار التي تنطق من اساس وجود هذا المسرح واهميته للطفل، والتي ترى في مسرح الاطفال اطاراً فنياً شاملاً يجمع المعرفة والتعليم والتثقيف والتسلية ويضخها دفعة واحدة الى الطفل المشاهد.. وعلى هذا الاساس يمكن تعريف مسرح الاطفال على انه ذلك المسرح المتخصص، والمخصص بكل ابعاده، وجوانبه الفنية، واساليبه العملية وتقنياته العلمية، الى الاطفال، وفق رؤية علمية وجمالية واجتماعية، تأخذ بنظر الاعتبار المراحل العمرية وتدرجها في مدة الطفولة، وكذلك الاخذ بقدرات الاطفال وتفاوت هذه القدرات في الفهم والاستجابة والادراك الحقيقي لماهيات الاشياء الممسرحة، والتي يروم المسرح تقديمها الى جمهور الاطفال..
ولكي نقترب اكثر من مفهوم مسرح الاطفال يمكن الاشارة هنا الى ما جاء من تعريف لمصطلح مسرح الاطفال في بعض المعاجم والقواميس.. ومنها على وجه التحديد، ما جاء في (معجم المصطلحات المسرحية) حيث عرف مسرح الاطفال على انه: (المكان المهيأ مسرحيا لتقديم عروض تمثيلية كتبت واخرجت خصيصاً لمشاهدين من الاطفال، وقد يكون كلهم من الاطفال) (1).. اما (قاموس اكسفورد) فقد حدد تعريفه لمسرح الاطفال على انه يمثل النشاط المسرحي المقدم على شكل (عروض مسرحية للممثلين المحترفين او الهواة الصغار، سواء على خشبة المسرح ام في قاعة معدة لذلك) (2).. وهناك تعريف اخر ورد عن مسرح الاطفال في تقرير خاص قدمه مؤتمر المسرح في الوطن العربي، اكد فيه على: (ان مسرح الاطفال هو ذلك المسرح الذي تقدم فيه عروض فنية للاطفال بين سن السابعة والرابعة عشرة ويقدمها ممثلون محترفون) (3). ومسرح الاطفال كما يراه بعض العاملين فيه على:( انه جزء من مسرح الكبار، ويتصف بصفاته في الغالب مع فارق في مستوى النص، وفي نوعية الممثلين والافكار والاهداف) (4).. وانطلاقاً من هذه التعاريف نفهم ان مسرح الاطفال هو: أ-شكل من اشكال المسرح، له خاصيته في التوجه الى جمهور الاطفال، على ان ينطلق في مهماته من مستويات الاطفال وفئاتهم العمرية.. ب-هو العرض المسرحي الذي يختار قصة او حكاية محددة، يتم مسرحتها بطريقة مناسبة تتماشى مع مدركات الاطفال، وتنسجم مع قاموسهم اللغوي، ومع عوالمهم الخاصة.. ج-المسرح الذي يمثل فيه ممثلون كبار، يجسدون الشخصيات الموضوعية، والمواقف المدهشة، والمثيرة التي تنطلق من عوالم الطفولة، وتتوجه الى هذه الطفولة، وكذلك يمكن لهذا المسرح ان يمثل فيه اطفال هواة امام جمهور الاطفال، سواء على خشبة المسرح ام في قاعة من قاعات المدرسة..
وعليه فإن مسرح الاطفال بهذا الفهم، وهذا التوصيف، يمثل الاطار الشامل لكل انواع التمثيل والتجسيد، والمحاكاة، وما يقابل ذلك من اللعب والحركة، والتي تتجسد جميعها في بنية الدراما العامة للطفل، التي يصطلح عليها بالمفهوم العام (دراما الطفل) التي هي- باختصار شديد- (اصطلاح شامل يعني بصفة عامة لكل اشكال مسرح الاطفال سواء في ذلك التي يمثلون فيها ام التي يمثل فيها غيرهم.. ودراما الطفل بهذا المعنى تشمل الظواهر التي توصف بانها (الدراما الخلاقة) و(مسرح الاطفال) و (المسرح الترفيهي) وتشمل كذلك الفصول الرسمية في بعض المدارس الابتدائية للاطفال والتي تعلم التمثيل او صنعة المسرح) (5). ان دراما الطفل عادة تنطلق من اللعب، كما يقول (بيتر سليد) حين يؤكد على: (ان اساس دراما الطفل هو اللعب، واللعب جزء حيوي للحياة، وهو بالنسبة للطفل يعتبر طريقته في التفكير والاسترخاء والعمل والتذكر والتجربة والابداع والتلقي، فاللعب هو الحياة نفسها) (6).. وبما ان اللعب هو الحياة نفسها كما عبر عنه (بيتر سليد) فإن المسرح كأنعكاس لهذا اللعب او تمثيلا له في دراما الطفل، يمثل الحياة نفسها للطفل..
اذن، من هذا المفهوم نصل الى حقيقة واضحة، وهي ان مسرح الاطفال، شكل من اشكال الفتن، الذي يحمل عدة توصيفات، ومهام ووظائف ووسائط وتأثيرات في توجهه الى الطفل، وعلى هذا الاساس علينا ان نفهمه ونتعامل معه، ونعطيه الاهمية انطلاقا من هذا المنطلق، الذي حدد لنا صورة وبنية مسرح الاطفال، في واحدة من تجلياته المتعددة.. وظائف مسرح الاطفال هناك من ينظر الى مسرح الاطفال، على انه مجرد وسيلة للمتعة، او وسيلة لسد فراغ الطفل وتسليته، او امتاعه ليس الا.. ان هذه النظرة القاصرة، والمتجنية على مهام هذا المسرح ورسالته المهمة في حياة الطفل، قد تفرغه من محتواه الحقيقي، وتلغي اهميته وحاجة الطفل اليه.. ترى هل مسرح الاطفال بهذه السذاجة التي يتحدث عنها البعض، فيعتقد ان ماهيته تتعلق بالمتعة وسد الفراغ فحسب؟.. فاذا كان الحال لماذا ينشغل به العلماء والمفكرون والدراسون والباحثون والتربويون؟.. ويصرون على الاخذ باشكاله ومضامينه في العديد من افكارهم ونظرياتهم، التي تبحث في قضايا الطفل الثقافية والتربوية والاجتماعية، وقد عده علماء النفس وعلماء الاجتماع، وعلماء التربية، وعلماء الجمال، وسيلة من اهم الوسائل لاغناء شخصية الطفل.. صحيح ان الوظيفة الامتاعية تعد من الوظائف الاساسية لمسرح الاطفال، غير انها لم تكن الوظيفة الوحيدة، او الوظيفة الطاغية في هذا المسرح، واذا كانت هكذا، فان هذا المسرح لا يعد مسرحاً حقيقياً، ومهما للاطفال، ولربما يصبح نوعا من انواع (التهريج) او (الملهاة) الفارغة.. لذلك فان من ينظر الى مسرح الاطفال على انه وسيلة للمتعة، او لسد فراغ الطفل فحسب، انما هم غير مدركين لماهية هذا المسرح، وحقيقته الموضوعية، والعلمية في حياة الطفل.. ان مسرح الطفل هو المجال الواسع لتجسيد عوالم الطفل، وتمكين الطفل من ادراك هذه العوالم ادراكا اكبر، والتفاعل معها بجدية، يمكن للطفل اعادة تشكيلها، وتصورها من جديد وبذلك يتمكن هذا الطفل من فتح الافاق الجديدة امامه، وهذه الافاق هي التي توسع من مداركه العقلية والحسية والنفسية، وتتيح له التجربة والابتكار والخلق والابداع، وكل ذلك يعد مقومات اساسية لتقوية وتنمية شخصية الطفل من كل النواحي النفسية، والتربوية، والتعليمية، والاجتماعية، والجمالية.. ففي الجانب النفسي لا نبالغ اذا قلنا ان مسرح الاطفال يستطيع ان يتغلب على العديد من المشكلات النفسية التي يعانيها بعض الاطفال، وذلك لقدرته على الكشف عن هذه المشكلات والتعامل معها تعاملاً ايجابياً يسعى الى حلها ومعالجتها عفويا، عبر عروضه، اذ ان التوازن النفسي والمحافظة على الصحة النفسية لدى الطفل من الاهداف الاساسية التي يحملها المسرح للاطفال، ويعمل على توسيع الاهتمام بها لدى توجهه في مخاطبة الاطفال والاتصال بهم، في عروضه المختلفة ، والمتنوعة بتنوع فئات الاطفال، فالمسرح فضلا عن ادراكه لمشكلات الاطفال النفسية، يعمل على تحسس هذه المشكلات ومعالجتها في عروضه في اطار المشاهدة او المشاركة او التمثيل، فهو يعالج حالات الخوف والخجل والانطوائية في النفس، ويسهم بتحريك الدوافع وتحفيز المواهب وتشجيعها واخراجها الى حيز الوجود الفاعل الذي يمكن الطفل من التعبير عنها) (7). فالموهبة اذا حبست داخل الطفل ولم تخرج الى العالم الواسع فانها تشكل خطرا عليه وتهدد كيانه النفسي، وتفقده اتزانه الوجداني، فهو بذلك يحس بضغط داخلي شديد على نفسه، كما يحس بان الطاقة العقلية غير المستغلة وغير المستثمرة تجعله في موضع المظلوم، المحروم من الوضع اللائق به في المجتمع) (8).. لذلك فان مسرح الاطفال- كما عده علماء النفس- يعمل على (تنمية الوظائف الوجدانية، جنبا الى جنب مع الوظائف العقلية، خصوصاً وان الصلة بين هذين النوعين من الوظائف النفسية، بحيث ما يؤثر على (الوجدان) لابد في الوقت نفسه من ان يؤثر على (التفكير) فليست التربية الوجدانية عملية نفسية مستقلة تمام الاستقلال عن التربية الذهنية، بل هي جزء لا يتجزأ من تلك العملية السيكولوجية المتكاملة التي اصطلح على تسميتها بأسم (بناء الشخصية) (9).. اما علماء الاجتماع فينظرون الى مسرح الاطفال على انه الوسيط الاجتماعي الذي يقوي الروابط الاجتماعية بين طفل واخر، وبين الطفل والمجموعة داخل المجتمع، وفضلا عن ذلك فان مسرح الاطفال من الناحية الاجتماعية يضع امام الاطفال واقعهم وجها لوجه، باحداثه وشخوصه وقيمه، ويدفعهم من خلال الاندماج والمشاركة الى ان يدركوا ان لهم دورا في تغيير هذا الواقع(10).
وفي الاطار المعرفي، فان مسرح الاطفال يضطلع بمهام اساسية في هذا المجال تأخذ اتجاهات متعددة لعل من ابرزها الاتجاه التربوي، والاتجاه التعليمي، والاتجاه الارشادي، وكل هذه الاتجاهات تعمل على تطوير قدرات الطفل ومهاراته، وتصل به الى الرقي العقلي والنفسي والتربوي والثقافي، وذلك لان مسرح الاطفال داخل هذا الاطار يعد مدرسة متكاملة لها منهجها الشيق، والمدهش في جذب الطفل وشده الى برامجها التعليمية والتربوية المناسبة، التي لا يجد فيها الطفل الرتابة والملل اذ ان فن المسرح واستخدامه في التعليم يعطي فرصة للطفل لان يتحرر من عبء المادة الدراسية، فالمدرسة قادرة على تنمية المواهب واستثمارها تحقيقاً لرسالتها في اشاعة المعرفة، وذلك من خلال تهيئة بيئة فنية تتيح الفرصة لهذه المواهب ان تتفتح وتنمو، هذا من جانب، وجانب اهم هو استيعاب المسرح للمنهج المدرسي وفق اساليب لا يشعر الطفل انها متعلقة بدراسته على نحو اساسي، بل هي معلومات حياتية قائمة يمكن ان يجدها في المدرسة او المسرح او البيت او الكتاب، مما يستلزمه استبصارها جيداً) (11)..
ومن هذا المنطلق يعتبر مسرح الاطفال، كما يقول (مارك توين): (اقوى معلم للاخلاق، وخير دافع الى السلوك الطيب الذي اهتدت اليه عبقرية الانسان) (12).. اما مسرح الاطفال، من وجهة نظر علم الجمال، فان الحديث والبحث في هذا الاتجاه له مديات كثيرة، واتجاهات متعددة لا نريد الخوض فيها هنا، ويمكن التعرض الى شيء منها باختصار شديد عبر التأكيد على: (ان المسرح بوصفه فنا جماليا يجسد لنا الحياة واقعا وخيالا، فهو فن تشخيص الجمال وتمثله، فهو يمسرح الجمال ويمتثل له باقصى ما يمكن له الامتثال الجمالي في صياغاته، لانه خلق اساساً للجمال، ومن روحه الكامنة في براءة الاطفال،لذلك اعتبر المسرح (مدرسة جمالية) اي بمعنى تربية (الحس الجمالي) واظهاره في الانفعال النفسي، القائم على الادراك والشعور والتفاعل الذي يظهره المسرح بوظيفته الجمالية والتربوية، باعتباره (ابو الفنون) لنشاطه الجمالي المؤثر، بوصفه (مؤسسة فنية توليفية متجانسة) لها قدرة التوليف بين فائدة التربية والتعليم والتثقيف، وفائدة الامتاع والتسلية والتشويق) (13).. من هنا فإن مسرح الاطفال يجسد الجمال بكل معانيه عبر عروضه الجمالية الواضحة، التي تعبر عن صور مسرحية جميلة، فعندما يتذوق الاطفال الصور المسرحية الجميلة- كما تقول (وينفريد وارد) يصبحون اكثر احساساً بالجمال (14).. وهذا الاحساس هو الذي يولد لديهم المتعة والمعرفة والرقي، عبر التمثيل امامهم، الذي يأخذ صورا متعددة لاسعادهم، وامتاعهم، وتعليمهم، اذ ان التمثيل امام الاطفال، كما يقول (قسطنطين ستانسلافسكي) : (يشبه التمثيل امام الكبار، على ان يكون بصورة افضل واوضح وانقى، ويقبل الاطفال على مسرحهم وكأنهم ذاهبون للاحتفال بالعيد، وهم يشاهدون على خشبة المسرح اعمالاً لمؤلفين كبار) (15) ..
ان هذه الاعمال المسرحية التي تقدم على خشبة المسرح، تقدم للاطفال اشكالاً ومواقف وتجارب من البهجة والفرح، كوظيفة من الوظائف المتعددة التي يقوم بها مسرح الاطفال، بل ان هذه الوظيفة تعد وظيفة اساسية لهذا المسرح وبدونها لا يشكل هذا المسرح اي تاثير في جمهوره من الاطفال، الذي يهمهم في مشاهدة عروض مسرح الاطفال سعة من الابتهاج والسرور تدخل الى نفوسهم، لذلك يعد مسرح الاطفال كما تعتقد بذلك (وينفريد وارد)وسيلة لايصال التجارب السارة للاطفال) (16).. فضلا عن ذلك فان مسرح الاطفال كما تراه الفنانة عواطف نعيم: (يشكل اهمية كبيرة في البنية الثقافية والاجتماعية للطفل، فهو احدى الوسائل المعتمدة لتربية وتهذيب الجيل الجديد، واعداده نفسياً وجمالياً ليكون قادرا في المستقبل على القيام بواجباته والتزاماته تجاه ذاته وتجاه الاخرين في وطنه) (17).. لذلك لا يمكن تجاوز اهمية مسرح الاطفال ودوره في حياة الطفل الثقافية.. ويجب ادراك اهميته ووظائفه وماهيته بشكل دقيق.. كذلك لا يمكن النظر الى هذا المسرح نظرة دونية، ساذجة، تراه سهل المنال، كما يرى البعض ذلك في نظرته الى مسرح الاطفال في ذلك الفنان سعدون العبيدي في رأيه، معللا هذه النظرة بالقول: (يعتقد البعض ان التعامل مع مسرح الطفل اسهل بكثير من التعامل مع المسرحيات التقليدية الاخرى الخاصة بالكبار، وهذه النظرة في الواقع لا تستند الى اساس، فالعمل المسرحي عموما يخضع الى قواعد وشروط وضوابط لا يمكن للفنان تجاوزها في مجال التأليف والاخراج والتمثيل والانتاج، ومع هذا فان العمل في مسرح الطفل يحتاج الى جهد خاص، وسعة في الخيال والتصور والامتاع، وهنا تكمن صعوبة المسألة.. وتقف عملية التأليف في مسرحية الطفل في مقدمة هذه الامور، فهي قبل كل شيء يجب ان تبتعد عن (السفاسف) والمواضيع والافكار الضيقة المهلهلة التي يعتمدها البعض في اعمالهم لانهم غير قادرين على فهم التركيب الفني لهذا الجانب، فضلا عن محدودية افقهم في التصور والانطلاق الى آفاق اوسع). (18).
ومن هنا يجب النظر الى مسرح الاطفال نظرة علمية دقيقة، تأخذ بكل خواصه واهميته، واذا ما ادركنا ذلك، وتعاملنا معه تعاملاً دقيقاً لا يستهين بوظائفه، وتقنياته الخاصة والعالية، عندها سنتمكن من الوصول الى حقيقة هذا المسرح، والوصول الى السبل الحقيقية والناجحة التي تمكننا من التعامل معه، وادراك لغة الوصل والاتصال بيننا وبين الطفل من خلال المسرح الحقيقي للطفل، الذي يمثل اهمية وحاجة ملحة للطفل. وما دام المسرح بهذه الدرجة من الاهمية للاطفال، لابد ان نحدد موقعه كحاجة بين حاجات الطفل المتعددة بشكل علمي دقيق .



ساحة النقاش