وتهتم بتدريب العقل البشري على إدراك الحقائق وما تشمله من قيم، ومثل، وحقائق، وأفكار، حيث إن عالم المثل هو عالم الحقيقة الوحيد وأن العالم الملاحظ المحسوس في تغير دائم ومستمر، وله نظير في عالم العقل. ويعد أفلاطون المؤسس الأول للنظرية المثالية، وذلك لاعتناقه اليقيني بأن العالم الحقيقي هو العالم المثالي، وأن ما عداه هو زيف وضلال، وقد أظهر في كتابه (الجمهورية) أن المجتمع يتكون من ثلاث طبقات: طبقة الفلاسفة، ولها الزعامة الفكرية، ويمتازون بقوة ورجاحة في العقل، وتتمثل وظيفة الطبقتين الثانية (الجند) والثالثة (الزراع والصناع، أصحاب المهن) في القيام على خدمة ورعاية طبقة الفلاسفة الذين يتميزون بقدرتهم علي التخطيط،وإدارة شئون البلاد، ورسم سياستها الداخلية والخارجية، ولذا تساءل عن كيف يمكن لطبقة الفلاسفة أن يقبضوا على زمام السلطة في المجتمع، وكيف يمكن أن تصبح المعرفة أساسا لبناء اجتماعي جديد. ولقد تأثرت المناهج المدرسية بالفلسفة المثالية وانصب اهتمام المناهج علي الجوانب العقلية كوسيلة لتحصيل المعارف، ومن هنا فقد احتلت مناهج الرياضيات، والفلسفة، والمنطق، والجدل العقلي مرتبة متقدمة، ومكانة عالية في المناهج المدرسية، لأنها تدرب العقل البشري على تحصيل الحقائق العليا. وينصح أفلاطون بأن يكون البدء بتعليم الهندسة والحساب مبكرا، إلى جانب التربية الموسيقية، وهكذا حتى يرتقي السلم التعليمي، ليدرس مقررات في الفلك، والرياضيات، بهدف تنمية عقول أولئك الذين لديهم القدرة على الحكم. ومن حيث المصدر الأساسي للمعرفة، فقد أصبح المعلم مصدرا أساسيا للمعلومات، وانحصر دور التلميذ في التلقي السلبي للمعلومات والمعارف وحفظها أو استرجاعها، على اعتبار أن الغاية من وراء ذلك هو تنمية قدراته العقلية، وتركزت طرق التدريس على أسلوب العرض، والأساليب الأولية التي تشجع التلميذ على الحفظ والتذكر، الاسترجاع غير الواعي للمعلومات. ولما كانت الفلسفة المثالية لا تقوم على أساس حقيقي واقعي يمكن أن يعول عليه كثيرا في الواقع الفعلي، فقد خرج أرسطو على هذه الأفكار، ونادى بالفلسفة الواقعية التي تنطلق من أن العالم المحسوس هو عالم الحقيقة الذي يمكن إدراكه من خلال الحواس.