نحو تطوير أساليب تقويم المعلم:
إن التقويم ناتج من الأهمية البارزة لدور المعلم في العلمية التعليمية , ويرى المتتبع للتطور التربوي أن تقويم أداء المعلم سار في اتجاهات ثلاثة هي:
ـ البحث عن خصائص المعلمين كمعيار للكفاءة التدريسية سواء أكانت هذه الخصائص شخصية أم ثقافية , أم مهنية.
ـ البحث عن العملية التدريسية باعتبارها عملية اتصال وتفاعل بين المعلم وتلاميذه، ومعرفة ما يتم فيها من سلوك المعلم والتلميذ سواء اللفظي أم غير اللفظي، واعتباره أساس التعلم بمعناه الواسع، وهو بذلك مؤشر صادق لكفاءة التدريس، وبذلك ظهر الاتجاه المعروف باسم تحليل الأداء من خلال الملاحظة المنظمة لسلوك المعلم والتلميذ، ومن أشهر المهتمين بهذا الاتجاه: موراك، وفلاندرز، وبراون، وأدسكار.
- البحث عن نتائج التعليم باعتبارها المؤشر المهم في تحديد كفاءة المعلم، ويركز هذا الاتجاه على العائد ( المخرجات )، وتحتل اختبارات التحصيل مركز الصدارة كأدوات للتقويم عند أصحاب هذا الاتجاه.
أن عملية تقويم أداء المعلم عملية شاقة، فهي ليست مجرد تجميع للمعلومات، والشواهد الخاصة بأداء المعلم، وأنما تتضمن أيضا التحليل العلمي الرصين لتلك المعلومات، والشواهد في ضوء أهداف محددة سلفا.
وتتلخص خطوات تقويم أداء المعلم في الآتي:
1- تحديد مستويات الأداء التي يجب أن يحققها المعلم.
2- تجميع المعلومات الخاصة بالأداء الفعلي للمعلم.
3- تحليل النتائج التي أسفرت عنها هذه المعلومات الفعلية، ومقارنتها بما يجب تحقيقه، وتحديد مصادر الفروق.
ويجب أن تتم الخطوات السابقة في ضوء أساليب وطرق موضوعية معينة يتبعها المعلم سواء أكان " المدرس الأول "، أم الموجه الأول، أم زملاء العمل، أم مدير المدرسة، أم مسئول التعليم بالمدرسة، أم لجأن المتابعة، أم التلاميذ أنفسهم، أم المعلم ذاته ؛ لتنمية الجوانب الشخصية، والمهنية، والأكاديمية، والاجتماعية للمعلم، وهذه الأساليب هي: مقابلة المعلم، اختبار كفاءة / مقدرة المعلم، الملاحظة الصفية، تقديرات التلاميذ، نقد الزملاء، تحصيل التلاميذ، التقويم الذاتي، مقاييس غير مباشرة، وفيما يلي عرض مختصر لأساليب تقويم أداء المعلم:
1- مقابلة المعلم: يستخدم هذا الأسلوب عادة في بداية تعيين المعلمين، أو عند إخبار المعلمين ذوي الخبرة بنتائج عملية تقويم أدائهم التدريسي، وتبعا لهذا الأسلوب يوجه المقوم عددا من الأسئلة المتنوعة للمعلم، ثم يحلل إجابته عنها، وأسلوب المقابلة في حل ذاته لا يعد دقيقا، وفعالا في جميع المعلومات حيث أنها تعتمد بشكل كبير على مهارات الشخص الذي يُعهد إليه بالمقابلة، فإذا قام عدة أشخاص بمقابلة نفس المعلم، فأن كل واحد منهم يخرج بانطباعات مختلفة تماما عن المعلم، وهذا التباين ينشأ بسبب اختلاف الأسئلة التي توجه إليه، واختلاف الاهتمامات التي يتبعها كل واحد منهم، ويؤكد عليها، كما قد ينشأ هذا التباين نتيجة الاختلافات في تفسير، وتقييم الاستجابات التي تصدر عن المعلم.
وقد أشارت بعض الدراسات التربوية ذات الصلة بتقويم أداء المعلم أن أسلوب المقابلة يُعطي معدلات مرتفعة لأداء المعلم، كما أثبتت أن معامل الارتباط بين نتائج تقويم المعلم تبعا لهذا الأسلوب ونتائج الأساليب الأخرى لتقويم أدائه يُعدُّ ضعيفا.
وهذا يعني أنه لا يمكن الاعتماد كلية على أسلوب المقابلة لمعرفة الجوانب المعرفية والمهنية والاجتماعية للمعلم.
2- اختبار كفاءة / مقدرة المعلم: وفيه يجيب المعلم عن أسئلة اختبار يقيس كفاءات الذاتية ( الأكاديمية، الكفاءة في التدريس، والكفاءة الاجتماعية ).
وقد أشارت بعض الكتابات التربوية ذات الصلة بتقويم أداء المعلم إلي أن معامل الارتباط بين نتائج هذا النوع من الاختبارات، وبين نتائج تقويم أداء المعلم تبعا للأساليب الأخرى يعد ضعيفا، ويعزى ذلك إلي أنه لا يوجد اختبار يمكنه أن يقيس بكفاءة كل من إلزام المعلم المهني تجاه تلاميذه، وقابلية المعلم لاتخاذ القرارات السليمة في الوقت المناسب داخل الحصة، والمسئولية الاجتماعية للمعلم تجاه تلاميذه.
ومن عيوب هذا الأسلوب أنه غير ثابت في قياسه للكفاءة الذاتية للمعلم، إلا أنه يستبعد فيه التحيز الذي ينجم من المقابلة الشخصية، كما أن نتائجه قابلة للتبرير إلي حد ما.
3- الملاحظة الصفية: تعد الملاحظة الصفية أكثر أساليب تقويم أداء المعلم شيوعا، وتشير نتائج الدراسات التي أجريت في مجال إعداد المعلم أن الملاحظة المنظمة التي تستخدم فيها بطاقات الملاحظة تعد من أكثر الأساليب موضوعية لتقويم الأداء التدريسي للمعلم، فهي تتيح ملاحظة سلوكه التدريسي مباشرة داخل حجرة الدراسة، وفي أثناء تعلم التلاميذ ؛ حتى يمكن معرفة الجوانب الإيجابية والسلبية في أدائه مما يساعد على تطوير برامج إعداده، وتدريبه في أثناء الخدمة.
ويوجد نظامان يمكن استخدامها في بناء بطاقات ملاحظة أداء المعلمين في أثناء التدريس وهما:
أ- نظام القوائم سابقة الإعداد Sign System :
ويستخدم هذا النظام في ملاحظة أداء المعلم في أثناء التدريس عن طريق تحديد أنماط السلوك التدريسي مسبقا أي قبل بدء عملية الملاحظة في ضوء تصور الأداء، ثم رصد ما يحدث منها داخل حجرة المدرسة، بحيث تحدد وتصاغ هذه الأنماط في شكل عبارات سلوكية تتضمن الأفعال التي تصدر عن المعلم في أثناء التدريس، ولذلك تصمم بطاقات خاصة تحتوي على عبارات تصف السلوك المتوقع من المعلم في أثناء عملية التدريس.
ب- نظام التصفيات أو المجموعات Category System :
ويستخدم هذا النظام في بناء بطاقات ملاحظة أداء المعلم في أثناء التدريس، ففيه يرصد تكرار الأداء الذي يصدر عن المعلم، والتلميذ في أثناء التدريس، ويعتمد في ذلك على بطاقات خاصة يصنف فيها أداء المعلم، والتلاميذ إلي أنماط نوعية بالإضافة إلي رصد السلوك المشترك، ويهدف هذا النظام إلي تحديد نمط الأداء الذي يتميز به المعلم في التدريس حتى يسهل تعرف إيجابياته وسلبياته قياسا على معايير محددة.
وذكرت بعض الكتابات التربوية ذات الصلة بموضوع تقويم أداء المعلم أن تقويم الأداء التدريسي للمعلم يتطلب أن ننظر إلي التدريس في سياقاته المتعددة، وبطريقة دينامكية، وأن تعدد جميع مصادر المعلومات عنه، ومن ثم فأن أسلوب الملاحظة الصفية بمفرده لا يعطي صورة كاملة لما يفعله المعلم في الفصل.
4- تقديرات التلاميذ: وفيه تستخدم تقديرات التلاميذ في تقويم أداء معلميهم من خلال تطبيق بعض استطلاعات الرأي، عن طريق الاستبانات المفتوحة، أو المقيدة.
وأشارت بعض الدراسات التربوية أن التقديرات التي يصدرها المتعلم عادة عن معلمه تتأثر بالتكوين الإدراكي لكل منهما، وبما يحمله من اتجاهات وقيم، وقد يكمن الفرق الأساس بين المعلم والمتعلم في هذا المجال في كون المعلم - وبحكم دوره التعليمي داخل حجرة الدراسة - أكثر قدرة من المتعلم على ترجمة اتجاهاته وقيمه إلي سلوك فعلي في حجرة الدراسة، فيحكم على تلاميذه في ضوء تفضيلاته القيمية، ويتفاعل معهم على هذا الأساس.
5- نقد الزملاء: تبعا لهذا الأسلوب يقوم زملاء العمل من المعلمين بملاحظة أداء بعضهم البعض من حيث فحص خطة الدرس، ومتابعة المهارات التدريسية في أثناء الحصة، وأساليب المعلم لتلاميذه.
ويعد أسلوب نقد الزملاء من أكثر أساليب التقويم نفعا، لأنه يكشف مجالا واسعا من أنشطة التعليم التي يتبعها المعلم، إلا أنه يستغرق وقتا طويلا، ومن الممكن أن يحدث تضارب بين وجهات نظر الزملاء تجاه من يقومون بتقويم أدائه.
ساحة النقاش