((أجِّلى لقاءَنا قليلاً .))بقلم الشاعر المصري/وائل العجوانى

مجلة عشاق الشعر الإلكترونية. .ممدوح حنفي

أَجِّلى لقاءَنا ..

قليلاً يا حبيبتى ..

حتى تستعيدَ الكرةُ الأرضيةُ

قدرتَها على إرضاعِ
ملايين الشعراءْ
وجعلَ حليبَ الشعرِ
شراباً ميسوراً
فى أيدى العامةِ والبسطاءْ
أجلى لقاءنا قليلاً ..
حتى يتزعَّمَ الربيعُ كلَّ فصولنا
فيذبحَُ حرَّ الصيفِ
ويقمعُ بردَ الشتاءْ
ويملأُ أغصانَ الخريفِ صبابةً
ويسرقُ من أوراقِهِ الإرهاقَ والإغماءْ
إجِّلى لقاءَنا قليلاً ..
حتى يُصبحَ الشعرَ ..
وطناً .. وكِساءْ
وَلِقاحاً .. وَدواءْ
وضميراً يسكبُ الأقمارَ
فى وجهِ السماءْ
أجلى لقاءَنا قليلاً ..
حتى يعودَ الزمانُ
أكثرَ خُضرةْ
وتعودَ الرياحُ
أكثرَ خُضرة
ويعودَ الجبينُ المسروقُ من ألفِ قرنٍ ..
لِيزأرَ للكبرياءْ
أجلى لقاءنا قليلاً
ولا تستائى ..
ولا تُهشِّمى كأسَ المحبةِ
والوفاءِ ..
فهذا الزمانُ ..
يحتقرُ الشعرَ والشعراءْ
وهذا الزمانُ يتهمُ العاشقينَ
بِأقبحِ الأشياءْ
وهذا الزمانُ لا يُعظِّمُ شيئاً
كما يُعظِّمُ الدَّجالةَ والإنحناءْ
أجلى لقاءنا قليلاً ..
حتى تعودَ لمياهِ البحرِ زُرقتُها
وحتى تعودَ لمياهِ الشعرِ زُرقتُها
وحتى تكشفَ السنابلُ ..
للأيامِ سُترتَها
أجلى لقاءنا ..
فنحنُ أتينا بزمانٍ أمىٍّ
لا يعرفُ القراءةْ
ولا يجدُ غَضاضةً ..
فى نسفِ أعصابِ البراءةْ
أتينا بزمانٍ مُنافقٍ
يخرجُ علينا فى كلِّ يومٍ
بِألفِ ألفِ عَباءَةْ
أتينا بزمانٍ ..
يعتبرُ ألبانَ الأطفالِ
من مُقتضياتِ الرفاهيةْ
ويجعلُ الحديثَ عن العشقِ
مَدعاةً للسخريةْ
ويقتلُ الشعرَ والشعراءَ
بِالضربةِ القاضيةْ !
أتينا بِزمانٍ ..
لا يتلمَّسُ شفةَ الأحزانْ
ولا يهمهُ أينَ ولا كيفَ ولا متى
يُولَدُ الإنسانْ ..
ولا أينَ ولا متى ولا كيفَ
يموتُ الإنسانْ ..
أتينا بزمانٍ ..
له ألفُ رأسٍ
كأنَّها رؤوسُ الشياطينْ
أتينا بِزمانٍ ..
مُهشَّمٍ .. مُمزَّقٍ .. حزينْ
أجِّلى اللقاءَ ياحبيبتى ..
حتى يستعيدَ الزمانُ العافيةْ
أو تعودَ الأرضُ ..
يُسكرُها الحنينْ !!