المدخل الإنساني : مفهومه – أهميته – خطواته :
1- مفهوم المدخل الإنساني :
تناول العديد من الكتاب والباحثين مفهوم المدخل الإنساني ، فيشير (عكاشة حساين شايف ، 1979 ، 69) إلى أن المدخل الإنساني ينطلق من فكرة الارتباط الوثيق بين الأدب والحياة ، فالمدخل الإنساني لا يحصر الأدب فى تناول قضاياه الاجتماعية فقط ، وإنما يتناول الحياة كلها ، إذ أن الحياة تشمل الفرد والمجتمع ، أى أن الحياة تساوي الإنسانية ولذلك قيل الأدب للإنسانية .
ويشير أتكنسون (Atkinson, 1989, 269) إلى أن المدخل الإنساني يتمثل فى مراعاة الجناب التأثيري فى التعليم من خلال جعل الأفراد مسئولين عن تعليم أنفسهم وشغلهم بالمادة الدراسية والعلاقات الإنسانية المتضمنة فيها .
ويشير مالي (Maley, 1996, 6) إلى أن المدخل الإنساني مدخل يقوم على الفحص الدقيق للمشاعر الشخصية والعلاقات الاجتماعية والمعرفة العقلية من خلال تحديد الجوانب الإنسانية المتضمنة فى اللغة المكتوبة من أجل تحقيق الجمال وإدراك المثيرات المحببة للنفس والغير .
فالمدخل الإنساني يتمثل فى قدرة الفرد المتأصلة على تقوية وجوده الإنساني والتحرك تجاه فهم العلاقات الإنسانية المتضمنة فى الموقف التعليمي (Graaff, 2004, 290) .
ويشير ويلفهرست (Wulfhorst, 1995, 40) إلى أن المدخل الإنساني يقصد به مجموعة من الإجراءات والأساليب التى يتبعها المعلم عند معالجة النص الأدبي فى ضوء ثلاث ركائز أساسية هى :
أ- التأكيد على رسالة الأدب الإنسانية .
ب- مراعاة حاجات المتعلم الإنسانية .
جـ- إدارة الصف الدراسي فى إطار جودة العلاقات بين أفراده .
فى ضوء تلك التعريفات يمكن تعريف المدخل الإنساني فى تنمية التذوق الأدبي بأنه مدخل يقوم على الفحص الدقيق للمشاعر الشخصية والعلاقات والقيم الإنسانية المتضمنة فى النصوص الأدبية من أجل تنمية التذوق الأدبي لدي الطلاب ، وفى ضوء مفهوم المدخل الإنساني فقد قام بعض الباحثين بتحديد خطواته ، ولذا يمكن عرضها لبيان كيفية استخدامها فى تنمية التذوق الأدبي فيما يأتى :
خطوات المدخل الإنساني :
قام العديد من الكتاب والباحثين (Kinckerbrcker and Rycik, 2002, 197 – 200) (Wulfhorst, 1995, 29-33) بتحديد ملامح للخطوات التى يجب إتباعها عند التدريس باستخدام المدخل الإنساني ، وبدراسة تلك الملامح يمكن تحديد الخطوات الواجب إتباعها من قبل المعلم عند استخدام المدخل الإنساني فى تدريس النص الأدبي فيما يأتى :
<!--التهيئة وإثارة النشاط : وفيها يركز المعلم على العوامل المتصلة بالإثارة النفسية والجمالية .
<!--التعريف الأديب وبمناسبة نصه .
<!--قراءة القدوة من جانب المعلم (بما يتوافر فيها من تمثيل للمعانى وتجسيد للمشاعر) .
<!--قراءة الطلاب المتميزين ، مع الاهتمام بتقويم مستوي الأداء القرائي لغيرهم من الطلاب .
<!--مناقشة وتفسير ما يتضمنه النص من مفردات ولغويات .
<!--تحليل النص على المستوي الفكري ( مع توضيح الأفكار الفرعية التى تتكامل معاً لإبراز الفكرة العامة للنص) .
<!--تحديد العاطفة الإنسانية المسيطرة على الأديب .
<!--تحديد مدي توفيق الأديب فى اختيار الألفاظ المناسبة لهذه العاطفة .
<!--ترجمة ما يتضمنه النص من قيم اجتماعية وإنسانية ينبغي أن يتحل بها الطلاب فى معاملاتهم اليومية.
<!--تحليل النص على المستوي البلاغي : المحسنات – الأساليب – الصور .
<!--إبراز بعض جوانب العلاقة بين الفكر والوجدان وكيف نجح الأديب فى إقامة هذه العلاقة .
<!--إلقاء الضوء على القضايا والمبادئ الإنسنية والحقائق الأدبية التى يعالجها النص .
<!--تحديد الخصائص الفنية لأسلوب (الشاعر – الكاتب) كما تبدو من النص .
<!--تحديد الملامح الإنسانية التى يمكن أن يرسمها الطالب (للشاعر – للكتاب) من خلال معايشته النص والانفعال به .
<!--ربط النص بحياة الطالب ، وما يمر به من مواقف إنسانية .
وفى ضوء تلك الخطوات فإن المعلم يقوم بالعديد من الأدوار فى تدريس النص الأدبي ، ولذا يجب عرض دور المعلم فى المدخل الإنساني فيما يأتى :
دور المعلم فى المدخل الإنساني :
يقوم المعلم بالعديد من الأدوار المهمة فى المدخل الإنساني فى التدريس ، ومن تلك الأدوار :
<!--التعرف على اهتمامات وحاجات وقيم المتعلمين لمساعدتهم فى تحسين كفاءتهم فى التعلم .
<!--مساعدة المتعلمين على تحديد أهدافهم من عملية التعليم .
<!--توجيه وإرشاد المتعلمين لفهم المادة الدراسية .
<!--تشخيص مدي استعداد المتعلمين لتعلم المادة الدراسية .
<!--تشجيع المتعلمين للحصول على المساعدات التى تسهم فى تنمية قدراتهم على عملية التعلم .
<!--زيادة التفاعل والعلاقات الإنسانية بين المتعلمين .
(Morris and Krjewski, 2001, 131)
<!--تشجيع المتعلمين على التعلم الذاتي ، وعلى التعلم مع الأقران مما يزيد من استقلالية المتعلمين الشخصية فى عملية التعليم ، وكذا من زيادة تفاعلهم وعلاقاتهم مع أقرانهم المتعلمين . (Ohlsen, 1997, 133) .
وإذا كان المدخل الإنساني يؤكد على دور ورسالة الأدب الإنسانية ومراعاة حاجات التعلم الإنسانية وعلى إدارة الصف الدراسي فى جو يسوده العلاقات الإنسانية فإن المعلم فى ضوء هذه الركائز الثلاث يصبح :
<!--واقعياً Real فى معالجة النص الأدبي وربطه بحياة الطالب وما يمر به من مواقف اجتماعية .
<!--راعياً Caring لحاجات طلابه ورغباتهم فى تفهم مناسبة النص وتحليل جوانبه الإنسانية .
<!--واثقاً : Confident فى قدرات الطلاب ومدعما لجوانب القوة فى آرائهم وتعبيراتهم تجاه تجربة النص ووحدته الفكرية .
<!--محفزاً Stimulating لنشاطهم ومثيراً لدوافعهم للارتقاء بحسهم اللغوي ومشاعرهم الإنسانية فى المواقف المختلفة من خلال تذوق أرقي النصوص .
<!--مبدعاً Innovative ونموذجاً يحتذي فى أدائه اللغوي (شعراً كان أم نثراً) وفي سمو قيمه وأفكاره ، وفي بلاغة أسلوبه . (Wulfhrst, 195, 40 – 41) .
أهمية المدخل الإنساني فى التدريس :
يستمد المدخل الإنساني أهميته مما يسهم به فى دور فعال فى مراعاة حاجات المتعلمين واهتماماتهم ؛ وفى هذا الصدد يشير أولسن (Ohlsen, 1997, 131) إلى أن أهمية المدخل الإنساني تتمثل في :
<!--يراعي المدخل الإنساني مشاعر وحاجات واهتمامات وتصورات المتعلمين .
<!--يراعي المدخل الإنساني التكامل بين جوانب شخصية المتعلم ، حيث تعد الجوانب المعرفية والوجدانية ذات قيمة عالية فى المدخل الإنساني .
<!--يسهم المدخل الإنساني فى تحقيق الفهم لدي المتعلمين من خلال استخدام خبرات المتعلمين فى تحديد ملامح البيئة المتضمنة فى النصوص الأدبية .
<!--يساعد المدخل الإنساني المتعلمين فى ربط دراستهم بالحياة الأمر الذي يجعل التعلم ذا فائدة ومعنى للمتعلمين .
<!--يفيد المدخل الإنساني فى زيادة العلاقات الإنسانية بين المتعلمين .
<!--يقدم المدخل الإنساني تغذية راجعة تفيد في زيادة إنتاجية المتعلمين لتحسين تعلمهم وفهمهم للنصوص الأدبية .
ويشير مويل وبرنارد وتيونر (Moyle, Barard and Tuner, 1995, 962) إلى أن المدخل الإنساني يساعد المتعلمين فى الحصول على المعلومات ، والتعامل بحرية مع التجارب الأدبية ، والمرونة فى حل المشكلات المتضمنة فيها والتفاعل معها لتأكيد الجوانب الأخلاقية للتعليم .
إن مراعاة الجانب الإنساني عند دراسة الأدب يسهم فى مناقشة مدى ارتباط الأدب بالجوانب الإنسانية الشخصية ، ومحاولة استخدامها لإبداع أفكار لدى المتعلمين من خلال دمج ما يشعرون به من أحاسيس مع ما يتضمنه النص الأدبي من خبرات . (Ohlsen, 1997, 29)
ويشير ليتيج (Lytje, 1989, 148) إلي أن المدخل الإنساني يسهم في تنمية عمليات التفكير والتذوق الجمالي للأدب من خلال التواصل فى العلاقات الإنسانية المتضمنة في النصوص وانعكاسها في شكل تغيرات اجتماعية للفرد مع زملائه .
ويشير ستيفك ومالي (Stevic and Maley, 1996, 9) إلي أن المدخل الإنساني له أهمية كبيرة فى جعل الأفراد :
1- مستمتعين بمشاعرهم ومعاملاتهم في الحياة اليومية .
2- طبيعيين وتلقائيين بدلاً من أن يكونوا متوافقين ومنسجمين .
3- متقبلين لأنفسهم والآخرين .
4- لديهم مهمة في الحياة .
في ضوء ما سبق يمكن القول أن المدخل الإنساني يسهم في مساعدة المتعلمين علي التفاعل مع النصوص الأدبية من خلال استخدام أحاسيسهم ومشاعرهم وانفعالاتهم في فهم الخبرات المتضمنة فى النصوص الأدبية ، كما يساعد المتعلمين في إبداع العديد من الأفكار من خلال المناهج الفعالة لربط الأدب بالجوانب الإنسانية الشخصية للفرد ، الأمر يسهم في تأكيد الجوانب الأخلاقية للأدب .
ساحة النقاش