الموقع التربوي للدكتور وجيه المرسي أبولبن

فكر تربوي متجدد

التعريف بالبحوث الكيفية والبحوث الكمية :

 

<!--البحث الكيفي

 

يعتمد البحث الكيفي على دراسة وقراءة البيانات والأحداث بأسلوب غير كمي، حيث لا يتم تحويل البيانات إلى أرقام كما في حالة البحث الكمي، وإنما يتم الحصول على النتائج من واقع ملاحظة وتحليل الأحداث والمواقف والصور والوثائق والاتصالات اللفظية وغير اللفظية.

 

 ويتم القيام بالبحث الكيفي عادة في ظروف طبيعية ، ومن ثم فإن الإطار أو السياق الذي تحدث فيه الظاهرة محل البحث يعتبر جزءاً من الظاهرة ذاتها، وهنا لا يقوم الباحث بأية محاولة لإدخال ضوابط تجريبية على الظاهرة محل الدراسة ، أو أن يتحكم في المتغيرات الخارجية المحيطة بها، ومعنى هذا أن كل جوانب المشكلة محل الدراسة يتم فحصها ودراستها.

 

 ويعتمد البحث الكيفي على استخدام الطريقة الاستقرائية والتي تقوم على أساس البدء أو التفكير بالجزء انتهى إلى الكل ، حيث يبدأ الباحث من البيانات التي جمعها أو المشاهدات التي لاحظها ليصل إلى نتائج معينة، ويعنى هذا أن الفرضيات والنظريات تظهر أو تشتق من مجموعة البيانات أثناء عملية جمع البيانات وبعد تحليلها، ويقوم الباحث هنا بفحص البيانات بغرض الوصف ومعرفة العلاقات الافتراضية بين الظواهر ، ثم يعود بعد ذلك إلى مجتمع الدراسة أو مكان تطبيقها ليجمع البيانات لاختبار الفرضيات ,ويلاحظ هنا أن بناء النظرية طبقاً لمدخل البحوث الكيفية يتم خطوة خطوة وبعد فترة من الوقت ويتم جمع البيانات من خلال المقابلات والملاحظة ، وتكون النظرية التي يتم بناءها مناسبة لمجال التطبيق في الوقت الذي تم فيه بناؤها .

 

تسعى البحوث الكيفية إلى تطوير المعرفة أوالنظرية بأسلوب استقرائي ولكنها لا تختبر هذه النظريات من منظور ضيق . ولا يمكن في ظل البحوث الكيفية اختيار عينات كبيرة الحجم حيث يكون عدد المفردات التي يجرى عليها التحليل قليلاً ، ولا يتم اختيار عينات عشوائية في مثل هذه الحالات ، بل يختارالباحث الأفراد القادرين والراغبين في تزويده بالمعلومات والذين يثق فيهم الباحث، أو الذين يعتبرون رواداً في مجال تخصصهم ولديهم معرفة خاصة عن الظواهر محل الدراسة.

 

ويستخدم في جمع بيانات البحث الكيفي أساليب الملاحظة والمقابلات الشخصية

 

والملاحظة، وقد يستخدم في جمع البيانات أثناء المقابلات قائمة استقصاء تحتوى عدداً من الأسئلة.

متى يتم استخدام المدخل الكيفي في البحث ؟

 

يتم اللجوء إلى البحوث الكيفية عندما تكون هناك معرفة محدودة أو بسيطة عن مجال أو موضوع معين، وعندما يشك الباحث في المعرفة المتاحة في هذا المجال أوالنظريات المتوفرةعنه، أو أن هذه النظريات يراها الباحث على أنها متحيزة ، وعندما يكون سؤال البحث موجهاً أويسعى لفهم أو وصف ظاهرة معينة أو حدث معين لا يعرف الباحث الكثير عنه أو تتوفر عنه معرفة محدودة  .

 

 من هذا المنظور فإن جزء اًكبيراً من البحوث الاستكشافية الاستطلاعية يعد نوعاً من البحوث الكيفية ، ذلك أن البحث الاستكشافي يتم استخدامه عندما لاتتوفر معلومات كافية عن الظاهرة أو المشكلة محل البحث خاصة في حالة عدم توفر دراسات سابقة من قبل حول المشكلة محل الدراسة .

 

ونظراً لأن البحث الكيفي يعتمد في حالات كثيرة على دراسة الوثائق وتحليلها ، فإن بعض البحوث التاريخية تعتبر نوعاً من البحوث الكيفية ، حيث يعتمد البحث التاريخي في حالات كثيرة على دراسة الوثائق وتحليلها وجمع الحقائق منها وتركيبها ثم تفسيرها من أجل فهم الأحداث الماضية ومحاولة فهم الحاضر على ضوء الأحداث والتطورات الماضية.

ويلاحظ أن البعض ممن لا يفهمون الطبيعة أو المنظور المعرفي للبحث الكيفي يعتقدون أن هذه البحوث الكيفية لا تتبع خطوات البحث العلمي المعروفة .

الاعتقاد خاطئ لأن هناك خطوات محددة ومعروفة لإجراء البحث الكيفي ، هذه الخطوات تعتمد الطريقة العلمية في البحث، إلا أنها قد تختلف في بعض إجراءاتها أو طبيعتها عن تلك المعروفة في البحوث الكمية.

 

ويؤخذ على البحوث الكيفية صعوبة تعميم النتائج المتولدة عنها على الحالات المشابهة,كما أنها تتهم بعدم الموضوعية، بمعنى أن كمية وجودة البيانات وعمق التحليل ، كل هذه الأمور تعتمد على قدرة الباحث على التحليل والاستنباط والقيام بكل ذلك بموضوعية ، وهذا قد لا يتوفر لدى الكثير من الباحثين الذين يتصدون للقيام بمثل هذا النوع من البحوث.

 

هناك أمر آخر يتعلق بمدى جودة الدليل الذي تقدمه هذه البحوث، وهو أنها تدرس إدراكات الأفراد وتعتمد في التحليل على المواقف والأحداث ، وهنا قد تكون تقارير هذه البحوث متحيزة ، وقد تتناقض نتائجها .

 

 

 1-   البحث الكمي:

 

على النقيض من البحث الكيفي فإن البحث الكمي يبحث عن الأسباب والحقائق من منظور وعن العلاقات بين المتغيرات حتى يمكن تفسير علاقات السبب والنتيجة بين هذه المتغيرات، ويصبح من الممكن التوصل إلى تنبؤات دقيقة بخصوص الظاهرة أو الظواهر محل الدراسة.

 

وبعكس الحال في البحوث الكيفية فإن البحوث الكمية تهدف إلى اختبار المتغيرات التجريبية ، وفى ذات الوقت التحكم في أو ضبط المتغيرات الاعتراضية التي تظهرفي محيط أوسياق الدراسة، ومن خلال ذلك فإن العلاقات بين المتغيرات يمكن تعميمها كما يمكن التنبؤ بها في المجالات أو مجتمعات البحث المشابهة .

 

ويهدف البحث الكمي إلى اختبار النظريات ويعمل الباحثون هنا بطريقة قياسية

ويتم ذلك من خلال تحديد النظرية الموجودة فعلاً في الأدبيات السابقة , ويحصلون على المفاهيم والتعريفات اللازمة ، ويتم افتراض العلاقات بين المتغيرات ثم جمع البيانات وتحليلها إحصائيا ، وعلى ضوء النتائج التي يتحصل عليها الباحث يتم قبول أو رفض الفرضيات ، ومن ثم قبول أو رفض النظرية أو تعديلها.

 وفى ظل البحوث الكمية يتم تصميم الدراسة ووضع الفرضيات ووصف المتغيرات

وأسلوب قياسها ...الخ. عند إعداد مشروع الدراسة وقبل البدء فى جمع البيانات بعكس الحال فى البحوث الكيفية.

 

ويلاحظ أيضاً أن المفاهيم التي يتم استخدامها في البحوث الكمية يتم تعريفها إجرائياً حتى يمكن اختبار الفرضيات آلتي تم تحديدها من البداية، ويجب أن يتأكد الباحث من أن المقاييس المستخدمة مثل قائمة الاستقصاء) هي مقاييس صادقة وثابتة من خلال إجراء اختبارات الصدق والثبات المعروفة، وبعد القيام بالإجراءات السابقة يتم جمع البيانات وتبويبها بشكل كمي أو رقمي ثم يجرى عليها التحليل الإحصائي للوصول إلى نتائج البحث، ويلاحظ أن التحيز الموجود في المدخل الكيفي يتم ملافاته من خلال الاختيار العشوائي لمفردات العينة من مجتمع البحث.

 

وصفوة القول أن الهدف من البحث الكمي هو اختبار النظرية بأسلوب قياسي من خلال ثبوت أو عدم ثبوت صحة الفرضيات التي حددها الباحث في مشروع البحث إلا أنه تجب الإشارة إلى أن البحث الكمي يعانى أيضاً من بعض الأخطاء مثل أخطاء المعاينة والأخطاء الأخرى مثل أخطاء القياس، وهناك احتمال لتحيز الباحث في أي مرحلة من مراحل البحث .

متى يتم استخدام المدخل الكمي في البحث ؟

 

يتم استخدام البحوث الكمية عندما تكون هناك معرفة متوفرة حول الموضوع الذي يرغب الباحث في دراسته ، بمعنى أن هناك نظريات محددة وأدبيات سابقة تتوفر لدى الباحث، بعكس الحال في البحوث الكيفية ، كما أن درجة وضوح الظاهرة أو المشكلة محل الدراسة تمكن الباحث من استخدام المدخل الكمي في البحث ، هذا إضافة إلى توفر مقاييس ثابتة وصادقة إحصائياً عن المتغيرات المراد دراسة العلاقات بينها، وسوف نورد في الجزء التالي مباشرة عدداً من المعاييرالتي تساعد الباحث عند اختياره بين المدخلين الكيفي والكمي.               

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 17279 مشاهدة
نشرت فى 17 فبراير 2014 بواسطة maiwagieh

ساحة النقاش

الأستاذ الدكتور / وجيه المرسي أبولبن، أستاذ بجامعة الأزهر جمهورية مصر العربية. وجامعة طيبة بالمدينة المنورة

maiwagieh
الاسم: وجيه الـمـرسى إبراهيـــم أبولـبن البريد الالكتروني: [email protected] المؤهلات العلمية:  ليسانس آداب قسم اللغة العربية. كلية الآداب جامعة طنطا عام 1991م.  دبلوم خاص في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية والتربية الدينية الإسلامية. كلية التربية جامعة طنطا عام 1993م.  ماجستير في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

2,660,067